مسجد قباء | باكورة مساجد الدولة الإسلامية

مسجد قباء

إن صفحات التاريخ الإسلامي مكتظة بالمعالم الآسرة للقلوب بروعتها وعراقتها والغنية بالتراث الثقافي والساحرة بجمال طبيعتها الخلابة، و مسجد قباء خير ما يضرب به المثل في ذلك، ونجده أيضا مُفعم بالروحانيات والأجواء الإيمانية التي تُشبع الروح والعقل.

بعض المقتطفات عن مسـجد قباء

يعد مسـجد قباء واحدا من أعظم المساجد وأشهرها على الإطلاق في الإسلام، فيأتي بعد مسجد الله الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة و  المسجد الاقصى في فلسطين من حيث الأفضلية، ولكن ما يفرقه عن بيوت الله هذه أن الرحال لا تُشد إليه، بالإضافة إلى ذلك أيضا لا يُطلق عليه مصطلح حرم لأنه لم يأت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنه لقبه بهذا اللفظ.

اول مسجد بناه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في العهد الإسلامي هو مسجـد قباء ، وذلك عندما هاجر خير الأنام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، حيث كانت الهجرة بمثابة الفصل الأول في قصة مسجد قباء.

ففي أثناء رحلة الهجرة وعند الاقتراب من حدود يثرب أراد سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم- أن يرتاح من تعب الطريق فاختار منطقة قريبة من أحد الآبار التي كان يمتلكها الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري ليستريح بها وكانت تُدعى قباء، ومكث فيها بضعة أيام.

رغب سيدنا محمد في تشييد مسجد بالمدينة، ووقع اختياره صلى الله عليه وسلم على تلك المنطقة ولكن في أي جزء منها تحديدا سيتم بناء المسجد فيه.

تكملة قصة مسجد قباء

تكفلت ناقة النبي الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام باختيار مكان بناء المسجد، حيث قد أمر المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بأن يتركوا الناقة تمشي وحدها فإنها مأمورة، فكان مبرك الناقة في مسجد قباء، فألزم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الصحابة الذي أتى في مقدمتهم ابو بكر الصديق أن يشيدوا المسجد في الرقعة التي بركت فيها الناقة.

كان البناء الأول لـ مسـجد قباء بسيطا في تركيبه عظيما في معناه، فتألف من 3 أبواب، بالإضافة إلى ممر طويل مُغطى بأوراق النخيل، وتم تسقيفه من الناحية الجنوبية حماية للمصلين من نزول المطر، وظل هذا الاسم يتردد على أسماع الناس كافة إلى وقتنا هذا، ومر مسـجد قباء بالكثير من التصليحات في مختلف الحقب الإسلامية، وعلى الرغم من وجود العديد من المساجد في العالم الإسلامي إلا أن مسـجد قباء ما زال محتفظا بمنزلته الإسلامية وعراقته.

مناقب مسـجد قباء

يختص مسجد قباء بالكثير من المناقب الحسنة ولعل من أبرزها ما يلي:

1- قد قيل إن فضل الصلاة في مسجد قباء يوازي أجر عمل عمرة في بيت الله الحرام، بصرف النظر عما إذا كانت فرضا أو نافلة، ويستدل على ذلك من حديث مسجد قباء الذي قال فيه المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: (من تطَهَّرَفي بيتِهِ، ثمَّ أتى مسجدَ قباءٍ، فصلَّى فيهِ صلاةً، كانَ لَهُ كأجرِ عمرةٍ).

2- كان سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- يُخصص يوما معينا في الأسبوع لزيارة مسـجد قباء ويؤدي صلاته فيه وكان هذا اليوم هو يوم السبت، وذلك يشير إلى عِظم منزلة هذا المسجد ومكانته الكبيرة.

3- تم تشييد وتأسيس مسـجد قباء على الورع والتقوى منذ بداية العهد الجديد للدولة الإسلامية، وذكر المولى -عز وجل- أنه يحب الذين يتطهرون في هذا المسجد.

