مهزلة العقل البشري| لمحة عن الطبيعة البشرية

في بعض الأحيان تثير الكثير من الكتب الجدل بين الناس، وتخلق موجة غضب جماهيري تجاه المؤلف؛ لذلك يقوم الكاتب بالرد على هذا الجدل في مؤلفات أخرى، وهذا ما حدث مع المؤرخ وعالم الاجتماع الكبير “علي الوردي”، حيث أثار كتابه وعاظ السلاطين جدلًا كبيرًا بين القُراء، ورُفضت العديد من الآراء التي تم طرحها في هذا الكتاب، لذلك قام بتأليف كتاب مهزلة العقل البشري لتوضيح الأفكار والآراء التي رفضها الجمهور.

وعلى الرغم من كثرة الأقاويل والشائعات التي ارتبطت بهذا الكتاب، إلا أنه حقق نجاحا مذهلا، ونسبة مبيعات غير مسبوقة، ويمكن الحصول على كتاب مهزلة العقل البشري جرير الآن بالدخول على موقع مكتبة جرير الإلكتروني.

من هو مؤلف كتاب مهزلة العقل البشري

 هو ” علي حسين الوردي” مؤرخ وعالم اجتماع وأديب عربي كبير، ولد في العراق، وكان متأثرًا بالنظريات والأفكار التي طرحها ابن خلدون في كتاباته، وقد قام بتأليف أكثر من ثمانية عشر كتابًا ومئات المقالات والأبحاث الاجتماعية والسياسية، كما أنه اتبع بعض النظريات التي تخالف الواقع الاجتماعي والسياسي في العراق، مثل رفضه للمنهج الماركسي والأفكار الأيدلوجية القومية العربية، التي يمكن استنباطها من مؤلفات الادب العربي التي كتبت في القرن العشرين.

لذلك عندما طرح كتابه وعاظ السلاطين قام القوميون العرب بمهاجمته بسبب جُرأته في الاعتراف بعدم وجود قومية توحد جميع الدول العربية، لذلك كتب علي الوردي مهزلة العقل البشري في أواخر العقد الخامس من القرن العشرين، لكي يرد على كل تلك الانتقادات التي تعرض لها من أهل النقد داخل العراق وخارجها، وجاءت الأفكار التي ذكرها في كتابه مهزلة العقل البشري كدليل على مدى تمسكه بمعتقداته ونظرياته.

نبذة عن كتاب مهزلة العقل البشري

تتبلور الأفكار الجوهرية لكتاب العقل البشري وراء دراسة السلوكيات الاجتماعية للإنسان، وتفسير كل ما يتعلق بطبيعة العقل البشري، من خلال ربط كل ذلك ببعض الأحداث التاريخية التي حدثت في عصور إسلامية مختلفة، واختلف هذا الأسلوب بعض الشيء عن الأسلوب المتبع من قبل المفكرين والأدباء العرب، حيث إن معظم الفلاسفة اعتمدوا على التحليل الصريح والمضمون الظاهري للأفكار والأحداث ومنهم طه حسين الكاتب العربي العظيم، فقد اتسمت كتابته بالبساطة والموضوعية.

كما أنه تطرق إلى المفاهيم والعادات الاجتماعية التي كانت منتشرة في العرب خاصة قبيلة قريش قبل ظهور الإسلام، والتغيرات التي حدثت لهم بعد انتشار الدين الإسلامي في شبه الجزيرة العربية، كما ذكر الكتاب الأسباب المسؤولة عن صراع المسلمين على الخلافة بعد وفاة الرسول.

وأهم الأفكار التي اشتمل عليها ملخص كتاب مهزلة العقل البشري أنه حاول إزالة الغموض حول أسباب الخلاف بين مؤيدي عمر بن الخطاب وأتباع علي بن أبي طالب، مع ذكر النتائج التي أصابت الأمة الإسلامية بعد مقتل عثمان بن عفان نتيجة للخلاف بن علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وكل تلك الأفكار سردها بشكل أدبي وعلمي في تسعة فصول.

علي الوردي مهزلة العقل البشري

الفرق بين الحياة البدائية وحياة المدينة

يقوم الفصل الأول من كتاب مهزلة العقل البشري على فكرة أن الاتفاق ليس السبيل الوحيد للتقدم والاستقرار، بل إن الاختلاف في بعض الأحيان يؤدي إلى نتائج إيجابية في المجتمع، حيث يمكن أن ننظر إلى الآراء المخالفة بطريقة موضوعية وبناءة مما يجعلها سببًا يدفعنا للأمام تجاه تحقيق الغاية المنشودة، فالاتفاق في كل شيء يخلق الاتحاد ولكن لا يؤدي إلى التطور، وهذا ما يفرق بين الحياة المدنية الحديثة التي تقوم على مبدأ الإبداع والابتكار،  والحياة البدائية التي تفتقر لأهم مقومات الحياة، إذ تقوم على مبدأ الرتابة والتقليد.

ولهذا كان الكاتب في مهزلة العقل البشري منحازًا إلى المنطق الحديث الذي يقوم على المبادئ العلمية الحديثة التي ترتبط بالواقع، على العكس المنطق القديم الذي يرفض القبول بأي رأي آخر، وهذا هو المنطق الذي اتبعه العديد من الفلاسفة في العصر القديم والحديث، مثلما عبر عنه أفلاطون في كتابه جمهورية افلاطون الذي أكد على ضرورة بناء الدول على أسس فلسفية وأخلاقية وعلمية.

