متلازمة توريت | مرض يُخرج جسدك عن طوعك

هل يكون بمقدور أجسادكم القيام بحركات فجائية دون إرادتكم؟ وهل يكون بإمكان ألسنتكم التلفظ بكلمات رغما عنكم؟، هل تعتقدون أن هذا الأمر غير منطقي؟ ولكن ذلك ما تعود به متلازمة توريت مرارا وتكرارا على الأشخاص المُصابين بهذا المرض فيفقدون التحكم والسيطرة على أنفسهم.

بعض المعلومات عن متلازمة توريـت

من الناحية العلمية تم إطلاق اسم متلازمة الحركات اللاإرادية على متلازمة توريـت ، حيث إنها عبارة عن خلل وراثي يُصيب تحديدا أعصاب الجسم وتتجلى آثاره وعلاماته في الأطوار السنية المُبكرة والتي تكون عادة على هيئة تشنجات عصبية فجائية لاإرادية من الممكن أن يُلازمها بعض الأصوات التكرارية، التي فقد الشخص المُصاب السيطرة عليها والتحكم فيها بصورة تامة وأصبح أسيرا لها.

تتباين وطأة التشنجات أو النوبات الناتجة عن متلازمة توريـت في كل مرة أو مع التقدم في العمر، ومن الممكن أن يكون لعناصر خارجية أخرى مثل؛ الهلع والتوتر الزائد والضغط العصبي والإرهاق الجسدي تأثير على حدة اعراض متلازمة توريت ، كما تتفاوت شدة تلك الأعراض بناء على المرحلة العمرية في كثير من الأحيان.

أشارت الأبحاث العلمية إلى وجود مجموعة من الحركات المُتعارف عليها والتي تدل على إصابة الشخص بـ متلازمة توريـت ومن أبرزها؛ فتح وإغلاق العينين بصورة زائدة عن الحد أو ايماءات الوجه، وقد يشعر المُصاب قبل هذه النوبات بأحاسيس غير جيدة خاصة في منطقة العضلات المُتأثرة، وعلى الرغم من أن هذه المتلازمة تم تصنيفها كعلة عصبية إلى أنها لا تعود بالآثار السلبية على القوة العقلية للمُصاب، ولكن من الممكن أن تؤثر متلازمة توريت عند الأطفال على إمكانياتهم على التعلم والتفاعل مع الآخرين، فقد يشعورن بثقل و صعوبات التعلم وقد يحتاج الأمر إلى استشارة الطبيب.

أسباب متلازمة توريت | ما هي؟

لم تؤكد الأبحاث العلمية والدراسات الطبية على وجود أسباب بعينها من شأنها أن تؤدي للإصابة بـ متلازمة توريـت ، ولكنها أشارت إلى أن هذه المتلازمة متعلقة ومُتأصلة بالناقلات الحسية والعصبية المُستوطنة بالدماغ والمسئولة عن تنظيم كل حركات أعضاء الجسم المختلفة، بينما أرجع علماء آخرون أسباب متلازمة توريت إلى وجود خلل في جينات الأشخاص المُصابة ولكن لم يتوصلوا حتى الآن إلى تحديد هذه الجينات بدقة.

قيل أيضا إنه يوجد صلة بين الماضي الأُسري في الإصابة بـ متلازمة توريـت أو أي نوع آخر من النوبات والتشنجات واحتمالية تعرض النسل الجديد بها، ولعل من بين أبرز الأسباب التي من الممكن أن تؤدي للإصابة بـ متلازمة توريـت ما يلي:

1- تعرض الطفل الصغير لأي إصابة مُؤثرة في منطقة الدماغ.

2- وصول كمية غير كافية من الأكسجين للطفل خلال عملية الولادة.

3- إقدام الأم بشراهة على تناول المشروبات المُنبهة مثل القهوة أثناء مدة الحمل.

4- وضع السيدة الحامل من الناحية الصحية أثناء مدة الحمل خاصة في الشهور الأولى من الحمل.

5- قيام الأم بالعديد من العادات الضارة خلال شهور الحمل ومن أبرزها؛ التدخين وتناول المشروبات التي بها نسبة عالية من الكحول.

اعراض متلازمة توريت | ما هي؟

تتباين تأثيرات الأعراض الناتجة عن متلازمة توريـت من طفل إلى آخر، حيث توجد مجموعة من الصغار لا يتأثرون بها ولا تُعيق حياتهم بدرجة كبيرة وذلك يعود إلى خفة قوتها أو أنها تُصيبهم على أوقات متباعدة، بينما الأطفال الذين تظهر الأعراض عليهم بصورة قوية وتأتيهم في وقت قصير يتأثرون بشدة ويكونون عُرضة لحالات من التنمر والسخرية لكل من حولهم ويزداد لديهم الرهاب الإجتماعي المُزمن.

يوجد العديد من أعراض متلازمة الحركات اللاإرادية توريت والتي يعاني الأشخاص المُصابون بها من توليفة من النوبات الجسدية والتشنجات الصوتية الخارجة عن سيطرتهم بشكل كامل، وسنقوم بسرد أمثلة لكل نوع من التشنجات السالف ذكرها على حدة في السطور التالية:

أولا: صور النوبات الجسدية اللاإرادية

– جس الناس والجماد.

