التعلق المرضي | الفيروس المتسلل داخل القلب

ما يبنيه الحب داخل عقول الأفراد وقلوبهم يمكن أن يهدمه الغرور والتعلق الزائد، فالمشاعر الزائدة والأحاسيس المكبوتة يمكن أن تتحول بسبب التعلق المرضي إلى حالة يصعب التعامل معها وفكرة تجول في عقل الإنسان وتدمره.

ما هو المقصود بالتعلق المرضي ؟

– يعرف بعض الدارسين التعلق المرضي ؛ بأنه حالة نفسية عاطفية تحدث لمجموعة من الأشخاص الذين يجدون في أنفسهم رغبة في التعلق الزائد ونسيان الذات وعدم تقديرها، وترتبط ارتباطًا كبيرًا بالتصرفات والأفعال التي نقوم بها في حياتنا اليومية.

– جاء في مفهوم التعلق المرضي؛ أنه حالة من الميل الشديد نحو الشيء بحيث ينخرط الشخص فيه ويفقد ذاته واستقلاليته، ويصبح متعلقًا
بشدة بهذا الشيء.

– تضمن بحث نظرية التعلق لجون بولبي pdf على مفهوم شامل للتعلق المرضي وهو؛ أنه نزعة فردية تنشأ داخل كل إنسان وتحفزه على إقامة علاقة عاطفية مع بعض الأشخاص المهمين في حياته، وتبدأ هذه النزعة معه من ولادته وحتى ينتهي عمره.  

أبرز أعراض التعلق المرضي :

عندما يقع على مسمعنا كلمة التعلق المرضي نربطها فورًا بالحب والإدمان العاطفي الذي يجعل الشخص مهْووسًا بالشريك الآخر ويفعل أي شيء من أجله، ويتجنب فكرة الاهمال في العلاقة بحيث يظهر له اهتمامه وحبه الشديد له، وتظهر بعض العلامات على الشخص المتعلق نذكر منها الآتي:

1- ضمن علامات التعلق بشخص أو الشريك الآخر هو تذكر جميع كلماته وأفعاله بشكل مستمر والعجز التام عن نسيان كل شيء يخصه.

2- إدخال الطرف الآخر في كافة أمور حياته ومشاركته جميع القرارات المهمة وغير المهمة والأخذ بما يقول دائمًا.

3- يصنف الكثير من الباحثين الإحساس بالخوف الشديد من فقدان الشخص أو الشيء ضمن أهم اعراض التعلق بشخص وأبرز العلامات التي تؤكد الحالة المرضية.

4- يعاني الشخص المتعلق من اختلاط الأفكار والتلعثم عند الحديث، وبالتالي فقدان القدرة على توصيل أفكاره بطريقة صحيحة.

5- تمركز محبته واهتمامه على الشريك الآخر فقط، نظرًا لاعتقاده السائد بأنه هو الوحيد الذي يقدم له الحب والرعاية.

6- إهمال النفس وعدم تقديرها بشكل سليم بسبب الاهتمام المبالغ فيه بالآخرين.

أنماط التعلق المرضي :

لا يمكننا العيش بمفردنا أو التغاضي عن أهمية العلاقات الاجتماعية والإنسانية التي نستمد منها طاقتنا، ولكن قد يكون من الأفضل أن نحيا بمفردنا بدلًا من الدخول في العلاقات السامة التي تكلف المرء منا حياته وراحته وتدفن ذاته، إلا أن الأمر ليس بهذه السهولة فيقع الكثير منا ضحية للتعلق المرضي الذي ينقسم إلى الأنواع الآتية:

أولًا: التعلق الآمن

ينتمي إلى التعلق الآمن الأشخاص الذين يتمتعون بمقدار كبير من الثقة بالنفس وقدرة عالية على التحاور وإدارة العلاقة في الاتجاه الصحيح والسيطرة على قاعدة التفاعل، كما يملكون بعض المهارات التي تجعلهم مقبولين اجتماعيًا.

ثانيًا: التعلق المتجنب

ضمن انواع التعلق السائدة؛ تجنب الطفل لأمه وإظهاره نوع من الجفاء تجاهها بحيث يظهر إهماله وعدم اهتمامه بما تفعله من أجله وكذلك بيان عدم السرور عند عودتها، ويكون ذلك بسبب ابتعادها عنه لفترة أو قيامها بشيء عكس توقعاته.

