حديث حرم على النار كل هين لين – الأثر الروحي والمعاني العميقة

حرم على النار كل هين لين

حرم على النار كل هين لين هكذا أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن طريق العتق من النار في كلمات بسيطة موجزة تمثلت في اللين وحسن التعامل مع الناس، ولقد جعل الإسلام حسن الخلق مع البشر عبادة جليلة، وجعلها طريق القرب من الله، لذلك فلا عجب أن اختزل النبي رسالته في الأخلاق الحميدة حيث قال: “إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق”.

فبالأخلاق تسمو الأمم، وبها ترتفع شأنها، وبدونها تُهدم كيانها (وإذا أُصيب القومُ في أخلاقِهم….. فأقِمْ عليهم مأتَمًا وعويلا).

روايات حديث حرم على النار كل هين لين

حسن الخلق ومعاملة الناس بالحسنى من أهم التعاليم التي جاء بها الدين الإسلامي، وحث عليها كل مسلم، بالإضافة إلى أنه جعل لها منزلة كبيرة في الدنيا والآخرة، ومن الأحاديث الشريفة التي تدل على منزلة المعاملة الطيبة:

عن ‌عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: “ألا أخبركم بمن يحرم على النار؟ أو بمن تحرم عليه النار؟ على كل ‌قريب ‌هين ‌سهل، وفي رواية ثانية: “إنما ‌يحرم على النار كل هين ‌لين قريب ‌سهل”.

وجاء في رواية أخرى عن عبد الله بن مسعود أنه قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم على النار كل هين لين سهلٍ قريبٍ من الناسِ).

ومن ناحية صحة حديث حرم على النار كل هين لين فإنه يعد من الأحاديث الصحيحة، حيث رُوي هذا الحديث في مسند أحمد، وفي الجامع، إلا أن بعض العلماء يحسنون هذا الحديث، ولكن في المجمل فإن حديث حرم على النار كل هين لين معمول به في فضائل الأعمال.

شرح حديث حرم على النَّارِ كل هين لين سهل

مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم استهل حديثه باستخدام سؤال ألا أخبركم بمن يحرم على النار؟ أو بمن تحرم عليه النار؟ إلا أن هذا السؤال لم يكن بغرض الاستفهام وإنما بهدف التشويق وحث الناس على الاستماع من أجل الاستفادة، ومعرفة ما هي الأشياء العظيمة التي من شأنها أن تدفع عن المسلمين النار؟ وفيما يلي شرح الكلمات التي تضمنها الحديث:

1) الهين:  الإنسان الهين هو الشخص الذي يتمتع بصفة التسامح عند التعامل مع الآخرين، فهو طيع لا تصل خصومته مع الناس لحد الإيذاء البدني أو المعنوي، وهذه الصفة عندما تتوفر في إنسان ما تجد الناس تحب التعامل معه دون تكلف أو ضيق.

2) اللين: يعني السهل الرقيق، ويقصد باللين في الحديث أن يكون الإنسان رقيقًا في تعامله ليس بالفظ الغليظ، وأن يتخير من الكلمات أجملها، ومن المعاني أفضلها عند الحديث مع الناس حتى لا ينفضوا من حوله، وصدق الله تعالى حين قال:

(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حولك).

3) السهل: الإنسان السهل هو من يمشي في قضاء حوائج الناس، ولا يرفض لهم طلبًا إذا كان يستطيع فعله، بالإضافة إلى سهولة التعامل معه، فلا يجد الإنسان أي ثقل قي قلبه عند الحديث والتواصل مع مثل هذا النوع.

4) القريب من الناس: القرب من الناس يعني التعامل معهم دون أن يشعر الشخص في أعماق نفسه أنه أفضل منهم، بالإضافة إلى مشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم دون أن ينقص من قدرهم.

جزاء من اتصف بما جاء في هذا الحديث:

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز”، فالمسلم لا يهمه في هذه الدنيا إلا رضا الله تعالى والبعد عن النار، لذلك فإن هذا الحديث يحقق أمنية المسلم التي يعيش من أجلها وهي البعد عن نار جهنم.

فمن اتصف بالصفات التي تحدث عنها حديث حُرِّمَ على النَّارِ كلِّ هيِّنٍ لَيِّنٍ الدرر السنية فإن النار ستُحرم عليه بوعد من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويجب أن يعرف كل مسلم أن قول الكلم الطيب والكلام المهذب والتعامل مع الناس بأسلوب لطيف ليس تفضلًا منه بل هو فرض عليه.

