ابراهيم ناجي | مَن تغنت سيدة الشرق بقصيدته الأطلال

لا زالت شاعرية ابراهيم ناجي ساكنةً داخل أرواحنا نائبةً عن هيكله العظمي المدفون تحت الرماد، فلا زلنا نعبر عن المشاعر الإنسانية في الحب والجفاء بأسمى الكلمات مثلما عوّدنا شاعر الأطلال.

مولد ابراهيم ناجي | مَن لُقب بشاعر الأطلال

إنه اليوم الأخير من شهر ديسمبر العظيم عام 1898م يوم شهدت فيه سجلات المواليد على ميلاد طبيب وأديب رفيع من ضواحي شبرا مصر أكبر أحياء القاهرة، ابراهيم ناجي مَن ارتبط اسمه بسيدة الشرق أم كلثوم التي أجادت كعادتها المعروفة بغناء قصيدته الأطلال التي كتبها وهو يبكي بالدموع!

نشأة مَن قال: واثق الخطوة يمشي ملكًا

ترعرع ابراهيم ناجي في عائلة منحدرة من أصول فنية عريقة تُسمى بالقصبجي، ويُختتم نسب والدته السيدة بهية سعودي عند الحسين بن علي بن ابي طالب رضى الله عنهما، أما والده أحمد ناجي فكان رجلًا مثقفًا للغاية ويعمل بشركة البرق الإنجليزية (التلغراف)، وخُصص في مقطنه مكتبةً تضم نفائس الكتب التي لطالما شجع ابنه على قرائتها وتغذية عقله بثمارها.

كما ظلّ والده حريصًا على إهدائه عشرات الكتب والدواوين الشعرية منذ صباه وكأنه رأى في نجله روح الكاتب والأديب لذا قرر تنمية تلك الموهبة المكنونة داخله.

وقع ابراهيم ناجي في حب فروع اللغة العربية منذ صغره لا سيما المطالعة، ذلك الفرع الذي ساهم بشكل كبير في تكوين هويته الأدبية حتى صار بارعًا في كتابة الشعر وهو ابن ثلاثة عشر عامًا، فكمْ كانت طفولته مثمرةً مقتصرةً على جني الثمار اليانعة!

ما بين علاج الجسمان وغذاء الوجدان | تضلع شاعر الأطلال

تخرّج ابراهيم ناجي من مدرسة الطب السلطانية في عام 1922م ليتفرغ لمهنته كطبيب يداوي آلام المرضى ويخفف عنهم ثقل أحوالهم الاقتصادية، فعمل في القسم الطبي لمصلحة السكة الحديد بإحدى محافظات الصعيد سوهاج، وهناك افتتح عيادة خصيصًا من أجل معالجة الفقراء بالمجان، وكان كثير الترحال بين محافظات الجمهورية التي دشن في كل منها مستوصفًا يعالج فيه المرضى من جهة، ومن الضفة الأخرى يمارس مهنته التي لطالما سهر الليالي لكي يبلغها.

تأثر ابراهيم ناجي خلال فترة مكوثه في مدينة المنصورة بجمالها الساحر وطبيعتها الخضراء الخلابة حيث دفعته مناظرها الفريدة إلى قول الشعر، فصار من أشهر الأطباء الأدباء الذين أعطوا الطب والأدب حقهما كـ يوسف ادريس روائي الحضر والريف وغيره من الكُتاب.

تجربة ابراهيم ناجي الأدبية | بلوغ القمة رويدًا رويدًا

لم تفصح تجربته الأولى في هذا المجال الرحيب عن قصيدة ألّفها بل عن أشعار ترجمها لكل من “توماس مور” و “ألفريد موسييه” ثم نشرها في إحدى الجرائد الأسبوعية، كما التحق إبراهيم ناجي بجماعة أبولو “المدرسة الرومانسية” التي فيها عُقد العزم على إطلاق سراح القصائد العربية الحديثة من التقييدات الكلاسيكية، وكان من أبرز روادها أبو القاسم الشابي الملقب بشاعر الخضراء.

خصائص شعر إبراهيم ناجي

اتسمت أشعار ابراهيم ناجي بصفات خلابة عدة جعلته في المقام الأول ضمن أفضل شعراء العصر الحديث، ولعل من أبرز هذه الصفات ما يلي:-

– تغنى ابراهيم ناجي بألفاظه العذبة الفصيحة في كتاباته.

– كانت ألفاظه رقيقةً ذات معانٍ عميقةٍ وخالية من التعقيد.

– تأثره بشعر الكثيرين ممن سبقوه من الشعراء الأجلاء كالمتنبي، احمد شوقي ، شكسبير.

– جُسدت المعاني الإنسانية في شعره بأسلوب بارع متقن.

