حاتم الطائي | أكرم العرب وأمهر شعرائها

حاتم الطائي

شاعر عملاق في رحاب السماء، وجواد لا يضاهيه أحد في كرمه، إنه حاتم الطائي الذي إذا تحدث كان كلامه شعرًا يؤثر العقل، وإذا سُئل كان أجود الناس يعطي بغير حد، فصار بين الناس معروفًا بجوده، وتناقلت أخباره حتى ضرب الناس به المثل في الكرم.

نبذه عن حاتم الطائي

كان حاتم الطائي أفضل شعراء العرب وأقدرهم على تنظيم الشعر، وكان أكرم الناس في العطاء والبذل لكل غالٍ ونفيس، اسمه حاتم بن عبد الله بن آل فاضل بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن أبي أخزم هزيمة بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيء الطائي، فكان فردًا من أفراد قبيلة طئ ثم أصبح أميرها.

أما أمه هي عتبة بنت عفيف بن عمرو بن أخزم وكانت معروفة بالجود والسخاء، ومنها تعلم ابنها الكرم فكان كريمًا حد البذخ المفرط، حيث إنه في بعض الأوقات ذبح كل ما لديه من أجل إطعام قبيلته، وهذا الموقف يشبه موقف ابو بكر الصديق عندما ضحى بكل ماله من أجل الله ورسوله.

وقد ولد في جبال نجد في العصر الجاهلي قبل مجيء الإسلام، وكان ذلك في القرن السادس الميلادي، تربى حاتم الطائي وسط قبيلته حيث تكفل برعايته جده حتى بلغ مبلغ الشباب فأصبح مسئولًا عن رعاية الإبل، وعندما اشتد وأصبح قادرًا على السفر ذهب إلى الشام، وهناك تعرف على ماوية بنت حجر الغسانية وتزوجها، وكان له من الأولاد أربعة، ثلاثة من الذكور وهم شبيب وعدي وعبد الله، وبنته تدعى سفانة، وبها كان يكنى.

كرم حاتم الطائي وقصة زواجه

كان كرم حاتم الطائي سببًا في الظفر بماوية، فقد كانت ماوية ابنة أحد ملوك اليمن، وكانت تشتهر بالجمال والمال والذكاء، وكان مما عرف عنها أنها كانت تريد زوجًا كريمًا، وعندما ذهب إليها حاتم الطائي لخطبتها وجد عندها رجلان آخران لنفس السبب، فاشترطت عليهم أن يكتبوا شعرًا يتحدث عن الكرم، وأخبرتهم أنها ستتزوج بأكرمهم وأشعرهم.

وقامت بعمل حيلة حتى تتأكد من كرمهم، فارتدت ثياب جارية وذهبت إليهم في الليل، وتركت الباب على كل شخص منهم وطلبت الطعام، فأعطاها الرجلان ذيل الجذور، وعندما ذهبت لحاتم الطائي أعطاها أفضل ما في الجذور.

ثم جاء الصباح، واجتمع الثلاثة في مجلسها، وطلبت منهم إنشاد الشعر الذي نظموه لها، فأنشد كل منهم شعرًا رائعًا، وبعد الانتهاء من إنشاد الشعر، أمرت الجارية فأحضرت الطعام الذي حصلت عليه ماوية منهم، وعندما شاهد الرجلان الطعام استحيا من فعلتهما فتركا المجلس، فقامت ماوية باختيار حاتم الطائي زوجًا لها.

كرم حاتم الطائي

كرم الطائي

شاعر جواد وفارس مغوار

عندما يتم ذكر اسم حاتم الطائي يٌذكر معه الكرم الذي لا حد له، والشجاعة التي يضرب بها المثل، فهو سيد من سادات طيء، يغلب عليه العفة والأخلاق القويمة، فهو رجل مضياف يرحب بضيفه ويظل في خدمته حتى يخرج من منزله.

فكان حاتم الطائي من أمهر شعراء العرب، فعرفت عنه بلاغته الشعرية، حيث إنه حصل على تعليم وتثقيف الأمر الذي جعله فصيح اللسان، وكان يتحدث في شعره عن الجود والعفة والصدق، فكان يرى أن هذه الصفات رمزًا يجب أن يُعرف بها أي رجل سوي الفطرة.

كما أن شعره كان من الأشعار التي امتلأت بالفخر والعزة بنفسه وبكرمه، فكان كثيرًا ما يتحدث عن كرمه ويفتخر بهذا الأمر، ومن أجمل الـ كلام عن عزة النفس وقوة الشخصية والكرم التي جاءت في أشعار الطائي:

وإنّي لَعَفُّ الفَقرِ، مُشترَكُ الغِنى….. وردك شكل لا يوافقه شكلي.

وشكلي شكل لا يقوم لمثله ….. من النّاس، إلّا كلُّ ذي نيقة مثلي.

ولي نيقة في المجدِ والبذل لم تكن ….. تألفها، فيما مضى أحدٌ قبلي.

وأجعلُ مالي دون عرضي، جنةً ….. لنفسي، فاستغني بما كان من فضلي.

ولي معَ بذلِ المالِ والبأسِ صَولةٌ …. إذا الحرب أبدت عن نواجذها العصل.

