سيكولوجية الجماهير | لمَن قصد الزعامة عليه فهم الآخرين

سيكولوجية الجماهير

ربما أميل إلى تجسيد كتاب سيكولوجية الجماهير وكأنه شجرةٌ كبيرةٌ تتشعب منها أغصانٌ عديدةٌ، ويحتضن كل غصن مجموعة من العواطف والمبادئ الإنسانية التي تسير على خطاها أنفس الآدميين.

مَن مؤلف كتاب سيكولوجية الجماهير؟

طبيب ومؤرخ فرنسي عظيم؛ تعمق في دراسة الطب النفسي، ويعد أحد أشهر المؤرخين الذين اختصوا في دراسة الحضارة الشرقية والإسلامية، ولد بفرنسا في ضواحي مقاطعة نوجيه لوروترو في السابع من مايو عام 1841 م، ولم يسر على نهج فلاسفة ومؤرخي أوروبا؛ بل كان معتقدًا بوجود فضل للحضارة الإسلامية على حضارة الغرب، إنه غوستاف لوبون أحد أعظم الفلاسفة على مر التاريخ.

كان غوستاف لوبون أحد فلاسفة الغرب الذين أنصفوا الأمة العربية وأشادوا بحضارتها العريقة وقالوا المديح في رسولنا الكريم؛ حيث قال في كتابه حضارة الغرب: “إذا ما قيست قيمة الرجال بجليل أعمالهم، كان محمد من أعظم مَن عرفهم التاريخ” ولم يكن غوستاف وحده مَن فعل ذلك؛ بل أيضًا جان جاك روسو الذي افتخر بالنبي معلنًا ذلك في أحد مؤلفاته، والتي قال فيها: “أيها النبي الرسول خذ بيدنا إلى موقف الشرف والفخر، فنحن من أجلك نود الموت أو الانتصار”.

مسيرة جوستاف لوبون العلمية

ظلّ جوستاف شغوفًا بتحصيل العلم ودراسة حضارات الشعوب؛ فقرر الترحال بين كافة البلدان في الفترة الواقعة بين 1870-1880 من الميلاد، فجال في أكناف أفريقيا وآسيا وأوروبا من أجل التعرف على ماهية شعوبهم وثقافاتهم المختلفة، ولم يقم لوبون بخطو مكان ما إلا وجمع الكثير من المعلومات عنه.

ولقد كُلف بعمل دراسة شاملة على الآثار البوذية من قبل دولته في 1884 م؛ نظرًا لخبراته الفائقة وهيامه بالكشف عن تاريخ وثقافة شتى الحضارات، وفي ذات العام قام بتأليف كتاب بعنوان سيكولوجية الجماهير ؛ الذي صار ثروةً ثمينةً لا تُقدر بأي ثمنٍ منذ صدوره.

نبذة مختصرة عن كتاب سيكولوجية الجماهير جرير

يندرج كتاب سيكولوجية الجماهير تحت سقف علم النفس الاجتماعي؛ أحد أهم العلوم الإنسانية التي قام غوستاف لوبون بحجب الستار عنها وتفتيح أعين الآدميين عليها، فهو أول مَن تحدث فيه بكتابه المتواجد بين أيدينا، ويعد هذا الكُتيب مرجعًا هامًا لكل مَن يرغب التعمق في هذا العلم الفسيح؛ الذي يبحث في فهم نفسيات الجماهير وطرق تفكيرهم وما يتأثرون به.

لقد استعان الكثير من قيادات الحركات الجماهيرية والحكام بكتاب سيكولوجية الجماهير من أجل فهم أنفس جماهيرها وإرشادها نحو إنجاز أهدافها؛ ولعل أبرز مثال على ذلك ما فعله هتلر مع الجماهير الغفيرة التي وظفها ببراعة في الحرب العالمية الثانية، وكان هذا الكتاب بمثابة محطة الانطلاق المشرقة لغوستاف حيث صار وجهةً ومزارًا لجميع زعماء العالم الذين ظلّوا يخطون دياره للاستفادة من خبراته.

لقد مضى من الوقت ما يقارب الـ 150 عامًا على بزوغ هذا الكتاب للعالم أجمع؛ وبالرغم من ذلك لا زال متوهجًا ومنيرًا وكأنه قمرٌ عالقٌ في سماء الأدب، وأقبل على قراءة هذه الثروة الثقافية ملايين من الأشخاص الذين يشغفون بالاطلاع على كتب التنمية البشرية، التي تنهض بالذات البشرية.

