رواية نطفة | الأمل في الحب و الحرب

هل تخيلت يوماً شكل الحب في غزة؟ هل جال بخاطرك سؤال ماذا لو اجتمع الحب الذي نعهده و الحب الآخر الذي يفصل بين حائه و بائه راء؟ هل تقتل الحرب الحب أم تصقله و تجعله أكثر صرامة؟ هل ينتصر الغزاة أم المحبون؟ و هل هناك متسع للأمل في الليل الديجور؟ سنجد الإجابات بين ثنايا الرواية الأدبية نطفة التي تدور أحداثها في أرض غزة ((المحكومة بالحرب كما الأرض محكومة بالدوران)).

نبذة عن رواية نطفة :

عزيزي القارئ قبل أن أسبر لك أغوار أحداث القصة و الرواية الأدبية نطفة دعني أحدثك قليلاً عن الحياة تحت سماء غزة, الحياة في غزة مختلفة عن الحيوات في البلاد الأخرى, قد يراها البعض حياة قاسية للغاية لكنها في الواقع تجسد المعنى الحقيقي للحياة, المعنى الذي غفلنا عنه !

في غزة أنت تتعلم و لا تضمن أن تصل للحظة تخرجك و في الحقيقة كلنا كذلك لكننا ننسى, في غزة أنت تعمل و لا تضمن المستقبل بل لا تضمن أن تصل برغيف العيش إلى دارك و في الحقيقة كلنا كذلك لكننا ننسى أيضاً, في غزة أنت تحب و لا تدري هل ستزف إلى عروسك أم ستزف إلى قبرك محمولاً على الأكتاف و في الحقيقة كلنا كذلك غير أننا نتعمد النسيان.

في غزة أنت تنجب أطفالاً لا من أجل تكوين أسرة بل من أجل تكوين صف إضافي من الجنود في ميدان المعركة و في الحقيقة يفترض بنا جميعاً أن ننجب من أجل ذلك, أنت لا تنجب في غزة بهدف الإتيان بأشخاص يحملون اسمك و اسم عائلتك من بعدك و تكديس العالم بالمزيد من النسخ – المعتوهة – التي تورثها جيناتك النادرة مخافة الانقراض بل بهدف الإتيان بقادة يحملون الراية من بعدك و يقفون على المزيد من الثغور في الأمة و في الحقيقة كان حري بنا أن ننجب لتحقيق هذا الهدف غير أننا حدنا عن الطريق.

أرأيت كيف أن غزة هي الحياة الحقة و حيواتنا نحن السراب؟ و الآن دعني أطلعك على أحداث رواية نطفة التي تدور بين بطليها حمزة و أسماء أبناء قطاع غزة الذين جمعهم الحب و فرقهم الأسر فأبوا إلا و أن ينجبوا أملاً رغم أنف العدوان و رغم أنف السجان و رغم أنف اليأس و الفقد و الحرمان.

مَن هو مؤلف رواية نطفة ؟

عكف على تأليف رواية نطفة الكاتب فلسطيني الهوية لبناني المنشأ أدهم شرقاوي الذي ولد عام ألف و تسعمائة و ثمانين ميلادياً على أرض مدينة صور اللبنانية التي ترعرع عليها حتى التحق بالجامعة اللبنانية في مدينة بيروت و منها حصل على دبلوم التربية الرياضية و ماجستير الأدب العربي ثم شق طريق الكتابة و التأليف الذي استهله بكتاب أحاديث الصباح الصادر عام ألفين و اثنا عشر من الميلاد.

تلا ذلك العديد من الأعمال الأدبية القيمة مثل عندما التقيت عمر بن الخطاب و نبض و كش ملك و السلام عليك يا صاحبي و ثاني اثنين و على منهاج النبوة و أضغاث أقلام وأيضاً كتاب و إذا الصحف نشرت و نطفة و أعمال أخرى تميزت بالأسلوب الراقي المشبع بالمشاعر و المصبوغ بالطابع الديني و هو ما استحوذ على إعجاب قاعدة عريضة من القراء في أنحاء الوطن العربي.

