حديث الصباح والمساء | بين صرخة الولادة وشهقة الموت

في بعض الأحيان تظهر عبقرية الفكرة في بساطتها، خاصةً إذا كان المفكر أديباً، فعين الأدب تلتقط أبسط الأشياء التي لا تلتفت إليها العيون الأخرى، تتأملها كما لو خلا الكون إلا منها، تتفرسها كمحب يحملق في تفاصيل محبوبه، تسبر أغوارها كغواصٍ يكتشف خبايا البحار، وسرعان ما تنهمر عليها الأفكار كمطرٍ مدرار، عين الأدب عظيمة، وكل ما سواها عيون عقيمة، والمتأمل في رواية حديث الصباح والمساء الصادرة عام 1987 م يجدها برهاناً على هذا الكلام، فما التقطته عين نجيب محفوظ مر على عيون كل الأنام، لكنه الأدب يا سادة يا كرام.

ما الذي تدور حوله رواية حديث الصباح والمساء ؟

تدور رواية حديث الصباح والمساء حول ما يجري كل صباحٍ ومساء، حول حياتنا التي تبدأ بصرخة ميلاد في أجواءٍ مفعمة بالفرح والتهاني وأصوات الزغاريد، وتنتهي بشهقة موت في أجواءٍ مشحونة بالحزن والعزاء وأصوات النحيب، وبين الصرخة والشهقة مشوار طال أم قصر، تتخلله المسرات والصعوبات، الانتصارات والهزائم، دموع الفرح وآهات الوجع.

طفولة يعقبها شباب تليه كهولة، وفي كل مرحلة سلسلة من الأحداث المهولة، أحداث لا تعبر عن شخوص الرواية وحدهم بل تعبر عنا، تسرد تاريخ وطننا، تلخص قصتنا، تحكي وجعنا، تغزل أملنا، لنجد أنفسنا بصدد الاطلاع على الأحداث الحاصلة في حياتنا، غير أن محفوظ يمنحنا هذه المرة فرصة الاطلاع على مشهد من بعيد، لتكون الصورة أنقى والرؤية أوضح، فنتوقف عن الركض لحظة، نلتقط فيها أنفاسنا ونراجع أنفسنا، ثم نعيد تقييم المشهد من جديد.

وقد تناولت الرواية قصة خمسة أجيال من ثلاث عائلات مصرية هي عائلة يزيد المصري وعطا المراكيبي ومعاوية القليوبي، حيث يتتبع الكاتب الأحداث التي مرت بها هذه الأجيال على مدار قرنين من الزمان، مع إلقاء الضوء على الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عاصروها، بدءاً من الحملة الفرنسية ومروراً بالحروب التي خاضتها مصر والثورات التي نشبت فيها ووصولاً إلى ثمانينيات القرن العشرين.

تلخيص قصة حديث الصباح والمساء :

يصعب تلخيص قصة حديث الصباح والمساء في أسطرٍ قليلة، لكن يمكن إلقاء الضوء على بعض الشخصيات الرئيسة في الرواية:-

1) جليلة الطرابيشي :

تعد جليلة من أهم الشخصيات في شجرة عائلة حديث الصباح والمساء فهي امرأة قوية بلغت من العمر 110 عاماً ثم توفيت على أريكتها وحيدة تحيطها قطط ابنتها شهيرة، وقد فقدت حاستي السمع والبصر في آخر أيامها واستعانت بأصابعها للتواصل مع الناس.

2) أحمد المراكيبي :

أحمد المراكيبي هو نجل عطا المراكيبي وهو شاب مدلل اتجه إلى حياة الدعة والترف ولم يأبه بإدارة الممتلكات، لكنه يثور بعد ذلك على شقيقه محمود بتحريض من أبنائه ويستمر النزاع بينهما لأعوامٍ طويلة، وفي نهاية رواية حديث الصباح والمساء يزور محمود شقيقه أحمد وهو طريح الفراش في مرض الموت لإنهاء خلافاتهما، وكان من اقوال نجيب محفوظ في هذا السياق ((يذهب الشقاق ويُنسى ويظل القلب ينبض بدقات القربى)).

