قصة الثلاثة الذين خلفوا | الصدق مع الله ورسوله

قصة الثلاثة الذين خلفوا

لقد ظللتُ طامعًا في رفعة درجاتك يا الله حتى أُرافق أنبياءك في الجنان، وأرددها بأعلى الترنيمات بأنني شديدة الإعجاب بما فعله الشجعان في قصة الثلاثة الذين خلفوا عن آخر الملحمات، والذين اتخذوا الصدق مع الله ورسوله منهجًا وطريقًا للكشف عن خبايا تخليهم عن لحاق الأجناد.

متى بدأت قصة الثلاثة الذين خلفوا في الظهور؟

لقد كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابًا ذوي أعينٍ بصيرةٍ وآذانٍ منصتةٍ من سائر الجهات، فبينما هو جالس في المسجد؛ حضرت إليه أخبارٌ محملةٌ برائحة الغدر من الروم الذين يجهزون جيشًا لقتال المسلمين واقتحام المدينة المنورة، ومن هذا المنطلق استهل الرسول بإعداد جيشه للقضاء على هؤلاء الأعداء الحاملين للإسلام بغضًا وكرهًا في شرايينهم المتدفقة بالاشمئزاز.

ولعل المجاهدين في سبيل الله هم أكرمُ الناس وأشرفهم وأقواهم وأشجعهم عند الله، كما أنهم أصحاب الدرجات الرفيعة وساكني الجنات مع الأنبياء، ويعرف المسلمون ذلك الفضل جيدًا؛ إذ كانوا يتسارعون في عمل الخيرات وكأنهم في نهائي السباق، فماذا سيشغلون هؤلاء أنفسهم بخلاف الجهاد الذي هو أعظم الأعمال عند الله بعد الإيمان به وبيوم الحساب؟!.

وبدأت أحداث قصة الثلاثة الذين خلفوا في الظهور بعد آخر غزوة قادها الرسول؛ والتي كانت في اليوم الثامن من شهر رجب الجليل في العام التاسع الهجري، وحدثت هذه المعركة في وسط أجواءٍ شديدةِ الحرارة لا تُطاق؛ إلا أنه كان لعزيمة وصلابة المسلمين رأيٌ آخرٌ في هذه الأوقات، فلا شيء يضاهي مدى حفاوة هؤلاء المؤمنين بأمور الجهاد.

ما الغزوة المذكورة فيها قصة الثلاثة الذين خلفوا باختصار؟

معاناةٌ ومشقةٌ عاصرها المسلمون خلال رحلتهم القتالية التي استغرقت خمسين يومًا من أجل نصرة الإسلام، فالسفر والترحال إلى بلد تملؤها التلال أمرًا شاقًا خاصة في هذه الأجواء الصعبة؛ فلقد قصد المسلمون بئر تبوك من أجل محاربة الرومان، والذين يرغبون في محاربتهم لئلا ينتشر دينهم المجيد فتنقلب الموازين وتتغير الديانات، وفي هذا السياق يكون قم تم ذكر قصة الثلاثة الذين خلفوا بعد حدوث غزوة تبوك.

لقد شهدت غزوة تبوك أكبر قاعدة جيشية من بين سائر الغزوات التي خاضها رسول الله؛ إذ شارك فيها عددٌ كبيرٌ من المسلمين الخاضعين للأوامر الربانية بأن الجهاد في سبيل الله واجبٌ شرعيٌ، ووصل عدد هؤلاء الشجعان إلى الثلاثين ألف مقاتلًا وهذا هو الرأي الراجح.

وأُطلق على هذه الغزوة اسم معركة العسرة جراء كم الآلام والمعاناة التي شعر بها جيش المسلمين، فلقد كان حالهم عسيرًا للغاية؛ إذ أوشكوا على نحر بعيرهم لارتواء مائها من شدة ظمئهم، وباتت إرادة الله ومشيئته هي المتكفلة بتخفيف الصعاب عنهم.

