سلمة بن الأكوع | سابق الخيل وقوي الهمة

سلمة-بن-الأكوع

تأخذنا حكايات الصحابة الأجلاء إلى دروب من الخيال، فننظر إلى إيمانهم الشديد وعزيمتهم الجبارة وحكمتهم البالغة بقلب يملأه الشوق إلى لقائهم، فقصت علينا كتب السيرة قصة الصحابي سلمة بن الأكوع الذي يعد أسطورة من الأساطير الإسلامية وشخصية مبهرة بمعنى الكلمة تعطينا درسًا في الشجاعة والإيمان.

 الصحابي سلمة بن الأكوع | خير رجال المسلمين

بث الله في قلوب بعض عباده القوة والتحمل وأنعم عليهم بخصال حميدة ومناقب عظيمة سطرتها لنا كتب التاريخ بحروف من نور، فما زلنا لا نفهم كيف لشخص مثل باقي البشر أن يتجاوز بسرعته مسافات كبيرة في وقت قليل، ويحارب وحده بشجاعة عدد كبير من الفرسان دون أن تُهمد عزيمته؛ إنه الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع خير رجال المسلمين وأشجع فرسانها الذي شهد غزوة مؤتة وبايع الرسول على السمع والطاعة.

اسمه ونسبه

قيل في نسب سلمة بن الاكوع : إنه سلمة بن عمرو بن سنان بن عبد الله الممتد نسبه إلى قشير بن خزيمة بن مالك بن أسلم الأسلمي المشهور بأبو إياس ويكنى أيضًا بأبي عامر أو أبي مسلم.

إسلامه

جاء في رواية بن إسحاق من غير إسناد بشأن حادثة إسلام ابن الأكوع؛ تشبه قصة إسلام الصحابي سلمة دربًا من الخيال ومعجزة من معجزات الله -عز وجل-، فبدأت حينما انهال سلمة على طعام ذئب في البادية حتى انتزعه من فمه وعمد إلى أخذه والرحيل به، فأنطقه الله الذي أنطق كل شئ وقال: ويحك! لما عمدت إلى رزقي الذي أكرمني الله به أنه ليس من مالك، فتعجب سلمة بن الأكوع قائلًا: أيا عباد الله إن هذا لعجب ذئب يتكلم.

فرد عليه الذئب وقال: بل إن هناك أعجب من ذلك يدعوكم نبي من أنبياء الله موطنه أصول النخل إلى التوحيد بالله ولكنكم تعبدون ما لا ينفعكم ولا يضركم، فانشرح صدر بن الأكوع ولحق بسيدنا محمد رسول الله -عليه الصلاة والسلام- لإعلان إسلامه.

قصة سلمة بن الأكوع مع فرسان غطفان :

استطاع الصحابي سلمة الأسلمي أن يثبت كفاءته وحبه للإسلام وإيمانه بدعوة رسول الله وتصرف بحكمة بالغة وشجاعة وهمة تفوق كل فرسان العدو، حيث قام باستغلال مهاراته القتالية وسرعته في الجري من مكان إلى آخر في لمح البصر في قتال فرسان غطفان وإرجاع لقاح (أبل رسول الله) التي كانت ترعى في ذي قرد.

بدأ سلمة بن الأكوع بالنداء والصراخ على باقي القوم حتى يأتوا إليه قائلًا: ” وااه صباحاه ” وفكر في تجهيز خطة هجوم قوية يستطيع بها أن يبث الخوف والرهبة في قلوب من تطاولت أيديهم على ماشية نبي الله إلى أن يأتيه المدد، فحمل الحجارة ورجمهم بها وركض من صخرة إلى أخرى ورماهم بالسهام، وجعل من حطامهم علامات يهتدي بها رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، حتى ظنوا أنهم يحاربون مجموعة من الفرسان وليس شخص واحد.

ظل الصحابي سلمة على موقفه يحارب بهمة عالية ويقذف في قلوب فرسان غطفان الرعب والسهام ويقول الشعر ويردد ” انا ابن الاكوع واليوم يوم الرضع “، إلى أن جلسوا يستريحون من التعب والهزيمة الساحقة وقالوا: “لقينا من شؤم هذا الرجل ما لقينا فوالله ما فارقنا منذ الغلس وهم يرمينا حتى انتزع منا كل شيء في أيدينا”، وانتهت غزوة (ذي قرد) السابقة لغزوة خيبر بثلاثة أيام كما ذكر في صحيح البخاري بانتصار سلمة بن الأكوع ورد لقاح رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

سلمة-بن-الأكوع

سلمة-بن-الأكوع

مناقب بن الأكوع  وخصاله :

تحرك لسان الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع بالشهادة وانشراح صدره للإسلام واتباع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فظل بجانبه يتعلم من خصاله ويرى في أفعاله الحسن والرحمة ويحارب في سبيل الله كل من سولت لهم أنفسهم، وكان لهذا القرب والفضل أثر عظيم في تكوين شخصيته المثالية التي تعد أعجوبة من أعاجيب هذا الزمن، نظرًا لما يتمتع به من الصفات الآتية:

– فاق الصحابي سلمة بسرعته التي وهبه الله إياها وميزه بها الخيل، فقد قيل عنه : سلمة بن الأكوع يسبق الخيل عدوًا، وهذه إجابة مختصرة لمن يتساءل من هو الصحابي الذي كان يسبق الخيل عدواً ؟.

