مالك الحزين | تجسيد الحي المصري الأصيل

لم يجد إبراهيم أصلان تجسيدًا صادقًا لحالة الشعب المصري إلا طائر مالك الحزين ، فهو يعيش على ضفاف النيل، ينهل من رحيقه، يجاري أيامه حوله، لكن إن جفت مياهه يبدأ في النواح والحزن، لكنه يعود مرة أخرى لحياته ليتناسى ما حل به، وهذا هو حال المصريين، فعلى الرغم من واقعهم المرير إلا أن الطيبة والابتسامة متأصلة في قلوبهم، ويستخدمونها كسلاح للتحايل على الأيام.

نبذة عن كاتب رواية مالك الحزين

لم يكن كاتب مالك الحزين ابراهيم اصلان من الأدباء الذين يعشقون الظهور الإعلامي، بل كان ينعزل عن الجميع لكي يخرج لقرائه بعمل أدبي فريد، وكان يتميز بالتأني في كتاباته، حيث كانت تستغرق كل رواية ما لا يقل عن عامين أو ثلاثة، بل وقد تتجاوز هذه المدة مثل رواية مالك الحزين التي كتبها في حوالي تسعة أعوام، تحديدًا من عام 1972 إلى عام 1981، واستحقت أن تكون ضمن قائمة أفضل مائة رواية في الادب العربي الحديث، وجعلت اسم إبراهيم أصلان يلمع وسط كوكبة من أدباء جيله النابغين.

ولأن قصصه قريبة من حياة المجتمع المصري وتتحدث عن الطوائف المهمشة والمطحونة بين الفقر والجهل، فقد لاقت استحسان العديد من صناع السينما والدراما المصرية، وتحولت بعض رواياته إلى أفلام حازت على جماهيرية شديدة، وما زال تأثيرها ملحوظًا حتى يومنا هذا، مثل رواية عصافير النيل، ورواية مالك الحزين التي تحولت إلى فيلم “الكيت كات” نسبة إلى المنطقة التي تدور فيها الأحداث، وقام بإخراجه داوود عبد السيد.

شخصيات الرواية

الشيخ حسني: هو شخص ضرير يعيش في حي الكيت كات، ورغم إعاقته، إلا أنه كان يحاول أن يتناسى آلامه بالفكاهة والضحك، بل واستغلها في الاحتيال على أمثاله.

يوسف النجار: هو شاب كان يدرس في الجامعة لكنه تركها بسبب الفقر، لذلك كان دائمًا حزينًا.

فاطمة: فتاة جميلة في ريعان شبابها تحاول بشتى الطرق أن تغوي يوسف لكي يحبها ويتزوجها.

المعلم عطية: هو صاحب المقهى الذي يتجمع فيه رجال الحارة لكي يتحاوروا عن معاناتهم، وكان يعاونه عبد الله القهوجي.

الأسطى قدري: هو رجل كان يشعر دائمًا بانتمائه للمجتمع الإنجليزي، وذلك لأنه كان يعمل مع الإنجليز أثناء وجودهم في مصر، لذا كان بالنسبة لسكان الحي هو الغريب الذي يرفض التعامل معهم.

المعلم صبحي: هو تاجر غني يعاديه رجال المنطقة لأنه يريد هدم المقهى وبناء عمارة سكنية تدر عليه ربحًا وفيرًا.

بجانب هذه الشخصيات يوجد أفراد آخرون كان لهم تأثير محوري في مجرى أحداث رواية مالك الحزين مثل العم عمران طباخ الملك فاروق السابق، والشابين فاروق وشوقي وغيرهم.

مالك الحزين ابراهيم اصلان

الأحداث المحورية في رواية مالك الحزين

اختار إبراهيم أصلان حي إمبابة تحديدًا في منطقة الكيت كات لكي يكون الإطار المكاني للرواية، وحاول قدر المستطاع أن يعكس في سطورها شخصيات موجودة بالفعل في النسيج الشعبي المصري، وهذا ما كان يفعله أيضًا نجيب محفوظ في معظم مؤلفاته مثل رواية الحرافيش ، وحاول التركيز على أهم معالم الحارات والأحياء الشعبية مثل المقهى، فالجميع يعرف أنه من الأماكن المتأصلة في التراث المصري ويجلس فيه مختلف الطوائف.