ماذا طلب رسول الله من أثرياء المسلمين؟

ربما قد يأخذني الحديث عن قصة الثلاثة الذين خلفوا دون التطرق بالكلام عن أصحاب رسول الله، لذا سأذكر بعض من مواقفهم العظيمة مع صاحبهم أثناء الاستعداد لتجهيز الجيش المتجه إلى تبوك، فلقد طلب الرسول من أغنياء المسلمين بالتبرع لإعداد الجنود وتزويدهم بمعدات القتال، فتبرع عمر بن الخطاب بنصف ماله بينما تصدق عثمان بثلاثمائة بعير، أما عن بن الصديق الذي عُرف بشدة السخاء والجود فلم يترك شيئًا إلا وأحضره للتصدق به.

فيا ليتني أحظى بصحبة غاية في الجمال مثل صحبة رفقاء رسول الله؛ والذين لم يتخلوا عنه في أضيق الأحول، فما أجلّها هذه الصداقة المليئة بالكرمِ والعطاءِ! فهي شبيهة بعلاقة مودة ورأفة وولاء، فلما دعا رسول الله الأغنياء إلى التصدق بتجهيز جيش المسلمين؛ لم يستغرق صاحبه الخيّر ابو بكر الصديق وقتًا في التفكير؛ بل تصدق بكل ما يملك، ولم يترك لأهل بيته أي مال؛ إلا أنه أبقى لهم الله ورسول الله خليله.

قصة الثلاثة الذين خلفوا كتاب الرحيق المختوم

لقد ظلّت الحقائق والأسرار مختبأةً جراء ما يكسوها من الستار المعتم الحاجب لرؤيا خباياها؛ حتى جاءت غزوة تبوك لتكشف عن المكتوم وتفضح المنافقين واحدًا تلو الآخر، وتُسطر في سجلاتها الذين أسرعوا للمشاركة فيها، والذين تنحوا جانبًا واختبؤا خلف أبواب منازلهم وامتثلوا الحجج والأعذار الفارغة؛ إلا أن الله كشف أمرهم وأذاع نفاقهم بين الجميع.

وارتبطت غزوة تبوك بثلاث فئات من الأشخاص، أولهما: أصحاب الأعذار الذي لا يملكون أموالًا لشراء معداتهم القتالية؛ وهم الذين عذرهم الله، وثانيهما: المنافقون الذين عزموا على تثبيط المسلمين وصرفهم عن المشاركة في هذه الغزوة، أما الفئة الأخيرة: فهم المذكورين في قصة الثلاثة الذين خلفوا ، والذين تم تصنيفهم بعيدًا عن الفئتين السابقتين وهم كعب بن مالك، وهلال بن أمية، مرارة بن الربيع.

 قصة الثلاثة الذين خلفوا

قصة الثلاثة الذين خلفوا

قصة الثلاثة الذين خلفوا صحيح البخاري

إنها لعادة تمرس عليها رسول الله وهي الذهاب إلى المسجد فور عودته من أي غزوة، ولما جلس رسولنا الكريم في مكانه المقدس أتى المنافقون إليه معتذرين ومختلقين للأسباب والحجج؛ مما قبل استغفارهم ووكل أمورهم إلى ربه، أما عن الثلاثة الذين خلفوا من الصحابة فلقد كان الصدق رفيقًا لهم حيث حضروا إلى المسجد باكين ونادمين على تخلفهم، فشهد لهم النبي بالصدق وأمرهم بترقب أمر الله ثم أوصى المسلمين ألا يتحدثون معهم.

لقد عمت أصوات النحيب على بيتي بن الربيع وبن أمية، وظلّ الإثنان في بيتهما على حالةٍ يؤسف عليها من الندم والحزن وذلك لصدق إخلاصهم لدينهم الحنيف، أما عن بن مالك فلقد كان أصغر هؤلاء لكنه كان مواظبًا على أداء صلواته في المسجد ومستعينًا بـ ايات السكينه لكي يطمئن ويهدأ قلبه، وصار يذهب إلى الأسواق بالرغم من حالته العصيبة؛ حيث كان الأنين والهم ملازمين له مثل صاحبيه.

دروس وعبر من قصة الثلاثة الذين خلفوا

لكل حكاية مجموعة من الدروس والعبر المستنبطة منها؛ كما هو الحال في قصة الثلاثة الذين خلفوا ؛ إذ يُستمد منها مواعظ كثيرة ومنها ما يلي:-

– أن الاعتراف بالتقصير في طاعة الله ورسوله جائزٌ؛ مثلما فعل كعب بن مالك واعترف بتقصيره في عدم اللحاق بالمسلمين إلى تبوك.

