ما هي قصة البقرة الصفراء في سورة البقرة؟

لا زالت آيات الله تتعاقب علي بني إسرائيل عسى يأخذون بها وتخضع قلوبهم إلي حكم الله وإرادته ولكن قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة منها؛ حيث أنهم يصرون علي المجادلة والعناد علي الباطل وهذا ما تبينه لنا الآيات القرآنية في قصة البقرة الصفراء وغيرها من القصص المختلفة التي توضح لنا مدى جحود وكفر اليهود.

تُحدثنا  قصة البقره الصفراء في سورة البقره عن كم المراوغة والمؤامرات التي يلجؤون إليها بني إسرائيل ومماطلتهم في تنفيذ أوامر الله، ولعل تلك الخدع الإفتراءات تظهر في العديد من القصص المختلفة مثل قصة اصحاب الاخدود و قصة أصحاب الرس وغيرها الكثير.

قصة البقرة الصفراء

 قصة مليئة بالأحداث المثيرة التي لا يمكن توقعها فهي خارقة للعادة ولا يمكن للعقل البشري المحدود أن يتخيلها، نظرًا  لانه يتخللها معجزات ربانية فهذه القصة قد بدأت بالموت وانتهت بالإحياء، لذا حاول جميع المفسرين الفقهاء فهم معانيها واستخلاص ما بها من حكم ومواعظ علي مر العصور المختلفة ومازالت جهودهم مستمرة حتي الآن.

قال العديد من الفقهاء وعلى رأسهم السدي:- أن قصة بقرة بني إسرائيل كانت في عهد سيدنا موسى وهذا أمر اجتمع عليه الجمهور، ولقد قيل في الروايات التي توصل إليها الباحثين الإسلاميين أنه كان هناك رجل ثري من بني إسرائيل يملك أموال لا حصر لها وكانت له ابنة وحيدة.

كان لهذا الرجل الثري ابن أخ ولكنه يفتقر إلي المكانة الاجتماعية المناسبة، كان هذا الفتى حاقدًا علي عمه ويريد أن يحصل علي مكانة بين الخلائق تلائم تلك المنزلة الرفيعة التي يستمتع بها عمه، لذا أسرع إليه وتقدم لخطبة ابنته الوحيدة ولكنه أبى ذلك ورفض أن يزوجها إياه وأخبره أن هذا أمرًا قاطعًا ولا رجعة فيه.

ماذا فعل الفتى بعدما رفض عمه زواجه من ابنته ؟

شعر الفتى بأن عمه ينظر إليه نظرة دونية ويحتقر مكانته التي هي أقل منه شأنًا وهذا ما جعله يستشيط من شدة الغضب، أخذ الفتى الحاقد يتحدث في قرارة نفسه أنه سوف يقوم بقتل عمه ويسيطر علي جميع أمواله، كما أنه سوف يقوم بنكاح ابنته ومن ثم يهم بطلب ديته من القوم.

خطط الغلام لفعلته بطريقة شيطانية ثم ذهب إلي عمه وطلب منه أن يصطحبه إلي تجار سبط بني إسرائيل الذين سيتقبلونه بينهم بمجرد رؤيته معه نظرًا لما له من منزلة خاصة عندهم، وبالفعل ذهب الشيخ مع ابن أخيه في الليل ليُقتل علي يديه.

كعادة بنو إسرائيل الحقيرة الخبيثة والتي تظهر بوضوح في قصة البقرة الصفراء ذهب القاتل في اليوم التالي إلي منزل عمه متجاهلاً ما فعل في الأمس، وعندما وصل وجد عمه  غارقًا في دمائه وسبط اليهود مجتمعين حوله، صاح الغلام بمكر شديد وقال ( وا عماه) وأخذ يحثوا من التراب علي رأسه وطلب منهم فدية عمه لقتلهم له.

ماذا فعل سبط اليهود في قصة بقرة بني إسرائيل pdf ؟

لأول مرةً في تاريخ البشرية يشعر اليهود بالظلم حتي أنهم تمنوا لو كانوا مثل الناس في قصة أصحاب الكهف حتي يتخلصوا من هذا الظلم الذي وقع عليهم، ولكنهم أسرعوا إلي كليم الله موسى – عليه السلام – ليحكم بينهم ويدعوا ربه حتي يتبين معه من القاتل الحقيقي.

قال سبط اليهود لموسي عليه السلام أن دية الرجل هينة عليهم جدًا ويستطيعون دفعها دون المراوغة، ولكنهم يخشون أن يعيرون به وهذا ما تظهره لنا الآية الكريمة :- (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ).

ولكن اليهود كعادتهم الخسيسة يميلون إلي المراوغة فأخذوا يستهزئون بنبيهم ويشككون في كلامه، وهذا ما تظهره لنا قصة البقرة الصفراء فعندما أمرهم كليم الله بإحضار بقرة وذبحها حتي يظهر الله حقيقة ما حدث تعجبوا من هذا القول ولم يصدقوه كما يظهر في قوله:- (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بالله أَنْ أَكُونَ مِنَ الجاهلين).

