قصة اصحاب السبت بين النكال والموعظة

لا عجب أن بني صهيون مستمرين في تدمير الأرض والاعتداء علي حرمات الله بغير حق! وكيف لا يفعلون ذلك وقد مسخهم الله لكفرهم ولعنهم بذنوبهم فأصبحوا قردة خاسئين؟!،  تحكي لنا قصة اصحاب السبت تاريخ بني اسرائيل المليء بالمكائد الخبيثة حتى وصل فجورهم إلي التحايل علي رب العزة سبحانه وتعالي.

علي مر العصور المختلفة كان تاريخ بني إسرائيل حافل بالخداع والمكائد والنذالة، وهذا يظهر في قتلهم للأنبياء والمرسلين كما حدث في قصة اصحاب الرس ،فكيف تعتقدون أن شعبًا هان عليه قتال المرسلين أن يستوصوا خيرًا بنساء وأطفال فلسطين ؟!.

قصة اصحاب السبت

قال تعالي:- (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ)، يخبرنا الله في تلك الآيات الجليلة من سورة يوسف أن قصص القرآن الكريم من أعظم القصص علي الإطلاق، وذلك نظرًا لما تحتوي عليه من عبرة وعظة وإثارة ومتعة.

لذلك قررنا في موقع ملحوظة عرض تلك القصص القرآنية بشكل مبسط في محاولة منا لتفسيرها واستخلاص ما بها من حكمة، وتُعد قصة اصحاب السبت واحدة من أهم حكايات القرآن؛ حيث تُحدثنا عن عقاب الله وكيف أنه قام  بمسخ القوم الكافرين؟.

 بداية قصص اصحاب السبت

تبدأ قصة أصحاب السبت كما ذكر المفسرين عندما أمر الله (عز وجل ) اليهود بتمجيد يوم الجمعة وتعظيمه؛ ولكن كعادة اليهود التي تميل إلي الغدر والخداع فلقد قرروا تقديس يوم السبت بدلاً من الجمعة مدللين علي ذلك أن الله قد خلق الكون في يوم الأحد وانتهى منه في يوم الجمعة بينما أخذ السبت ليستريح، لذا سوف يعظمون اليوم الذي استراح فيه الله.

عادة ما يميل اليهود إلي تحريف الكلم عن موضعه والابتداع في الأحكام وأوامر الله، لذا كان عقاب الله عليهم في غاية الشدة، فهيا ذوقوا ما كنتم تعملون! تُري كيف كان عقاب الله لليهود في قصة اصحاب السبت ؟هل أهلك أملاكهم أمام أعينهم وعاشوا في حسرات علي ملكهم الفاني كما حدث في قصة صاحب الجنتين ؟ أم كان عقاب الله أشد من ذلك وأصعب؟، هذا ما سنتعرف عليه الآن في هذا المقال.

قصة أصحاب السبت والعبرة منها

علي الرغم من أن اليهود حكموا علي أنفسهم بأن يكون السبت هو يوم راحتهم و رضخ نبيهم لقولهم ودعا ربه فاستجاب له إلا أنهم رغم ذلك   استحلوا ما حرم الله بجحود شديد دون الشعور بأي خوف من وقوع غضب الله عليهم، اعتقد الناس في بني اسرائيل أن الله لن يعاقبهم علي احتيالهم عليه ولكن :- (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).

تدور أحداث قصة أصحاب السبت مكتوبة كما قال ابن عباس في تفسيره بأنها وقعت في مدينة يطلق عليها (أيلة) وهي مدينة ساحلية تطل علي بحر القزم وتقع علي الحدود ما بين مصر وحطين، كان أهل هذه القرية يعتمدون علي الصيد كمصدر رزقهم الوحيد.

ابتلاهم الله (عز وجل) بلاءً عظيمًا وحرم عليهم ما أحله علي غيرهم من الأمم نظرًا لتطاولهم علي أحكامه، إذ حرم عليهم صيد الحيتان وأكلها يوم السبت، ولقد وافق اليهود عندما أخبرهم نبيهم وكانوا في غاية الفرح معتقدين بأن الله ينفذ طلباتهم.

قصة اصحاب السبت

ماذا حدث مع اصحاب السبت ؟

تفاجأ جميع أهل القرية بحدوث واقعة في غاية الغرابة فكانت الحيتان والأسماك تأتي إلي بحرهم وتنتشر به طوال يوم السبت حتي أنها تصل إلي الشاطئ، في البداية اعتقد أهل القرية الظالمة أن الله يهبهم الرزق ويمنحهم العطايا.

