سلمان الفارسي | الباحث عن الدين الحق

سلمان-الفارسي

أعربت السيرة النبوية عن أبطال حملوا لواء الدين الإسلامي وجسدوا الشجاعة بمعانيها العظيمة في مواقف تقشعر لها الأبدان وتطرب لها الأذان، فاستطاع الصحابي الجليل سلمان الفارسي التغلب على الفطرة التي نشأ عليها بين قوم يسجدون للنار وانتقل بين الأرجاء يبحث عن الحق لأتباع المرسل الهادي -محمد صلّ الله عليه وسلم-، كما تمكن الإمام احمد بن حنبل من تحريك لسانه وقلمه في وجه كل عدو يضرب في صميم الدين.

مَن هو سلمان الفارسي ؟

هو الصحابي الجليل الذي كان أول من أسلم من بلاد فارس، كان يسمى بـ (مابه بن بوذخشان) قبل إسلامه والتحاقه بصفوف المسلمين ويكنى بـ (أبو عبد الله) وولد في رام هرمز إحدى مناطق بلاد الفارس، أما عن نشأته فكان من عبدة النار وتربى بين قوم كافرين يعبدونها ويعتنقون المجوسية ويخدمون النار، إلا أن الله -عز وجل- هداه إلى طريقه وعُرف بـ (سلمان الفارسي) وتعرض للكثير من التعذيب بسبب أتباع لدين سيدنا -محمد صلّ الله عليه وسلم-.

نسب سلمان الفارسي :

ذُكر في نسب سلمان أنه ولد في قرية تدعى (رام هومز) في بلاد فارس وذكر آخرون أن القرية التي ولد فيها تسمى بلدة (جي) إحدى ضواحي أصبهان، كان أبوه مجوسيًا وزعيم الفلاحين يخشى على ابنه من كل شيء فورد أنه كان يحبسه في البيت خوفًا عليه، وتكنى بأبو عبد الله وسلمان الخير وسمى سلمان الفارسي نسبة إلى أصله، ويعتبر من السباقين إلى الإسلام من أهل فارس.

قصة سلمان الفارسي الباحث عن الحقيقة :

تربى سلمان الفارسي بين قوم يعتقدون أن النار إله وكان من ضمن الذين يسجدون لها إلا أن مشيئة الله أقوى من كل فكرة باطلة وعقول ضالة، فأتبع قلبه قبل قدميه التي ساقته إلى العديد من المدن باحثًا عن الحق والدين، فتعثرت خطواته حينما غدر به قوم من بني كلب وأرسلوه إلى رجل يهودي كعبد، ثم اشتراه يهودي آخر من أهل يثرب وأخذه في كنفه إلى بلده.

وبينما كان أسير بين قبضة اليهودي سمع عن نبي يَدعو إلى دين حق فعزم على التحقيق من الأمر ليعرف أكثر عن هذا الرجل وذلك الدين، فلم علم المصطفى -عليه الصلاة والسلام- بأنه يبحث عنه وعلم بقصته قرر أن يساعده هو وأصحابه ليتحرر من العبودية ويعتنق الإسلام، وبالفعل أسلم سلمان وشهد مع الرسول الكثير من الأحداث التي كانت لها الفضل في نشر الدين الحنيف في كل مكان.

قصة إسلام سلمان الفارسي :

تربى عبد الله في بيئة مجوسية تعبد النار وكان من ضمن المتشددين لدينه لا يفكر في تغيير نظرته إلى الحياة ويعتقد أنه على حق، ولكن حركت بعض الكلمات التي كانت تقال في إحدى كنائس النصارى قلبه؛ وذلك عندما أرسله والده لضيعة لتفقد بعض الأمور بدلًا عنه، فظل جالسًا يسمع منهم المزيد وعلامات الإعجاب والدهشة على وجهه حتى مغيب الشمس، عاد إلى منزله محملًا بأخبار يقصها على والده إلا أن ردة فعله كانت أبعد ما يكون عن توقعاته، فخاف أن يترك ابنه دينه فألقى به في غرفة وجعل الحديد في قدميه.

دفع الفضول سلمان الفارسي لسؤال النصارى عن أصل دينهم الذي كان دين النجاشي قبل أن يعتنق الإسلام فأخبروه أن موطن الدين بلاد الشام، فعزم على السفر إلى تلك البلاد والإلتحاق بكنيسة هناك يتولى إدارتها شخص يأمر الناس بالصدقة ثم يأخذ المال في جيبه ففكر سلمان أنه ليس بالدين الصحيح، وأخبروه بعض الناس أن هناك رجلًا يحمل خاتم النبوة بين كتفيه ولا يقبل الصدقة ويحب الخير ويدعو إلى الهدى والطريق المستقيم.

فخرج عبد الله بحثًا عن هذا الرجل الصالح إلا أنه تم بيعه لشخص يهودي، ولكن الله زرع في قلبه رغبة الوصول إلى النور والخروج من الظلام والكفر فيسر له السبل ليكون في نفس مكان المصطفى -صلّ الله عليه وسلم-  في المدينة المنورة، فأقبل على الرسول يقبل يده ويبكي وأعلن إسلامه وقتها ليزداد الدين الإسلامي عِزة بانضمام هذا الرجل إلى صفوفه.

سيرة-سلمان-الفارسي

سيرة-سلمان-الفارسي

سيرة سلمان الفارسي :

شهدت السيرة النبوية على التحول الكبير الذي حدث مع عمير بن وهب شيطان الجاهلية ونصير الإسلام، وغيره من الصحابة الكرام الذين تمسكوا بالدين وقدموا التضحية في سبيل نشره ومنهم سلمان الفارسي صاحب فكرة حفر خندق أمام المدينة المنورة للدفاع عن المسلمين من بطش قريش وحلفائها، حيث قال: “يا رسول الله كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا علينا” فكانت فكرة رائعة حتى أن المعركة سميت بغزوة الخندق.

