صفية بنت حيي بن أخطب | كريمة النسب

صفية-بنت-حيي-بن-أخطب

يزيد الإسلام من يدخله عزة وشرفًا ويرفع من مكانته في الدارين الدنيا والآخرة، فأكرم الله سيدة بني قريظة صفية بنت حيي بن أخطب -رضي الله عنها- بزواجها من المصطفى -عليه الصلاة والسلام- بعد أن كانت من سبايا الحرب لا تملك حتى نفسها، لتصبح من أمهات المسلمين وإحدى زوجاته الأطهار.

نسب السيدة صفية بنت حيي بن أخطب | عاشر زوجات رسول الله

يعود نسب السيدة صفية إلى حيي بن أخطب زعيم اليهود وأشدهم كراهية لسيدنا محمد رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، فهي صفية بنت حيي بن أخطب من نسل ثعلبة بن عبيد بن الخزرج بن النضير، وترجع أصولها إلى قبيلة بني النضير المندرجة من نسل نبي الله هارون بن عمران، أما عن أمها فهي برة بنت سموأل أخت الصحابي الجليل رفاعة بن سموأل من قبيلة بني قريظة.

قصة إسلام صفية بنت حيي :

اصطف الله بعض النساء أن يكن أمهات المسلمين وبذرة تغرس في نفوس الفتيات حتى ترشدهن إلى الطريق الصحيح، وكانت السيد صفية بنت حيي بن أخطب -رضي الله عنها- ممن نِلْنَ هذا الفضل وتلك المكانة العظيمة، فبعد أن انتهت غزوة خيبر بانتصار المسلمين واغتنامهم سبايا الحرب، أراد دحية الكلبي جارية يتخذها لنفسه من بين تلك السبايا ووقع اختياره على صفية بنت حيي.

فجاء رجل إلى رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ” فَقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، أعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بنْتَ حُيَيٍّ، سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ، لا تَصْلُحُ إلَّا لَكَ، قالَ: ادْعُوهُ بهَا فَجَاءَ بهَا، فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهَا النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلّمَ- قالَ: خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ غَيْرَهَا، قالَ: فأعْتَقَهَا النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وتَزَوَّجَهَا”.

خَير الرسول السيدة صفية بين أمرين أما أن تدخل الإسلام ويتزوجها وأما أن تظل على دينها وعسى أن يعتقها، فقال -صلى الله عليه وسلم- ” اختاري، فإن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي (أي تزوّجتك)، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك”، فاختارت أحب الأمرين إلى قلبها وهو اعتناق الإسلام والزواج من خير عباد الله، وهذه إجابة مختصرة على سؤال هل أسلمت صفية زوجة الرسول ؟.

زواج النبي من صفية صحيح البخاري :

لا يمكن الشك في الأمور التي تأتي من مصادر موثوقة، فالأقوال الواردة في قصة زواج النبي من صفية صحيح البخاري تدور جميعها حول زواجه -صلى الله عليه وسلم- بها بعد انقضاء عدتها واستبراء رحمها، وبدأت القصة عندما رفض يهود خيبر معاهدة السلام والتعايش تحت ظلال واحدة مع المسلمين، فاشتعلت الحرب بين الطرفين حتى اُخمدت نارها بفوز المسلمين وإعلاء كلماتهم.

كان النصر حليفًا للمسلمين وفضل من الله عليهم، وأسر الكثير من النساء والرجال وكان من بينهم صفية بنت حيي بن أخطب سيدة قومها وعظيمة الشأن، فطلب الصحابي دحية الكلبي من الرسول أن يعطيه جارية من السبي والتي هي صفية بنت حيي، إلا أن هناك رجلًا جاء إلى رسول الله ورغبه فيها وقال له: هذه الجارية لا تصلح إلا لك.

كانت السيدة صفية بنت حيي بن أخطب في ذلك الوقت عروس جديدة لم تمر مدة طويلة على زواجها من كنانة بن أبي الحقيق الذي قتل في يوم خيبر، فلما رآها الرسول أعجب بها واصطفاها لنفسه وجعل سراحها (عتقها) صداقها وبناء بها -صلى الله عليه وسلم- في طريق عودتهم من خيبر، إلا أنها رفضت في المرة الأولى خوفًا على نبي الله من بطش اليهود وأطاعته في المرة الثانية وكان ذلك بعد إعلان إسلامها وانقضاء عدتها.

الشبهات الواردة حول زواج الرسول من صفية بنت حيي:

لا يترك من يريدون تضليل الناس طريقًا إلا اتخذه للطعن في المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، فاتخذوا من قصة صفية زوجة النبي محمد سبيلًا يستطيعون من خلاله التجريح في سيرة الهادي الأمين واختلقوا الشبهات التي هي أبعد ما يكون عنه -صلى الله عليه وسلم-، وهذا ما يدفع بعض المسلمين إلى طرح الأسئلة هل السيدة صفية زوجة الرسول اعتنقت الإسلام ؟ و هل تزوج الرسول صفية بدون عدة ؟.

لم يُجامع النبي -عليه الصلاة والسلام- السيدة صفية بنت حيي بن أخطب -رضي الله عنها- إلا بعد أن انقضت عدتها وطهرت من حيضتها، فورد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا” رواه البخاري في صحيحه.