وما ضَرّني أن سارَ سَعدٌ بِأهلِهِ ….  وأفرَدَني في الدّارِ، ليسَ معي أهلي.

روايات مشرقة حول كرم حاتم الطائي

إن قصة حاتم الطائي في الكرم هي قصة تدور حول العطاء والبذل الذي كان يتميز به، فكان يعطي ولا يخشى من الفقر، ويكرم الضيف دون تردد، فكان منزله مفتوحًا لا يُغلق في وجه أي إنسان، فكان حاتم الطائي مقصدًا لمن اشتد به الفقر، وأصابه القحط، فكان يغيث الملهوف ويُنقذ من يلجأ إليه، وكان أفضل كلام عن الرجولة والشجاعة دائمًا ما يتردد على لسانه، حيث إنه يرى أن الرجولة تتطلب منه مزيد من الكرم والشجاعة.

ومن أروع ما روي عن كرمه تضحيته بنفسه في مقابل إنقاذ شخص استنجد به، حيث يحكى أنه كان في سفر، وأثناء هذا السفر مر على قبيلة تدعى “عنزة”، والتي كانت تأسر شخصًا ما، فطلب الأسير من حاتم أن ينقذه، فأراد أن يفعل ولكن لم يكن معه مال كافٍ، فطلب حاتم منهم أن يجلس هو مكان الأسير حتى يذهب إلى قبيلته ويأتي بالفدية، وظل حاتم بدلًا من الأسير حتى جاء بالفدية، فضرب أروع الأمثلة في العطاء، فهو لم يبذل مالًا وإنما بذل نفسه لمن استنجد به.

كما أن تعامله مع قومه في وقت المجاعة لهو مثال حي على شدة سخائه، حيث يذكر أنه مر هو وقومه بقحط شديد الأمر الذي أدى إلى عدم مقدرة أي شخص على إطعام أولاده، وذات ليلة من ليالي هذا القحط اشتكت زوجة حاتم من الجوع الشديد الذي أصاب أولاده ولكنه لم يكن يملك أي طعام ليسد به جوعهم، وهو على هذا الحال جاءت إليه امرأة بأولادها تطلب منه الطعام، فوعدها بأن يوفره لها ولأولادها.

ثم ذهب إلى فرسه فذبحه، وقام بتجهيزه من أجل المرأة وأولادها ومن أجله هو الآخر وأسرته، إلا أن حاتمًا لم يحب هذا الأمر بل قام ونادى على قومه كلهم لينالوا حظهم من الطعام، وظل هو ينظر إليهم وهم يتناولون الطعام ولم يتذوق أي قطعة لحم.

وفاة حاتم الطائي

إن كرمه قد تجاوز الحد حتى عرف بأكرم العرب، وقد توفي في عام 46 هـ  وتم دفنه في جبل عوارض، ويذكر أنه مات على الديانة المسيحية إذ إنه مات قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن أولاده أسلموا، وكان ابنه عدي من صحابة رسول الله كـ عثمان بن عفان وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الله بن عمر، وكان قريبًا من الرسول صلى الله عليه وسلم ويجلس معه كثيرًا.

ويذكر أن كرم الطائي قد ظهر بعد موته، حيث يحكى عن بعض رجال العرب أنهم ذهبوا إلى قبره وقام واحدًا منهم يتحدث مع الطائي وهو ميت، وأخبره أنه يريد منه أن يساعده وأن يعطيه المال، وظل يذكره بكرمه حتى نهره أصحابه وقالوا له كيف تتحدث مع إنسان ميت وأن هذا الأمر ليس من شيم الرجال.

وعندما نام الرجل جاءه الطائي في المنام وأنشده بعض الأبيات الشعرية، ففزع الرجل من نومه، وقص على أصحابه ما رآه، وعندما همّ وهو أصحابه بالانصراف جاءهم عدي بن حاتم وأخبر الرجل بأن أباه قد أتى له في المنام وأخبره أن يعطيه ناقة بدلًا من ناقته التي ذبحها.

من هو حاتم الطائي ؟

هو واحد من أشهر شعراء العرب وأكرمهم، يدعى حاتم بن عبد الله بن سعد بن آل فاضل بن امرئ القيس بن طيء الطائي، ويكنى بأبي سفانة، وقد كان يضرب به المثل في الكرم والعفة، وقد ولد في القرن السادس الميلادي، وتوفي قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.

هل حاتم الطائي شمري ؟

لا، لم يكن حاتم الطائي من قبيلة شمر بل كان من قبيلة طيء.

ماذا قال الرسول عن حاتم الطائي ؟

كان عدي ابن حاتم الطائي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء عنه أنه قال ((قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبي كان يصل الرحم ويفعل ويفعل فهل له في ذلك - يعني: من أجر؟ قال: إن أباك طلب شيئاً فأصابه)).

ما هي أفضل القصائد الشعرية في ديوان حاتم الطائي ؟

حاتم الطائي من أقدر العرب على تنظيم الأبيات الشعرية ومن أجمل أبيات قصائده ((كريمٌ لا أبيتُ اللّيلَ جادٍ ..... أعدّدُ بالأناملِ ما رُزيتُ)).

مواضيع ذات صلة

الامام مالكالامام مالك | سيد الأئمة وحُجة الأمة

 مالك بن دينار مالك بن دينار | أحد أعلام التابعين الأخيار