معلقة زهير بن أبي سلمى : الهروب من الحرب

الحمائِم التي تطيرُ في الصَّحراءِ لا بدّ أن يصيبَها الظمأ والعاصِفة، لا بدّ أن تنتَهي إلى السّقوط بعد مواجهةٍ عنيفةٍ مع الرّيح القاسية، إلَّا إذا وجدت غديرًا طيِّبًا! هذه الحمائِم رمزُ السَّلام وهذا الغدير هو معلقة زهير بن أبي سلمى إنّها معلقة دعت للسلامِ بين قبيلتي عبس وذبيان بعد حربٍ ضروسٍ دامت لأربعين عامًا، وسجّلت نهاية هذه الحرب بعد أن اتفقا رجلان كريمان من أجلّاء العرب على إنهاء هذه الحرب ودفع الفدية لكل القتلى والجرحى والثكالى.

تحوي المعلقة المؤلفة من قبل زهير بن أبي سلمى فلسفة الحياة والموت والحرب والسلام، أي إن قصيدة زهير بن أبي سلمى في الحكمة وهي دعوة صريحة للحياة الهادئة الجميلة التي لا ترتمي في أحضانِ الحروبِ والدماءِ وصراخِ السيوفِ والرماحِ وغبارِ الرمالِ الذي يعمي العيون، هذه المعلقة لوحة فنية رائعة الجمال من شاعرٍ يعدّ من أفضل شعراء العربية على الإطلاق.

كلمة عن مؤلف المعلقة

يعدُّ زهير بن أبي سلمى المتوفَّى سنة 615م ثالثَ شاعرٍ من الشعراءِ الكِبارِ وهُمْ: امرؤ القيس ، النابغة الذبياني، زهير بن أبي سلمى، ويؤكد النُّقاد القدامى صعوبة المفاضلة بين هؤلاء الشعراء وتقديم شاعرٍ على آخَر نظرًا لقوة البيان والفصاحة والبلاغة التي تفشُّت في شعرِهم البليغ.

ولد زهير في قبيلة مزينة وهي من مضر حيثُ عاشَ مع أبيه في بيوتِ بني عبد الله بن غطفان، وقد ذكرَ زهير بن أبي سلمى في كثيرٍ من شعرهِ ديار بني مرة وغطفان مدحًا نبيلًا، فقد كانَ على خُلُقٍ نبيلٍ ولذلك تم تتويجه سيِّدًا في منزِلِ ديارِهِ، وكان شديد المقربةِ من كُبراءِ بني ذبيان ووجهائِهم.

كانَ زهير بن أبي سلمى شاعرًا من أبٍ شاعرٍ وله ولدٌ شاعرٌ وأختٌ شاعِرةٌ وخالٌ شاعرٌ! فهو من عائلة الشعراءِ المرهفين بالفطرة، مدحَ أمراءَ كثيرين، وذمَّ أيضًا كثيرين، وكان من يذمّه زهير فلا قائمةَ له، ومن يرفعه فلا نازِلة لَه، لذلك كانت العرب تتقي شرَّ هجاء زهير، وتتقرَّب إليه طمعًا في مدحهِ العالي.

كان زهير ينظم شعره في شهرٍ، من ثمَّ يظلُّ طوال العام ينقِّحُ فيه ويهذِّبُه، من ثمَّ يحاول عرضَه على الأقربين والخواص من حوله، لذلك سميت قصائده بالحوليات لأنَّها تنظَّمُ وتنقَّحُ طوال الحول أي السنة، وعدد هذه الحوليات أربع، ومن هذه الحوليات معلقته الخالدة ( معلقة زهير بن أبي سلمى ) التي تتحدث عن نهاية حرب داحس والغبراء.

حول معلقة زهير بن أبي سلمى

أتت معلقة زهير بن أبي سلمى على منوال الشعر الجاهلي القديم، فإنّنا نتناول معلقة زهير بن أبي سلمى من حيث الوقوف على الأطلال وذكر الديار وهجرة المحبوب من ثم الدخول مباشرةً في الحدث الرئيس.

