حكم اللعن في نصوص الشريعة الإسلامية

حكم اللعن

خير ما نبدأ به حديثنا اليوم عن حكم اللعن الذي يعتبر أشد آفات اللسان هو كلام النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- (ليـس المـؤمن بالطّـعّان، ولا اللـّعّان، ولا الفـاحش، ولا البـذيء)، فلعن الشخص لأخيه من الكبائر التي لا تنتمي أصلاً ولا موضوعاً للديانة الإسلامية السمحة، ويعاقب الله –سبحانه وتعـالى- اللعان بأشد الجزاء في الدنيا والآخرة، فاللعن نقمة لا تصيب إلا قائلها من معتلي الأمراض اللفظية عافانا المولى –عز وجل- من شرورها.

حكم اللعن وأصل تعريفه في الإسلام

يعد حكم اللعن من الأشياء التي لا جدال فيها بين علماء المسلمين، حيث أقرت الشريعة الإسلامية بأن اللعن من الأمور المنهي عنها في الدين بشكل قاطع، ويأتي تعريف اللعن في الإسلام ليؤكد لنا خطورة ذلك الذنب وشدة العقاب الذي يناله صاحب هذه المعصية الكبيرة، فاللعن يعني الخروج من رحمة الله الواسعة، ولا يجوز إطلاقاً للمسلم الحق استخدام لسانه في لعن الأشخاص، الحيوانات، وأي شيء خلقه الله –سبحانه وتعالى- على وجه هذه الدنيا.

معنى اللعن في اللغة العربية

كثيراً ما تتشابه الأحكام الفقهية للأمور مع الأحكام اللغوية لها كـ حكم النذر الذي يعني (ما أوجبه الشخص عـلى نفسه)، وأيضًا حكم اللعن الذي يأتي في اللغة العربية بمعنى الإقصاء والإبعاد، وأيضًا قد يُعرف بمعنى السب والخزي من الجانب الفقهي، فإذا قلنا (لعـن الرجل أخاه) فنقصد هنا إساءة الرجل لأخيه بأبشع الألفاظ، وإذا قلنا (لعنه الله) فإننا نعني أن الله –عز وجل- أبعد عنه الخير والبركة.

تم ذكر اللعنة في بعض آيات القرآن الكريم أيضًا بمعناها الديني البحت، كما في سورة البقرة الآية(161) ” إِنَّ الَّـذِينَ كَفَرُوا وَمَـاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنـَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّـاسِ أَجْمَعِينَ”.

هل ذُكِر حكم اللعن في الأحاديث النبوية؟

هناك الكثير من الأحاديث النبوية التي شدد الرسول –صلى الله عليه وسلم- فيها على عقوبة اللعان في الدنيا والآخرة، ويستشهد الكثير من العلماء في شرحهم لذلك الذنب الكبير بـ حديث عن اللعن يقول (لعـن المسـلم كقـتله)، وهو حديث نبوي متفق عليه يوضح لنا بذاءة الجرم الذي يقع فيه المسلم بلعنه لغيره، كما أن هناك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تُظهر لنا فسوق اللعان، ومن أبرزها التالي:

1) ” إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونـها، ثم تهبط إلى الأرض فتـغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يميناً وشمالاً فإذا لم تـجد مساغاً رجعت إلى الذي لـعن فإن كان لـذلك أهلاً؛ وإلا رجعت إلى قائلها”.

2) ” لا يـكون اللعـانون شفعاء ولا شـهداء يوم القيـامة”.

حكم اللعن والسب عند مجمع العلماء

ساهم علماء الدين الأجلاء في تعريفنا بأصول الإسلام الرفيعة من خلال كتب التفسير التي قاموا بتأليفها، وأيضًا من خلال الفتاوى الصادقة التي أدلو بها في سبيل إيضاح بعض المفاهيم الخفية للمسلمين، ولعل خطيئة اللعن كانت أحد تلك الأمور التي شرح أحكامها الشرعية مجمع العلماء في أقوالهم، ومن أبرز تلك الآراء المفسرة لحكم اللعن في الإسلام ما يلي:

أولاً: حكم اللعن ابن باز

يعد اللعن معصية ظاهرة ومن كبائر الذنوب التي يعاقب الله –سبحانه وتعالى- عليها عباده المخطئين، وبإمكاننا أن نستشهد على عظم هذا الأمر بقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ” سباب المسلم فسوق وقتاله كفر”، ولعل سب الأب والأم بالألفاظ القميئة ولعنهم بالدعوات البشعة من أقبح صور عقوق الوالدين في الشريعة الإسلامية.

