جمهورية افلاطون | حلم المدينة الفاضلة

نحن الآن في حضرة أحد أعظم الفلاسفة على مر التاريخ الذي ما زالت أفكاره وكتبه تُدرس إلى وقتنا هذا، إنه أفلاطون أنجب تلاميذ جهابذة الفكر سقراط الأب الروحي للفلسفة، وقد ظهرت عظمة أفلاطون الفكرية في كتابه جمهورية افلاطون الذي يعد من أعرق الكتب الفلسفية حيث تناول فيه العديد من القضايا السياسية والاجتماعية التي واجهتها دولة المدينة في اليونان القديمة، مثلما فعل ابن خلدون عندما ناقش العديد من المشكلات السياسية والاجتماعية التي واجهت المجتمعات العربية، ويمكن معرفتها بواسطة قراءة مؤلفات ابن خلدون  التي تعد صورة حقيقية عن المجتمع العربي في عصر ابن خلدون.

فمن يريد أن يطلع على فلسفة أفلاطون الخاصة في تحليل الوضع السياسي والاجتماعي في المجتمع اليوناني القديم وصفات المدينة الفاضلة التي حددها، يستطيع أن يقرأ كتاب جمهورية أفلاطون مترجم .

نبذة عن أفلاطون صاحب كتاب جمهورية افلاطون

هو أرسطوقليس وشهرته أفلاطون، أحد أشهر الفلاسفة على مر العصور، ولد في المدينة اليونانية أثينا في عام 427 ق.م، تعلم أفلاطون على يد سقراط أشهر فلاسفة التاريخ الذي تأثر بالكثير من أفكاره ومعتقداته، ومع ذلك اختلف معه في العديد من الأفكار المتعلقة بالحياة الاجتماعية والسياسية في مدينة أثينا القديمة، وهذا ما ترجمه في كتابه جمهورية افلاطون، الكتاب الأكثر شهرة على الإطلاق.

نشأ أفلاطون في عائلة أرستقراطية تهتم بالعلم والفلسفة؛ لذلك أُرسل إلى سقراط لتعليمه كل ما يتعلق بالفلسفة والسياسة، إلى أن تم إعدام سقراط وهنا ظهرت أفكار أفلاطون المعادية للنظام الحاكم التي تقوم على ربط السياسة بالدين، بل أراد أن يتم إنشاء نظام حكم قائم على الأسس الفلسفية الصحيحة، لذلك لم يترك أفلاطون أي مجال من مجالات العلم والمعرفة إلا وتحدث فيه وكان له أفكار جدلية وبرهن عليها بالدلائل العقلية والمنطقية، ومع ذلك لم يعط أفلاطون اهتمامًا كبيرًا بما يتعلق بفلسفة النفس البشرية مثلما فعلت رواية كافكا على الشاطئ  التي غاصت في أعماق النفس البشرية، وقامت بتحليل العديد من سلوكياتها بطريقة فلسفية.

ودفعت الرغبة في تعلم الفلسفة أفلاطون إلى السفر من بلد إلى آخر، حيث تعلم على يد إقليدس أثناء زيارته لمصر، وانتقل منها إلى قورينا، وكان يبحث في كل مكان عن مجموعة من الأفكار الفلسفية وهي الفضيلة والحب والمعرفة والروح، وبعد رحلة دامت أكثر من اثنتي  عشرة سنة، عاد مرة أخرى إلى أثينا وتفرغ تمامًا لكتابة كل أفكاره الفلسفية والسياسية، ومعظمها تمت بلورتها في كتابه جمهورية افلاطون الذي تحدث فيه عن المدينة الفاضلة التي يحلم بها.

ملخص كتاب جمهورية أفلاطون

تتبلور الفكرة الرئيسة في كتاب جمهورية افلاطون حول مجموعة من المحاورات السياسية والفلسفية التي تناقش أسس المدينة الفاضلة، ولقد جعل أفلاطون سقراط المحاور الرئيس في هذه المحاورات الجدلية مع مجموعة من الشخصيات، وقد تعمد أفلاطون أن يجعل هذه الحوارات تدور حول تخيلاته التي يطمح أن تكون موجودة في مدينته الفاضلة كما يزعم.