وإن الأهمية الكبرى لـ معلقة زهير بن أبي سلمى هي تأريخها للصلح العظيم الذي تم بين قبيلة عبس وقبلية ذبيان بعد أن دامت الحرب بينهما عشرين عامًا والتي كان من أبطالها الفارس عنترة بن شداد والكلُّ في زماننا يعرف جيِّدًا قصة عنترة بن شداد حيث وقفت معلقة زهير بن أبي سلمى شاهدةً في مهبّ التاريخ على ما جاء في وثيقة السلام مسجلةً أسماء الأماكن وأعلامها وقد أتت أقسام معلقة زهير بن أبي سلمى على خمسة مقاطِع كالآتي:

1- مناجاة الأطلال

2- الهجرة

3- ما فعله البطلان السيِّدان

4- ثمن الحرب

5- حكمة حول الحياة والموت

وسيتم شرح أبيات معلقة زهير بن أبي سلمى تحت كل قسمٍ من أقسامِها وفقًا للأبيات الأكثر مرونةً وسطوعًا فيها، وإذا أردت شرحًا وافيا بإمكانك البحث عن شرح معلقة زهير بن أبي سلمى pdf على مواقع الإنترنت الأدبية وستجد الكثير من الشروحات الوافية.

شرح معلقة زهير بن أبي سلمى

الحقيقة أن ما يخرجُ من عميقِ الشّاعر العربي القديم يعدُّ كلامًا متناسقًا قد تحدد من قبلُ في ذهنِهِ قبل أن يقولَه فلم يرتجله هكذا دونما تنظيمٍ أو تنسيقٍ، وسيجد الباحِثُ في المعلقات أن هذه الأحداث أو الأفكار التي قد تزاحمت في ذهن شعرائها قد اشتملت على أكثر من مفهومٍ للوعي والحق والخير والجمال والظلم والتعصب والحكمة والحنين، ولذلك جاء بحر معلقة زهير بن أبي سلمى على الطويل فهو بحر الحكمة، ووردت الأقسام على النحو التالي:

مناجاة الأطلال

أمِنْ أُمّ أوْفَى دِمْنَةٌ لم تَكَلّمِ                      بِحَوْمَانَةِ الدّرّاجِ فالْمُتَثَلَّمِ

وَدَارٌ لَهَا بالرّقْمَتَينِ كأنّها                  مراجيعُ وشْمٍ في نَواشِرِ مِعْصَمِ

بها العِينُ والأَرْآم يَمشينَ خِلْفَة         وأطْلاؤهَا يَنْهَضْنَ من كل مِجْثَمِ

وقفْتُ بها من بعدِ عشرِينَ حِجَّةً            فلأيًا عَرَفْتُ الدّار بَعْدَ تَوهمِ

فَلَمّا عَرَفْتُ الدَّارَ قلتُ لِرَبْعِهَا:           أَلَا انْعَمْ صباحًا أيها الرَّبع واسلَمِ

بداية شرح معلقة زهير بن أبي سلمى : لم يكُنْ اختيارُ زهير لأمّ أوفَى عبثًا أو شططًا أو حتَّى سرابًا وهيامًا فهو الذي عرف عنه أنّه ينظّم قصيدته في سنةٍ كاملةٍ وينقّحها ويرتّب ألفاظها بل وينتقي ترتيب حروفِ اللفظة الواحدة، فمن تكون أم أوفى التي أخذت عقل زهير ولم يُعْهَدْ على زهير أنّه يأتي مجالس اللهو والزهو واللعب، فهو شاعر صاحب رؤية ورَوِيَّة! إنّ هذه الكنية تفتح جميع الأبواب التأويلية المغلقة على مصراعيها لأنها دلالة ذات معنى عميقٍ متسع.

والدّمنة هو ما اسودَّ الآثار الطللية بالدَّار بعد أن تأثَّر بالبعر والغبار والرمادِ وغير ذلك، أمَّا حومانة الدراج والمتثلم فهما موضعان ومكانان، والمراد بالبيت الأوَّل: أنَّ منازِل هذه الحبيبة المكنَّاة بأمّ أوفى أصبحت خرساء لا تردُّ على السائلين.

والمراد من بقية الأبيات: إنَّ بهذه الدّيار وحوشًا بقريّة لها عيونٌ رحبة واسعة، وبها ظباءٌ يتبعنَ بعضُها البعضَ في خفَّةٍ ورزانةٍ حيثُ بكلِّ حنانٍ ورقَّةٍ تأتي أولادَها لكي تُرضِعها.

ولقد وقفت بهذه الدّيار العجيبةِ بعد عشرين سنة من البعدِ والمنفى، وظللتُ أنظرُ إليها وأتعرَّفُ عليها، وأتذكر الحوادث القديمةَ بِها لكنِّي لم أستطع إلَّا بمشقة ومعاناة وجهدٍ كبيرٍ بسبب زوال علاماتها القديمة وبلائها وخرابها فقد صارت طللًا لا شكلَ لهُ مثل بقية الأطلال.