3) قاسم عمرو عزيز :

قاسم هو حفيد جليلة الذي رافقها طيلة الوقت في طفولته، ثم شب وأطلق لحيته فصار شيخاً يفد إليه الناس لأخذ مشورته، ورغم أنه لم يكن موظفاً إلا أن دخله فاق دخول أشقائه، وفي رواية حديث الصباح والمسـاء تزوج قاسم من بهيجة ابنة عمه سرور وأنجب منها النقشبندي.

تحميل رواية حديث الصباح والمساء

4) نعمة عطا المراكيبي :

نعمة هي ابنة عطا المراكيبي، زوَّجها يزيد المصري لابنه عزيز فكانت نعم الزوجة المدبرة المطيعة وأنجبت له رشوانة وعمرو وسرور، تزوج أبوها من الأرملة الثرية هدى هانم وهو ما شكل لها صدمة، عوضها بر شقيقيها محمود وأحمد بها عن جحود والدها، وطال عمرها حتى قرت عيناها بأحفادها.

5) داوود باشا المصري :

اقتلع القدر داوود المصري من بيئته ونقله إلى عالم القصور والبشوات والأثرياء، لكنه فشل في التأقلم مع هذا العالم فعاد عطشاناً إلى جذوره بعد سنواتٍ طويلة عانى فيها التشتت والحرمان.

6) الشيخ معاوية :

الشيخ معاوية هو ابن الشيخ القليوبي، نشأ في بيئة دينية خالصة وتزوج من جليلة الطرابيشي وأنجب منها راضية وبليغ وصديقة وشهيرة، كان متحمساً للثورة العرابية فقبض عليه بعد إجهاضها وخرج بعد خمسة أعوام غريباً بين الناس، وقد وافته المنية قبل أن يشهد زفاف ابنته الكبرى راضية.

نبذة عن مؤلف رواية حديث الصباح والمساء :

مؤلف رواية حديث الصباح والمساء هو الأديب المصري الشهير نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا، ولد تحت سماء العاصمة المصرية في الحادي عشر من ديسمبر عام 1911 م، وكانت ولادته متعسرة فلما خرج للحياة قرر والده عبد العزيز أن يمنح طفله اسماً مركباً وهو نجيب محفوظ تقديراً للطبيب المعروف وقتذاك نجيب باشا محفوظ الذي أشرف على هذه الولادة العسيرة.

التحق محفوظ بجامعة القاهرة عام 1930 م ودرس الفلسفة ثم ركز على دراسة الأدب، بدأ مشواره الأدبي بنشر سلسلة من القصص القصيرة، ثم أصدر روايته الأولى وهي رواية عبث الأقدار عام 1939 م، وأعقبها بالكثير من الأعمال الأدبية الشيقة ذات الأسلوب السهل الممتنع الذي لاقى استحسان المثقفين والعوام، ومن أبرز مؤلفاته رواية أولاد حارتنا التي أثارت جدلاً كبيراً وكادت أن تودي بحياته، إضافة إلى الحرافيش والشحاذ وثلاثية القاهرة وكفاح طيبة وغيرها من المؤلفات التي أثرت المكتبة العربية.

وقد تقلد محفوظ عدداً من المناصب الهامة كمنصب مدير الرقابة على المصنفات الفنية في وزارة الثقافة ومنصب رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما، كما نال جوائز أدبية عديدة على رأسها جائزة نوبل للآداب وجائزة قلادة النيل العظمى وجائزة كفافيس، ثم لقي حتفه في الثلاثين من أغسطس عام 2006 م وعمره آنذاك يناهز الخامسة والتسعين بعد صراعٍ مع مرض الرئة والكلى.

تحميل رواية حديث الصباح والمساء :

تميل شريحة من القراء إلى قراءة الكتب والروايات عبر تطبيق adobe acrobat reader dc عوضاً عن المطالعة الورقية، ولمثل هؤلاء أتحنا رابط تحميل رواية حديث الصباح والمساء PDF بالأسفل حتى يتسنى لهم تنزيل الرواية على أجهزتهم بسهولة والاطلاع عليها في أي وقت.

تحميل رواية حديث الصباح والمساء