ثانياً: حكم اللعن ابن عثيمين

اتفق الشيخ (بن عثيمين) -رحمه الله- في حكم اللعن مع الأئمة والفقهاء، فلعن (المعـين) محرم في الإسلام إن كان حياً أو ميتاً، فالحي قد يتوب الله –عز وعلا- عليه ويغفر له ما تقدم من ذنبه، أما حكم سبابة الميت فإننا نرجع فيها إلى قول المصطفى –صلى الله عليه وسلم- ” لا تـسبّوا الأمـوات فإنّهم أفضـوا إلى ما قدّمـوا”، كما أنه لا يجوز في الدين لعن وسب الشيطان والكفار، فالشيطان وجب علينا التعوذ والتحصن بالله من وسواسه، أما الكفار فمصيرهم بالتأكيد النار ولا حاجة للعنهم.

الفرق بين اللعن الجائز والمحرم

دلت النصوص الإسلامية الشرعية جمعاء على تحريم المولى –عز وعلا- للعن البشر والدواب، ويمكننا أن نطلع على التفسيرات والأحاديث النبوية الصحيحة التي تجزم الأمر في تلك المعضلة، ولكن آراء العلماء في الإسلام قد انقسمت في تفسير حكم اللعن خلال بعض المواقف على الرغم من علمهم بأن السب من أبواب الكبائر، ولعل علماء الدين قد قاموا بتقسيم أحكام اللعن إلى قسمين وفقاً لطبيعة الموقف ومسبباته كالتالي:

1) لعـن الشخص المعـين

يُقصد بلعن الشخص المعين توجيه السباب إلى شخص بذاته، وهذا الشيء لا يجوز أبداً في الدين الإسلامي مهما كانت أسبابه ودواعيه حتى وإن كان يشير إلى فاسق أو كافر، ونستند في ذلك إلى قول العلامة والمحدث والفقيه المصري ” سليمان بن محمد بن عمر البجيرمي” (أعلم أن لعن المسلم المعين حرام بإجماع المسلمين).

2) حكم اللعـن لغير المعـين

يُجيز الدين الإسلامي اللعن في حالة واحدة وهي لعن الذنب بالوصف لا بالعين والله –سبحانه وتعالى- أعلى وأعلم، وذلك يعني جواز التعميم في الشبهات كلعن المرابين في البيع والشراء دون تخصيص السب لأحد منهم بعينه، فإذا قام المسلم بلعن أحد الأشخاص بقصد يصبح هنا آثماً لا محالة، ووجب عليه التكفير عن ذنبه في حق الشخص المعين، والتكفير أيضًا عن قيامه بالأمر الذي نهت الشريعة الإسلامية عنه تماماً.

حديث عن اللعن

حديث عن اللعن

ما هو حكم لعن الإنسان لنفسه؟

هناك بعض العادات الخاطئة التي يقوم بها الإنسان دون دراية منه بأنها قد تسبب هلاكه في الآخرة، ومن أبرزها لعنه لنفسه ولذويه بأبشع الدعوات والكلمات، فالبعض يظن أن ذنب السب يقع على عاتق المسلم فقط إذا قصد به أحد الغرباء، ولكن اللعن بمعناه الاصطلاحي والديني يُقصد به الطرد من رحمة الله –عز وجل-، ولا يجوز للشخص أن يستخدم تلك العبارات الآثمة في الدعاء على نفسه وماله وأهله.

