كيف كانت نهاية اصحاب الرس ؟

لأول مرة أجسد الجحود وقسوة القلب بين أسطري، اصحاب الرس قوم متعطشون لسفك الدماء الشريفة الطاهرة بكل وحشية وخسة غير مهتمين بغضب الله عليهم، وهذا ليس بغريب علي بني إسرائيل الذين يستحسنون قتل الرسل والأنبياء والمؤمنين الصالحين دون الشعور بالشفقة.

من هم اصحاب الرس ؟

اصحاب الرس هم جماعة من الأقوام الأولى الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم في موضعين مختلفين، لقد خلد الله ذكر هذه الجماعة البغيضة لتكون عبرة لجميع الخلق علي مدى القرون المختلفة وحتي قيام الساعة، وفي اعتقادي أننا بحاجة إلي الاستشهاد بتلك الآيات الجليلة وبـ قصة اصحاب الرس علي جميع المتجبرين المنتشرين في العالم اليوم وعلى رأسهم بني صهيون قتلة الأطفال.

لقد أخبرنا الله في كتابه عن الضلال العظيم والخطأ الذي وقع به أصحاب الرس، ويظهر ذلك في سورة الفرقان في قوله تعالى:- (وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا)، كما تظهر الآيات غضب الله علي هؤلاء القوم والعذاب الذي ألحقه بهم.

إذا تدبرت القرآن – أيها المسلم – ستجد أن شوكة المشركين والمتجبرين في الأرض ليست بقوية علي الإطلاق، فالله وحده قادر علي تفتيتها تمامًا وإنما يؤخر عذابه لحكمه لا يعلمها إلا هو سبحانه؛ قد تأتي معجزة من عند الله فينام الرجل المؤمن مثل قصة أصحاب الكهف حتي يتغير الزمان أو يلحق الكافرين بعذاب كما حدث مع أصحاب الرس وعاد وثمود.

اختلاف العلماء حول قصص اصحاب الرس

عادة ما نجد أن علماء المسلمين يحاولون بشتي الطرق لتفسير القرآن الكريم وهذا ما يدفعهم إلي الاجتهاد في البحث عن الحقائق التي تعزز آراءهم وقد يتفقون في العديد من المواضع ويختلفون في مواضع أخري، عندما ذهب فقهاء الإسلام لمعرفة ماهى قصة أصحاب الرس ؟ تعارضت أفكارهم ومعتقداتهم، وهذا يظهر في تلك الأقاويل التي تتمثل في:-

1 ) يرى عكرمة أن اصحاب الرس هم الجماعة التي تم ذكرهم في سورة يس.

2 ) يعتقد ابن جرير أن أصحاب الرس هم اصحاب الاخدود الذين ذكرهم الله في البروج، ويستدل علي حديثه بمجموعة من الدلائل المختلفة.

3 ) اختلف ابن كثير مع رأي عكرمة وابن جرير في تفسيره، ولقد ذكر بأنه لا يوجد أي دلائل تثبت أنهم نفس القوم وأن القرآن لم يوضح ذلك.

4 ) رأي ابن عباس أن اصحاب الرس الوارد ذكرهم في سورتي الفرقان و ق هم جماعة من ثمود.

لماذا اطلق عليهم أصحاب الرس ؟

 إذا أردنا أن نعلم لماذا ذكرهم الله في القرآن بكلمة الرس فعلينا أن نعرف أولاً ما الذي يعنيه مدلول الكلمة عند العرب، وذلك نظرًا لأن القرآن قد نزل بلسان عربي مبين، تُعرف الرس عند العرب بأنه البئر الذي لم تطو، فكان العربي يقول قديمًا علي البئر اسم الرس.

اما عن سبب تسميتهم في القرآن بـ اصحاب الرس فيرجع ذلك لأنهم قاموا برس نبيهم داخل البئر دون أي شفقة أو رحمة وبمنتهي الجحود والقسوة، كيف استطاعوا هؤلاء الأوغاد أن يقتلوا من يهديهم إلي دين الحق و يأمرهم بعدم اتباع الشهوات؟ كيف تمكنوا من قتل رجل يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر؟