وشهد بعدها جميع المعارك والمواقف مع المصطفى -عليه الصلاة والسلام- ليكتب لنا التاريخ اسمًا واحدًا من أبطال الإسلام بحروف من ذهب لنعرف أننا اليوم نحيا على دين الحق بفضل هؤلاء الذين لم يترددوا يومًا في تقديم أرواحهم فداءً له.

صفات سلمان الفارسي :

اشتهر سلمان الفارسي بالعديد من الصفات الحسنة فكان زاهدًا متواضعًا يحبه الصغير والكبير ويحب الخير للجميع ويساعد المحتاجين، أما حاتم الطائي فكان مثالًا للشجاعة وعنوانًا للكرم والعفة، وسوف نذكر بعضًا من صفات سلمان المتعددة التي جسدتها المواقف كالتالي:

1- كان عبدًا طائعًا لله يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فكان يحث الناس على أتباع الدين الإسلامي وترك غيره.

2- يمتلك أبو عبد الله عقلية حربية عظيمة ظهرت في أفكاره ومقترحاته، فأشار على النبي -صلّ الله عليه وسلم- بحفر خندق يوم معركة الخندق.

3- شخصًا متواضعًا كان يرتدي عباءة يفترش على بعضها حينما يخطب في المسلمين.

4- ورد أنه كان يأكل من عمل يده.

5- يقدم المساعدة للمحتاجين ويأخذ بيد خادمه في أعماله، فجاء في رواية أنه كان يعجن الطحين بسبب انشغال خادمه بعمل آخر، فلما سُئل عن ذلك قال: أرسلته إلى عمل آخر فخشيت أن يتحمل مشقة العملين فقمت بواحد منهما.

6- لا يحب التفاخر بمنصبه، فمنزله كان بسيطًا جدًا بالكاد يسعه.

7- يحب مساعدة الآخرين، فجاء رجلًا من الشام يحمل التين ونادى سلمان لكي يساعده، فقام ليحمل معه الحمولة إلى بيته وأبى أن يتركه قبل أن يوصله.

8- كان فقيهًا في الدين يحب العلم والعلماء، وعنده خلفية علمية عن الشرائع.

مَن هي زوجة سلمان الفارسي ؟

تزوج صاحب رسول الله -صلّ الله عليه وسلم- سلمان الفارسي -رضي الله عنه- امرأة من قبيلة كندة، وأنجب منها ثلاثًا من البنات ويذكر أنه لم ينجب بنينًا، إلا أنه من عادة الناس قديمًا إطلاق الكنية على بعضهم البعض ولا يُمنع شرعًا من أن تطلق كنية على الرجل أو المرأة فلا حرج في ذلك، فلم يكن لدى سلمان الفارسي ولد باسم عبد الله وفي رواية أخرى لم يكن له ولد ذكر.

وفاة سلمان الفارسي :

رُوي عن وفاة سلمان الفارسي أنه مات عن عمر يناهز حدود الثمانين سنة وفي رواية أخرى عن عمر بضع وسبعون سنة، فكان من خيار الصحابة وأكثرهم حكمة وفهمًا وتواضعًا؛ يحب الخير حيث لُقب بـ (سلمان الخير) فاشتهر به بعد إسلامه، ويعد من أعقل الرجال في زمانه فكان صاحب فكرة حفر خندق لمنع كفار قريش من الوصول إليهم في “غزوة الخندق” أول غزوة شارك فيها.

عاصر المصطفى -عليه الصلاة والسلام- فترة كبيرة وشهد خلافة أبو بكر حتى خلافة عثمان بن عفان -رضى الله عنهما- وتُوفي قبل وفاة عثمان عام 36 هجريًا وقيل في سنة 37 هجريًا، جاءته المنية وهو في المدائن في العراق التي كانت تحت إمارته كأميرًا عليها بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب -رضى الله عنه-، أما عن سؤال هل سيدنا علي بن أبي طالب هو من دفن سلمان الفارسي ؟ الصحيح أن هذه من ادعاءات الشيعة وهي قصة باطلة فليس هناك دليل على صحة هذا الأمر.

ما هي ديانة سلمان الفارسي قبل إسلامه؟

كان سلمان الفارسي مجوسيًا يعبد النار ويرقد بجوارها حتى لا ينطفئ نورها، فكان معتادًا على فعل ذلك حتى أنار الله بصيرته بالإسلام.

ماذا قال سلمان الفارسي عن نسبه بعد الإسلام؟

سأله أحد الناس ذات مرة عن نسبه فقال: هذا يقول: أنا قريشي وذاك يقول: أنا تميمي وهذا يقول:أنا قيسي ولكني: (أبي الإسلام لا أب لي سواه*** إذا افتخروا بقيس أو تميم).

في خلافة من تُوفي سلمان الفارسي وعن أي عمر؟

تُوفي أبو عبد الله عن عمر يناهز الثمانين عام أو أقل في عهد عثمان بن عفان ودفن في المدائن.

كيف كان شكل سلمان الفارسي؟

قيل في وصفه أنه كان رجل قوي البنية، طويل الساقين، عريض المنكبين، كثير الشعر، محاربًا شجاعًا.

مواضيع ذات صلة

أبي-بكرةأبي بكرة | دليل شامل للشخصية التاريخية والإرث الثقافي

سلمة-بن-الأكوعسلمة بن الأكوع | سابق الخيل وقوي الهمة