حكم اللعن بدون قصد عند الغضب

يمكننا أن نلتمس شر اللسان في أحد اقوال الشافعى الشهيرة، حيث يقول (اِحـفَظ لِسـانَكَ أَيُّـها الإِنسـانُ .. لا يَلدَغَنَّكَ إِنَّـهُ ثُعبـانُ)، فاللسان يجعل مرقد الإنسان نار جهنم إن قاده في الحديث مع الآخرين، ويجب علينا الاعتصام في كنف الكلم الطيب حتى نتقي شر الخطابات الممزوجة بألفاظ السب المُفسِدة، فلعن الآخرين ذنباً عظيماً يقع على عاتق المسلم حتى وإن حدث دون قصد، ويجب التكفير عن ذنب اللعن فوراً حين إدراكه.

أحياناً ما يخطئ المسلم في حق نفسه ودينه قبل أن يخطئ في حق الغير باستخدامه لكلمات اللعن المسيئة أثناء غضبه، وإذا اعترف الشخص بذنبه الغليظ هذا وأراد التكفير عنه بنية خالصة مع العزم على عدم العودة إليه، فإن كفارة اللعن عند الغضب تقتضي الاستغفار الدائم، والحذر مستقبلاً من تلك الزلات التي تدفع المسلم للقيام بواحدة من أغلظ الكبائر في الدين الإسلامي.

ما هو حكم اللعن وكفارته في الإسلام؟

” الْمُـسْلِمُ مَنْ سَـلِمَ الْمُسْـلِمُونَ مِنْ لِسَـانِهِ وَيَـدِهِ”، فرسول الله محمد –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث النبوي الشريف قام بذكر اللسان قبل اليد، وهذا يثبت لنا خطورة الكلمات البذيئة التي يطلقها سهم اللسان، فتلك الألفاظ البشعة قد تستقر في غمد الشخص الموجهة إليه إلى الأبد، وحينها قد تصبح الضربات أقل حدة من العبارات الجارحة التي يثقل غلاظتها الإنسان باللعن والسباب، كما أن اليد يمكن منعها من الأذى أما اللسان فلا رقيب عليه سوى ضمير الإنسان وأخلاقه.

من نعم الله –عز وجل- على عباده المسلمين أنه جعل لهم التوبة النصوحة كفارة شافعة للعديد من الآثام، مثل كفارة المجلس التي يتبرأ بها الشخص من ذنب حديثه على الغير، وأيضًا ذنب اللعن الذي لا كفارة له سوى التوبة والله أعلى وأعلم، فإذا قابلت أحد الأفراد الذي يود الهداية والإقلاع عن هذا الذنب البغيض فعليك نصحه بالاستغفار ومحاولة كف لسانه عن إلصاق الكلمات المهينة بأطراف حديثه حتى عند الغضب، فالحِلْم سبيل المتقين ومن ملك مفاتيح الصبر ملك مفاتيح الجنة.

لا يجوز في الدين أن يستخدم الإنسان كفارة اللعن باللسان فقط، بل يجب أن تكون النية مثبتة لهذا الأمر تماماً، ولا عذر في ذنب اللعن بتاتاً حتى للأشخاص الذين اعتاد لسانهم على القول السفيه والمكروه.

هل يمكن لعن الشخص العاصي؟

إن لعن العصاة بشكل عام قد يكون جائزاً في نصوص الشريعة الإسلامية، أما ذكر الشخص العاصي في الحديث لا يجوز ويأثم عليه المسلم.

هل من الجائز لعن الجماد؟

لا، فاللعنة عموماً من الأمور التي نهانا عنها الإسلام، ولا يجوز استخدامها بتاتاً حتى تجاه الأشياء التي لا تدب فيها الروح.

كيف يمكن حفظ اللسان عن السب؟

علينا تذكر الصفات الحميدة التي يتحلى بها المسلمون في عقولنا حين التحدث مثل سماحة الأخلاق، والحرص على التفوه دوماً بأجمل الكلمات للاقتداء برسولنا الحبيب.

لماذا لا يشفع اللعان لغيره يوم القيامة؟

يشفع المسلمون لإخوانهم يوم القيامة إذا وجبت لهم الشفاعة، ولكن اللعان لا يستطيع الشفاعة لغيره كونه قام بفعل إحدى الكبائر دون التوبة عنها.

مواضيع ذات صلة

دعوة المظلومدعوة المظلوم المقهور على الظالم … مستجابة لا ترد

حكم صلاة الكسوفمعلومات لن تتوقعها عن حكم صلاة الكسوف