ما هي أعراض مرض الزهري المُعدي؟

مرض الزهري

“الصحة تاج على رؤوس الأصحاء .. لا يراها إلا المرضى” عبارة لا تنبثق سوى من جسدٍ به سقام؛ جسد قد ندم على استسلامه للإصابة بالأمراض؛ لا سيما مرض الزهري المُعدي والمصاحب للآلام، فمَن فقد العافية فكأنه فقد الراحة والثروة التي لا تُقدر بأي مال!

ما هو مرض الزهري ؟

أصبحنا في زمنٍ تعيسٍ تشغل فيه الأمراض تواجدًا أكبر من الأشخاص المحيطة بنا من سائر الجهات، فالإنسان يفنى والأعمال تنقرض والآمال تتحقق وتنتهي إلا شيء واحد ثابت على موقفه؛ ألا وهي تلك الأمراض المعدية التي عزمت على الصمود والبقاء كـ مرض الزهري الذي انبلج منذ مئات السنوات، والذي لا زال متمكنًا من عبور الأجساد بسلاسةٍ.

لقد شهدت أوروبا على الاندلاع الأول المسجل لـ مرض الزهري لا سيما في مدينة نابولي الإيطالية إبان الغزو الفرنسي، وأُصيب بهذا الداء كثيرون من المشاهير أبرزهم رائد المدرسة الانطباعية إدوارد مانيه؛ الرسام الفرنسي الجليل.

لم يكن الحظ حليفًا لما يقرب من 12 مليون شخص مختلفي الجنسيات حول العالم سنويًا؛ هؤلاء المصابون بـ مرض الزهري دون درايتهم بذلك حيث إنه من المستحيل تشخيص هذا المرض في مراحله المبكرة، فعلى أي أساس سيكون تشخيص الطبيب لحالة المريض الذي يعاني من الطفح الجلدي على أنه مصاب بـ مرض الزهري دون غيره؟!

لم يكن هذا الطفح دليلًا كافيًا على الإصابة بـ مرض الزهري حيث إنه من أبرز اعراض التهاب السحايا بجانب الصداع المزمن واضطراب الأمعاء.

ما هي اعراض الزهري؟

ربما قد أُنصتت آذانكم من قبل إلى مرض السفلس أو الإفرنجي؛ ذلك الداء الذي ينتقل جنسيًا والذي تسببه الجرثومة الملتوية اللولبية الشاحبة، ولكن يغفل البعض منكم عن معرفته لأن اسمه الشائع هو مرض الزهري ، والذي أُطلق عليه هذا الاسم لأول مرة بعد عام 1530 بينما كان معروفًا باسم المرض الفرنسي منذ رواجه؛ نسبة إلى القوات الفرنسية العائدة من الحرب والذين حملوا هذا المرض المُعدي.

ولـ مرض الزهري علامات وأعراض كثيرة يكون التشخيص الدقيق لها صعبًا للغاية، ولمرحلة الزهري الأولية أعراض تختلف عن الثانوية عن الثالثية، فكلما تمكن مرض الزهري من جسد المريض كلما شكّل ذلك خطورةً على صحته؛ حيث إن التقدم في هذه المراحل يتناسب عكسيًا مع نقاهة المريض!

أولًا:- المرحلة الأولية

– ينتقل مرض الزهري جنسيًا كما هو حال انتقال داء الكلاميديا أو المتدثرة؛ وفي بداية الأمر تظهر عدة علامات على المصاب به كقرحة مؤلمة في القضيب أو المهبل، وربما قد تظهر هذه القرح أيضًا على اللسان أو الشفاه أو عنق الرحم أو غيرهم من أماكن الجسم.

– قرحة واحدة هي مَن تظهر في غالبية الحالات؛ أما ظهور أكثر من قرحة فهو أمر نادر، وتستهل هذه العلامات في البزوغ بعد 3-4 أسابيع من انتقال العدوى.

– تأخذ هذه القرح شكلًا مرتفعًا ذات لون أحمر ومع مرور الوقت تتضاعف في الحجم، وغالبًا ما تكون غير مصاحبة لأي آلام؛ لذا لا يشعر بوجودها الكثيرون.

– تتراوح مدة علاج الزهري بين 3-12 أسبوعًا؛ وبعد ذلك يكون المريض قد تعافى بشكل كامل من هذا المرض.