ثالثًا: التعلق المتحير

يقوم الطفل بعمل سلوكيات متناقضة تجاه الأم أو الأشخاص المحيطين به، فنجده تارةً يحرص على البقاء بجانب أمه والالتصاق بها بشدة، وتارة أخرى يرغب في الابتعاد عنها وتجنب الحديث معها، وينتج عن ذلك السلوك الغامض والمحير قلة في الحركة والعجز أحيانًا عن التعبير وإبداء الرأي بشكل سليم بالإضافة إلى الشعور بالراحة ثم الإحساس بالخوف.

رابعًا: التعلق المقاوم

يمكننا القول أن التعلق المرضي يتسلل إلى داخل الإنسان من الصغر ويكبر معه بشكل ملحوظ، فالطفل الذي يرتبط بأمه ويتعلق بها بدرجة كبيرة يصبح غير قادر على اكتشاف العالم المحيط، حيث يلتصق الطفل بالأم بقوة في حالة وجودها ويهلع ويظهر حزنه الشديد في حالة عدم وجودها.

أسباب التعلق المرضي | شرارة البداية

عندما ينتفي المنطق وتحل العاطفة يصبح العقل غير قادرًا على التمييز بين الأشياء الصائبة والخاطئة، فيقال أن الحب عندما يتخلل القلب تظهر العين اهتمامها وتعمل كافة الجوارح على إظهار المحبة، ويرجع علماء النفس هذا الأمر إلى حالة نفسية تسمى بـ التعلق المرضي تجاه أشياء عدة، ويضعون الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى حدوثها، فمن أهم أسباب التعلق المرضي ما يلي:

أ- الخلافات والمشاكل العائلية

يهرب الأطفال من جو الأسرة المشحون بالطاقات السلبية والمشاكل العائلية التي تؤثر على نموهم العقلي والنفسي والجسدي إلى الأكتاف الحنونة والأشخاص الذين يقدمون لهم الحب والاهتمام والرعاية، حيث تؤثر المشاكل الزوجية على الجو العام في الأسرة وتجعل أفرادها في حاجة ماسة إلى البحث عن ملاذ آمن سواء كان صديقًا أو حبيبًا ويتعلقون به بشدة.

ب- التجاهل والإهمال

يحتاج كل إنسان إلى من يأخذه بأزره ويشد على كتفه الضعيف وينهض به إلى الأمام دائمًا ونحو الأمان والحب، فما يرغب فيه الفرد من العلاقات الإنسانية والاجتماعية التي يوجد فيها هو الرعاية والاهتمام، لذا عندما يتعرض إلى الإهمال أو التجاهل تتجه نفسه إلى معرفة أشخاص يقدمون له ما فقده.

جـ- بعض الأمراض النفسية

تسير بعض الأمراض النفسية جنبًا إلى جنب مع اضطراب التعلق المرضي ، فنجد بعض الأشخاص يبحثون عن علاقات يفرضون سيطرتهم فيها ويفرغون طاقتهم المكبوتة داخلها، وعلى النظير يبحث آخرون عن أشخاص يعتمدون عليهم في اتخاذ القرارات المهمة في حياتهم.

د- عدم الإحساس بالحب والحنان

يضع أغلب الباحثين والدارسين النفسيين عدم شعور الفرد بالحب والحنان ضمن أهم أسباب التعلق بشخص ، حيث عندما يفتقد الشخص العاطفة والحنان من بيئة تكوينه الأولى بسبب الخلافات الموجودة داخلها، يسعى إلى إيجاد من يمده بالعون خارجها.

هـ- عدم التعبير عن المشاعر

لا يمكن أن يبقى الإنسان صامتًا طوال الوقت وعاجزًا عن التعبير عن ما يشعر به، فهو عبارة عن كتلة كبيرة من المشاعر والأحاسيس، لذا نجد الأشخاص العاجزين عن التعبير عن مشاعرهم أكثر عرضة لاضطراب التعلق المرضي أو كما يطلق عليه البعض اضطراب التعلق عند البالغين الذي يبدأ معهم من الصغر بسبب وجودهم في علاقات غير صحية مع الوالدين أو الأصدقاء.

