الكلاب تعوي والقافلة تسير | الناجح مَن سيُكمل الطريق

يُعلقون فشلهم على شماعة الآخرين لئلا يُنسب إليهم القنوط فيُسمون بالخائبين، حقًا فـ الكلاب تعوي والقافلة تسير وأحاديث هؤلاء بلا قيمة ما دامت عقول الناجحين مستيقظةً ومنتبهةً طوال الطريق.

الأمثال الشعبية .. أقوال تتوارثها الأجيال

لا زالت الحكم والأمثال الشعبية العربية محفورةً في بواطننا مثلما تُرسخ فيها أسماؤنا وذكرياتنا، فهي انعكاس واقعي لمواقف قد مرّ بها العرب في سالف الزمان، فوراء كل مثل تراثي حكاية حدثت حقًا فقيل فيها سطر ذو كلمات معدودة ولكن مغزاها ليس بمحصور.

لقد نبعت هذه الأمثال من أفواه فصيحة متقنة للغة العربية، لذا فالأساليب البليغة والألفاظ الرزينة تُستمدان منها، وتتناقل هذه الحكم بين الأزمنة المتعاقبة وكأنها ثروة تورّث من أجيال إلى أخرى، فليست مالًا كثيرًا يتقاسمون فيه الورثة بل كنزًا حقيقيًا يرشدهم إلى أسلم دروب حياتهم لئلا يقعوا في فخ الأعداء، ويكأن السابقون مَن تكفلوا بالتجارب فأهدونا نتائجها دون بذل سَعة منا!

الكلاب تعوي والقافلة تسير | مقولة عربية شهيرة

كعادته هو شاعر الأطلال ابراهيم ناجي عوّدنا على إجادة الوصف والتعبير بالكلمات المنمقة، فوصف لنا مَن يلازم النجاح خطاه وكأنه ظله قائلًا: “واثق الخطى يمشي ملكًا” فهو القيصر والعرش ذاك الظل، وهو المنطبق عليه مقولة الكلاب تعوي والقافلة تسير ، فمهما طال عُواء المُعادين لتفوقه فزمرة النجاح ستكمل مسيرتها.

يؤسفني أن أقول إن هناك كلابًا بشريةً! تلهث طموح الأذكياء بكلماتهم الوخيمة وكأنهم خُلقوا ليحاكوا هذه الكائنات في أفعالها الطبيعية، فهذا هو الواقع الذي نعيش فيه وهؤلاء هم الآدميون الذين يحيطون بنا ويرتدون قناع الشرف الذي سيسقط عنهم ربما الغد أو فيما بعد!

القصة وراء قول | الكلاب تعوي والقافلة تسير

أورد علينا أحد الفصحاء قصة الكلاب تعوي والقافلة تسير متلفظًا: مرّت قافلة من الجِمال محملةً بالأمتعة والمؤن على مجمع بدوي، وحينما رأتها كلاب هذه القرية أخذت في الضُباح إذ رمقت أشياءً غير مألوفة عليها، وهذا ما دُرّبت عليه هذه الكائنات الأليفة.

وفي تلك الأثناء قال طفل لجدته: الكلاب توعوع في وجه الطائفة، فردت عليه قائلةً: الكلاب تعوي والقافلة تسير ، أي لا تأثير للنباح على خطوها نحو مرادها، وحينها صارت مقولة الجدة حكمةً تراثيةً ذات دلالة ورمزية.

دلالة المثل الشعبي .. القافلة تسير والكلاب تنبح

تتجلى دلالة المقولة الشهيرة ” الكلاب تعوي والقافلة تسير ” في أن التحدث بالسلب إلى الناجحين ما هو إلا نباح، فلم ولن يتأثر به المُفلحون مهما تلفظ الأخصام بالأقاويل، فدروب النجاح مُحوطة بالأمل والتبشير، فتبًا لسطحية سكنت عقول البشر مثلما قال شكسبير مؤلف قصة روميو وجوليت وأشهر كاتب مسرحي عرفه التاريخ!

