توفيق الحكيم | مؤسس فن الدراما المسرحية

توفيق-الحكيم

“إذا أردت أن تصمد للحياة فلا تأخذها على أنها مأساة” فالحياة لن تتغير بين يوم وليلة ونظرتك البائسة للأمور ستظل تلاحقك إذا لم تحاول تغييرها بنفسك، فجاءنا الكاتب والأديب العربي توفيق الحكيم بأقوال رائعة ومعانِ سامية من خلال تجربته الحية التي عاشها في صغره بين طبقتين مختلفتين، ليخرج بكل هذا الجمال المنسدل بين أوراق كُتبه.

من هو توفيق الحكيم ؟

هو أحد رواد الأدب العربي المتميزين، ويعتبر المؤسس لفن من أعظم الفنون المسرحية وهو (فن الدراما)، حيث استطاع هذا الكاتب أن يكرس حياته للكتابة فترك عمله وانشغل بعمل المسرحيات الدرامية التي كانت من أهمها (أهل الكهف) و(محمد) التي تعد أكثر أعماله جرأة، وما أجمل أن تقرأ أيضًا بعضًا من أشعار أبو القاسم الشابي العاشق المرهف.

ولد الكاتب الحكيم في أحد الأحياء في مدينة الإسكندرية عام 1903 ميلاديًا لأسرة تجمع بين أب من أصل مصري يعمل فلاح في مزرعته التي تقع في محافظة البحيرة وأم من أصل تركي، فعاش توفيق الحكيم بين تقلبات مختلفة جعلت منه الكاتب الذي نستمتع بأعماله اليوم.

حيث أرادت والدته أن تكون شخصيته على حسب الطابع التركي والمستوى الرفيع ففعلت ذلك بطريقة غير لائقة وبأسلوب لا يفهمه طفل في مقتبل عمره، فانقلب من صغير يضحك ويمرح إلى منعزل ووحيد ولكن كان لهذا الفضل في تكوين شخصية خاصة به.

حياة توفيق الحكيم :

بدأت أعين توفيق الحكيم تتفتح على الدنيا التي جمعته بوالدين من أصول مختلفة وعقليات أبعد ما يكون عن بعضها البعض، فأبيه هو إسماعيل الحكيم من طبقة الفلاحين الساكن في البحيرة التابعة لعروس البحر(الإسكندرية)، أما أمه فهي من أصل تركي والتي أرادت بشدة أن ينخرط ابنها وزوجها في حياة المدينة ويبتعد عن عيشة الفلاحين ونجحت في ذلك بالفعل وكانت في غاية السعادة.

فتمكنت أخيرًا من تغيير حياة زوجها وأبنها، إلا أن الفطرة التي نشأ عليها إسماعيل الحكيم غلبت على شخصيته وطباعه، فتمرد على هذه العيشة الجديدة التي جعلته يحيى في صراع دائم انعكس على حياته الزوجية، وكان لكل هذا أثر نفسي على توفيق ليرسم طريقًا خاصًا له في مخيلته فقط، فلم تكن الألعاب تستهويه كغيره من الأطفال.

استطاع كاتبنا المخضرم الخروج من حياة الارستقراطية التي يعيشها إلى المرح مع بعض الأفراد خلال فصل الصيف، وذلك بسبب مشاركته مع الفرقة الموسيقية التي كانت مرتبطة بعائلته وكان أفرادها ينزلون عندهم صيفًا، حيث كان توفيق يجالسهم في الطعام والغناء ويشاركهم المرح والفرح وهو ابن السادسة، فكانت لتلك الفرقة الفضل في خروجه من انعزاله إلى العالم الواقعي الذي كان مبتعدًا عنه طيلة الفصول الثلاثة الباقية من السنة.