– انصب اهتمامه في قصائده على الذاتية وليس كغيره من الشعراء الذين اعتمدوا الأغراض التقليدية.

ديوان ابراهيم ناجي

ديوان ابراهيم ناجي

لقد دوّن ابراهيم ناجي ديوانه بدماء القلب وليس بمداد القلم، فلم يسلم يومًا من تسطير أبرز يومياته ومواقفه الحياتية التي تعرّض لها في قصائده الشعرية، فبراعته في انتقاء ألفاظه وتطويعها بأسلوب بديع جعلت أشعاره فريدةً من طرازها، ومن أبرز محتويات ديوانه ما يلي:-

– ليالي القاهرة

– الطائر الجريح

– وراء الغمام

– في معبد الليل

قصة إبراهيم ناجي وحبيبته | الإخلاص في الحب

كمْ كان إبراهيم ناجي مخلصًا في حبه إلى هذا الحد الرحيب! حب طفولته الذي بقى خالدًا في ذهنه لسنوات عدة، ففي السادسة عشرة من عمره أحبّ ابنة جيرانه ولكن لم يدم حبهما طويلًا إذ كان للواقع رأي آخر، فدراسة الطب قد حتمت عليه الترحال بعيدًا عن محبوبته وكأنها جشعت في اعتنائه بها وحدها! وحينما عاد دياره مجددًا بعد انتهاء دراسته لم يجد حبه الذي تركه وهو مطمئن البال بأنه سيبقى بل وجد حبيبته قد تزوجت.

جبال من الآلام قد تساقطت على رأس إبراهيم ناجي حينما فقد حب طفولته على حين غرة، فظلّت الأوجاع تعتصر وجدانه حتى مرّت خمسة عشر عامًا وهو على ذات الحال موجعًا لم يمكّنه الزمان من نسيان محبوبته، وفي إحدى الليالي الظلماء طُرق بابه طرقًا شديدًا ففزع من سباته ونهض ليفتح الباب ولكنه تفاجأ برجل مسن يستغيث به ليسعف زوجته التي تلد ولادة عسرة.

ذهب إبراهيم مع هذا الرجل الذي لم يعرفه وحينما وصلا ديار الأخير كانت زوجته ملقاةً على الفراش ومغطى وجهها بحجاب وكانت تلتقط أنفاسها بصعوبة بالغة، فطلب من زوجها كشف وجهها لئلا يتوقف تنفسها ولكنه تفاجأ بها! بمحبوبته القديمة التي لا زال متذكرًا لها، وبعدما ولّدها واطمئن على صحتها غادر باكيًا يشكو أحزانه للأيام والزمان فسطّر آلامه في قصيدة أطلق عليها الأطلال، وقال في أحد أبياتها ما يلي:-

هل رأى الحب سكارى مثلنا  … كم بنينا من خيالٍ حولنا

ومشينا في طريق مقمرٍ   … تثب الفرحة فيه قبلنا

وضحكنا ضحك طفلين معًا  …  وعدوّنا فسبقنا ظلنا

مواقف عصيبة في حياة أديب الأطباء وطبيب الأدباء

– حينما بلغ إبراهيم ناجي السادس والعشرين من عمره اكتشف اصابته بمرض السكر المزمن، ذلك الأمر الذي أثار غضبه.

– عندما تعرض لحادث سيارة شنيع أدى لإصابته بكسر في منطقتي الحوض والساق.

– حينما انتقده طه حسين وعباس العقاد بعدما أصدر أول دواوينه الشعرية حيث وصف الأول شعره بالسطحية والبرود.

وفاة مَن نشأ أديبًا قبل أن يصبح طبيبًا

توفي شاعر الأطلال ابراهيم ناجي في الخامس والعشرين من مارس عام 1953م عن عمر قد ناهز الـ 55 عامًا، وهو يزاول مهنته كطبيب في عيادته تاركًا لنا إرثًا أدبيًا ناجعًا نغذي به عقولنا كلما شعرت بالخمص!

تحميل كتب إبراهيم ناجي  pdf

يرغب الكثيرون في تحميل قصائد ابراهيم ناجي شاعر الأطلال الذي حاكى المشاعر الإنسانية في أبياته الشعرية ولكنهم قد تواجههم الصعوبات جراء إغفالهم عن كيفية تحميل قصيدة الوداع إبراهيم ناجي على سبيل المثال، لذا نوفر لهم روابط تنزيل مباشرة بمجرد الضغط عليها سيتمكنون من تحميل أبرز القصائد التي منها ما يلي:-

تحميل شعر إبراهيم ناجي دراسة أسلوبية  pdf

تحميل قصيدة الاطلال ابراهيم ناجي  pdf