ثانيًا:- المرحلة الثانوية

– تتشعب بكتيريا الزهري في مجرى الدم مسببةً طفح جلدي عائم؛ وتورم في العقد اللمفاوية؛ وأعراض أخرى، وتظهر هذه العلامات في مدة تتراوح بين 6-12 أسبوعًا بعد انتقال العدوى للمريض.

– يستمر ظهور الطفح الجلدي على راحتي الكفين أو القدمين لفترة تتفاوت بين مريض وآخر، ولكنه مع تواتر الأيام يتلاشى تدريجيًا؛ إلا أن ظهوره على فروة الرأس في بعض الأحيان يكون سببًا في تساقط الشعر بشكل مبالغ فيه؛ ويكأن العث قد التهمه!

– قد يتسبب مرض الزهري في تلك المرحلة في إصابة المريض بأمراض أخرى مثل الحمى وفقدان الشهية ونقصان الوزن والإرهاق.

– يعاني 50% من المصابين بمرحلة الزهري الثانوية من تضخم العقد اللمفية في سائر أنحاء أجسادهم، وتصاحب هذه المرحلة عدة تغيرات جسدية منها التهاب و احمرار العين وأوجاع في المفاصل والعظام.

– يظلّ الصداع المزمن مرافقًا لهؤلاء المرضى في هذه الفترة جراء انتقال العدوى إلى الدماغ؛ كما قد تنتقل إلى العينين أو الأذنين فتُسبب مشاكل في الرؤية أو السمع على حدة.

ثالثًا:- المرحلة الهاجعة

– لم يعد اختفاء الأعراض عند المريض دليل على شفائه من مسببها؛ بل قد يظل المرض مرتكزًا في جسد السقيم مع تلاشي أعراضه مثلما يحدث في هذه المرحلة، فلم تتواجد أي آثار لعلامات هذا الداء مطلقًا رغم تمركز البكتيريا في بدن العليل.

– لم يكن مرض الزهري خلال هذه الفترة معديًا، ولكنه قد ينتقل بالعدوى عند لمس أي قرحات جسدية خلال تلك المرحلة.

– تُصنف هذه المرحلة بأنها مبكرة إذا أُصيب بها المريض في غضون 12 شهرًا ماضيًا؛ أما إذا حدثت قُبيل أكثر من هذه المدة فتكون المرحلة متأخرةً.

مرض السفلس

مرض السفلس

رابعًا:- المرحلة الثالثية أو المتأخرة

لقد سلكت الأمراض نهج الكائنات البشرية بل وتخطت فيه أشواطًا كبيرةً؛ وأصبحت تتظاهر بأوجهٍ عدةٍ مثلها مثل الأُناس، ولعل من أبرز هذه الأسقام هو داء السفلس الثالثي؛ ذلك المرض الذي يتظاهر بثلاثة أوجه رئيسية سأذكرهم في ما يلي:-

1- الزهري الثالثي الحميد

ليس من الشائع ظهور هذا النوع من المرض؛ حيث يستغرق فترة تتراوح بين 3 إلى 10 سنوات من الإصابة ببكتريا الزهري، والذي تصاحبه ناميات ناعمة؛ ذات قوام مطاطي تُسمى الصمغات؛ وتتواجد على الجلد وغالبًا فروة الرأس، كما قد يتدهور الأمر وتظهر هذه الصمغات في الكبد أو العظام.

تعمل هذه المواد اللزجة على تدمير الأنسجة المحيطة بها ما لم تخضع للعلاج، وتتسبب هذه الصمغات في حدوث آلام عميقة لا سيما في العظام، ويتم التعافي منها بشكل تدريجي مع تركها لندباتٍ في مواضعها.

2- الزهري القلبي الوعائي

تُلحق البكتيريا العدوى بالأوعية الدموية المتصلة بالقلب في هذا النوع، مما يؤدي ذلك إلى حدوث مضاعفات للمريض منها ما يلي:-

– تدهور جدران الشرايين، ضيق التنفس ، بحة في الصوت، سعال.

– تسريب في الصمام الأورطي الذي يسمح بتدفق الدم من البطين الأيسر إلى الشريان الأبهري.