وممّا عرفته من هذه الدِّيار البالية: حجارة سوداء ينصبُ القِدرُ عليها كي ينضجَ الطعامُ! ونُهَيْرٌ عذب كان يحوم حولَ بيتِ أمّ أوفى، وقد تأكَّد لي أنَّ هذه هي الدِّيار المقصودة لحبيبتي! فسلامًا عليها وطاب عيشها في صباحها وممساها.

الهجرة

تبَصّرْ خليلي هلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِنٍ      تَحَمَّلْنَ بالعَلياءِ مِنْ فوقِ جُرْثُمِ

جَعَلْنَ القَنانَ عَن يَمينٍ وحَزْنَهُ            وكمْ بالقَنانِ مِنْ مُحِلٍّ وَمُحْرِمِ

عَلَوْنَ بأنْمَاطِ عِتَاقٍ وكِلّةٍ                    وِرَادٍ حوَاشيها مُشَاكهة الدّمِ

وَوَرّكْنَ في السُّوبانِ يَعلونَ مَتْنَهُ              عَلَيْهِنّ دَلُّ النّاعِمِ الْمُتَنَعّمِ

بكرْنَ بكورًا واسْتَحَرْنَ بسُحْرَةٍ              فَهُنّ وَوَادِي الرَّسِّ كاليَدِ لِلفَمِ

وَفيهِنّ مَلْهىً للطّيفِ وَمَنْظَرٌ                   أنيقٌ لِعَينِ النَّاظِرِ الْمُتَوَسّمِ

الشرح: يا خليليَّ هل تريانِ بهذه الأرضِ المرتفعة عن المياهِ نسوةً في خيامِهم السوداءِ على البعيرِ؟ فلقد مسَّني الوجدُ والحنينُ كأنَّي أهذي لا أستطيع أن أراهم لقد رحلوا وأنا هنا بعد عشرينَ عامًا، محالٌ أن أرى أحدًا من جديد.

ظللتُ أمرُّ بهم في جميع الأشهرِ سواء كانت أشهرًا حرما أم أشهرًا حلًّا ولكنِّي لا أرى أحدًا، إذ إنِّي أتخيَّلُ أنَّ الهوادج موضوع فوقها ثيابٌ حمرٌ مثل الدَّم، حيثُ ركبت النِّساءُ مدلَّلاتٍ يقصدنَ وادي الرسّ ويمشين في سحرٍ كأنّهنَ ساحرات وفي قصدهن للمكانِ مثل اليد التي لا تخطئ طريقَ الفمِ حين تتحسسه، وفي هؤلاء النِّسوة جمالٌ يسرُّ النَّاظرين والمتأملين، فهنَّ متأنقاتٌ، تعجب العيونَ وتعجبُ من يتتبع محاسنهن وتفاصيلَ مفاتنهن.

معلقة-زهير

معلقة-زهير

ما فعله البطلان السيِّدان

فَأَقْسَمْتُ بالبَيْتِ الذي طافَ حوْلَهُ             رِجالٌ بَنَوْهُ من قُرَيشٍ وَجُرْهُمِ

يَمينًا لَنِعْمَ السّيّدانِ وُجِدْتُمَا                 على كلّ حالٍ مِنْ سَحيلٍ وَمُبْرَمِ

تَدَارَكتُما عَبْسًا وَذُبيان بَعْدَمَا                     فَانَوا وَدَقّوا بَينَهم عطرَ مَنشمِ

وقد قلتما: إنْ نُدْرِك السّلمَ وَاسعًا               بمالٍ وَمَعْروفٍ من القول نَسلمِ

فأَصْبَحْتُمَا منها عَلَى خَيرِ مَوْطِنٍ                     بَعيدَينِ فيها مِنْ عُقُوقٍ وَمَأثَمِ

عَظيمَين فِي عُلْيا مَعَدٍّ هديتُما                  وَمَنْ يَسْتَبِحْ كَنْزًا مِنَ الْمَجْدِ يعظُمِ

تُعَفَّى الكُلومُ بالْمِئينَ فَأَصْبَحتْ                       يُنَجّمُهَا مَنْ لَيْسَ فيها بِمُجْرِمِ

فَأَصْبَحَ يَجْري فيهمُ مِنْ تِلادِكُمْ                          مَغَانِمُ شَتّى مِنْ إفالٍ مُزَنَّمِ

الشَّرح : لقد أقسمتُ بأنَّكما أيُّها السيدان الشريفان كاملانِ في كلِّ حالٍ يمرُّ عليكما، أنتما طيِّبان في السلم والحربِ، في القوة والضعف، شريفَان مستوفيان كلَّ معاظم الشرف والنبل، فلقد أنقذتما قبليتيْ عبسٍ وذبيان بعدما دبَّت رحى الحرب في أراضِيهما، وذكرتما الصَّلحَ في رحبةٍ واسعةٍ من التفاهُمِ والطيبةِ والتفاني من أجلِ الحقِّ على هذه الصحراءِ بأي ثمنٍ حتَّى ولو كان بالمالِ الهيِّن والمال الغزير، وبهذا المعروف قد سلم الجميع من الحرب الضروس.