و- التعرض إلى المواقف المحرجة والصعبة

يتعرض الكثير من الأشخاص كل يوم إلى مواقف حرجة وصعبة تفقدهم الثقة بالنفس وتدفعهم إلى الإختباء عن عيون الناس، لذا نجد أغلبهم أكثر عرضة لاضطراب التعلق المرضي  فعندما يتعرض الفرد مثلًا إلى العنصرية والتفرقة على حسب اللون أو العرق يميل إلى من هم مصدر أمان بالنسبة له ويتعلق بهم بشكل كبير.

كيفية التغلب على التعلق المرضي :

قد يتلاشى الحب ويبقى التعلق بالمحبوب، حيث إشارة الدكتورة النفسية (إيمان عبد الله) إلى تلك النقطة قائلة: من المهم أن يعرف الشخص الذي يحب أن التعلق هو أصدق علامات الحب ويترتب عليه نشأة العلاقات القوية بين الأفراد، ولكن الأمر الأكثر أهمية هو معرفة أن الشيء إذا زاد عن حده انقلب ضده، فمن الممكن أن ينقلب هذا الحب إلى حالة نفسية يطلق عليها التعلق المرضي .

وحينها يحتاج المرء إلى السير على خطة علاج التعلق بشخص في علم النفس على يد من يعرفون الطرق الصحيحة للتغلب على هذا الشعور عن طريق إجراء اختبار التعلق المرضي وعمل بعض الخطوات الأخرى.

بعض الإرشادات والخطوات للتخلص من التعلق:

– يجب على الآباء والأمهات تربية الطفل على تقبل فكرة الفقد، فأحيانًا يشعر الطفل بصعوبة بالغة في تقبل هذه الفكرة والعيش معها بسبب تعلقه بالشيء الذي فقده مثل لعبة أو حيوان أو شخص عزيز، لذلك يصبح من المهم أن نركز على تلك النقطة عند تربية الطفل منذ الصغر ونخبره بأن هذا الأمر طبيعي.

– إن من أحسن الطرق التي تساعدك في التغلب على التعلق المرضي هي استبدال الشيء أو الشخص المتعلق به بأشياء أخرى مفيدة تكون ذات تأثير جيد، وتساعد على ملئ الفراغ الموجود في حياتك وتلهي عقلك وتفكيرك عن ما فقدته.

– قد يكون التخلص من المشاعر السيئة والطاقة السلبية من أصعب الأمور التي يقبل عليها المرء المتعلق، ولكن الأمر قد يصبح ممكنًا إذا قمت بعمل بعض تمارين التنفس التي تساهم بشكل كبير في تفريغ الشحنات السلبية الموجودة داخلك، حيث تعتمد تلك التمارين على التنفس البطئ قبل الخلود إلى النوم بحوالي 10 دقائق بشكل يومي.

ما هي مراحل التعلق المرضي ؟

ينقسم التعلق المرضي إلى عدة مراحل وهي؛ مرحلة ما قبل التعلق ومرحلة تكوين التعلق ومرحلة التعلق الواضح، ومرحلة تشكيل العلاقات التبادلية.

ما هي نتائج اضطراب التعلق المرضي؟

تؤدي الإصابة بالتعلق المرضي أو العاطفي إلى ضعف التركيز وانخفاض مستويات الأداء على جميع الأصعدة وفقدان الثقة بالنفس.

ما هو التعلق الطبيعي؟

هو سياق طبيعي للعلاقات الإنسانية أو الاجتماعية السوية يقوم على الحب وتبادل المشاعر والرعاية.

ما هي أهم مضاعفات التعلق العاطفي؟

يذكر علماء النفس بعض المضاعفات التي تحدث للفرد بسبب التعلق الزائد وتتمثل في الإصابة بالأمراض العضوية والتأثير الملحوظ على الحياة العملية والاجتماعية.

مواضيع ذات صلة

اداب التعامل مع كبار السنمعلومات عن اداب التعامل مع كبار السن

فوائد واضرار القهوةفوائد القهوة لصحة الجسم | وأضرارها للرجال والنساء