يحتضن هذا الكتاب بين أكنافه إجابات عدة على تساؤلات الجماهير الشائعة، كسؤال لماذا تثور الجماهير سريعًا وكيف يحدث ذلك؟ كيف تتشكل الجماعات الثورية؟ ما دور القائد أو الزعيم في أي ثورة؟ والسؤال الخطير هل يملك الجماهير عقولًا رزينةً واعيةّ بالطبيعة أم ثائرة ومتهيجة؟

أضواء على ملخص كتاب سيكولوجية الجماهير

لقد كان للتطور العلمي والأزمات الديمقراطية التي عاصرها لوبون بنهاية القرن التاسع عشر تأثيرٌ فعالٌ في حياته؛ حيث ساهمت في تشكيل وجدانه وأفكاره التي منحته القدرة على بلورة نظرية سيكولوجية الجماهير والاثنوغرافيا في عمل أدبي عظيم، والذي استهل فيه الحديث عن عصر الجماهير الذي رآها لوبون أنها غير عقلانية وذات أدوار هدامة وليست بنائية، كما رأى أن تدمير الحضارات كافة قد نتج عن تلاعب هؤلاء الجماهير.

أولًا: الكتاب الأول (عصر الجماهير)

قسم لوبون كتاب سيكولوجية الجماهير إلى ثلاثة كتب في مجلد واحد؛ وكأنه أراد بذلك تسليط الضوء على كافة الجوانب بما فيه الكفاية، فأما عن عصر الجماهير فلقد تحدث فيه عن أن الثورات الكبيرة التي تسبق تغيير الحضارات ربما يكون أمرها محسومًا بواسطة شخصيات سياسية عظيمة وهذا شائع؛ ولكن للدراسة الجذرية لهذه الظواهر رأي آخر؛ إذ تشير إلى أن أفكار الجماهير التي تُصاب بتغيرات عميقة سببٌ حقيقي وراء حدوث هذه الانقلابات.

وانتقل لوبون بحديثه إلى العصر الحديث الذي قال عنه: فترة انتقالية مضطربة بها من الفوضى ما يفيض؛ ومن المستحيل أن يُتنبأ بما سيترتب عليها مستقبلًا، كما سلط الضوء على نضال الجماهير؛ القوة الوحيدة التي لا تخضع لأي تهديد كان في الوقت الذي تلاشت فيه العقائد القديمة وتساقطت فيه الأعمدة القديمة بعضها تلو الأخرى.

ما هي أفكار الجماهير التي سطّرها لوبون؟

“لم تعد مقادير الأمم تُحسم في مجالس الحكام؛ وإنما في روح الجماهير” عبارة قد احتضنتها صفحات هذا الكتاب، وذكرها لوبون في سياق حديثه عن عصر الجماهير؛ الذي تتولد القوة فيه من خلال انتشار أفكار ما قد زُرعت في الأنفس بشكل بطيء.

ربما أن بناء أي حضارة يحتاج إلى قواعد ثابتة ونظام معين، والعبور من مرحلة البساطة إلى الرزانة والعقل، ومستوى عالٍ من الثقافة، وجميع هذه المتطلبات لم تكن متوفرةً لدى هؤلاء الجماهير؛ فهم يملكون قوةً تدميريةً فائقةً تمكنهم من ممارسة عمل الجراثيم التي تلعب دورًا كبيرًا في هزالة الجثمان.

كما أشار إلى أن معرفة أنفس الجماهير تعد مصدرًا أساسيًا لكل مَن قصد الحكم والزعامة، وأن جميع الزعماء كانوا علماء نفس ولكنهم عديمو الوعي كـ نابليون بونابرت الذي نفذ إلى بواطن نفسية الجماهير، التي عجزت عن تكوين آراء شخصية من تلقائها وهذا دليل على قلة وعيه.

سيكولوجية الجماهير اقتباسات

سيكولوجية الجماهير اقتباسات

ثانيًا: الكتاب الثاني (آراء الجماهير وعقائدها)

لكل حضارة ثقافية كوكبة من العقائد الإيمانية الكبرى التي تظلّ موجودةً لقرونٍ طويلةٍ وتسير على أساس منهجها، كما أن تبلور هذه المبادئ واندثارها يمثلان نقاط التألق لكل حقبة تاريخية، ويعد تدمير هذه العقائد بعد تكوينها صعبًا للغاية ولكنه قد يحدث عند اندلاع ثورات ضارية وبعد أن تفقد العقيدة سيطرتها كافة على الأنفس البشرية، ويحدث ذلك في اللحظة التي يبدأ الناس فيها بتوجيه النقد إلى مبادئهم.

وتعلو هذه المبادئ الثابتة طبقة جماهيرية ظاهرة تولد الآراء والأفكار من حين إلى آخر ولكنها تزول باستمرار، وحتى إن دامت بعضها فتكون مدة دوامها مؤقتة جدا، أما الأفكار الأكثر أهمية فلا تتخطى حياة الجيل الواحد، وتحدث الكثير من العلماء والأدباء عن هذه العقيدة مثل الإمام الغزالي أحد عمالقة الفكر الإسلامي.

