الأحكام المتعلقة بـ فرض العين في الشريعة الإسلامية

فرض العين

يقول الله تعالى ((مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ۖ))، فالفرض هو الشيء الذي أوجبه المولى عز وجل على عباده، ويقسَّم إلى نوعين أحدهما فرض العين وهو ما سنلقي الضوء عليه في هذا المقال، والآخر هو فرض الكفاية، ويتأتى هذا التقسيم من تحديد مَن يتعين عليهم القيام بالفروض، وفي طيات السطور القادمة بيان ذلك.

ما هو تعريف فرض العين ؟

يعرف فرض العين بأنه الواجب الذي يطلب الشارع حصوله من كل مكلف بعينه ومن كل فرد بنفسه، كـ الصلاة والصيام والزكاة وغيرها من الفروض التي لا يحصل سقوطها عن الفرد المكلف إلا في حال تأديته لها بنفسه، بخلاف فرض الكفاية الذي تسقط فيه الفروض عن المسلمين عند تأديتها من قِبل بعض المكلفين.

يتضح لنا من تعريف فرض العين أنه مصلح شرعي يشير إلى الفروض الواجبة على كل مسلم بعينه، على وجه الإلزام لا التخيير، وهذا هو ما يميز الفرض العيني عن الفرض الكفائي الذي يكفي فيه قيام بعض المكلفين بالفرض ليسقط عن البقية.

الفرق بين فرض العين وفرض الكفاية :

لمعرفة الفرق بين فرض العين وفرض الكفاية يراعى التنبه إلى ما يلي:-

1) فرض العين متعلق بالمكلف نفسه، بخلاف فرض الكفاية الذي يتعلق بإقامة المصالح الدينية والدنيوية.

2) شرع فرض العين من أجل تحصيل مصالح متكررة كخضوع العبد لله عز وجل، أما فرض الكفاية فقد شرع لتحصيل مصالح غير متكررة.

3) الهدف من فرض العين هو امتحان العبد نفسه، أما فرض الكفاية فهو يهدف إلى تحصيل المصالح التي يستقيم بها حال الأمة.

4) لا يمكن أن يتحول فرض العين إلى فرض كفاية، لكن فرض الكفاية من الممكن أن يتحول إلى فرض عين في بعض الأحوال.

5) حكم كلا الفرضين هو الوجوب على وجه الإلزام، غير أن فرض العين واجب على كل مسلم مكلف ولا يسقط إذا قام به البعض، بخلاف فرض الكفاية الذي يسقط إذا قام به بعض المكلفين.

6) يترتب على ترك فرض العين إثم المكلف الذي لم يقم به، ويترتب على ترك فرض الكفاية إثم المكلفين جميعاً إذا لم يقم به أحد منهم.

7) يمكن أن يجبر ولي الأمر الفرد على القيام بفرض العين في حال عدم إتيانه به، بخلاف فرض الكفاية الذي لا يحق لولي الأمر إجبار الفرد على تأديته.

8) يجب إتمام فرض العين بمجرد الشروع فيه ما لم يكن هناك عذر يحول دون ذلك، بيد أن فرض الكفاية يمكن قطعه ولا يجب الاستمرار في أدائه دام أن فريقاً من المكلفين قام به وأتمه.

أبرز الأمثلة على فرض العين وفرض الكفاية :

من أبرز الأمثلة على فرض العين تأدية الزكاة وإقامة الصلاة وصوم رمضان وحج البيت والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – في بعض الحالات – وصلة الرحم وبر الوالدين وغيرها من الواجبات التي فرضها الشرع على كل مكلف، أما فرض الكفاية فمن أبرز الأمثلة عليه تأدية صلاة الجنازة وتلقي العلوم الشرعية وإقامة القضاء  والدعوة إلى دين الله والجهاد في سبيل الله وممارسة الطب وغيرها من الأمور التي تتحقق بها المصالح الدينية والدنيوية.

الأحكام التكليفية والوضعية :

تقسَّم الأحكام الشرعية إلى أحكام تكليفية وأحكام وضعية، أما الأحكام التكليفية فهي الأحكام المتعلقة بسبب ثبوت الأحكام وهو التكليف، وعادةً ما توضح الأحكام التكليفية وجود الإثم أو عدمه، ويقتضي فيها الخطاب الأمر أو التخيير، أي طلب فعل أو طلب ترك على وجه الإلزام أو الندب، بيد أن الأحكام الوضعية تركز على النفوذ وعدمه، أي أنها الأمارات التي وضعها الشارع لثبوت الأحكام أو انتفائها، أو نفوذها أو إلغائها، وتشمل الصحة والفساد والسبب والشرط والمنع.

ويكمن الفرق بين الأحكام التكليفية والوضعية في أن الأولى يشترط فيها ثبوت شروط التكليف بيد أن الأخرى لا يشترط فيها ذلك، كما أن الأحكام التكليفية تنطوي على الأوامر والنواهي أما الأحكام الوضعية فهي إخبار لا أكثر.

