غزوة ذات الرقاع | حقائق تاريخية وأثرها العظيم في الإسلام

غزوة ذات الرقاع

إن غزوة ذات الرقاع تعد واحدة من الغزوات المهمة في التاريخ الإسلامي والتي لجأ إليها المسلمون إرغاما بعد أن قاموا بكافة الأساليب لتجنب الحرب والعراك، تماما كما حدث في غزوات جمة أمثال غزوة بدر الكبرى وغزوة أحد، ومع ذلك فإن النصر غالبا كان حليفا للمسلمين بفضل قوة إيمانهم وعقيدتهم الصلبة وتأييد المولى عز وجل لهم.

غزوة ذات الرقاع راغب السرجاني

جاء في سبب تسمية غـزوة ذات الرقاع بهذا الاسم العديد من الروايات، وفيما يلي بيان بأهم هذه الروايات وأشهرها:

1- ذهب عدد من الفقهاء إلي الرواية التي تقول إن السبب وراء إطلاق اسم ذات الرقاع على هذه الغـزوة أن جيش المسلمين خلال سيرهم في الطريق لتلك الغزوة تقطعت نعالهم ونزفت أقدامهم دما بسبب الحجارة والأشواك التي كانت منتشرة في الطريق فكان واعرا للغاية، فرقعوها بالأعلام وربطوها بها لكي تتوقف جروحهم عن النزيف، وحتى يتمكنوا من إكمال رحلتهم، لذلك أُطلق على هذه الغزوة ذات الرقاع.

2- ذهبت مجموعة أخرى من الفقهاء إلى الرواية التي تقول إن السبب وراء تسمية غـزوة ذات الرقاع بذلك الاسم نسبة إلى المكان الذي وقعت فيه، حيث إنها حدثت في مكان يطلق عليه ذات الرقاع، وذلك لأنه يشتمل على مجموعة من الجبال ممتزجة الألوان مثل الأسود والأبيض والأحمر، وتتناثر تلك الألوان على الجبال في صورة بقع، لذلك أطلق على هذه المنطقة اسم ذات الرقاع، وسميت الغزوة بذات الاسم.

وقت وقوع غـزوة ذات الرقاع

تباينت أقاويل العلماء وإجابتهم على سؤال متى كانت غزوة ذات الرقاع ؟، فأخبرنا بعضهم بحدوثها في العام الهجري الرابع بعد معركة الأحزاب، بينما سرد البعض الآخر أنها حدثت في العام الهجري السابع في أعقاب غزوة خيبر ، ومن أبزر العلماء الذين ساندوا هذا الرأي الإمام البخاري وأبو هريرة رحمة الله عليهما، وقال آخرون أنها حدثت في العام الخامس من الهجرة، بينما قالت جماعة أخرى أن غزوة ذات الرقاع حدثت في العام الرابع من الهجرة بعد إخراج بني النضير من المدينة المنورة وطردهم منها.

سبب غزوة ذات الرقاع

تعد هذه الغزوة إحدى الغزوات التي شارك فيها المصطفى –صلى الله عليه وسلم-، وساهمت غزوة ذات الرقاع في وضع نهاية لعصيان القبائل العربية المحتمية بلواء قريش ومسانديها من المنافقين والمتآمرين على الإسلام وأعوانه.

فبعد أن فرغ النبي العدنان عليه الصلاة والسلام من القضاء على اليهود وكسر شوكتهم في غزوة خيبر ومن قبلها السيطرة على قريش وإضعاف قوتهم العسكرية في أكثر من معركة لم يبق أمامه سوى عقبة واحدة متمثلة في القبائل العربية التي تعيش في صحراء نجد الواقعة في شبه الجزيرة العربية، حيث كانت حياتهم قائمة على السلب والنهب وترهيب المسلمين، خصوصا قبيلة غطفان التي كانت من بين القبائل المساهمة في حصار المسلمين داخل المدينة في غزوة الأحزاب، كما عزموا النية على مساعدة اليهود في حربهم ضد المسلمين في غزوة خيبر إلا أن سيدنا محمد أبطل خططهم وبعث لهم بسرية خلال المعركة لكي تلهيهم.

فكان سبب غزوة ذات الرقاع الأساسي متمثل في تأديب جماعات غطفان المتمادية في عداوة الإسلام والمسلمين وبسط قوتهم في المنطقة حتى يعلم الجميع أن المسلمين أصبحوا قوة لا يستهان بها ولا يخشوا أحدا، وحتى يكونوا آمنين في ديارهم.

