ليلى الأخيلية | خليفة الخنساء التي نافست فحول الشعراء

ربما لم يلج ميدان الشعر في عصر الجاهلية نسوةٌ كثر مقارنةً بالرجال، لكن المتألقات منهن غلبن في فصاحتهن وجودة أشعارهن الفحول من ذوي الشوارب، على رأس هؤلاء ليلى الأخيلية التي خلفت الخنساء في المضمار كما لو أن الأخيرة تركت لليلى كرسي العرش حتى تتربع عليه من بعدها، ((وكانت الخنساء وليلى بائنتين في أشعارهما متقدمتين لأكثر الفحول ورب امرأةٍ تتقدم في صناعة)) كما يقول المبرد.

من هي ليلى الأخيلية ؟

يعود نسب ليلى الأخيلية إلى قبيلة هوازن العربية التي تنتهي إلى مضر بن نزار بن معد بن عدنان وهو الجد السابع للنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه ابو بكر الصديق رضي الله عنه مما يدل على شرف النسب وأصالته، فاسمها الكامل هو ليلى بنت عبد الله بن الرحال بن شداد بن كعب الأخيلية، وهي من بني عقيل من عامر بن صعصعة، ومن المعروف أن بني عامر بن صعصعة من أكبر القبائل العدنانية المنتمية إلى هوازن حتى أن البعض يعد بني عامر جمجمة مستقلة من جماجم العرب.

لم تذكر المصادر التاريخ الدقيق الذي ولدت به ليلى لكن ميلادها صادف القرن الميلادي السابع على أية حال وكانت نجد العليا في الجزيرة العربية موطنها، عاصرت الأخيلية عصر صدر الإسلام والعصر الأموي وعرفت بفصاحتها وكانت تحظى بمكانة مرموقة بين الأمراء والخلفاء وعِلية القوم، كما عرفت بعشقها لابن عمها توبة بن الحمير الذي يبادلها العشق ذاته، لكن شاءت الأقدار ألا يتوج هذا العشق بالزواج.

زواج ليلى الأخيلية :

رأت ليلى الأخيلية في ابن عمها توبة فارس الأحلام الذي تتمناه، كيف لا وهو ابن العم الذي يشاطرها النسب الشريف ويشاطرها الفصاحة وينتمي إلى الشعراء العرب الموصوفين بالشجاعة ومكارم الأخلاق! لكن والدها لم يرَ فيه ما رأته ليلى فرفض أن يكون توبة له صهراً وأصر على تزويجها من آخر يدعى أبو الأذلع، ولأن مراسم الزواج لا تضمن السيطرة على القلوب ظل قلب ليلى مرهوناً لدى توبة، بل وصل الأمر إلى تردد توبة على بيت ليلى في غياب زوجها حتى لاحظ ذلك أهل الأذلعي وتظلموا إلى الخليفة.

أصدر الخليفة فرماناً بإهدار دم توبة في حال تردده على بيت ليلى مرة أخرى فتربصوا به، وعندما علمت ليلى بموعد قدومه خرجت للقائه سافرة على غير عادتها إذ كان دأبها أن تقابله مبرقعة، ففطن توبة إلى مقصدها وعلم أنها ما خرجت بهذه الصورة إلا لتحذيره من فخ نصب له فامتطى فرسه وفر هارباً لتكون ليلى هي السبب في نجاته، وفي هذا السياق أنشد قائلاً ((وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقت ** فقد رابني منها الغداة سفورها))، ورغم نجاته من هذا الكمين إلا أنه قتل بعدها على يد شخص أراد الثأر لأبيه الذي سفك دمه توبة.

وقد تزوجت ليلى مرة أخرى بعد وفاة زوجها عنها – وقيل بعد طلاقه لها – من سوار القشيري المعروف بابن الحيا وهو أحد الصحابة والشعراء المخضرمين، وقيل أنها أنجبت منه.

ديوان ليلى الأخيلية

ليلى الأخيلية في رثاء توبة :

تأثرت ليلى بمقتل حبيبها أيما تأثر وحزنت عليه حزناً شديداً حيث شكَّل موته صدمة عاطفية قوية لها فمضت تنظم الأبيات في رثائه، وكان مما كتبته ليلى الأخيلية في رثاء توبة ((أيا عين بكِّي توبة بن حمير ** بسح كفيض الجدول المتفجر))، وقد ذكرت في رثائها له أن حياتها قد صارت صحراء قاحلة بعد فقد الحبيب الذي لا يعوض وأن الحزن سيظل مرابطاً في فؤادها ما دامت على قيد الحياة، ويرى جمع غفير من الأدباء أن أجود شعر ليلى هو ما رثت به عشيقها توبة.

ويمكن الاطلاع على شعر ليلى الأخيلية pdf سواء في الرثاء أو غيره من الأغراض الأخرى من خلال تصفح شبكة الإنترنت والبحث عن ديوان ليلى الأخيلية المتوفر بالصيغة الإلكترونية ثم النقر على رابط التنزيل.

وفاة ليلى بنت عبد الله بن الرحال :

بينما كانت ليلى الأخيلية في أحد أسفارها مرت بالقبر الذي يضم رفات توبة فأصرت على زيارته، وعندما وقفت أمام القبر ألقت السلام على توبة ورددت ادعيه للميت ثم أخبرت القوم أن هذه هي المرة الأولى التي يكذب فيها توبة، تعجبوا لقولها فأردفت: أليس هو القائل ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ** عليَّ ودوني جندل وصفائح ** لسلمت تسليم البشاشة أو زقا ** إليها صدى من جانب القبر صائح؟ فما باله لم يسلم عليَّ كما قال؟

في تلك الأثناء مرت بومة بجانب القبر وعندما انتبهت للهودج فزعت وطارت باتجاه وجه الجمل، الأمر الذي أدى إلى اضطراب الجمل وسقوط ليلى على رأسها فخرت صريعة ودفنت إلى جوار حبيبها عام 704 م الموافق للعام الهجري الثمانين.