– أن الإشهار والتحدث بنعمة الله تعالى حلالٌ ما لم يخالطه أي تعاظم وفخر على الآخرين؛ فلقد قيل على لسان نبى الله يوسف:- (قالَ اجعَلني عَلى خَزائِنِ الأَرضِ إِنّي حَفيظٌ عَليمٌ).

– وجوب الستر على أصحاب الخطأ وعدم فضح أمرهم أو التلفظ بأسمائهم أملًا في إصلاحهم، وكان رسول الله حريصًا على فعل ذلك؛ حيث كان يتلفظ في نصيحته متحدثًا: “ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا”.

– ربما تحسر المؤمن على ما فاته من الخير أمر طبيعي؛ فما أجمل الندم على عدم اللحاق بالخيرات!.

– أن الدفاع عن عرض المسلمين واجبٌ؛ كما فعل معاذ بن جبل حينما شكك الكثيرون في كعب بن مالك، فانهال معاذ بحماية كعب وإخبار رسول الله أنه لا يُعرف عن كعب إلا ما هو خير.

قصة الثلاثة الذين خلفوا للاطفال

لقد بات المسلمون متجهين نحو نصرة الدين الإسلامي مرددين لـ دعاء فك الكرب والهم من أجل أن يحالفهم الفوز في هذه الحرب، وظلّوا واثقين في الله عز وجل ثقةً عمياءً في منح إياهم النصر في معركتهم هذه، وأن الله لا يخيب ظنون عباده الذين سلكوا طريق الجهاد لرفع راية الدين الإسلامي.

تحتضن قصة الثلاثة الذين خلفوا الكثير من المواقف الإنسانية التي يتوجب تلقينها على أطفالنا منذ الصغر، فها هو الصحابي الشجاع علي بن أبي طالب  بات حزينًا للغاية جراء إعفائه من المشاركة في معركة تبوك، وذلك بفرمان من رسول الله الذي استأمنه على الدولة الإسلامية فقال له: “أنت خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي وقومي؛ يا علي إن المدينة لا تصلح إلا بي وبك”.

وتحدث العلاّمة الطباطبائي عن قصة الثلاثة الذين خلفوا في كتابه الخاص بتفسير القرآن، لذا عندما ترغب عزيزي القارئ في الاطلاع على توضيحاته لهذه القصة؛ فيتوجب عليك البحث عن الآية القرآنية وعلى الثلاثة الذين خلفوا تفسير الميزان، أو عليك بتحميل ملف قصة الثلاثة الذين خلفوا PDFتفسير الطباطبائي من أجل الإطلاع عليه في أي وقت كان.

بماذا دعا رسول الله ربه أثناء طريقه إلى تبوك؟

أُصيب جيش المسلمين بالعطش الشديد أثناء سفرهم إلى تبوك فطلبوا من النبي أن يدعوا لهم، فاستجاب لهم ودعا ربه فأمطر عليهم ماءً من السماء ليرتوي كل واحد منه.

لماذا تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك؟

لقد كان عدم تجهيز كعب سببًا في تخلفه عن هذه الغزوة حيث تجهز رسول الله والمسلمون معه ولم يكن بن مالك قد أعدّ نفسه لملاحقة هذا الجيش.

كم استغرقت غزوة تبوك؟

لقد استغرقت هذه الغزوة خمسين يومًا منها عشرين ليلةً في تبوك، أما الثلاثون يومًا فقضاها الجيش ذهابًا وإيابًا في الطريق.

بماذا سُميت غزوة تبوك؟

سُميت غزوة تبوك بهذا الاسم نسبةً إلى نبع ماء يُدعى تبوك، وأُطلق عليها العسرة جراء شدة الحر وبعد المسافة بينها وبين المدينة، ولُقبت بالفاضحة لأنها كشفت المنافقين.

مواضيع ذات صلة

قصة بناء الكعبةقصة بناء الكعبة الحقيقية

عمارة رشديعمارة رشدي | حكاية أسطورة عقار العفاريت