وكان الشيخ حسني هو الشخصية اللافتة بين شخصيات الرواية، وذلك لأنه كان ضريرًا، وفي البداية وقبل أن تتعاطف معه يجب أن تعرف أنه كان يستغل من هم يعانون من فقد البصر مثله لجمع التبرعات وكسب المال، لكي ينفقه على الدخان والحشيش، وكان يصطحب ضحيته إلى المقهى لكي يستدرجه ويحصل في النهاية على مراده.

وهناك قصص فرعية تم ذكرها في الرواية، تحكي كل واحدة منهم عن مأساة اجتماعية كضيق الرزق والبطالة، ومشكلات نفسية مثل الوحدة والشعور بالغربة، لكن طريقتهم الوحيدة للهروب منها هي الضحك والفكاهة.

البنية الأدبية لرواية مالك الحزين

تعد مالك الحزين رواية من الروايات الاجتماعية المتميزة، فهي جمعت بين العديد من العناصر الأدبية مثل الحوار الفلسفي بين الشخصيات والحديث الداخلي والنهاية الباعثة للأمل، ومع تحديد مشكلة مشتركة بين جميع الشخصيات وهي الوحدة، فكل شخصية تشعر بالغربة في هذا المكان، يقتلها الحنين إلى أماكن وأشخاص أصبح من المستحيل ملاقاتهم، واحتوت القصة على العديد من الرموز والدلالات الأدبية مثل منظور التصوير الروائي المتجسد في شخصية الشيخ حسني الضرير الذي جعله أصلان استثنائيًا، مخالفًا تمامًا لكل التوقعات، فهو لم يكن ضعيفًا، منهزمًا، كما هو متعارف عليه في الأعمال الأدبية السابقة.

التحليل النقدي لرواية مالك الحزين

لم يكن تحليل رواية مالك الحزين أمرًا متفقًا عليه من قبل النقاد والجماهير، لكن الجميع أجمع أنها تعد عملًا أدبيًا فريدًا، واندرجت ضمن قائمة أفضل مئة رواية عربية برفقة رواية قنديل أم هاشم للكاتب الكبير يحيى حقي المعلم الأول لأصلان وصاحب الفضل عليه، ومن هذه العوامل ما يلي:

1- الإشارة إلى الأمل رغم المعاناة وضيق الحال، ويظهر ذلك في هطول المطر في مشهد البداية والنهاية.

2- التأقلم مع المستحيل، وهذا ما تجسد في شخصية الشيخ حسني الضرير الذي كان يقود الدراجة ويتنقل بين الأزقة وكأنه بصير، ورغم تعاطف الجميع معه إلا أنه كان محط الانتقاد والسخط أيضًا، فبسبب ظروفه الصعبة أصبح يحتال على العميان الأشد بؤسًا منه لأجل جمع المال لشراء المخدرات.

3- تجسيد الشخصية الشعبية للقارئ بطريقة إبداعية وواقعية، وقد نجح أصلان في ذلك لأنه كان أحد سكان هذه المناطق منذ صغره، ويعرف تمام المعرفة أهم الصفات التي يتحلى بها سكانها، واستطاع أن يظهر التكاتف المجتمعي، فرغم كل الأحداث التي مرت بها مصر في فترة السبعينيات “الإطار الزماني لرواية مالك الحزين ” إلا أن الحارة وسكانها لم يتأثروا كثيرًا بها.

4- السب والحوارات التلقائية هي الوسيلة التي يعبر بها الشعبيون عن غضبهم، لكن قد تصل إلى درجة لعن الدين، وهذا ما انتقده القراء والمحللون في شخصية المعلم صبحي، فرغم أن أمثاله منتشرون بالفعل بين صفوف المجتمع المصري، إلا أن الكاتب كان يجب ألا يلقي الضوء عليهم.

5- امتزج أسلوب الكتابة بطريقة المونتاج السينمائي، مع استخدام اللغة الدارجة لكي يسهل على القارئ إدراك مقصده، ولعدم وجود أحداث رئيسة تقوم عليها قصة الرواية؛ اعتمد أصلان على الشخصيات بصورة أكبر.

تحميل رواية مالك الحزين

في ظل وجود شبكات التواصل الاجتماعي يفضل الجميع الاحتفاظ  بالنسخة الإلكترونية من كتبهم ورواياتهم المفضلة على الهواتف، لكي يتسنى لهم قرائتها في أي وقت، والآن يمكن القول إن رواية مالك الحزين pdf متاحة الآن عن طريق الدخول إلى الرابط التالي:

تحميل رواية مالك الحزين