غزوة مؤتة | وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ

غزوة مؤتة

رضي الله عن المسلمين الأوائل الذين عُذبوا وقاتلوا وقُتلوا وأخرجوا من ديارهم وتحملوا الكثير في سبيل نصرة هذا الدين، رضي الله عن الحارث الأزدي إذ بعثه النبي إلى ملك بصرى لدعوته إلى الإسلام فما وجد السلام بل أريق دمه، رضي الله عن جعفر الطيار إذ يذود عن راية الإسلام بيمينه فتقطع فيدافع عنها بيساره فتقطع فيضمها إلى صدره كما يضم الواحد منا أغلى ما لديه خوفاً على ضياعه ثم يلقى مصرعه، رضي الله عن كل مَن صدق ما عاهد الله عليه فقضى نحبه في غزوة مؤتة أو ما قبلها أو انتظر بعدها ولم يبدل تبديلاً.

ما هو سبب وقوع غزوة مؤتة ؟

لم يأتِ الإسلام لسفك الدماء بل جاء لحقنها، ولم يكن المسلمون الطرف المبادر بالقتال بل كانوا الطرف الساعي للسلام دوماً، لكنهم كانوا رجالاً لا يقبلون الضيم أبداً فعاشوا أعزة، ومَن يسمع عن غزوة مؤتة قد يتسرب إليه اعتقاد واهم أن المسلمين هم الفئة الباغية التي خرجت من ديارها وذهبت إلى القوم في عقر دارهم وشهرت السيوف في وجوههم، لكن لو قرأ عن غزوة مؤتة بالتفصيل سيعرف سببها، سيعرف أن المسلمين بدءوا بالسلام فقوبلوا بالعدوان فما كان منهم إلا أن ردوا هذا الظلم والعدوان.

بعد هزيمة المشركين في غزوة الخندق وبرم صلح الحديبية تفرغ النبي عليه الصلاة والسلام لدعوة الملوك في البلاد المجاورة إلى الإسلام فمضى يبعث الرسل برسائله هنا وهناك، وكان ضمن هؤلاء رسوله الحارث بن عمير الأسدي الذي أرسله إلى ملك بلاد بصرى، غير أن أحد عمال قيصر وهو شرحبيل بن عمرو الغساني اعترض طريق الحارث وسفك دمه، وكان التعدي على الرسل آنذاك جريمة عظيمة وانتهاك لما هو متعارف عليه وإيذان بالحرب، فما إن بلغت الأخبار النبي حتى اشتد غضبه وبدأ في تجهيز الجيش رداً على هذا الاعتداء.

الاستعداد لغزوة مؤتة :

جهز النبي عليه الصلاة والسلام جيشاً كبيراً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل بقيادة زيد بن حارثة لملاقاة الروم والغساسنة في بلدة مؤتة، وكانت هذه هي الغزوة الأولى التي يخوضها المسلمون خارج نطاق الجزيرة العربية، وقبل خروج الجيش أوصاهم النبي بعدم الغدر وعدم قتل النساء والأطفال وكبار السن والمعتصمين بالصوامع، كما أوصاهم بعدم قطع النخيل والأشجار وعدم هدم الأبنية، وهي وصية خالدة ولفتة نبيلة لكل قادة المعارك في كل مكان وزمان، فالحرب لا تعني التخلي عن النبل ولا تعني الخراب، بل يمكننا القتال بشرف.

غزوة مؤتة بالتفصيل :

خرج للقاء المسلمين جيشاً بيزنطياً قوامه مائتي ألف مقاتل من الروم والغساسنة، ثم التقى الفريقان غير المتكافئين في مؤتة ودارت المعركة، في اليوم الأول والثاني كان الهجوم قوياً لصالح المسلمين وقتل الكثير من البيزنطيين إذ باغتهم الهجوم القوي من هذا الجيش الصغير، أما في اليوم الثالث فقد عزم البيزنطيون على بدء الهجوم بقوة مضاعفة فقاتلوا المسلمين قتالاً شديداً راح ضحيته ثلاثة من قادة المسلمين وهم زيد وجعفر وابن رواحة، ثم تسلم القيادة سيف من سيوف الله ففتح الله به عليهم.

غزوة مؤتة بالتفصيل

غزوة مؤتة بالتفصيل

خطة خالد بن الوليد في معركة مؤتة :

كان من الصعب أن ينتصر المسلمون على هذا العدد الضخم من الروم والغساسنة، لكن خطة خالد بن الوليد في معركة مؤتة نجحت في تخليص المسلمين وخروجهم منتصرين، ففي قصة خالد بن الوليد ومعركة مؤتة نجد أن خالداً عمد إلى اختلاق ضجة توحي بوصول جيش جديد إلى المسلمين ثم أحدث تغييراً في مواقع المقاتلين حتى يفاجأ العدو صباحاً بوجوهٍ جديدة ويتوهم أن جيشاً جديداً قد وصل فيؤثر ذلك على معنوياته، وقد أوصى خالد المقاتلين بالصمود وتقديم أفضل البطولات لإنهاك العدو وتحطيمه مادياً ومعنوياً.