– يعد ابن الأكوع من خير رجال المسلمين وأشرف فرسانها وأشجعهم، فورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ” خير فرساننا أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة “.

– اشتهر أبو إياس بالشجاعة والإقدام على العدو من غير خوف ولا رهبة، حيث تمكن ببسالته صد طغيان جنود غطفان بمفرده وإرجاع أبل رسول الله.

– من أبرز خصاله اتصافه بالقوة في رمي السهام والنبال في مرمى الأعداء، لذلك يعد من أهم قوات المشاة في جيش المسلمين.

– اتسم بجوده وكرمه وسخائه مع الفقراء والمساكين، متبعًا في ذلك نبيه وصاحبه سيدنا المصطفى -عليه الصلاة والسلام-.

– ذكر في حق سلمة بن الأكوع أنه كان من الصحابة الذين يملكون من الحكمة والعلم ما يجعلهم أهل للفتوى والمشاورة.

موقفه مع الذين سبوا النبي ﷺ :

يثبت الصحابي سلمة بن الأكوع كل يوم منذ إعلان إسلامه شجاعته وسيره في طريق الحق، فلم يكف عن الدفاع عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بكل ما أوتي من قوة وإيمان، وظهر ذلك جليًا حينما سمع مجموعة من مشركي مكة يسبون رسول الله ويقعون في سيرته الطاهرة بغير وجه حق، فانهال عليهم بقبضته القوية وساقهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لينظر في أمرهم.

ذكر على لسان ابن الأكوع ذلك الموقف فقال: ” فلما اصطلَحْنا نحنُ وأهلُ مكةَ، واختلط بعضُنا ببعضٍ، أتيتُ شجرةً فكسحتُ شوكَها. فاضجعتُ في أصلِها قال: فأتاني أربعةُ من المشركين من أهلِ مكةَ. فجعلوا يقعون في رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. فأبغضتُهم. فتحوَّلتُ إلى شجرةٍ أُخرى، وعلَّقوا سلاحَهم واضطجَعوا. فبينما هم كذلك إذ نادى مُنادي من أسفلِ الوادي: يا لَلمهاجرين ! قُتِلَ ابنُ زُنَيمٍ قال: “فاخترطتُ سَيفي ثم شددتُ على أولئِك الأربعةِ وهم رقودٌ، فأخذتُ سلاحَهم فجعلتُه ضِغثًا في يدي قال: ثم قلتُ: والذي كرَّم وجهَ محمدٍ! لا يرفعُ أحدٌ منكم رأسَه إلا ضربتُ الذي فيه عيناه”.

قال: “ثم جئتُ بهم أسوقُهم إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: وجاء عمي عامرٌ برجلٌ من العبلاتِ يقالُ له مكرزٍ يقودُه إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على فرسٍ مُجفَّفٍ في سبعينِ من المشركين، فنظر إليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: «دَعوهم يكن لهم بدءُ الفجورِ وثناه»، فعفا عنهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنزل اللهُ: {هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}

وفاة الصحابي سلمة بن الأكوع :

حدثنا مولى سلمة ” يزيد بن أبي عبيد” عن جزء من أواخر حياة الصحابي ابن الأكوع؛ أنه خرج إلى مدينة أثرية يطلق عليها ( الزبذة ) تبعد عن المدينة المنورة بحوالي 170 كيلو متر بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان ، وهناك تزوج من امرأة أنجبت له مجموعة من الصبيان ولكنه عاد إلى المدينة المنورة مرة أخرى قبل أن يفارق الحياة بعدة أيام.

قالت جماعة من المؤرخين ومنهم الواقدي أن سلمة بن الأكوع توفي سنة 74 من الهجرة النبوية وهو ابن الثمانين سنة في المدينة المنورة بعد أن حارب مع النبي -عليه الصلاة والسلام- تسع غزوات وشهد بيعة الرضوان وصلح الحديبية، وحدث عنه جملة من الأحاديث المذكورة في صحيح البخاري.

متى وأين ولد سلمة بن الأكوع ؟

من المعروف أن الصحابي سلمة بن سنان ولد عام 6 من الهجرة ولكن لم يرد أي شيء عن مكان ولادته.

ما هو لقب سلمة في معرفة الصحابة؟

لقب الصحابي سلمة بالعديد من الألقاب والخصال الحميدة، وعرف في معرفة الصحابة بأسد الغابة.

ما هي الغزوات التي شهدها بن الأكوع؟

شهد بن الأكوع مع الرسول -عليه الصلاة والسلام- أكثر من سبع غزوات ومنهم ( معركة حنين- معركة مؤتة- معركة خيبر ) وغزا في خلافة عثمان إفريقيا.

كم مرة بايع سلمة الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟

بايع سلمة بن الأكوع الرسول -صلى الله عليه وسلم- تحت الشجرة في أول الناس وأوسطهم وآخرهم بأمر منه صلوات ربي وسلامه عليه.

مواضيع ذات صلة

الترمذيالترمذي | الإمام الضرير صاحب كتاب السنن الشهير

عثمان بن عفانالخليفة المظلوم عثمان بن عفان