يسمعون حسيسها | عندما يكون الموت أغلى أمنية

بعدما قرأت رواية يسمعون حسيسها أصبحت أتمنى أن يتم إعدام المعتقلين السياسيين بدلًا من سجنهم، وذلك لأني أعتقد أن الموت أهون من السجن! هل تظن أني فقدت عقلي؟ هل تعتقد أن الموت هو أكبر كارثة؟ هذا لأنك لم تجرب السجن يا عزيزي، أنا جربته! ذُقت ألمه، وعرفت أنه لا يختلف عن الموت.

أنت في السجن لست حيًا، لا يحق لك الاستمتاع بأي شيء، لا يحق لك حتى العمل الذي يشعرك بالإنجاز، تندثر الحياة لتصبح أكبر أمنياتك أن ترى الشمس، أن تنظر فقط للسماء دون أن تتقيد رؤيتك بأسوار السجن.

أنا سُجنت يا عزيزي عندما قرأت رواية يسمعون حسيسها، شعرت وكأن أبواب المعتقل أُغلقت علي وعانيت تمامًا كما يعاني زملائي السجناء، فأسلوب الكاتب في الوصف يجعلك تتذوق الألم وتعيشه. 

رواية يسمعون حسيسها

يمكن القول أن يسمعون حسيسها ليست رواية! بل هي مذكرات أو بمعنى أصح صرخات يُطلقها شخص يتألم ولا يجد سبيلًا للتخلص من ألمه، هذا الشخص هو الطبيب السوري إياد أسعد.

إياد ليس كاتب الرواية بل هو الروائي العظيم أيمن العتوم، الذي استطاع أن يُبكي آلاف القراء في الوطن العربي على حال إياد الذي اختبره الله اختبارًا صعبًا، عسى أن يعوضه عن آلامه وأحزانه خيرًا في الدار الآخرة. 

ملخص رواية يسمعون حسيسها

قبل أن أسرد لك ملخص رواية يسمعون حسيسها ينبغي أن أحذرك من القسوة التي تحملها هذه الرواية بين سطورها، فالأصعب من قسوتها هو أنها نابعة من الواقع مثل أقوال دوستويفسكي التي تدمع العين وتؤلم القلب.  

أيمن العتوم كاتب رواية يسمعون حسيسها قال إنه انهار ألف مرة أثناء الكتابة، وشعر بكل الآلام التي تحدث عنها وكأنها حدثت له في الحقيقة، فالكاتب الماهر يغرق في الأحداث ويتقمص الشخصيات وينسى نفسه في بعض الأحيان، لذلك لا تتعجب يا عزيزي القارئ إذا أخبرتك أنه أُصيب ببعض الأمراض النفسية والجسدية إثر رحلته مع كتابة الرواية. 

القبض على الدكتور إياد

تبدأ أحداث رواية يسمعون حسيسها بأن يتم القبض على الدكتور إياد بتهمة الإرهاب ومحاولة قتل الرئيس! فيذهب إياد مع أفراد الشرطة إلى القسم ويتم التحقيق معه في جريمة لم يرتكبها ولا يعرف عنها شيئًا، يشعر إياد بالفزع فهو يعرف حجم الكارثة التي وقع فيها، اغتيال الرئيس! مجرد الاتهام بهذا يضمن له الكثير والكثير من الأهوال. 

هل يوجد أسوأ من الموت؟ 

الأسوأ من الموت هو تمني الموت، قارئ رواية شيفرة بلال سيدرك هذا الأمر وكذلك قارئ يسمعون حسيسها فهو لن يدرك ذلك فقط بل سيشعر به أيضًا! وفي لحظة معينة سيتمنى أن يفارق الحياة ويهرب من قسوتها. 

الموت بالنسبة لإياد كان الأمل الوحيد الذي يمكن أن يخلصه من عذابه، فيومه في المعتقل كان عبارة عن 24 ساعة من الذل، القهر والألم الذي لا يُحتمل.

المرض أم الإهانة.. أيهما أهون؟ 

إياد كان لا يستطيع أن يقرر، هل الألم الجسدي هو الأصعب أم النفسي؟ فجودة التعذيب في المعتقل كانت فائقة، يمارسونه باحتراف مذهل، فهو يحقق أقصى درجات الألم ولكنه لا يقتل! لا يُقرب المرء من الموت حتى، لا يؤذي المعتقل بشدة، فيستعيد عافيته سريعًا ليكون جاهزًا في اليوم التالي ليُعذب مرة أخرى!

التعذيب، الحبس، الانعزال عن الشمس، الاختناق، القذارة، الطعام القليل الفاسد، الحزن والخوف، جميعها أشياء تؤدي إلى المرض، فلا يوجد شخص خرج من المعتقل بصحته! كان أصدقاء إياد من السجناء يعانون من أمراض فتاكة وكأن التعذيب لا يكفيهم!

لم أذق طعم الألم من قبل!

“غربت الشّمسُ تمامًا، ودّعنا ما ظلّ لنا من كرامة معها، وبكيتُ في أعماقي كما لم أبك من قبل” الاقتباس السابق من أشهر يسمعون حسيسها اقتباسات فهنا يصف الكاتب شعور مؤلم، وهو أن يتألم المرء للدرجة التي تجعل كل آلامه السابقة تافهة، فيشعر أنه لم يعاني، يحزن أو يبكي من قبل. 