رواية نطفة

تلخيص رواية نطفة :

يمكن إيجاز و تلخيص رواية نطفة في النقاط التالية:-

1) مستهل الرواية نطفه :

تحكي رواية نطفة عن شاب فلسطيني اسمه حمزة تضيق به الحياة فوق أرض غزة فيقرر الحياة في باطنها من خلال الانضمام إلى شباب المقاومة الذين يعملون في حفر الأنفاق, يقوده القدر للالتقاء صدفة بفتاة جميلة عرف فيما بعد أن اسمها أسماء فقادته عيناها إلى الأسر قبل أن يفعل الاحتلال.

لم يشعر حمزة بنفسه إلا و هو متتبع لخطاها حتى أفصح لها عما يعتمل في صدره من المشاعر تجاهها و من ثم تقدم لخطبتها فنشأت بينهما عاطفة حب قوية حاولا جاهدين كبحها لحين تتويج علاقتهما بالنكاح و قد نالا أخيراً ما صبرا لأجله.

2) اعتقال حمزة :

تكللت قصة حب حمزة و أسماء بالزواج و ضم قلبيهما منزل مفعم بالدفء و المودة و الرحمة و الكثير من الحب الأسطوري الذي أسهب الكاتب في الحديث عنه في رواية نطفة – على لسان حمزة – و هو شبيه إلى حد كبير بأسلوبه في رواية نبض التي يرى القراء أنها تتقاطع مع أفكار هذه الرواية كثيراً.

و بعد مرور شهر واحد على زواج الحبيبين و انتهالهما من العسل و السعادة يقاد حمزة إلى سجون الاحتلال و يوارى خلف القضبان التي لا تشكل له أي فارق سوى أنها تفصله عن روحه, و عند قراءة رواية نطفة نجد وصف الكاتب العميق لمشاعر الشوق المميت و الحنين الجارف و الفقد الموجع و الألم الذي يتضاعف قسوة و مرارة مع مرور الأيام, ((على الوصل تعودنا ثملنا كيف لا نثمل؟ ليالي الوصل غرتنا و أثاري الزين ما يكمل)) !

3) نهاية نطفة ادهم الشرقاوي :

استكمالاً لأحداث رواية نطفة تقفز إلى عقل أسماء فكرة تهريب عينة من نطاف حمزة من السجن أثناء زيارتها له ثم إجراء عملية تلقيح في المركز التخصصي الطبي القريب من السجن حتى يتسنى لها أن تحمل في أحشائها طفلاً منه رغم أسره ليس إشباعاً لرغبة الأمومة بقدر ما هو رغبة في إنجاب ذرية تحمل هم القضية و تقف غصة في حلوق المغتصبين.

يتردد حمزة في بادئ الأمر ثم يبلغ أسماء بموافقته بعد مشاورة الأمر مع صديقه الطبيب الذي يشاركه الزنزانة, و بالفعل تتفق أسماء مع الطبيبة بالمركز على موعد الزيارة و يجهز حمزة لها العينة فتتلقفها منه على غفلة من العيون وقت الزيارة و تركض بها لإجراء العملية و ملؤها الأمل في أن تعود إلى حمزة في الزيارة المقبلة و هي تحمل جنيناً من نطفته.

و في نهاية أحداث رواية نطفة ادهم الشرقاوي يتحقق الأمل و تنجح العملية و تأتي أسماء حمزة حاملةً البشرى المرتقبة فتعود الفرحة إلى قلبيهما و ينتظرا موعد الولادة بفارغ الصبر, و بعد انقضاء مرحلة ((وهناً على وهن)) تضع أسماء صغيرة تشبه ملامح أبيها التي تعشقها و تسميها أمل.

تمر الأعوام عاماً تلو الآخر و يخرج حمزة من جب السجن و يرتمي في أحضان زوجته و ابنته موقناً بأن هناك ما يستحق الحياة رغم كل شيء.