الأخلاق القويمة

الأخلاق القويمة

تعظيم الإسلام للأخلاق الحسنة

الأخلاق في الدين الإسلامي جليل شأنها، مرتفعة منزلتها، لدرجة أن النبي وصف بعثته الشريفة أنها من أجل إتمام مكارم الأخلاق، فقد روى ابو هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)، ويتمثل تعظيم الإسلام للأخلاق فيما يلي:

أولًا: حسن الخلق عبادة

نظر الإسلام إلى الأخلاق على أنها من أهم العبادات التي يحصل الإنسان بواسطتها على الأجر الكبير، بل جعلها مجالًا للتمايز بين الناس في الدنيا والآخرة، فالإنسان الذي يتصف بحسن الخلق هو الشخص الذي ضمن مكانه بالقرب من النبي.

حيث يقول الرسول: “إن أحبَّكم إليَّ، وأقربَكم مني في الآخرة مجلسًا، أحاسنُكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرة أسوَؤُكم أخلاقًا، الثَّرثارون المُتفَيْهِقون المُتشدِّقون”.

ثانيًا: بقاء الأمم

لم تكن الأخلاق في ديننا الحنيف مجرد سلوكيات مجردة وإنما جعل مكانتها أكبر وقيمتها أعلى، فقد بين لنا القرآن أن الأخلاق الحسنة من شأنها أن ترفع الأمم للأعلى، بينما سوء الخلق يتسبب في دمارها، حيث يقول الله تعالى: “وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا”.

ثالثًا: إنهاء العداوة ونشر المودة

للأخلاق الكريمة قدرة هائلة على تحويل العداوة بين الناس إلى مودة، فالإنسان الذي تخرج من لسانه كلمات طيبة قلما نجد له أعداء، ويؤكد القرآن على هذا المعنى بقوله: “وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ”.

وتعد الأخلاق الحسنة بمثابة الحبل المتين الذي يربط بين الأفراد، ويقوي الثقة فيما بينهم، لذا يجب على الإنسان أن يكون خلقه كالزهرة العطرة تنشر عبيرها في كل مكان، ويجب ألا تخرج من فيه سوى عبارات جميلة ترضي الناس.

رابعًا: أحسن الجمالين

ينقسم جمال الإنسان إلى جمالين؛ أولهما المادي المتمثل في الشكل والهيئة والزينة والمنصب، والثاني هو المعنوي الذي يتمثل في سلوك الشخص، وأدبه، وطريقة تعامله مع الناس.

ولقد جعل الإسلام الأخلاق هي أفضل الجمالين لما لها من مقدرة على بث الألفة بين الأشخاص، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنكم لن تَسَعوا الناسَ بأموالِكم، ولكن يَسَعهم منكم بَسْطُ الوجهِ، وحُسْنُ الخُلُقِ”.

ما أنواع الأخلاق في الدين الإسلامي؟

تنقسم إلى الأخلاق مع الله عز وجل وهي التصرفات التي يقوم بها الإنسان في العلن والسر بحيث ينال رضا الله سبحانه وتعالى، والأخلاق الفطرية وهي الصفات التي جُبل الإنسان عليها، والأخلاق المكتسبة وهي الصفات التي يتعلمها الإنسان في أثناء حياته.

ما معنى حديث حرم على النار كل هين لين ؟

يشير هذا الحديث إلى أن كل شخص هين لين يتعامل مع الناس بسلاسة دون فظاظة منه فلن يدخل النار.

ما هي المصادر التي ورد فيها حديث حرم على النار كل هين لين ؟

ورد هذا الحديث في عدة مصادر حيث أخرجه ابن حبان، والطبراني في المعجم الوسيط، والترمذي.

لماذا وجه الرسول السؤال في الحديث مع أنه يعرف الإجابة؟

للتشويق ولفت انتباه الصحابة بالإضافة إلى التأكيد على قيمة الجواب.

هل يوجد حديث شريف يؤكد على أن حسن الخلق عبادة عظيمة؟

نعم، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن المؤمنَ لَيُدركُ بحُسن خلقه درجةَ الصائمِ القائم).

مواضيع ذات صلة

الفرق بين الحلم والرؤياما الفرق بين الرؤيا والحلم وأضغاث الأحلام في القرآن؟

حكم زيارة الأضرحةحكم زيارة الأضرحة