– رعشة الكتفين وهز الرأس.

– تحريك جفن العين باستمرار.

– دوران العين في كل الاتجاهات.

– الوقوف والإقدام على النط والقفز.

– اهتزاز القدمين واليدين بصورة مبالغ فيها.

– تبدل دائم في ملامح الوجه مثل؛ تعبيرات الحزن والاستياء والغضب.

ثانيا: النوبات الصوتية اللاإرادية

– السعال.

– الصفير باستمرار.

– تقليد أصوات الحيوانات.

– التلفظ بعبارات وجمل غير منتظمة.

– مُعاودة صوت مُعين أو كلمة بعينها.

– إطلاق أصوات مُزعجة بواسطة اللسان.

– خروج أصوات عالية أثناء النوم أو حتى خلال الكلام (الشخير).

– قول ألفاظ بذيئة وإطلاق الشتائم، وهذا عرض نادرا ما يظهر على الأشخاص المُصابين بـ متلازمة توريـت .

ومن الممكن أيضا أن يُصاحب هذه المتلازمة عدد آخر من الاضطرابات والتي من أمثلتها؛ الوسواس القهري ، قلة الانتباه، فرط وزيادة الحركة.

متلازمة الحركات اللاإرادية

طريقة تشخيص متلازمة توريت

من خلال تجربتي مع متلازمة توريت لا توجد ممارسات بعينها خاصة بتشخيص متلازمة توريـت ، ولكن يمكن التعويل على عدد من الفحوصات بغرض معرفة الإصابة من عدمها، ومن الممكن إجراء تلك الاختبارات بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي من أجل إقصاء ونفي الدوافع الأخرى المُسببة للنوبات والتشنجات.

يمكن أيضا تشخيص متلازمة توريـت عبر الاستناد على عدد مرات ظهور النوبات أثناء السنة السالفة قبل القيام بإجراء الفحوصات والاختبارات، ومن الممكن أن يطلب الطبيب المُختص من الشخص المُصاب إجراء فحوصات شاملة على كامل الجسم وذلك بهدف الوقوف على الوضع الصحي له بصورة أعم وأشمل، حيث إن ذلك سيكون له تأثير كبير على الدعم المُقدم و تحديد علاج متلازمة توريت بشكل دقيق ومفيد.

علاج متلازمة توريت

يتساءل الكثير من الأشخاص عن علاج متلازمة توريت ويتبادر إلى أذهانهم أسئلة جمة بخصوص هذا العرض ومنها بالتأكيد هل متلازمة توريت خطيرة أم لا؟، وهل توجد أعشاب لعلاج متلازمة توريت ؟، أشارت الأبحاث العلمية والدراسات الطبية أيضا إلى عدم وجود علاج مُحدد لـ متلازمة توريـت ، كما أن الغالبية العظمي من صغار السن المُصابين بنوبات لاإرادية أو حتى من هم في سن المراهقة قد لا يكونون بحاجة إلى معالجة دوائية.

إن جميع الأساليب العلاجية المتوفرة لعلاج متلازمة توريـت يكمن الغرض منها في تقليل حدة ووطأة الأعراض الناتجة عنها والسيطرة قدر المُستطاع على التشنجات الفجائية والحركات المُتكررة، ولعل من أبرز طرق علاج متلازمة توريت ما يلي:

أولا: طريقة العلاج السلوكي

تدريب الشخص المُصاب على القيام بأشياء عكس العرض، حيث يتم تحديد الأحاسيس التي تنتاب المُصاب وتسيطر عليه قُبيل حدوث النوبات والحركات اللاإرادية، ومن ثم الاجتهاد والعمل على خلق وإبداع سلوكيات أخرى عوضا عنها والتي قد تؤدي إلى تخفيف التشنجات الفجائية والحد منها بدرجة كبيرة.

ينصح الأطباء المُتخصصون أيضا باستعمال جلسات العلاج النفسي التي قد تُجدي نفعا في علاج متلازمة توريت والقيام خلالها بعمل تكنيك الاسترخاء وتمارين التنفس العميق للمُصاب أو إخضاعه للتنويم المغناطيسي أو أسلوب التأمل الموجه.

ثانيا: طريقة العلاج الدوائي

في بعض الحالات العصيبة المُصابة بـ متلازمة توريت قد يلجأ الطبيب المُختص إلى وسيلة العلاج الدوائي إذا كانت الأعراض قوية وتؤثر بالسلب على حياة المُصاب بصورة كبيرة وأيضا من أجل السيطرة على وطأة وشدة النوبات اللاإرادية وتخفيفها قدر الإمكان.

ومن الممكن أن لا تُجدي هذه الطريقة نفعا مع عدد من الحالات، ومن المعروف أن كل الأدوية يكون لها آثار جانبية على الصحة العامة للجسم ولا يُستثني من ذلك المُستخدمة في علاج متلازمة توريت لذا لا بد من تقدير أضرارها المُحتملة مقارنة بمنافعها.