ثلاثية نجيب محفوظ | سطوة أب واحتلال دولة

داخل سراديب الزمن تسكن مشاعر الحرية والوطنية وتموت بين جدرانه فكرة وتحيا أخرى، فالأحداث الواردة في ثلاثية نجيب محفوظ تبين الضعف وانعدام العدالة في البيوت المصرية واحتلال دولة قدر لها ألا تبقى تحت ظلال عدو فاسد.

لمحة عن الأديب العالمي نجيب محفوظ:

ولد الكاتب الكبير الحائز على جائزة نوبل في الأدب يوم 11 من شهر ديسمبر لعام 1911 م في أسرة مصرية متوسطة الحال من سكان القاهرة القديمة، يحيا في كنف أبيه (عبد العزيز إبراهيم) الذي يعمل موظف في الحكومة وأمه السيدة (فاطمة) ربة المنزل، فكان الابن الأصغر لهم ويسبقه 6 من الأخوة الذكور والإناث، وأطلق عليه هذا الاسم المركب إكرامًا للطبيب المشهور “نجيب باشا محفوظ” الذي ساهم في خروجه إلى الحياة.

نشأ الروائي نجيب محفوظ في مكان يضم التاريخ والأصالة نظرًا لما يحتويه من مساجد وآثار وكنائس وحرف يدوية قديمة وفقر وغنى، حيث ساعدت تلك الأشياء في تكوين نظرة أدبية تميز بها هذا الكاتب العربي المخضرم الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 1988 م وجائزة الدولة سنة 1957 م، وتفتحت أعينه على العلم والأدب حتى وصل إلى أعلى المناصب.

تنقل الكاتب بين الوظائف الحكومية التي مهدت له طريق المجد فيما بعد، فظل طوال حياته يعمل ويكتب بقلمه بوادر الحقيقة ومظاهر الظلم والحرية الاجتماعية المقيدة، فقص علينا قصص الجمالية وما يدور فيها من مناقشات وعادات اجتماعية غريبة في ثلاثية نجيب محفوظ ، وفتح لنا أفق جديدة مضمونها التاريخ الفرعوني في رواياته “همس الجنون” و”عبث الأقدار” و”كفاح طيبة”.

ملخص ثلاثية نجيب محفوظ:

صنفت ثلاثية نجيب محفوظ المتكونة من ثلاث روايات تحمل أسماء مختلفة وهم ( بين القصرين- قصر الشوق- السكرية) على أنها أفضل ما قدمه الكاتب الكبير نجيب محفوظ في تاريخه الأدبي، واعتبرها البعض أفضل رواية عربية طويلة تسرد لنا قصة السيد (أحمد عبد الجواد) الملقب بـ “سي السيد” الرجل المستبد الرافض لفكرة الحرية والغارق في نزواته وشهواته الدفينة وسيطرته على أولاده الخمسة (فهمي- كمال- ياسين- عائشة- خديجة).

تركز ثلاثية نجيب محفوظ على الأحداث الواقعة في الحقبة الزمنية قبل وأثناء ثورة 19 خلال النصف الأول من العشرينات في منطقة الجمالية والحسين، وسميت كل جزئية من الثلاثية على اسم المكان الذي تدور فيها أحداثها وحازت على إعجاب الكثير من الناس ولاقت اهتمامًا كبيرًا من النقاد ووضعت الأديب نجيب محفوظ ضمن قائمة أفضل الكتاب العرب الذين كونوا الادب العربي ، فيحكي فيها الكاتب عن العادات والتقاليد الغريبة الراسخة في المجتمع المصري ويجسد دور بطولي ومعانٍ حقيقية لجيل يرفض الخضوع للاحتلال وطغيانه بنفس عزيزة وجسد قوي.

 رواية بين القصرين | موت الحرية وإيقاظ الخوف

في حي الجمالية التابع لمنطقة الحسين حيث القاهرة القديمة يسكن (السيد أحمد عبد الجواد) رب الأسرة الظالم الرافض لمبدأ الحرية والمستقل بأفعاله الدنيئة، ذو الوجهين الذي يحرص على أداء الفروض في أوقاتها من ناحية والسهر مع بائعات الهوى في الليل من ناحية أخرى، وهو الذي رغم بطشه وطغيانه مع أولاده الأربعة لا ينس أبدًا أن يكون لطيفًا خارج المنزل.