تعريف فرض العين

تعريف فرض العين

ما هي الاحكام التكليفية الخمسة ؟

هناك ما يسمى بـ الاحكام التكليفية الخمسة وهي الأحكام المتعلقة بأفعال المكلفين في علم اصول الفقه بما يقتضي الإلزام أو الترك أو التخيير بينهما، وبيان هذه الأحكام فيما يلي:-

1) الفرض :

أول الأحكام التكليفية الخمسة هو حكم الفرض، ويشير مصطلح الفرض في الفقه الإسلامي إلى كل ما يترتب على فعله الثواب وعلى تركه العقاب، ويطلق عليه جمهور أهل العلم اسم الواجب، باستثناء الأحناف الذين يميزون بين لفظة الفرض الواجب، ويقسَّم الفرض بحسب المكلف به إلى نوعين كما أسلفنا الذكر، فرض العين وفرض الكفاية، وقد عرفنا ما هو فرض الكفاية وما هو فرض العين، وبغض الطرف عن المكلف به فإن كل الفروض تأديتها واجبة، وإلا وقع الإثم، على الفرد أو الجماعة.

علاوةً على التقسيم السابق ثمة مَن يقسِّم الفروض بحسب الأدلة الشرعية، فيصنفها إلى فروض مثبتة بأدلة قطعية بالإجماع وفروض مثبتة بأدلة ظنية بغير إجماع.

2) المندوب :

الحكم الثاني من الأحكام التكليفية هو حكم المندوب أو المستحب، وهو مصطلح يشير إلى الأفعال التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، ويقسَّم إلى الأنواع التالية:-

أ. السنة المؤكدة، وهو المندوب الذي حث الشارع على فعله وأكد على مشروعيته، مثل صلاة الوتر وصلاة العيد.

ب. السنة العين، وهو المندوب الذي يستحب لكل مكلف أن يقوم به، كاستخدام السواك.

جـ. السنة الكفاية، وهو المندوب الذي يستحب فعله من قِبل بعض المكلفين، كالسلام.

3) المحرم :

الحكم الثالث من أحكام التكليف هو حكم التحريم المتعلق بالترك، فالمحرم أو المحظور هو ما اقتضى الشارع تركه وجوباً، وهو ما يعني أن تاركه يثاب للامتثال وفاعله يأثم لمخالفة الأمر.

4) المكروه :

المكروه في اللغة العربية هو المبغوض، وفي الفقه الإسلامي هو ما اقتضى الشارع تركه دون إلزام، بمعنى أن تركه أفضل من فعله، وأن تاركه يثاب وفاعله لا يأثم، ويرى فريق من أهل العلم أن الكراهة تطلق في بعض الأحيان على التحريم بحسب الدليل الوارد.

5) المباح :

الحكم الأخير من الأحكام التكليفية الخمسة هو حكم المباح الذي يستوي فيه الفعل والترك، فلا يثاب فاعله ولا يأثم تاركه.

ما أهمية فرض الكفاية ؟

رغم عظم شأن فرض العين إلا أن هذا لا يعني الاستهانة بالفروض الكفائية إذ إن لها دور بالغ الأهمية في نهضة المجتمعات، فمن خلالها تُلبى احتياجات الأمة وتُسد ضروراتها وتقوى دعائمها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصناعية والتعليمية وهو ما يحفز الإنتاج ويحقق العمران ويكفل المعيشة الكريمة، أي أن القيام بواجب الفروض الكفائية يضمن تحقيق المصالح العامة على الصعيد الديني والدنيوي من أجل إعمار الأرض وإقامة الخلافة.

وفي هذا الصدد قال الله عز وجل في الآية رقم 122 من سورة التوبة ((وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ))، إشارة إلى وجوب قيام بعض أفراد الأمة بفروض الكفاية حتى يُرفع الحرج عن الجميع.

ما أهم الكتب التي تناولت مسألة الأحكام التكليفية ؟

من أبرز الكتب التي تناولت مسألة الأحكام التكليفية كتاب ((الحكم التكليفي في الشريعة الإسلامية)) وكتاب ((التخيير عند الأصوليين وأثره في الحكم التكليفي)) وكتاب ((الحيل في ضوء الأحكام التكليفية)) وأيضاً كتاب ((مانع الحكم عند الأصوليين وأثره في الفقه الإسلامي)).

ما الفرق بين فرض العين وفرض الكفاية من حيث الأفضلية ؟

ذهب جمهور أهل العلم إلى أن فرض العيـن أفضل من فرض الكفاية لأن الله اعتنى به عناية بالغة وأوجبه على كل مسلم بخلاف فرض الكفاية، في حين قال بعضهم بأفضلية فرض الكفاية لأن تأديته تدفع الحرج عن الفاعل وسائر المسلمين أي أن نفعه متعدٍ.

ما الفرق بين فرض العين والواجب ؟

فرض العين والواجب في الشرع أمر واحد، يستحق فاعله الثواب ويستحق تاركه العقاب، ويسمى الواجب فرض عين إذا كان فرضاً على كل مكلف بعينه، غير أن بعض أهل العلم فرق بين الفرض والواجب فأطلق لفظ الفرض على ما كانت أدلته أقوى.

ما العمل إذا اجتمع فعلان أحدهما فرض عيـن والآخر فرض كفاية ؟

عند اجتماع فعلين أحدهما فرض عيـن والآخر فرض كفاية في الوقت نفسه ولم يكن هناك متسع للقيام بكليهما فالأولى هو تقديم فرض العين، أما إذا كان هناك متسع من الوقت للقيام بالفعلين دون خشية فوات الفرض فالأولى تقديم فرض الكفاية وفق ما ذهب إليه فريق من العلماء.

مواضيع ذات صلة

سورة الغاشية | تفسير وفوائد وأهميتها في الإسلام

من أركان الإسلام الشهادةمن أركان الإسلام الشهادة