الجدل حول الخلفاء الراشدين

يروي علي الوردي في مهزلة العقل البشري  الكثير من الأفكار، لعل من أهمها أنه تعجب من أمر العديد من الكتاب والأدباء الذين يتجادلون حول أحقية الخلفاء الراشدين في الخلافة، حيث إنه قرأ في أحد الكتب أن عمر بن الخطاب أحق بالخلافة من أبي بكر، وكتاب آخر يرى أن علي بن أبي طالب أحق بها من عمر، وتساءل في هذا الكتاب أيضا حول الأسباب التي دفعتهم للخلاف حول هذا الأمر، افصح عن رأيه دون خوف وقال أنه ولابد من تفويض هذا الأمر إلى الله.

أنواع النزاع بين البشر

يرى الكاتب أن النفس البشرية تميل إلى الظلم والطغيان طالما لم يكن هناك حاكما قويا، وأن الحكام المستبدين والطغاة يحاولوا تثبيت شباكهم للصيد والنهب نتيجة لعدم وجود أي معارضة حقيقية من أحد، فإذا وجدوا من يقف ضدهم لن يصلوا إلى هذه المرحلة من الطغيان، واستعان الكاتب في كتابه مهزلة العقل البشري ببعض الأفكار التي طُرحت في مؤلفات ابن خلدون  ، بالإضافة إلى أفكار العالم “كارفر” لتقسيم طبيعة المنازعات بين البشر وتم اختصارها في أربعة أنواع وهم:

1-النوع الأول من الخلاف يميل إلى طبيعة النزاع الموجود بين الحيوانات.

2- أما النوع الثاني هو الأقرب إلى الطبيعة البشرية حيث يتم الاحتكام إلى العقل واستخدام الذكاء البشري.

3-وهناك شكل من أشكال النزاع يقوم على فكرة المنافسة العلمية.

4- ويوجد أنواع أخرى من الخلافات التي تختلف حسب المواقف المرتبطة بها.

رؤية تحليلية للنفس البشرية

عندما تقوم بـ قراءة كتاب مهزلة العقل البشري ستجد أنه قام بعمل تحليل لنظرة الإنسان لنفسه، حيث يرى الإنسان نفسه أنه الأفضل دائمًا وأنه أقل عرضة لارتكاب الأخطاء، وهذا هو الدافع وراء ثورته وغضبه تجاه الآخرين، ومن الصفات البشرية كثرة الشكوى حيث يرى الفرد نفسه أنه الأكثر همًا وتعبًا بين الناس، وأنه الأحق بالقوة والظهور، فالإنسان يُغرس بداخله منذ مولده فكرة أن العمل يجب أن يكون بمقابل، لذلك كل شيء يفعله في حياته ينتظر أن يعود عليه بمقابل مادي أو معنوي.

الفرق بين حسد العالم والجاهل

فرق كتاب مهزلة العقل البشري بين الطريقة التي يعبر فيها العالم عن حقده وكرهه للآخرين والوسيلة التي يعبر فيها الجاهل عن نفس الشعور، حيث يقوم الجاهل بإفشاء ما يدور في صدره أمام عدوه؛ لكي يعلم الجميع بحقده وحسده على هذا الشخص، في حين يختفي حقد العالم وراء ستار الأقوال والكتابات التي يحاول أن يظهر فيها مدى حبه للمجتمع وخوفه على مصالحه.

تطور الحكومات الإسلامية

يرى علي الوردي أن الحكم الإسلامي في عهد الرسول والخلفاء الراشدين يقوم على أسس الديمقراطية، لكن سرعان ما اختفت هذه المبادئ عندما تولى معاوية بن أبي سفيان الحكم، حيث انتشر الاستبداد والطغيان مما جعل الحكم الإسلامي يشبه ما كان موجود قبل ظهور الإسلام.   

رأي الأدباء والنقاد في كتاب مهزلة العقل البشري

قام عدد كبير من النقاد والقراء بـ نقد كتاب مهزلة العقل البشري في مجموعة من الأفكار، فالبعض يرون أنه لم يكن اسلوبا موضوعيًا في الكثير من الأحيان، والبعض الآخر كان يرى أنه يظهر مساوئ النفس البشرية ويعممها على جميع البشر، وإن كنت تريد أن تحكم بنفسك على أفكار هذا الكتاب، تتاح لك فرصة الدخول على الرابط التالي لـ تحميل كتاب مهزلة العقل البشري  .

مقتطفات من كتاب مهزلة العقل البشري

1-“كلّما ازداد الإنسان غباوة .. ازداد يقيناً بأنه أفضل من غيره في كل شيء”.

2- “لا يكفي في الفكرة أن تكون صحيحة بحد ذاتها. الأحرى بها أن تكون عملية ممكنة التطبيق”.

3- “الذي لا يفارق بيئته التي نشأ فيها ولا يقرأ غير الكتب التي تدعم معتقداته الموروثة لا تنتظر منه أن يكون محايدًا في الحكم على الأمور، إن معتقداته تلون تفكيره حتمًا وتبعده عن جادة البحث الصحيح.”