يتحدث الكاتب على مدار فصول طويلة من الثلاثية عن الأوضاع المبتذلة التي تعيشها عائلة (أحمد عبد الجواد) تحت جبروته وسلطته وتنفيذ أوامره النابعة عن العادات والتقاليد السائدة في المجتمع  المصري القديم، فخلف تلك المشاعر التي تدفن والأفكار التي تموت تولد الوطنية وتجسد المبادئ على هيئة شباب هذا العصر الذي يحارب بصوته وقوته كل عدو ينهش في أراضي بلاده الغالية.

موت الابن وانطلاق الثورة:

تتناول ثلاثية نجيب محفوظ في جزئها الأول حياة عائلة مكونة من سبعة أشخاص يقودهم رجل طويل القامة ذو هيبة وجاه، يمتلك من القوة ما يؤهله لإدارة البيت  بنفسه المتعجرفة وطبعه الحاد وتقواه السائدة، حيث تخشاه جميع العائلة وبالأخص زوجته أمينة الراغبة في زيارة “مسجد سيدنا الحسين” بلهفة شديدة يتخللها الخوف من الزوج المتسلط، أما عن الأبناء فيسكن الجبن جوارحهم ويسيرون وفق ما يريد الأب.

ظل الأبناء والزوجة تحت سلطة ذلك الأب الذي لا يكترث أبدًا لمبتغاهم وغاياتهم المنشودة، ويحجب عنهم أقل ما يستحقون بدافع السلطة وحفظ نظام البيت،  فتتزوج عائشة وخديجة من أولاد الجيران ويبتعدان عن تلك السلطة المزيفة، بينما تحل اللعنة على (ياسين) الوارث طبع أبيه وشهوته الدنيئة بزواجه من (زينب)، وعلى جانب آخر يلتمس فهمي من والده الزواج من مريم التي تكبره بحوالي عامين ليعلن الأب اعتراضه ورفضه التام، وفي نهاية الرواية ترسم ملامح الحزن بموت (فهمي) وإشعال شرارة ثورة 1919 م.

ثلاثية-نجيب-محفوظ

رواية قصر الشوق | إرخاء القبضة وتغيير المسار

يستكمل الكاتب الثلاثية في جزئها الثاني ببوادر حزن تسكن في قلب (أحمد عبد الجواد) الذي أثر فيه موت ابنه الغالي (فهمي) قبل سنوات عديدة، فغيره إلى شخص مسالم بعيد عن العربدة والسُكر، يتعامل مع أهل بيته بلطف على غير المعتاد ومنحهم مقدار لا بأس به من الحرية والاستقلالية، إلا أن واقع الألم والحزن على زوجته (أمينة) كان أعمق وأكثر تأثيرًا، فانشغلت هي وابنتها (خديجة) بالحزن والبكاء على المفقود (فهمي) بينما مضت باقي العائلة في الحياة دون مبالاة.

يسير (ياسين) على نفس طريقه السابق لا يرى غير نفسه، فلم يتغير بموت أخيه أنما أراد أن يحل محله بغير حق بزواجه من مريم حبيبة أخيه السابقة، ولكنه استقبل اعتراض شديد من والديه ناتج عن حبهما لفهمي، بينما استقرت (عائشة) و(خديجة) في منزل الزوجية تحت سقف واحد ومشاكل لا تنتهي بين الأم وزوجة ابنها الكبير (خديجة) بسبب طبق الشركسية المشكوك في لذاذته.

على جانب آخر اتبع كمال الطالب بمدرسة المعلمين طريق الإلحاد وسار ينشر النظريات الفولاذية التي تتحدث عن أصل الإنسان وتطوره ويستكمل فساده بدخوله إلى عالم الخمر والعولمة، بينما عاد رب البيت إلى عادته القديمة وشربه الدائم وشهوته الدنيئة وسهراته مع بائعات الهوى، حتى أوقفته اعراض الضغط العالي التي شعر بها إثر إصابته بنوبة قلبية قرر من بعدها اعتزال حياة الشرب والهوى.