المجتمع السياسي في كتاب جمهورية افلاطون

قام أفلاطون بتحليل الحياة السياسية في المجتمعات الإغريقية القديمة؛ لكي يتمكن من معرفة أسباب الفساد والفتن المنتشرة فيما يسمى قديمًا بدولة المدينة، واعترف بأركان الدولة الثلاث وهم: الشعب والإقليم والتنظيم السياسي الذي يتكون من الحكام ووزرائهم.

أسس المدينة الفاضلة

عند قراءة جمهورية افلاطون pdf ستجد أن أفلاطون قد قسم المجتمع إلى ثلاث طبقات وهما كالتالي:

1-طبقة الفلاحين والمنتجين، وهم الطبقة الفقيرة التي ينتشر فيها الجهل وتكون مهمتها فقط الزراعة والصناعة، ولا يكون لها أي دور سياسي أو اجتماعي آخر.

2- طبقة الجنود والحراس، وتكون مهمتهم حماية المدينة من الفوضى والفتن، ويخرج منهم الحكام.

3- الطبقة الحاكمة التي تتصف بالسمو والحكمة، وهم الفلاسفة والحكماء الذين يحكمون على أسس فلسفية صحيحة تقوم على العدل والحكمة.

ويرجع السبب وراء رغبة أفلاطون في وضع مقاليد الحكم بين يد الفلاسفة إلى أنه عاصر فترة من الفساد السياسي بين الأرستقراطيين والديمقراطيين الذي نتج عنها نظام حكم ديكتاتوري ينشر الظلم والفساد في المدنية حسب وجهة نظر أفلاطون التي ظهرت في جمهورية افلاطون، لذلك عرف أفلاطون علم السياسة بأنه مجرد علم ينظم العلاقات بين الطبقة الحاكمة والمحكومين.

حقوق وواجبات المواطنين في المدينة الفاضلة

قد وضع أفلاطون مجموعة من الواجبات والحقوق التي تنطبق على كل طبقة من الطبقات الثلاث السابقة، ويمكن اختصار هذه الحقوق والالتزامات فيما يلي:

1-ضرورة التزام جميع أفراد المجتمع بالقوانين والتشريعات المعترف بها في الدولة، وفي حالة مخالفة هذه القوانين يوجد عقاب رادع، وعندما نتعمق في أفكار أفلاطون حول جزاء مخالفة القوانين، نجد أن هذه الجزاءات تكون موجهة إلى طبقة المنتجين أكثر من الحراس والحكام، وهذا يدل على أن أفلاطون كان منحازًا إلى الطبقات العليا، وأن باقي المواطنين ما هم إلا وسيلة لإسعادهم، وهذه الفكرة تم مناقشتها حديثًا في يوتوبيا روايه  التي رأت أن المجتمع ينقسم إلى نصفين، أحدهم مسخر لتسلية وراحة الآخر.

2- يجب على جميع المواطنين في المدينة الفاضلة تقديم ولاء الطاعة للملك الفيلسوف، وأن يضعوا ثقتهم به؛ لأن نظام حكمه يقوم على مبادئ الفلسفة التي تعتمد على الحكمة والعدل، مما يجعله غير معرض للوقوع بالخطأ.

3- يجب على الحكام أن ينشروا العدل بين الناس، ويقضوا على الفساد والفتن حتى يكون هناك مجتمع سليم أخلاقيًا واجتماعيًا.

وصف مدينة أفلاطون الفاضلة

رسم أفلاطون في خياله كل ما يتعلق بمدينته الفاضل من حيث إنه رغب بأن تكون مدينة منعزلة قريبة من البحر، تحتوي على عدد محدود من السكان، وتعتمد على الاكتفاء الذاتي في كل شيء، أي أنه لم يكن يعترف بوجود العلاقات الخارجية بين الدول.