ولكن عندما مضي يوم السبت اختفت كل الحيتان التي ظهرت ولم يبقي لها أي أثر في الماء وكأنه بحر ميت لا حياة به!، وتكررت هذه الحادثة معهم لفترات طويلة، وهنا قرر أهل القرية عقد اجتماعًا في ناديهم ليبحثوا عن حل يخلصهم من هذه اللعنة التي أصابتهم.

انتهى الاجتماع الذي عقده بني إسرائيل بلجوئهم إلي الاحتيال و الخداع والمكيدة، ولكن علي من تحتالون أيها الجهلاء الساذجون؟ هل تحتلون علي فاطر السموات والأرض؟ هل تُخادعون من يعلم السر وما يخفي؟، والله كلما قرأت قصص بني اسرائيل أجدني اتعجب من ثباتهم علي الكفر وتجبرهم  في الأرض كما فعل صاحب  قصة النمرود  ! ألا يجدون العبرة والعظة في تاريخهم الحافل بالهلاك والعقاب؟.

احتيال بني إسرائيل وخداعهم

قيل في قصة اصحاب السبت كاملة أن هناك رجلاً منهم عزم علي الذهاب إلي البحر يوم السبت سرًا دون أن يشعر به أحد، ومن ثم أخذ حوتًا من الماء و ربطة في حبل و أنزله إلي الماء مرةً أخري وجعل له وتدًا في الشاطئ حتي يتمكن من اصطياده بسهولة في اليوم التالي.

عندما بزغ الفجر أسرع الرجل إلي الشاطئ وأخذ الحوت وهو فرحًا، ومن ثم هرول الرجل لتناوله معتقدًا أنه حصل عليه بطريقة مشروعة فهو لم يأخذه يوم السبت!، أخذ الرجل يكرر تلك الواقعة أكثر من مرة حتي وصلت ريحه الحيتان التي كان يطهيها إلي أهل القرية.

 تمكن الناس في قصة اصحاب السبت من إيجاد الرجل وعلموا ما فعل وكيف استطاع الحصول علي الحوت؟، ولكن لم يكن بينهم رجلاً عاقلاً يمنع عنهم أفكارهم الشريرة؛ حيث ذهب جميع من بالقرية لفعل ما فعله الرجل بشكل سري دون أن يشعر بهم أحد ولم يعاقبهم الله علي ذلك وتركهم في ظلمهم يعمهون، وهنا تكمن رحمة الله وصبره علي الجاهلون الظالمون.

قال الشوكاني في كتابه :- ( أن الله أوقع علي أصحاب السبت العذاب عندما صادوا الحيتان بشكل رسمي وعزموا علي بيعها في الأسواق يوم سبتهم، فاحتالوا لصيدها، وحفروا الحفائر، وشقوا الجداول فكانت الحيتان تدخلها يوم السبت فيصيدونها يوم الأحد).

ولكن هذا ليس بجديد علي بني إسرائيل فدائمًا كانت من صفاتهم المرذولة والتضليل والخداع والمكر والتحايل وتحليل ما حرم الله وتحرم ما أحل الله، وهذا ما جعل رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) يُحذر أمته من تلك الصفات نظرًا لأن عقوبتها عند الله عظيمة.

عذاب الله

ذهب ترجمان الأمة عبد الله بن عباس  في تفسيره لآيات قصة اصحاب السبت أنه كان هناك فئة صغيرة في القرية يتقون الله ولم يصنعون ما صنع الأخرون، وهذا يظهر في قوله تعالى:- (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).

 قيل في الروايات القديمة أن تلك الفئة الصغيرة التي كانت تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر قد قامت ببناء جدارًا ليحجز بينهم وبين القوم الكافرين، وفي يومًا ذهب أهل القرية الظالمين إلي منازلهم وغلقوها علي أنفسهم فأصبحوا فيها قردة.

أجساد قرود وعقول بشر

ذكر الإمام القرطبي في تفسيره لـ قصة اصحاب السبت ( كان القرد يأتي قريبه، فيشم ثيابه ويبكي، فيقال له: ألم أنهاك، فيقول: برأسه بلي، معنى هذا أنهم كانوا في أجساد القرود وبعقول البشر وهذا أشد أنواع العذاب)، كما قال الإمام الحسن :- (أكلوا والله أوخم أكلة أكلها أهلها، أثقلها خزيًا في الدنيا وأطولها عذابًا في الآخرة).

علي جميع المسلمين الموحدين بالله الواحد القهار أن يأخذوا العبرة والعظة من قصة اصحاب السبت ، وأعلموا – أيها المسلمون – أن شهوة البطن قد تؤدي إلي غضب الله، لذا احرصوا علي إتباع أوامر الله وتجنب نواهيه.