4- شارك سيد ولد آدم النبي العدنان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في تشييد وبناء مسـجد قباء ، حيث إنه من وضع اللبنة الأولى في المكان الذي بُني فيه بيده الشريفة.

5- حدثنا الذكر الحكيم عن مكانة مسـجد قباء وأهميته، حيث قال المولى عز وجل في كتابه المجيد، (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التّقْوَى مِنْ أولِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ).

 مسـجد قباء

مناقب مسـجد قباء

ما هو سبب تسمية مسجد قباء بهذا الاسم؟

يرجع سبب تسمية مسجد قباء بهذا الاسم نسبة إلى أحد الآبار التي كانت موجودة في المنطقة التي استكان إليها الرسول عليه الصلاة والسلام خلال رحلة الهجرة ومكث فيها عدة ليالِ ليرتاح من وعورة الطريق، وتم تسميتها على اسم البئر الذي وجد فيها، وتعد هذه المنطقة ملجأ قبيلة بني عمرو بن عوف.

وفي خلال هذه الأيام تم بناء أول مسجد في الإسلام وأُطلق عليه اسم قباء تكريما لهذه البقعة من الأرض، وقال العلماء في توضيحهم لمُسميات المساجد إنها قد تكون على اسم من صلى فيها أو المنطقة التي تتواجد بها مثل مسـجد قباء، وذلك حتى يتم تمييزه عن المساجد الأخرى.

الفرق بين مسجد قباء والمسجد النبوي

يوجد عدد ليس بالقليل من المسلمين الذين لا يعرفون الفرق بين مسجد قباء والمسجد النبوي ، حيث إنه من الأشياء التي يُحبذ أن يكون المسلمون كافة على وعى ودراية بها، فيرى البعض أنه لا يوجد أي فروقات بين المسجدين وثواب الصلاة في كليهما واحد، ولكن في حقيقة الأمر توجد عدة فوارق جلية سردتها بعض أحاديث السنة النبوية وروايات المفسرين ومذاهب العلماء، فكل مسجد يمتلك منزلة وأهمية دينية خاصة.

يتواجد كلا المسجدين في أكناف المدينة المنورة، أحدهما موجود داخل المدينة وهو المسجد النبوي، بينما المسجد الآخر وهو مسـجد قباء موجود في المنطقة الجنوبية الغربية من المدينة على الطريق الذي أُطلق عليه اسم طريق الهجرة الذي يصل بين حدود مكة المكرمة والمدينة المنورة.

كما يبعد المسجدان عن بعضهما قرابة نصف ساعة من السير، حيث تقدر المسافة بينهما بحوالي 5 كيلو متر، تصل المساحة الحالية لـ مسـجد قباء إلى حوالي 13500 متر مربع، بينما على الجانب الآخر تقدر مساحة المسجد النبوي الشريف بحوالي 400 متر مربع، وكل من المسجدين خضع للعديد من التوسعات.

قد قيل إن الصلاة في المسجد النبوي الشريف تماثل ألف صلاة، وعلى الجهة الأخرى لم يرد أي أقاويل بخصوص تعاظم أجر الصلاة في مسـجد قباء ، ولكن هذا لا يقلل من شأن أول مسجد في التاريخ الإسلامي.

التغيرات الطارئة على مسجد قباء على مر التاريخ

شهد مسـجد قباء الكثير من التغييرات والتعديلات على مر الأزمنة والعصور في التاريخ الإسلامي، ومن أبرزها ما يلي:

أولا: عصر الخلفاء الراشدين

اهتم الصحابة رضوان الله عليهم بعد وفاة المصطفى -عليه الصلاة والسلام- بتعمير مسـجد قباء، ففي عهد الخليفة عثمان بن عفان خضع المسجد لأعمال التجديد والتحسين، كما هو الحال أيضا للمسجد النبوي الشريف، وظل مسـجد قباء على وضعه بعد هذه التعديلات حتى فترة حكم الوليد بن عبد الملك.