رواية السكرية | تساقط الأحلام وموت الأحبة 

 استمتع بقراءة أحداث الروايات بشكل مفصل من خلال تحميل رواية ثلاثية نجيب محفوظ pdf عصير الكتب واستشعر السرد المميز للأحداث، حيث تعاهد الحزن ألا يفارق تلك الأسرة فظهر جليًا على ملامح (عائشة) بعد موت أولادها وزوجها بمرض حمى التيفوئيد، وعاشت الأخت الكبيرة في سعادة يملؤها الفخر بأولادها (أحمد) و(عبد المنعم) بعد تخرجهما من الجامعة.

نالت معالم الشيخوخة من وجه (السيد أحمد عبد الجواد) الذي أصبح قعيد البيت لا يخرج إلا للضرورة، وزادت معاناة كمال وحيرته فلم يعرف أي طريق هو الصحيح وأين توجد السعادة الحقيقية؟ وفقد فرصته الأخيرة بتكوين بيت وعائلة، بينما اتجهت قلوب الجيل الجديد إلى الزواج وإنشاء أسرة وإنجاب ذرية، ولم يغفل الأديب عن إظهار الحركة السياسية والشيوعية السائدة في ذلك الوقت وانسياق الشباب خلف الأوهام المغرضة.

نقد ثلاثية نجيب محفوظ :

انتشرت ثلاثية نجيب محفوظ في منتصف الخمسينيات وفتحت معها أبواب النقد على أعمال الكاتب والأديب المعروف نجيب محفوظ، ليكتشف العالم رمزًا جديدًا وشخصية عظيمة استطاعت إلقاء ضوء على مجريات المجتمع المصري ومشاعر كل بيت وقت الاحتلال الإنجليزي المندس بين أحلام الشباب والمحطم لكل آمالهم الجميلة.

بعض آراء النقاد في الثلاثية :

– سجل العديد من النقاد ومن أبرزهم الناقد الكبير (لويس عوض) الذي كتب مقالًا تحت عنوان “نجيب محفوظ …. أين كنت” مبينًا خلاله إيمانه بهذا الأديب المخضرم الذي تجاهله النقاد طويلًا وإعجابه الشديد بتلك الثلاثية الرائعة، فشهد له بالسرد الرائع للأحداث وتركيزه على العقدة الإنسانية التي تنهش في عظام الإنسان الحي حتى تقتله، وتتبعه للتطور الذي يطرأ على الشخصيات الأساسية في الثلاثية وتناوله الأبعاد النفسية المتعمقة داخل الشخصية بصورة واضحة وجلية.

– يوضح النقاد أن ثلاثية نجيب محفوظ تظهر لنا القطبين اللذين تركزت عليهما الحياة التي نحياها بطول أحداثها، حيث يمثل (السيد أحمد عبد الجواد) الجانب الإيجابي المندفع نحو رغباته والرافض والمستبد بينما تستحوذ الزوجة المخلصة والأمة الطائعة على الجانب السلبي بإنصاتها الدائم وولائها المشهود، فيجسدان بتلك الحبكة علاقة غير متجانسة ينقصها الحب والرحمة قائمة على الاستبداد والأمور الصارمة من ناحية والخضوع المطلق من ناحية أخرى.

– يبين الناقد نجيب سرور دهشته من عدم انتباه النقاد إلى الروح الكوميدية الموجودة في الثلاثية من بدايتها، ويرى البعض الآخر أن الأديب نجيب محفوظ نجح في تسمية كل جزء من الثلاثية، فاختياره لتلك العناوين المطلقة كان بمثابة إيضاح عن الأحداث التي تسرد داخلها، بينما علق عميد الأدب العربي ( طه حسين ) قائلًا: “أتاح للقصة أن تبلغ من الإتقان والروعة ومن العمق والدقة ومن التأثير الذي يشبه السحر ما لم يصل إليه كاتب مصري قبله”.

تحميل ثلاثية نجيب محفوظ :

يمكنك تحميل رواية الثلاثية لنجيب محفوظ pdf كاملة من خلال موقع ملحوظة المتميز عبر النقر على الروابط الآتية:

تحميل رواية بين القصرين

تحميل رواية قصر الشوق

تحميل رواية السكرية