السر وراء لقب توفيق الحكيم :

يعود السبب وراء هذا اللقب أنه عارض الفكرة التي كانت تصبها السيدة هدى الشعراوي في عقل المرأة المصرية وخصوصًا الفتيات، بأنها حذرتهن من الاستمرار بحياة الجواري والامتناع عن خدمة الزوج في البيت، حيث اشتكى له بعض الرجال من تفكير الزوجات حيال هذا الأمر وأن الحياة مبنية على المشاركة والتعاون، إلا أن استجابة هدى الشعراوي كانت جيدة فقالت: على الأقل يجب أن تعرف الزوجة الحديثة كيف تعد الطعام لزوجها.

تميز الكاتب احسان عبد القدوس بالحبكة الدرامية في رواياته مثلما فعل توفيق الحكيم الذي اشتهر بأسلوبه الفريد والراقي الظاهر في كتاباته التي بلغ عددها حوالي 100 مسرحية و62 كتابًا وترجم العديد منها إلى لغات كثيرة منها الفرنسية والإيطالية والإنجليزية، وعلى الرغم من الإنصاف الحي للمرأة في كتاباته ومساندته للقضايا القومية ونشر العدل الاجتماعي بين الجنسين وتأكيد مبدأ الحرية والمساواة، ولكنه اشتهر بلقب “عدو المرأة” حتى بعد وفاته.

أكثر روايات توفيق الحكيم انتشارًا:

يعتبر توفيق الحكيم أحد أبرز رواد الأدب المصري الحديث، فهو من القلائل الذين اهتموا بالرواية العربية والكتابة المسرحية، فكان له تأثير ملحوظ في حياتنا الأدبية والفكرية والثقافية في وطننا العربي الذي امتد إلى يومنا هذا بين الأدباء والمبدعين، حيث يعتبر رائد المسرح الذهني ومؤسس فن من أهم الفنون المسرحية وهو (فن الدراما)، ليكن من بعدها واحد من أفضل الكُتاب الذين مروا على عالمنا.

أهل الكهف توفيق الحكيم

كتب الحكيم عدة مسرحيات إلا أنها لم تكن بالقوة التي عُرفت بها مؤلفاته فيما بعد ولكنها كانت علامة على تميزه ونبوغه، فبدأ كتابة أول رواية فلسفية تحت مسمى (أهل الكهف) التي استوحاها من قصص القرآن الكريم وتم تمثيلها على هيئة مسرحية، لينطلق حينها اسم توفيق الحكيم لامعًا بين الكُتاب الآخرين، ويرجع السبب أيضًا وراء الشهرة الواسعة التي حازت عليها تلك المسرحية هو ثناء طه حسين عميد الأدب العربي عليها.

تعتبر مسرحية (أهل الكهف) من مؤلفات توفيق الحكيم التي نالت شهرة واسعة بسبب ثناء العديد من الكُتاب المهمين عليها ومنهم طه حسين، حيث تتكون هذه المسرحية من أربعة فصول تجمع بين ثناياها مشاهد عن الموت ويوم القيامة والأهوال التي تحصل في هذا اليوم مثلما ذكر في القصة الحقيقية في القرآن.

وكما ذكرنا سابقًا أنها مستوحاه من قصة أهل الكهف الشهيرة في القرآن الكريم التي تحكي عن مجموعة من الأشخاص الذين هربوا من اضطهاد أهل القرية وظلمهم إلى كهف ويغشاهم النوم العميق مع كلبهم الباسط ذراعيه بالوسيط، فيستعرض الأديب الحكيم كل هذه الأحداث على هيئة أفراد يمثلون ما تقصه الآيات وحتى عودتهم إلى الحياة مرة أخرى.

توفيق-الحكيم

توفيق-الحكيم

يوميات نائب في الأرياف

جسدت رواية (يوميات نائب في الأرياف) حكايات حقيقية من وحي التجارب التي عاشها توفيق الحكيم أثناء عمله في إحدى القرى الخاصة بالريف المصري، فتدور أحداث القصة حول نائب قادم من القاهرة إلى الريف ليكتشف الكثير من الظلم والفساد الذي يحيى فيه الفلاحين تحت أنياب المأمور وكاتب النيابة اللذان يعملان تحت مسمى الحق وهما أهل للباطل.

