ما الفرق بين الغيبة والنميمة في المعنى والعقاب؟

الفرق بين الغيبة والنميمة

قبل أن نتطرق بالحديث إلى موضوعنا المحوري لليوم وهو الفرق بين الغيبة والنميمة في شريعتنا الإسلامية، سوف نتحدث أولاً عن أوجه التشابه بين تلك الآثام، فالخطايا حقاً قد تتعدد ثيابها ولكنها أبداً لا تستر العباد يوم الميقات المعلوم، والذنوب وإن اختلفت أفعالها فإنها تثقل حساب المؤمن عند ربه وتمحي من كتابه آثار سعيه الحق في الدنيا، لذا يجب علينا أن نرتدي عباءة التوبة قبل الأكفان ونتيقن أن الغيبة والنميمة بلية يرفعها البارئ عنا، ولكن في حال تركنا ضمائرنا تعيدنا إلى تلك الفطرة السوية التي خلقنا المولى –عز وجل- عليها.

الفرق بين الغيبة والنميمة وبين البهتان

إن ذكر الفرق بين الغيبة والنميمة والافتراء على الناس في السطور القادمة لا يعني أن هناك ذنباً منهم أقل وطأة من الآخر، فتلك الصفات الذميمة لا يصح أن يتصف بها أبناء الدين الإسلامي أبدًا وملازمتها لبعضهم يعني أن هناك خللاً ملحوظاً في بنيانهم الأخلاقي، ويمكن للجميع مراجعة كتاب الرحيق المختوم للتعرف على صفات شخصية نبي الأمة –صلى الله عليه وسلم-، التي يجب أن نحتذي بها كالصدق والقول الطيب.

قد يساعد معرفة الفرق بين الغيبة والنميمة والبهتان الأشخاص في إدراك الحالات التي أدت بهم للوقوع في تلك الذنوب، مما يعطيهم فرصة للتوبة عن تلك الأمور وعدم تكرارها مرة أخرى في المواقف القادمة، ولعل أبرز الفروق التي تُظهرها تعاليم الدين الإسلامي لنا بين الغيبة والنميمة والبهتان ما يلي:

1) معنى الغيبة

يتضح لنا معنى الغيبة في حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الذي يقول في أوله ” أتدرون ما الغيبة؟ قالوا.. الله ورسوله أعلم، قال| ذكـرك أخـاك بمـا يكـره”، فالغيبة هي إلصاق السوء بالناس أثناء غيابهم عن المجالس التي يدور في كنفها الكلام، ويتم احتساب ذم الشخص لغيره بالكلمات أو بالإيماءات غيبة حتى وإن كان هذا الشيء حقيقياً عنه.

2) المعنى الاصطلاحي لكلمة النميمة

يظهر الفرق بين الغيبة والنميمة في المعنى الاصطلاحي لكليهما، حيث إن الغيبة مشروطة دوماً بعدم تواجد المغتاب في المجلس وحديث الطرف الآخر عنه بالسوء، أما النميمة فتعني وجود شخص ثالث يقوم بنقل الحديث على لسان أصحابه، بمعنى أن هذا الشخص يقوم ببث الكراهية في النفوس عن طريق نقل الكلام المسيء من إنسان لآخر دون درايتهما بهذا الأمر.

3) ما هو البهتان؟

يقول النبي –صلى الله عليه وسلم- في حديثه (من قـال في مؤمـنٍ ما ليس فيه أسكنه اللهُ رَدْغَةَ الخَـبالِ حتَّى يخرُجَ ممَّا قـال)، وهذا يوضح لنا شدة العقاب الذي يُجازي به الله –عز وجل- عباده على الذنب العظيم الذي يقترفه الإنسان حينما يفتري على غيره بالكذب، فالبهتان يعد إحدى الكبائر التي تم ذكرها في العديد من كتب التفسير الدينية، كونه يعني اختلاق الشخص أحاديثاً كاذبة عن شخص آخر ويقوم بترويجها عنه بالزور.

هل للغيبة أنواع مختلفة؟

يكمن الفرق بين الغيبة والنميمة أيضًا في وجود بعض الحالات التي يسمح فيها الدين للأشخاص بالغيبة، على عكس الفتنة التي تعد بجميع أشكالها معصية كبيرة ولا يصح للمؤمن الوقوع في فخها مهما كانت مغريات النفس الأمارة بالسوء، ولعل أبرز أنواع الغيبة التي فسر لنا علماء الإسلام طبيعتها وأحكامها تتضمن ما يلي:

أولاً: الغيبة المحرمة

يقول الله –عز وعلا- في كتابه العزيز (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)، وتعبر تلك الآية الكريمة عن الفعل الذميم الذي يقوم به المسلم حينما يذكر أخاه في غيابه بما يكره، فالله –سبحانه وتعالى- نهانا عن الغيبة المحرمة كونها أشد أنواع الغيبة شراً على النفس البشرية، وذلك بسبب تأثيرها السلبي على خُلق الإنسان وعمله في الدين والدنيا.

ثانياً: الفرق بين الغيبة والنميمة من حيث الوجوب

هناك بعض الاستفسارات التي يتلقاها العلماء حول الفرق بين الغيبة والنميمة من حيث وجوب كليهما، والحقيقة أن النميمة لا يمكن اعتبارها من الأمور الواجبة كونها تسبب فساد دين المسلم في جميع الأحوال، أما الغيبة فيمكن اعتبارها واجبة في بعض النقاط كالتالي:

1) التحذير: يمكننا اللجوء إلى الغيبة لحماية أحداً ما من مصيبة قد يقع بها، أو لتحذيره من شخص يريد له الشر والأذى.