كتاب جمهورية أفلاطون مترجم

التعليم أساس السعادة في المدينة الفاضلة:

اعتقد أفلاطون في كتابه جمهورية افلاطون أن تعليم الفلسفة والعلوم والموسيقى هو البنية الأساسية لبناء مجتمع أخلاقي يخلو من العيوب والفساد، وقد ميز بين طبيعة التعليم الذي يتلقاه كل طبقة من الطبقات الثلاث من حيث:

1-الاهتمام بتعليم الجنود أصول الموسيقى والفن، وليس فقط الاهتمام بتدريبهم على أصول القتال والمبارزة.

2- ونتيجة للتربية الصحيحة التي تلقاها الجنود يتم اختيار طبقة الحكام من بينهم، لكي تكون طبقة الحكام مميزة تمتلك كل الخصال النبيلة التي يمتلكها الفلاسفة، فأفراد هذه الطبقة يمثلوا القوة الأخلاقية والعقلية والفلسفية في المجتمع، لذلك لقب أفلاطون الحاكم بالملك الفيلسوف الذي يحكم بالقانون والحكمة معًا، وهذا يعني أن أفلاطون نقد في كتابه جمهورية افلاطون فكرة اختيار الحكام على أساس النسب والثروة.

3- أما بالنسبة لطبقة المواطنين العاديين لم يذكرهم كتاب جمهورية افلاطون بشكل كبير، فلم يكن هناك اهتمام كبير بهم فقط تكون مهمتهم الإنتاج والزراعة.

وإن قمنا بتحليل أفكار أفلاطون حول التعليم، سنجد أنه يمتلك نظرة عنصرية، حيث نصب كل اهتمامه على الطبقة العليا من الحراس والحكام فقط دون النظر إلى الطبقة الدنيا، لكن عندما نرى أفكار الأدباء العرب حول التعليم سنجدهم أكثر عدلًا؛ لأنهم نادوا بالمساواة بين الجميع ويمكن استنباط ذلك من مؤلفاتهم، فمثلًا مؤلفات طه حسين تعتبر من أهم الكتب التي طالبت بالمساواة فى التعليم بين طبقات المجتمع.

الشيوعية عند أفلاطون

كان أفلاطون من أنصار الشيوعية التي كان يقصد بها في هذا الوقت عدم وجود ما يسمى بالملكية الخاصة، بل كل شيء هو مشاع للجميع، وفسر ذلك بأن الملكية الخاصة كانت السبب الجوهري وراء الفساد والفتن في دولة المدينة عند الإغريق، وأن الحكام لا يجب عليهم أن ينساقوا وراء شهواتهم في جمع المال والثروة والأراضي، وإلا أصبحوا مثل طبقة المنتجين والفلاحين، بل إن كل الأموال والأراضي ملك لهم وللجميع.

كما أنه أيد فكرة المساواة بين الرجل والمرأة في التعليم والعمل، وتناول فكرة الزواج وتحديد النسل، حيث أيد فكرة الشيوعية في النساء والأطفال، من خلال زيادة نسبة الزواج في طبقة الحراس لإنجاب جيل جديد من الفلاسفة والحكام، دون الاهتمام بفكرة النسب، وقام بتحديد سن الزواج المناسب بالنسبة للرجل والمرأة، وإذا أردت التعمق في فهم هذه الفكرة يمكن الدخول إلى جمهورية أفلاطون pdf – مكتبة نور وقراءتها بصورة تفصيلية.

تحميل كتاب جمهورية افلاطون

تحدث أفلاطون في كتابه جمهورية افلاطون باستفاضة عن الحكمة والفضيلة والأخلاق، التي يجب أن يقوم عليها كل مجتمع صالح، وقد قام العديد من المفكرين العرب بترجمة كتب أفلاطون ومناقشتها؛ لعمل مقارنة بين أفكاره، مثل تحليل كتاب القوانين وكتاب جمهورية افلاطون ومعرفة التناقضات بينهم، وهذا ما فعله الدكتور فؤاد زكريا، من خلال كتاب الجمهورية أفلاطون ترجمة فؤاد زكريا pdf، ليسهل على القارئ فهم فلسفة أفلاطون الخاصة، ويمكن الدخول على الرابط التالي لـ تحميل كتاب جمهورية افلاطون  .