قصة البقرة الصفراء

مراوغة اليهود في قصة بقرة بني إسرائيل كاملة مكتوبة

جاء في تفسير  عبد الله بن عباس لو أنهم قاموا بأخذ بقرةً لذبحها لكان الله ( سبحانه وتعالى) جزاهم عن ذلك، ولكنهم لجأوا للمراوغة والتعنت علي موسى عليه السلام عندما قالوا له:- (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ)، لذا شدد الله علي بني إسرائيل في مواصفات البقرة فأوحي لموسى أن يخبرهم:- (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ).

لعل ما جعل الناس يتعجبون في قصة البقرة الصفراء هو التفسير الذي جاء به الفارض في كتابه الذي يقول فيه:- (الهرمة: التي لا تلد، والبكر: التي لم تلد إلا ولداً واحداً، والعوان: النصف التي بين ذلك التي قد ولدت وولد ولدها)، فكيف يُمكن أن تكون هناك بقرة بهذه المواصفات؟.

ذٌكر في  قصة البقرة للاطفال أن بني إسرائيل أخذوا يراوغون موسى بالحديث عندما :- (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا) وهنا جاء في وصف لونها في قصة بقرة صفراء فاقع لونها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ظن لكن استمر شك بني إسرائيل لقول موسى عليه السلام ومماطلتهم في إيجاد البقرة.

لم تنتهي عمليات الاحتيال التي قام بها اليهود علي نبيهم أثناء عملية البحث عن البقرة في قصة بقرة بني إسرائيل للأطفال ،فلقد أخبروا نبيهم أن يدعوا الله ليتعرفوا علي مواصفات دقيقة للبقرة فإن البقر قد تشابه عليهم وبالفعل فعل كليم الله موسى ذلك.

إيجاد البقرة

تمكن سبط اليهود المتهمين في قضية القتل من إيجاد كافة المواصفات التي أخبرهم بها موسى – عليه السلام – مجتمعة في بقرة يملكها غلام صغير من بني إسرائيل، كان الصبي يتيمًا وبارًا بوالدته ولا يملك سوى هذه البقرة، لذلك رفض الصبي أن يبيعها للقوم.

عندما وجد القوم من بني إسرائيل في قصة البقرة الصفراء أن الغلام يرفض منحهم البقرة مهما حاولوا معه من محاولات مستميته، لذا عرضوا عليه أن يقوموا بشراء البقرة منه في مقابل أن يمنحوه وزنه ذهب فوافق علي الفور و رضخ لطلبهم وباع لهم إياها.

قيل في تفسير المفسرين أن تلك البقرة كانت ميراث الفتى الوحيد من والده وكان أبوه من الرجال الصالحين، كما كان الغلام بارًا بوالدته، ولذلك أراد الله أن يكافئه ويعوضه بما هو خيرًا له وأفضل فجعل كل من في بني إسرائيل يتسارعون علي بقرته.

شراء البقرة وقتلها

علي الرغم من الاختلافات الملحوظة في تفسير قصة البقرة الصفراء عند الشيعة وأهل السنة والجماعة إلا أنهم اتفقوا علي حقيقة قتل سبط اليهود للبقرة التي ورد ذكرها، هنا تبدأ مرحلة جديدة من التحول في أحداث قصة البقرة الصفراء تظهر أمامنا.

عندما قاموا بقتل البقرة أمرهم موسى – عليه السلام – أن يأتوا بالقتيل ويضربوه بأجزاء معينة في البقرة فلما فعلوا كما أمرهم نبي الله تفاجأوا بأن الروح قد عادت إلي القتيل وأنه رجع حيً مرةً أخرى بأمر الله، فأخذوا يسألونه عن الذي قتله إذ قالوا :- من قتلك؟ قال ابن أخي من قتلني، فأخذوا ابن أخيه وقتلوه جزاءً علي فعلته.

ما العبر المستفادة من قصة بقرة بني إسرائيل؟

هناك الكثير من الدروس المستفادة والعبر التي يجدها القارئ عندما يتدبر قصة البقرة الصفراء ،ولعل من أهم تلك الدروس بعض النقاط الهامة التي تتمثل فيما يلي:-

1 ) أجر رضا الوالدين وبرهم عظيم جدًا عند الله ، وأن الله يكافئ عباده الصالحين بالخير الكبير كما حدث في قصة سيدنا زكريا ،لذا لا تقنطوا من روح الله.

2 ) إظهار مدى قدرة الله وعظمته وأنه لا يعجزه شيءً في الأرض ولا في السماء، فهو قادرًا علي إحياء الموتى وإماتة الحي وهو القوي العزيز.

3 ) بيان عظمة الأنبياء وقيمتهم في قومهم ويدل علي أهمية الوحي الذي يحصلون عليه من الله.

4 ) كثرة الأسئلة دون وجود أهداف صريحة أو واضحة قد تؤدي بالسائل إلي الوقوع في العديد من المشاكل، لذا من الواجب علي الإنسان أن يسأل علي قدر حاجته.