المؤلم في المعتقل هو الذل، الإهانة، إدراك حقيقة أنك لا تملك إرادة حرة، فتتحول من إنسان إلى شيء، تتمنى لو كنت حيوانًا! ولكن تكتشف أن حتى أحقر الحيوانات مكرمة عنك! ترضى بكونك شيء حتى يأتي شخص وينظر إليك نظرة تجعلك تستيقظ وتفهم أنك لست شيئًا عاديًا، بل إنك شيء حقير كحشرة مثيرة للاشمئزاز، لن يشفق عليها أحد إذا سُحقت!

الأكثر ألمًا من الذل هو الخوف، والأصعب هو اعتياد الخوف، فأنت في المعتقل دائمًا خائف، خائف من التعذيب، خائف من المرض لأن المرضى في المعتقل لا يتم علاجهم، خائف حتى من الخروج! فكيف ستواجه العالم بعدما تم تحطيمك؟ بعدما سُحق كبرياؤك وأصبحت كتلة من الاضطرابات النفسية!

نهاية رواية يسمعون حسيسها

في سجن تدمر لا يوجد مساحة للنوم، فكان السجناء ينامون وهم جالسون، وعلى أجسادهم تزحف الحشرات، وإذا تجرأ أحد وطلب أن يخرج من الزنزانة لحظة ليتنفس، يتم تعذيبه، بعض السجناء فقدوا عقولهم، والبعض الآخر خرج عن الملة، والكارثة هي أن بعضهم انتحر!

كان إياد يحاول أن يتمسك بصبره ولا يفقد إيمانه في الله، ولكن اختباره ازداد صعوبة عندما اكتشف أن أخاه أحمد تم اعتقاله أيضًا! تمر السنين، يعتاد إياد على العذاب حتى يفقد الشعور به، يحاول أن يخفف آلام الآخرين مستخدمًا خبرته الطبية، وبعد مرور سبعة عشر عامًا، يُفرج عنه ليخبرنا عن قصته. 

رواية أيمن العتوم يسمعون حسيسها مؤلمة أليس كذلك؟ ربما أكثر ألمًا من رواية الليالي البيضاء لدوستويفسكي، ولكنها دون شك تستحق القراءة، لأنك ستتعلم منها الرضا، وستشعر بالامتنان لنعم كثيرة تنسى أحيانًا أنك تملكها.

هل ترغب في تحميل الرواية؟ 

يتساءل البعض، هل رواية يسمعون حسيسها حقيقية ؟ والإجابة هي نعم، الرواية تحكي قصة الدكتور إياد وذكرياته في المعتقل، وإن كان هذا الأمر يثير فضولك لقراءتها، فيمكنك تحميل رواية يسمعون حسيسها بكل سهولة، وذلك عن طريق الضغط على الرابط الموجود بالأسفل. 

                                                       يسمعون حسيسها pdf  

تحليل رواية يسمعون حسيسها

في السطور الآتية سنذكر بعضًا من آراء النقاد في رواية يسمعون حسيسها التي نالت إعجابهم على الرغم من أن بها الكثير من العيوب: 

1- يرى النقاد أن رواية يسمعون حسيسها قراءة عشوائية وغير منظمة، وأن القارئ يستطيع معرفة النهاية من الفصل الأول. 

2- يعتقد البعض أن أسلوب رواية يسمعون حسيسها قويًا مثل رواية ذهب مع الريح الشهيرة، ولكنه يشمل الكثير من الوصف الذي يجعل الرواية ساكنة وخالية من الأحداث. 

3- هناك بعض الأمور غير واضحة في الرواية، فمثلا لا يستطيع القارئ معرفة إن كان إياد مظلومًا أم أنه ينتمي بالفعل إلى جماعة إرهابية. 

في الختام يمكنني القول أن قراءة رواية يسمعون حسيسها تجربة لا تُنسى، وخاصة لمن يهتم بأدب السجون، فالسجن كالمرض، يكشف للإنسان ضعفه، فكم هو سهلًا أن يتعرض المرء للأذى!

ما هو تاريخ نشر رواية يسمعون حسيسها؟

تم نشر الطبعة الأولى من هذه الرواية الرائعة في شهر أكتوبر من عام 2012م.

كم يبلغ عدد صفحات رواية يسمعون حسيسها؟

عدد صفحات الرواية هو 368 صفحة، وهي ليست طويلة ولكنها لا تُعد قصيرة أيضًا.

ما هي الأعمال الأخرى لأيمن العتوم؟

أيمن العتوم له العديد من الأعمال، مثل رواية يا صاحبي السجن، رواية كلمة الله ورواية ذائقة الموت.

من هم شخصيات رواية يسمعون حسيسها؟

إياد هو الشخصية الرئيسة في الرواية، وهناك بعض الشخصيات الثانوية مثل أحمد، أبو نذير، هارون، فاروق وزوجة إياد.

مواضيع ذات صلة

فن الأراجيزفن الأراجيز

دون كيشوتدون كيشوت | اكتشف رحلة مليئة بالمغامرات والخيال العريق