أبيات شعرية مُسطرة على منوال هذا المثل

لقد كان هذا المثل الشعبي منهاجًا ومنوالًا لبعض الشعراء الذين صاغوا أبيات شعرية على نمطه، والتي منها: (القافلة تسير و الكلاب تنبح) وأيضًا (دع الكلاب تنبح كما تشاءُ فلا يهزنّ نباحَ الكلاب أسودُ) وكذلك (دع الكلاب تعوي والرجال تمضي للعُلى) فتشير هذه الشطور إلى عدم استنزاف الطاقة البشرية في مناقشة الحاقدين والهبوط إلى مستوى تفكيرهم الدنيء.

لا يضر السحاب نبح الكلاب

ربما يبدو التشابه بين هذا القول وحكمة الكلاب تعوي والقافلة تسير كبيرًا وهو حقًا كذلك، فحينما يقال “لا يضر السحاب نبح الكلاب” فيُقصد به هجاء مَن هو وضيع لغيره رفيع الشأن، وهذا كناية عن تجاهل كلام السفهاء وعدم الإنصات إليه.

“والكلب إذا ألحَّت عليه السحائب بالأمطار في أيام الشتاء (أصابه نوع جنون) فمتى أبصر غيما نَبَحَه؛ لأنه قد عرف ما يلقى من مثله” هكذا عبّر الجاحظ في كتابه العُجاب وبحره العُباب: الحيوان عن كلام وضيعي المكانة وذمّهم لذوي المراتب العليا.

قول الحكم الشعبية في الأوقات المثالية

يكون الرد على القافلة تسير والكلاب تنبح بأن الاستجابة لعُواء الأعداء أمر في متناول الجميع باستثناء أولي الألباب، هؤلاء الذين يتركون الفوضى والمشاغل خلفهم قاصدين بلوغ المُنى وكأن أعينهم لم ترَ غيرها.

الكلاب تنبح والقافلة تسير من القائل ؟ سؤال قد حيّر أجدادنا منذ عشرات السنين وحتى يومنا هذا، فجوهر ذاك المثل عظيم ومُلم لتجارب عاشها وسوف يخوضها الكثيرون، فكم أن تغذية عقولنا بمِثل هذه الأشياء التراثية ذو قيمة لا تُقدر بأي دنانير!

الحكم المستنبطة من هذه المقولة الشائعة

ينظر الناجحون إلى السابقين لنجاحهم بدرجات نظرة المحبين وكأنهم يتطلعون إليهم بكل حب واعتزاز، فيومًا ما سيصيرون بمكانهم وسيُنظر إليهم مثلما نظروا لهؤلاء، أما الراسبون المباغضون فلا يلتمسون الأمل للمكافحين الباهرين بل يبغون تحطيم أحلامهم ودفنها لئلا تتلألأ سقوف آمالهم في سماء الرفعة والشموخ، وهذا ما ترشدنا إليه مقولة القافلة تسير والكلاب تنبح لنكون راجحي العقول.

ولعل أبرز المواعظ التي تُقتبس من هذا المثل ما يلي:-

– التأبه عن أحاديث الآدميين الذين ينافسون الكلاب في نباحها.

– عدم الانسياب خلف رغبات الحاسدين الذين يبذلون قصارى جهدهم لغزو عزيمة الناجحين.

– الاتصاف بالإرادة الشديدة للوصول إلى أعلى قمم الفلاح رغم أنف أعداء الغلبة.

متى يُقال هذا المثل التراثي؟

تُقال هذه الجملة للناجحين الذين تُعرقل صفوفهم بواسطة الأعداء حتى يتغاضوا عن أحاديثهم عديمة القيمة.

بمَ وعد الله الحاقدين على غيرهم في كتابه العزيز؟

{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ}.

ما جزاء الإنسان الحاقد الحاسد؟

لا يهنأ في حياته أبدًا حيث يقال: (ثلاثة لا يهنأ لصاحبها عيش، الحقد والحسد وسوء الخلق).

ما الحكمة وراء مقولة القافلة تسير والكلاب تنبح؟

يُستمد من هذه المقولة حكم كثيرة أبرزها: أن نباح الكلاب بلا هدف إذ إن مسيرة النجاح ستواصل السير في طريقها دون توقف.

مواضيع ذات صلة

اقوال ابن خلدوناقوال ابن خلدون | مأثورات خلدتها السِنُون

أقوال دوستويفسكيأقوال دوستويفسكي عن العزلة والألم | والحياة والحب