اصحاب الرس

 أصحاب الرس عند المفسرين

لقد وذكرنا أن نشب اختلافًا كبيرًا بين فقهاء المسلمين عند تفسيرهم لـ قصة أصحاب الرس للاطفال ؛حيث أنهم وجدوا اختلافًا من حيث زمان و مكان وقوع القصة، كما وجدوا أيضًا اختلاف في نوع الآلهة التى كانوا عاكفين علي عبادتها من دون الله، لذا نجد أن العلماء قد انقسموا إلي ما يلي:-

1 – قوم يعبدون شجرة الصنوبر

يُذكر بعض الفقهاء والمفسرون أن اصحاب الرس ليس جزءًا من عاد أو ثمود وإنما هم جماعة أخرى ظالمة من البشر التي وضعها الله في أرضه ليضرب بها الأمثال، وفي استرسال الحديث عن قصة أصحاب الرس كاملة نجد أن بعض العلماء يعلنون أنهم كانوا يعبدون شجرة الصنوبر التي قام يافث ابن نوح عليه السلام بزرعها في شاهدرخت.

2 – قوم يعبدون الله

لقد قيل في حق الخطيئة التي ارتكبها أصحاب الرس أنها مشابهة تمامًا للخطيئة الواردة في  قصة قابيل وهابيل ؛ حيث أنهم كانوا مؤمنين بالله إيمانًا كاملاً ولكن ضل أحدهم الطريق الآخر واتبع الشيطان حتي قتل أخاه فأصبح من الخاسرين.

يقول البعض أن اصحاب الرس كانوا يعبدون الله ولكنهم افتتنوا إذ كان يمر علي قريتهم نهرًا عظيمًا وكانت المدينة بها شجر الصنوبر، وكان سكان القرية يقومون بنقل الصنوبر إلي العين الرئيسية الموجودة بالقرية ومنعوا أحدًا من الشرب منها.

ذكر في قول المفسر العوضي أن  اصحاب الرس نبيل العوضي مع مرور الوقت أصبحوا يقومون بتقديم القرابين ويذبحون لها الذبائح ومن ثم يقومون بإشعال النار فيها و يظلون عاكفين حتي اختفاء الصنوبر، ويتم عمل تلك الخرافات في وقت معين من العام، وقيل أن الشيطان كان يذهب لهم يعدهم بتحقيق الأمنيات العالقة في الصدور.

ماذا فعل الله مع أصحاب الرس ؟

بعد أن أطال اصحاب الرس كفرهم وتجبرهم في الأرض أرسل الله لهم رسولاً من عنده من أولاد يهودا بن يعقوب عليهما السلام، وذلك لكي يقوم بدعوتهم وهدايتهم إلي الطريق الصواب وترك تلك العادات الضالة حتي لا يتعرضون لغضب من الله وعذاب عظيم.

أخذ نبي الله يتجول في أرضهم ويدعوهم إلي الهداية ويدعوهم إلي التوحيد وترك تلك المعاصي والذنوب، ولكن الزندقة والشرك يسيران كالدماء في شرايينهم فلم يستمعوا إليه حتي أنهم قاموا بإيذاء نبي الله إيذاءً شديدًا، رغم الأذية التي كان يتعرض لها الرسول المخلص لدعوته إلا أنه رفض ترك القوم وأراد استكمال رسالة ربه.

لما وجد الملاعين الكافرين بآيات الله مدى وفاء وإخلاص الرسول الكريم لدعوته وحرصه علي دعوتهم اتفقوا علي قتله، بالفعل قام الشياطين بعزم أمرهم و رسوا نبيهم في البئر لذا يطلق عليهم اصحاب الرس ، لا تنسوا قراءة  قصة سيدنا سليمان عليه السلام.

من النبي الذي قتله أصحاب الرس ؟

انقسم المفسرون إلي قسمين عند إجابتهم عن سؤال من النبي الذي قتله أصحاب الرس ؟، فلقد ذهب البعض أن النبي الذي بعثه الله إلي اصحاب الرس هو شعيب عليه السلام ومن أبرز العلماء المؤيدين لهذا الرأي وهب بن منبه و قتادة الذي قال في تفسيره أن أصحاب الأيكة وأصحاب الرس هم أمتا شعيب.

تذهب بعض الروايات أن اصحاب الرس هم قوم النبي حنظلة بن صفوان وهذا هو الرأي الراجح والمؤكد عند أغلب الفقهاء من بينهم أبو بكر محمد بن الحسن، وكانت هذه تلك أبرز آراء العلماء والمفسرين التي قيلت في هذه القصة.