– انقباض الشرايين التاجية التي تحمل الدم إلى القلب والتي قد ينجم عنها الوفاة.

3- الزهري العصبي

إنه لأكثر أنواع الزهري خطورةً حيث يُصيب المخ والحبل الشوكي، ويحدث بأشكال عدة أهمها ما يأتي:-

– عديم الأعراض:- تنتج عنه التهابات بسيطة في السحايا الموجودة بالدماغ والحبل الشوكي.

– سحائي وعائي:- تكون شرايين الدماغ والحبل الشوكي ملتهبةً؛ ويعاني المريض من صداع وتيبس في الرقبة، وقد يصاب بعض المرضى بالسكتات الدماغية في هذه الحالة.

تجربتي مع مرض الزهري

لقد ظلّ الإنسان منشغلًا بأموره الحياتية ومشاكله اليومية أكثر من صحته البدنية؛ وكأن هذه الصحة في مؤخرة أولوياته التي لا ينظر إليها؛ حقًا فهي في آخر الخاناتِ! لذا تمكنت الأمراض من عبور الجسد بل واستقرت بداخله ويكأنه مكانٌ مخصصٌ للسكن فيه، ولعل من أبرز هذه الأسقام هو داء السفلس الذي أُصيب به الكثيرون؛ والذين باتوا يرددون سؤال هل يمكن الشفاء من مرض الزهري أم لا؟! وذلك بعدما وصلوا إلى مراحله المتقدمة أي بعد فوات الأوان!

انصبت غالبية نتائج تجارب المرضى مع داء الزهري في أن نسبة الشفاء منه تصل إلى 90%؛ إلا أن مدة العلاج مختلفة، فالمريض في المرحلة الأولى من الزهري بحاجة إلى جرعات علاجية أقل من غيره الذي في مرحلة متأخرة من المرض.

كم فترة علاج مرض الزهري؟

لقد تحدثت في السطور السابقة عن كيف ينتقل مرض الزهري وأهم أعراضه؟ لذا سأتناول بالذكر فترة العلاج التي تُحدد وفقًا لحالة المريض فيما يلي:-

– يكون العلاج بواسطة حقن بنسلين أو عن طريق المضادات الحيوية إذا كانت مدة الإصابة أقل من عامين، وتتراوح مدة العلاج ما بين 10-14 يومًا.

– إذا أُصيب المريض بهذا الداء منذ أكثر من سنتين سيكون العلاج المناسب له أخذ حقن بنسلين يوميًا أو تعاطي حبوب المضادات الحيوية لمدة شهرين، وفي سياق الحديث عن إبر البنسلين هذه دعوني أذكركم بأنها أفضل مضاد حيوي لالتهاب الحلق والعدوى البكتيرية.

هل مرض الزهري هو الإيدز؟

لقد كانت الأعراض المشتركة بين هذين المرضين سببًا كبيرًا في اعتقاد البعض أنهما مرضٌ واحدٌ؛ ولكن الحقيقة غير ذلك، فالبكتيريا المسببة لمرض الزهري لا تنتقل إلا عن طريق الاتصال المباشر؛ أما عن عدوى فيروس العوز المناعي المسبب لداء الإيدز فيتنقل عبر الدم.

لماذا أُطلق اسم المقلد العظيم على مرض الزهري؟

نظرًا لتشابه أعراضه مع أعراض غيره من الأمراض لا سيما في مرحلته الثالثية والأخيرة.

ما هي أسباب مرض الزهري؟

يحدث مرض الزهري للرجال وللنساء بسبب الإصابة بالجرثومة اللولبية الشاحبة أثناء الاتصال الجنسي أو الفمي.

ما هي أبرز أعراض داء الزهري؟

الصداع، تضخم في الغدد الليمفاوية، فقدان الوزن، ألم في المفاصل، الحمى، الإعياء، تساقط الشعر.

هل يكتسب المرضى المتعافين من السفلس مناعة ضده؟

لا يكتسب هؤلاء مناعةً أو أجسامًا مضادةً لهذا المرض بل يمكن أن يصابوا به مجددًا.

مواضيع ذات صلة

مرض السمنةأسباب مرض السمنة وأعراضه | وأفضل طرق العلاج

طريقة تكثيف الشعرطريقة تكثيف الشعر الخفيف وملء الفراغات للنساء والرجال