ثالثًا: الكتاب الثالث (تصنيف الفئات المختلفة من الجماهير ودراستها)

لقد صُنفت فئات الجماهير في كتاب سيكولوجية الجماهير إلى جماهير متجانسة؛ وغير متجانسة، فأما عن الأولى فتمتد لتشمل الطبقات والطوائف والزمرة، وأما عن غير المتجانسة فتُقسم إلى جماهير مغفلة (جماهير الشوارع)؛ وجماهير غير مغفلة (المجالس البرلمانية)، وتحوي جماهير الطائفة أناسًا من ثقافات ومهن عديدة لم يربطها معًا سوى عقيدتهم الدينية.

وذكر لوبون في صفحات كتابه هذا الجماهير المجرمة التي تحرض على الأفعال السيئة، وأيضًا الجماهير الانتخابية التي يتم إغراؤها بواسطة عدة أساليب منها: الهيبة التي يمتلكها المرشح الانتخابي، والتي لا يمكن تعويضها بشيء آخر كما أنها غير كافية لضمان نجاح هذا المرشح، فالتملق والوعود الكثيرة التي يأخذها على الجماهير قد تصبح أحد أهم أسباب فوزه بالزعامة.

لكتاب غوستاف لوبون سيكولوجية الجماهير | مميزات عدة

– يعد كتاب سيكولوجية الجماهير من أوائل الكتب التي سبقت عصرها لا سيما علم النفس الاجتماعي؛ الذي أشرقت فيه مؤلفات ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع.

– استطاع جوستاف في كتابه هذا تدوين أفكاره بشكل سلس وبسيط؛ والتي جعلت من هذا الكُتيب مرجع لمَن خلفه من العلماء.

– قام لوبون بربط أفكاره وكأنها نظرية علمية متماسكة لكي يسهل على الجميع فهمها.

– حقق هذا الكتاب نجاحًا ساحقًا لا مثيل له؛ فلم يصل لمثل هذا النجاح غيره من علماء علم النفس الجماهيري أو ما يُعرف الآن باسم علم النفس الاجتماعي.

سيكولوجية الجماهير اقتباسات

ينبع من كل كتاب مجموعة من المقتطفات المثيرة التي تنجذب إليها الأذهان جراء شدة روعتها، فيُستخرج من كتاب العادات الذرية “ليس النجاح هدفاً نصل إليه أو خط نهاية نجتازه، بل هو منظومة من التحسّن، وعملية لا نهائية من التنقيح” بينما يُستمد من كتاب سيكولوجية الجماهير ما يلي:-

–  لا جماهير من دون قائد كما لا قائد من دون جماهير.

–  إن الفرد المنخرط في الجمهور هو عبارة عن حبة رمل وسط الحبات الرملية الأخرى التي تذروها الرياح على هواها.

–  من الصعب ، إن لم يكن من المستحيل ، عزل السلوك الفردي عن الوسط الاجتماعي _ الثقافي المحيط به.

–  الجماهير تشبه الأوراق التي يلعب بها الإِعصار ويبعثرها في كل اتجاه قبل أن تتساقط على الأرض.

تحميل كتاب سيكولوجية الجماهير

ضغطة واحدة ستكون كافية عزيزي القارئ الذي تود تحميل كتاب سيكولوجية الجماهير pdf لأن من خلال قيامك بالنقر على الرابط التالي ستتمكن من تحميل هذا الكتاب الرائع بكل سهولة، فاضغط على الرابط الآتي:-

تحميل كتاب سيكولوجية الجماهير

متى صدر كتاب سيكولوجية الجماهير؟

لقد صدر هذا الكتاب عام 1895م ولكنه تُرجم فيما بعد إلى العربية عام 1991م.

كم عدد صفحات هذا الكتاب؟

يتألف هذا الكتاب الرائع المقسم إلى ثلاثة أشطر من 228 صفحة.

إلى أي مكان ينتمي هذا الكتاب؟

ينتمي هذا الكتاب المميز إلى مجال علم النفس الاجتماعي أو علم نفس الجماهير.

متى توفي جوستاف بولون؟

توفي هذا الأديب والمؤرخ العظيم في 13 ديسمبر عام 1931م.

مواضيع ذات صلة

مزرعة الحيوانمزرعة الحيوان | عندما تتلاشى الفروق بين الإنسان والخنزير

رواية كافكا على الشاطئرواية كافكا على الشاطئ | نظرة فلسفية وعميقة للذات البشرية