كان هذا الزواج الشريف بمثابة رفعة للسيدة صفية بعد أسرها وهي سيدة بني قريظة وممتدة من نسل نبي الله هارون، فانتفعت بذلك الزواج الكريم بعد أن بشرت به حيث قالت عندما سألها سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- عن سبب العلامة (اللطمة) التي في وجهها: ” إني رأيت كأن القمر أقبل من يثرب، فسقط في حجري، فقصصت المنام على ابن عمي ابن أبي حقيق فلطمني»، وقال: تتمنين أن يتزوجك ملك يثرب، فهذه من لطمته.

صفية-بنت-حيي-بن-أخطب

صفية-بنت-حيي-بن-أخطب

فضائل السيدة صفية :

اتسمت السيدة صفية بنت حيي بن أخطب بالعقل والفطنة وصفاء القلب والحكمة، حيث مهدت كل هذه السمات الحسنة والخصال الحميدة إلى إسلامها وساعدتها على تصديق النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما حثها على الإسلام، فكانت من أعقل زوجات الرسول وأشدهن حرصًا على الدين والدعوة إلى الله، ويظهر ذلك جليًا في مواقفها مع الصحابة -رضوان الله عليهم- مثل عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين.

بعد أن ظلت السيدة صفية في حياة الرسول -عليه الصلاة والسلام- مطيعة له ومتعهدة لسنته ودعوته، لم تنحرف عن هذا المسار وتلك الوجهة بل استمرت تصل الأرحام وتأمر الناس بالبر والفضل وتحثهم على تجنب الفتنة والبعد عن عصيان الله.

 ولم تكن إلا حليمة وعاقلة حتى مع من أساء إليها؛ حيث روي أن جارية جاءت إلى الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقالت: “إن صفيَّة تحبُّ السبت وتَصِلُ اليهود. فبعث إليها عمر فسألها فقالت: “أمَّا السبت فإنِّي لم أحبّه منذ أبدلني الله به يوم الجمعة، وأمَّا اليهود فإن لي فيهم رحمًا وأنا أَصِلُها”. ثم قالت للجارية: “ما حملك على ما صنعتِ؟” قالت: الشيطانُ. قالت: “اذهبي فأنت حُرَّة”.

تكريم النبي للسيدة صفية بنت حيي بن أخطب :

لم تذق السيدة صفية بنت حيي بن أخطب -رضي الله عنها- منذ دخولها الإسلام إلا الرحمة والكرم، فكانت من أحب زوجاته -صلى الله عليه وسلم- إليه وكان محبًا ومكرمًا لها وعطوفًا على قلبها، فذكر في قصة بكاء السيدة صفية ؛ أن السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب قالت في حقها: أنها ابنة يهودي، فلم دخل رسول الله -عليه الصلاة والسلام- عليها وهي تبكي؛ قال: “مَا يُبْكِيَكِ؟” قالت: قالت لي حفصة بنت عمر إني ابنة يهودي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّكِ لابْنَةُ نَبِيٍّ، وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ، وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ، فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ”. ثم قال: “اتَّقِي اللهَ يَا حَفْصَةُ”.

يغار النبي -عليه الصلاة والسلام- على نسائه ويتقي الله فيهن، فنالت صفية بنت حيي بن أخطب من هذا الأمر نصيبًا، فقد جاءته -صلى الله عليه وسلم- وهو معتكف في المسجد خلال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وظلت تتحدث معه ساعة ولم أرادت أن تنقلب وتخرج للرحيل قام معها يودعها حتى باب المسجد الذي كان بجوار مسكن ام سلمة فإذا برجلان من الأنصار يمرون عليها.

فوقفا يسلمان على الرسول ثم نفذا، فقال -صلوات ربي وسلامه عليه-: “على رسلكما إنها صفية بنت حيي” فدهشا من فعلته وقالا: سبحان الله، يا رسول الله! وكبر عليهما ذلك، فقال: “إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا”، وهذا أصدق تعبير عن حبه وإكرامه -صلى الله عليه وسلم- لـ صفية بنت حيي بن أخطب -رضي الله عنها-.

كيف ساعدت السيدة صفية عثمان بن عفان؟

وقفت السيدة صفية -رضي الله عنها- مع الخليفة الثالث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بنفسها ومالها، فكانت ترسل إليه الطعام والماء في ظل الفتنة الهوجاء التي وقع فيها الكثير من المسلمين في تلك الفترة.

بمن تزوجت صفية بنت حيي قبل رسول الله؟

تزوجت صفية بنت حيي قبل إسلامها من فارس قومها وشاعرهم سلامه بن مكشوح وقيل بن مشكم، وبعد موته تزوجت من ابن عمه كنانة بن أبي الحقيق.

ما الهدف من زواج النبي من السيدة صفية؟

يعد الهدف الأساسي والأول من هذا الزواج هو إعزازها وإكرامها والرفع من مكانتها بالإضافة إلى تعويضها عن من فقدت من أهلها وقومها وتوطيد العلاقات مع اليهود لعل ذلك يخفف من عدوانهم.

متى توفيت السيدة صفية بنت حيي؟

فارقت صفية بنت حيي إحدى زوجات الرسول الحياة في عام 50 هـ الموافق 670 م في زمن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- وتم دفنها في البقيع.

.

مواضيع ذات صلة

أبي ذر الغفاريأبي ذر الغفاري | رجل أمر ربه بحبه

مالك بن نويرةمالك بن نويرة | سيرته ومقتله في الإسلام