2) إعطاء النصيحة: تجوز الغيبة في حالة إسداء النصيحة للشخص عند إقباله على الزواج أو على أمر مهم في الحياة.

ثالثاً: ما هي الغيبة المباحة ؟

إن شريعة ديننا الحنيف دائماً ما تيسر علينا أمور الحياة ولا تعسرها، لذا نجد أن هناك حالات يحل بها الدين بعض الأشياء المحرمة كالربا، فالجميع يعلم ما هو الربا وما شدة حرمانيته ومع ذلك فربا النسيئة جائز، والغيبة أيضًا التي يجب على المسلم صد لسانه وسريرته عنها قدر المستطاع يمكن أن تكون مباحة ولكن في مواضع شرعية محددة، ووفقاً لما قاله المُحدّث والفقيه (النووي) فإن الشريعة تبيح الغيبة للمسلمين في ستة أبواب كالتالي:

1) التظلم: فمن الجائز أن يقوم (المظلوم) بالحديث أمام من يتولى التحقيق عن الشخص الذي قام بسلبه حقوقه.

2) الاستعانة بالغيبة على تغيير المنكر: وهنا يبيح الشرع للأفراد ذكر الصفات المذمومة في الإسلام لرد بعض الأشخاص عن المعاصي التي يرتكبونها.

3) الاستفتاء: ومعناه أن يستفتي الإنسان أحد العقلاء في ظلم الآخرين له، كظلم (الأب، الأخ، الزوج، الزوجة) على سبيل المثال.

4) تحذير المسلمين من شر المعاصي والكبائر: ويمكن اعتبار هذا الأمر أيضًا غيبة واجبة.

5) غيبة المجاهر بمعصيته: على الرغم من أن الفرق بين الغيبة والنميمة قد يكون موضع جدال بين بعض الفقهاء، إلا أن جميعهم قد اتفقوا على أن صاحب البدعة، الفاسق، والمجاهر بالذنب الذي يفعله لا عرض لهم ويجوز اغتيابهم.

6) التعريف: إذا كان الشخص يُلقب ببعض الأسماء المكروهة مثل ( الأعمى، الأعرج، الأعمش، الأحول)، فلا حرج على من يذكره بها في حديثه لأن تلك الصفات مرتبطة بتعريفه وليس المقصد منها ذم صاحبها.

كفارة الغيبة

لا شيء يُثلج صدر المؤمن الأواب بقدر معرفته أن خالقه لا يوصد أبواب الصفح أمام عباده أبدًا، فكل ذنب سوى الشرك بالله –سبحانه وتعالى- يمكن التوبة عنه، وجميع الذنوب مغفورة بإذنه حتى ذنب الغيبة الذي يتعلق بعفو الذين تم اغتيابهم، حيث إن الفرق بين الغيبة والنميمة قد يتعلق بطبيعة الذنب نفسه وليس بالعفو الإلهي عن فاعله في حال عزوفه تماماً عن هذا الأمر.

إن كفارة المجلس قد تكون إحدى السبل التي يمكن للإنسان اتباعها حتى يكفر عن ذنب الغيبة، لكن الشرط الأساسي للتوبة من تلك المعصية هو الندم الصادق عليها، ويجب أيضًا على المغتاب أن يُحسن إلى الشخص الذي أساء إليه في غيبته حتى يُكفر عن إساءته إليه في غيبته أيضًا، كما أن آراء العلماء تؤكد أن الكفارة للغيبة تختلف مواضعها على حسب معرفة الشخص بها من عدمه كما في السطور التالية:

1) معرفة الشخص أن أحداً قام بالتحدث عنه بالسوء في غيابه تمكنه من أخذ حقه كما شاء، ويجب على الشخص الذي اغتابه أن يقوم بطلب العفو منه.

2) إذا لم يصل إلى علم الرجل أنه تم اغتيابه، فالاستغفار له في تلك الحالة هو الكفارة للغيبة وفقاً لرواية (أنس بن مالك) عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- (إنَّ مِنْ كَفَّارَةِ الْغِيبَةِ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِمَنْ اغْتَبْته تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلَهُ).

هل ذكر المواقف غيبة في الإسلام؟

إن ذكر المواقف لا يعد غيبة في حال لم يتم ذكر أسماء محددة بحسب ما رواه العلماء والله أعلى وأعلم.

إلام ترجع أسباب الوقوع في الغيبة؟

قد يقع الإنسان في الغيبة لضعف إيمانه بالله أو ليلصق بأحدهم صفاته الذميمة، وترجع تلك الأسباب إلى نشأة الشخص في بيئة لا تفقه التعاليم الدينية الصحيحة.

ما هو الفرق بين الغيبة واللمز؟

إن ذنب الغيبة قد يقع فيه المسلم بلسانه أو بقلبه، إنما اللمز يعني قيام الشخص بالتحدث عن الآخرين بلسانه.

هل للغيبة تأثير على المجتمع؟

نعم، فالغيبة لها تأثير بالغ الخطورة على المجتمع حيث تساعد على شيوع الكراهية والحقد بين أفراده.

مواضيع ذات صلة

معركة-نهاوندمعركة نهاوند | أعظم معارك المسلمين وأشدها قوة

صلاة الخوفمتي يجب تأدية صلاة الخوف ؟