فأصبحتُما في أفضلِ المواطِن بعيدًا عن الحربِ والأسى والدماءِ، بعيدًا عن كلِّ مآثِمِ المعارِك والتشرُّد والسبي وقتلِ الآخرين، فإنَّكما صالحتما بين العشيرتينِ ووصلتما رحِم السَّلامِ، صارَ الصُّلح في يديكُما مهديًّا، كأنَّه طفلٌ صغيرٌ وأنتما تعيلانه وتلعبان معه، أنتما أيُّها العظيمان إنَّ من يحصل على كنزٍ عظيمٍ من المجدِ يصر عظيمًا وقد حصلتما عليه بهذا السلام الذي أنشأتموه بين عبس وذبيان.

إنَّ جراح هذه الحربِ التي أصابَتْ القبيلتين قد زالت بعد فدية الإبلِ، وقد فدى هذه الحرب من لا علاقة له بها، إنَّهما رجلان يحبِّان الخيرَ لأنّها مخلوقان من الخير والسلام والعفافِ، حتَّى صارت هذه الإبل رمزًا للحريّة والسلام فقد صارت غرامةً للجرحى والقتلى والثكالى في هذه الحرب حتى أصبح يسيرُ في دماءِ المفديِّين حبُّكما أيُّها الكبيران.

ثمن الحرب

وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ        وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ
مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً          وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ

هكذا يكون الإنسان الحقّ! إنَّ عشقَ السَّلام وحبّه شيئان راسِخان في نفسِ زُهير، فإنَّ قبيلة ذبيان هم أخواله، ومع ذلك حنّ قلبُه وتوشَّح بالأخلاقِ والفضائل، ودعا إلى السلام والشمائِل الجميلة والركونِ إلى الحقّ، وما فعله زهير يعدّ ابتعادًا عن عادات الجاهلية في المطالبة بالثَّأرِ والدّم.
شرح الأبيات: هذه الحرب ليست إلَّا ممارساتٍ جاهليّةٍ كرهناها من قبلُ وسيكرهها الآتون في المستقبلِ، وإنّ الذي يمارسُ هذه الطقوس الحربيّة يمارسُها كراهةً فيها وليس حبًّا في الحربِ، وكلامي هذا شاهدٌ عليه الصادقون والمجرّبون من القرون الماضية.
متى ما تتبعوا خطو هذه الذميمة المسماة بالحربِ والثأر، فإنّها سوف تلتَهِبُ وتشعل نيرانًا في كامِل قلوبِكم، وإذا أخمدتموها فسوف تخمد لأنّكم من تحملون سياقَ الحربِ، فتمسّكوا دائمًا بالسلام والصلحِ، وإنّ عاقبة الحربِ هي النّيران فاتقوا النار.

حكمة حول الحياة والموت

سَئِمْـتُ تَكَالِيْفَ الحَيَاةِ وَمَنْ يَعِـشُ     ثَمَانِيـنَ حَـوْلاً لا أَبَا لَكَ يَسْـأَمِ
وأَعْلـَمُ مَا فِي الْيَوْمِ وَالأَمْسِ قَبْلَـهُ     وَلكِنَّنِـي عَنْ عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَـمِ
رأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ      تُمِـتْهُ وَمَنْ تُخْطِىء يُعَمَّـرْ فَيَهْـرَمِ
وَمَنْ لَمْ يُصَـانِعْ فِي أُمُـورٍ كَثِيـرَةٍ        يُضَـرَّسْ بِأَنْيَـابٍ وَيُوْطَأ بِمَنْسِـمِ
وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْروفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ    يَفِـرْهُ وَمَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْـمَ يُشْتَـمِ
وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْـلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِـهِ        عَلَى قَوْمِهِ يُسْتَغْـنَ عَنْـهُ وَيُذْمَـمِ
وَمَنْ يُوْفِ لا يُذْمَمْ وَمَنْ يُهْدَ قَلْبُـهُ        إِلَـى مُطْمَئِـنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَـمِ
وَمَنْ هَابَ أَسْـبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَـهُ          وَإِنْ يَرْقَ أَسْـبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّـمِ
وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِـهِ      يَكُـنْ حَمْـدُهُ ذَماً عَلَيْهِ وَيَنْـدَمِ
وَمَنْ يَعْصِ أَطْـرَافَ الزُّجَاجِ فَإِنَّـهُ           يُطِيـعُ العَوَالِي رُكِّبَتْ كُلَّ لَهْـذَمِ
وَمَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِـهِ         يُهَـدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمْ النَّاسَ يُظْلَـمِ
وَمَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسَبْ عَدُواً صَدِيقَـهُ        وَمَنْ لَم يُكَـرِّمْ نَفْسَـهُ لَم يُكَـرَّمِ