صنعت تلك القصة فيلمًا سينمائيًا بطولة نور الشريف الذي جسد شخصية النائب، حيث فرضت عليه الحياة أن يكون متواجدًا في الأرياف من أجل وظيفته، فتُحكى الأحداث على لسانه بطريقة شيقة وساخرة ممزوجة بالفكاهة، كما ترجمت إلى أكثر من لغة مثل الفرنسية والإنجليزية والرومانية، وكتب عنها الكاتب الفرنسي “رمون فرناندير” (إنها صورة حية لما يعيشها الريف المصري من استبداد).

مجموعة من الأعمال الكاملة توفيق الحكيم pdf :

– أشعب ملك الطفيليين.

– أرني الله.

– الورطة.

– الملك أوديب.

– أهل الكهف.

– حمار الحكيم.

– الأحاديث الأربعة.

– الرباط المقدس.

– الأيدي الناعمة.

– العش الهادئ.

– تحت المصباح الأخضر.

– الطعام لكل فم.

– حديث مع الكوكب.

– السلطان الحائر.

– لعبة الموت.

– يقظة الفكر.

صاحبة الجلالة.

وفاة الأديب توفيق الحكيم :

رحل عن عالمنا يوم 26 من شهر يوليو سنة 1987 ميلاديًا أحد أفضل الكُتاب الذي جمع بين الأسلوب الرمزي والطابع الحقيقي، فأطلق العنان لخياله وتعمق في الأفكار لتتحرر على هيئة مواقف جسدتها الكلمات بشيء من البساطة الجميلة، وترك خلفه العديد من المسرحيات والكتب التي تعد عَلِمًا في الدراما المصرية خاصةً والعربية عامةً.

وشهد له العديد من الأدباء الآخرين بالتميز والعلم مثل  مؤلف كتاب تاريخ الخلفاء الذي لُقب من قبل شيخه بـ “أبو الفضل”، فقدروا فضله الكبير في تطوير الدراما العربية كأحد أهم الفنون الأدبية التي انتشرت في العالم الثقافي والدرامي، وعلى الرغم من كثرة الرموز التي استخدامها توفيق الحكيم في مسرحيتها لم تكن أبدًا معقدة أنما حملت معنى البساطة والوضوح.

بما تميز أسلوب الكاتب توفيق الحكيم؟

كان أسلوبه مميزًا وفريدًا وخالي من التعقيد والمبالغة وتميز باستخدام الرموز والمعاني التي كانت واضحة وبسيطة، حيث جمع بين الخيال والواقع.

بما وصف نجيب محفوظ الأديب توفيق الحكيم؟

ذكر الأديب نجيب محفوظ في مذاكرته بعضًا من صفات الحكيم وقال: أنه لطيف وجميل الحديث يحب الخير وخفيف الروح وأيضًا صاحب خلق ومنصف للمرأة على عكس ما قيل عنه.

ما هي أول مسرحية قام توفيق الحكيم بكتابتها؟

تعتبر مسرحية (أهل الكهف) من المسرحيات الأولى التي كتبها الحكيم عام 1933 ميلاديًا، ليكن بعدها واحد من أهم كُتاب عصره.

هل كان توفيق الحكيم (عدو المرأة) كما قيل عنه؟

كان هذا الكاتب من أنصار قضايا تحرر المرأة فناقش تلك القضية في مسرحيته الشهيرة (المرأة الحديدية) إلا أن بعض آراءه جعلته سجين تلك اللقب طول حياته.

 

مواضيع ذات صلة

أبي حنيفة النعمانالإمام أبي حنيفة النعمان | أيقونة الشجاعة بوجه الطغيان

أبو القاسم الشابيأبو القاسم الشابي : سيرة الشَّاعِر الثَّائِر والعاشِق المرهف