ثانيا: عصر الدولة الأموية

عندما تولى الوليد بن عبد الملك خلافة الدولة الإسلامية أمر بإعادة تعمير المساجد والمعالم الإسلامية كافة، فأشار إلى ابن عمه عمرو بن عبد العزيز بتطوير بناء مسـجد قباء وزيادة مساحته، وبالفعل تم تنفيذ كل ذلك، وفي عهده شُيدت أول مئذنة لـ مسـجد قباء وبُني الكثير من الأعمدة الحجرية به.

ثالثا: عصر الدولة العثمانية

كان ملوك وأمراء الدولة العثمانية يهتمون كثيرا بالعمارة والتجديد، وكان مسـجد قباء في طليعة المعالم الإسلامية التي يريدون تجديدها وتعميرها مرة أخرى، ففي عام 435 هجريا في ولاية الشريف أبو علي أحمد بن الحسن أُلحق به الكثير من النقوش على الطريقة الكوفية، وخضع مسجد قباء لإصلاحات أخرى في عهد جمال الدين الأصفهاني سنة 555 هجريا.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب، حيث إنه مع توالي السلاطين توالت عمليات الإصلاح والتعديل لـ مسـجد قباء ، فأُضيف إليه محاريب مصنوعة من أفخم أنواع الرخام، وتم تزويده بمنارة آية في الجمال.

رابعا: العصر السعودي

لم يغفل ملوك السعودية عن الاهتمام بـ مسـجد قباء، ففي سنة 1388 هجريا خصص الملك فيصل بن عبد العزيز ميزانية تصل إلى 800 ألف ريال سعودي لعمل تجديدات وإصلاحات في هذا المسجد العظيم، فتم تجديد الأسوار الخارجية له، وإنشاء مدخل مخصص للسيدات، وظهر المسجد على هيئة مربع يصل عرضه إلى 40 متر.

في ولاية الملك فهد بن عبد العزيز قامت وزارة الحج السعودية بتغيير أغطية مسـجد قباء بالكامل لأغطية من النمط المعماري الإسلامي، كما تم زيادة مساحته الخارجية، فبات يستوعب بين ثناياه 20 ألف من المصلين، وأصبح على هيئة مستطيل، ووصل عدد المآذن والقبب به إلى 4 و 56 على الترتيب، وصُمم السقف الخاص به على شكل قبة ضخمة، فيُقدر ارتفاع القبة الرئيسة إلى حوالي 25 متر.

أين يقع مسجد قباء ؟

يتواجد هذا البيت الشريف في المملكة العربية السعودية وتحديدا في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة المنورة ويبعد بضعة كيلو مترات عن المسجد النبوي الشريف.

هل مسجد القبلتين هو مسـجد قباء ؟

لا، إن مسجد القبلتين يُطلق على مسجد بني سلمة، حيث إن الوحي الإلهي نزل على رسول الله عليه الصلاة والسلام بتغيير القبلة وهو يصلى الظهر في مسجد بني سلمة وكان قد أقام ركعتين منه، فحول القبلة وهو راكع، لذلك أطلق عليه هذا الاسم.

من هم أشهر أئمة مسـجد قباء ؟

توالى على مسـجد قباء الكثير من الأئمة ومن أبرزهم، الإمام سليمان الرحيلي، الإمام زهير حافظ، الإمام محمد أيوب، الإمام محمد بن عبد الله الغامدي، الإمام أحمد الحذيفي، والإمام عبد الرحمن حذيفي.

كم تبلغ المساحة الحالية لـ مسـجد قباء ؟

وصلت مساحة مسـجد قباء بعد جميع التعديلات والتصليحات التي خضع لها عبر مر الأزمنة والعصور حتى وقتنا هذا إلى قرابة 13500 متر مربع، ويستوعب ما يزيد عن 20 ألف مصلٍ.

مواضيع ذات صلة

حديث ام زرعحديث ام زرع | المعاملة الحسنة تُذهب السيئة

صور دعاء الصباحأجمل صور دعاء الصباح | لتشاركها مع أصدقائك