وفي صباح اليوم الذي يليه استمر المسلمون في ضرب العدو ضرباتٍ متلاحقة جعلته خائر القوى متلهفاً للهدوء والراحة، ثم بدأ جيش المسلمين في التراجع رويداً رويداً بينما يحاول العدو التقاط أنفاسه لا حول له ولا قوة، إضافةً إلى أن البيزنطيين خشيوا أن يستدرجهم المسلمون للصحراء فلم يلحقوا بهم، فنجحت بفضل الله خطة ابن الوليد وعاد المسلمون منتصرين، وكان من نتائج غزوة مؤتة استشهاد اثنا عشر رجلاً فقط من المسلمين وقتل أكثر من ثلاثة آلاف وثلاثمائة من البيزنطيين ورفع شأن هيبة الدولة الإسلامية الناشئة وفرض هيبة الإسلام والمسلمين.

 

من هو الصحابي الذي حمل الراية في غزوة مؤتة ؟

حمل الراية في غزوة مؤتة زيد بن حارثة فلما استشهد حملها جعفر بن أبي طالب – ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وشقيق علي بن ابي طالب – فلما قطعت يمين جعفر حمل الراية بيساره ثم ضمها بعضديه إلى صدره بعدما بترت يساره ثم ارتقى شهيداً فحمل الراية عبد الله بن رواحة الذي نال الشهادة هو الآخر فاتفق المسلمون على تسليم الراية لخالد بن الوليد بعد استشهاد القادة الثلاثة.

وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن الله أبدل جعفر جناحين يطير بهما في الجنة عوضاً عن يديه اللتين افتدى بهما راية الإسلام.

ما هي الدروس المستفادة من غزوة مؤتة ؟

من أهم الدروس المستفادة من غزوة مؤتة ما يلي:-

1) إدراك مدى خطورة إهدار دم المسلم، فقد أخرج النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً قوامه ثلاثة آلاف رجل بسبب إهدار دم مسلم واحد، ونحن اليوم تسال دماؤنا أكثر من مخاط أنوفنا ولا أحد يحرك ساكناً!

2) ضرورة وضع الخطط البديلة في المعارك الحربية، فلم ينتظر النبي مقتل القائد في المعركة ليوجد بديلاً له إذ إن هذا وقت خطر لا مجال للتباحث ووضع الخطط البديلة فيه لذا أوصى بالقيادة لزيد ثم جعفر ثم عبد الله بن رواحة.

3) أهمية النظر إلى عنصر الكفاءة عند توكيل المهام، فقد أجمع المسلمون – بعد استشهاد القادة الثلاثة – على تسليم مهمة قيادة الجيش لخالد بن الوليد الذي لم يمضِ على إسلامه سوى بضعة أشهر نظراً لكفاءته في الحروب، فيما نحن اليوم نوكل المهام بالحب وأمور أخرى لا علاقة لها بالخبرة!

4) أهمية الحنكة العسكرية والتفكير بشكل استراتيجي منطقي يحقق المصلحة بأقل الخسائر الممكنة، فقد انسحب خالد بن الوليد من المعركة في الوقت المناسب انسحاب المنتصر الذي يدب الرعب في قلوب الأعداء.

5) ((وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ))، إذ تخبرنا غزوة مؤتة – وغيرها من الغزوات الأخرى مثل غزوة تبوك وحنين – أن النصر يكون بالإيمان واليقين والثبات على الدين وإخلاص النية والأخذ بالأسباب قدر المستطاع.

من هو قائد غزوة مؤتة ؟

أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون قائد غزوة مؤتة زيد بن حارثة وإن قتل فجعفر بن أبي طالب وإن قتل فعبد الله بن رواحة، وقد قتل القادة الثلاثة فتولى القيادة في النهاية خالد بن الوليد رضي الله عنهم أجمعين.

متى وقعت غزوة مؤتة ؟

وقعت غزوة مؤتة في شهر جمادى الأول من العام الهجري الثامن وهو ما يوافق شهر أغسطس من العام الميلادي الـ 629.

لماذا سميت غزوة مؤتة بهذا الاسم ؟

سميت غزوة مؤتة بهذا الاسم نسبةً إلى المكان الذي وقعت به وهو بلدة مؤتة الموجودة في محافظة الكرك الأردنية، وقد جرت العادة أن تعرف الغزوات بأماكن وقوعها.

لماذا تعتبر معركة مؤتة غزوة ؟

كل معركة يقاتل فيها المسلمون المشركين بقيادة النبي محمد أو بأمره فهي غزوة، فعلى الرغم من عدم مشاركة الرسول بنفسه في معركة مؤتة إلا أنها كانت بأمره وتحت إشرافه لذا تسمى غزوة.

مواضيع ذات صلة

صلاة الخوفمتي يجب تأدية صلاة الخوف ؟

دعاء أخر ساعة من يوم الجمعةتعرف على دعاء أخر ساعة من يوم الجمعة