الشرح: لقد مللتُ مشقَّاتِ هذه الحياة، فقد بلغت من العمرِ ثمانين سنةً، وهذه المدة الطويلة تكفي الإنسانَ أن يشعر بالمللِ الجارِفِ، إلَّا أنَّني أجهلُ تمامًا ما في جعبة المستقبلِ هذا الغد المجهول دائمًا، رغم أنّني أعرفُ الأمس واليوم، ولكن يبقى الغد غير قابلٍ للتنبؤ.

إنَّني بعد تفرسٍ كبيرٍ في الدّنيا بما فيها من موت وفقدٍ وحياةٍ، قد رأيت هذا الموت الذي يأخذ الكثير من الأرواح رجلًا أعمى يخبط خبط عشواءٍ أي يضربُ بالسّهم وهو لا يرى، فمن يصب بهذا السهم يمت ومن لا يصب بهذا السهم يصبح معمرا طاعنا في السن مثلي،ومن يكرمِ شخصًا ما ليس من أهلِ الكرمِ والمعروفِ فإنَّه لا يلقى إلَّا النكران والمذلّة ومن يشتم النَّاس فهو لا بدّ أن يشتم ويهان ويسبّ، ومن لم يراعِ النَّاس على قدرِ فهمهم فإنّه يلق معيشةً صعبة.

ومن يكنْ صاحب فضلٍ واضحٍ بيّنٍ ويبخل بهذا الفضل على أهله الكرامِ فإنّ قومه لا بدّ أن يستغنوا عنه ويذهبوا عنه، والذّم لا يأتي لمن يوفّي بالعهود، وكذلك من يعمر قلبه الإيمان فلا يأتيه التخبط أو التردد، ومن لا يثق بالرّفق والتهويد واللين ولا يتعامل بهما فإنّه لن يرى في حياته إلّا القوة والعنف.

هذا كان الشرح المختصر لـ معلقة زهير بن أبي سلمى ، وأهم ما جاء هو جزء سئمت تكاليف الحياة من معلقة زهير بن أبي سلمى أما عن الشرح الكامِل الأكثر تفصيلًا بإمكانك البحث عن تحليل معلقة زهير بن أبي سلمى pdf المكتبة الشاملة بقسم الأدب والبلاغة وستجد أكثر من كتابٍ يتناول هذا التحليل مثل شرح معلقة زهير بن أبي سلمى للزوزني pdf وكثير من الشروح الأخرى.

ما مرتبة زهير بن أبي سلمى بين شعراء العربية؟

يعد من أكبر شعراء العربية باتفاق جميع النقاد لأمانته في المدح فهو لا يعاظل بين الكلام ولا تجد وحشي الكلام في لغته.

بما تسمى الحرب التي نشبت بين عبس وذبيان؟

تسمى حرب داحس والغبراء وقد دامت لسنين طويلة وقد شارك في هذه الحرب الشاعر الفارس عنترة بن شداد مدافعًا عن بني عبس.

هل عاصر زهير بن أبي سلمى شاعرًا من شعراء المعلقات؟

عاصر النابغة الذبياني وله موقف مشهور مع النابغة حيث طلب منه النابغة ذات يومٍ أن يساعده في إكمال شطرٍ شعري.

من أين أحصل على معلقة زهير بن أبي سلمى pdf؟

أجل، بعد كتابة تحميل معلقة زهير بن أبي سلمى pdf على محركات البحث وستجد الكثير من المواقع التي توفر لك ذلك بكل سهولة ويسر.

مواضيع ذات صلة

الجريمة والعقابما هو التحليل النفسي للرواية الأدبية الجريمة والعقاب ؟

من هو صاحب رواية العجوز والبحر ؟