سبب غزوة ذات الرقاع

سبب غزوة ذات الرقاع

أحداث غزوة ذات الرقاع

صوب النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أنظاره نحو أعراب صحراء نجد أصحاب الطباع القاسية للقضاء على آخر قوة للمنافقين والمتآمرين على الدين الإسلامي، وقد صادف ذلك قدوم الأخبار إلى المصطفى –صلى الله عليه وسلم- بأن تلك القبائل تعد العدة لغزو المدينة ومحاربة المسلمين.

فأسرع النبي عليه الصلاة والسلام وتوجه إليهم قبل أن يزحفوا إلى المدنية، وقد تضاربت الأقاويل حول من استخلفه النبي الكريم على المدينة في تلك الغزوة، فهناك من يقول سيدنا عثمان بن عفان ، والبعض الآخر يقول أبي ذر الغفاري.

فخرج المصطفى صلى الله عليه وسلم بجيش مكون من 400 مقاتل، وكان يهيمن على معالم غزوة ذات الرقاع الحدة والقسوة وذلك بسبب طبيعة المكان المكتظ بالحجارة التي أهلكت نعال الصحابة وأدمت أقدامهم، وبجانب قلة عدد الراحلة التي ترشد المقاتلين.

نتائج غزوة ذات الرقاع

لما وصل الرسول الكريم ومن معه من الصحابة على أعتاب منطقة غطفان، علمت تلك القبائل بهم، فاستولى الرعب والخوف على قلوبهم، وأدركوا أن الأمر مهيب وأن ما عزموا عليه بات حقيقة لا فكرة، ففر رجالهم إلى أعالي الجبال وتركوا من خلفهم ذرية ضعاف من النساء والأطفال، وفي أثناء ذلك دخل وقت الصلاة على المسلمين، فتأهبوا إلى تأديتها، وكان يخشى سيدنا محمد صلى الله حينها من رجوع الفارين حتى ينقضوا على المسلمين أثناء صلاتهم.

فنزل الوحي على النبي العدنان بأية الخوف التي تبين له الطريقة التي تقام بها الصلاة مع حفظ الأمن لرجال المسلمين وعدم المجازفة بهم، قال تعالى في محكم التنزيل (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰ أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا(، انتهى المسلمون من صلاتهم ولم يحدث ما كان يخاف منه الرسول الكريم.

ورجع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعدما أتت غزوة ذات الرقاع أُكلها وبدون قتال أو وقوع شهداء، وبذلك أتم المولى –عز وجل- لنبيه ما أراد من السيطرة على القبائل العربية جميعها، حتى أن قبائل غطفان دخلت بعد ذلك في الإسلام وشاركت المسلمين في عدد من الغزوات مثل غزوة حنين ويوم فتح مكة.

وبذلك تم القضاء على قوة الأحزاب الثلاثة وسيطرتهم، وعم الأمن والسلام ربوع المنطقة، وبدأ التجهيز والاستعداد لغزو البلاد والمماليك الكبيرة لنشر تعاليم الدين الإسلامي و بسط الخير في أرجاء العالم فهذا هو هدف الإسلام الأسمى.

من قاد جيش المسلمين في غزوة ذات الرقاع ؟

قاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه غزوة ذات الرقاع بالإضافة إلي عدد من كبار الصحابة وكانت تلك الغزوة لمواجهة بني محارب وبني ثعلبة التابعين لقبيلة غطفان المتآمرة ضد المسلمين.

كم كان عدد المسلمين في غـزوة ذات الرقاع ؟

تعددت الروايات فيما يخص عدد المسلمين الذين شاركوا في غـزوة ذات الرقاع، فذهبت بعضها إلى أن عدد المسلمين في هذه الغزوة قد وصل 400 مقاتل ، بينما قالت أخرى أن جيش المسلمين في هذه الغزوة بلغ 700 مقاتل.

كم كان عدد شهداء المسلمين في غزوة ذات الرقاع ؟

وبالرغم من عظمة الشهادة وكونها الهدف الأكبر الذي يضعه المسلمون نصب أعينهم في كل غزواتهم ومعاركهم إلا أن في هذه الغزوة لم يكن هناك شهداء، وذلك لعدم وقوع حرب بين المسلمين وأعدائهم من قبائل غطفان الذين فروا خوفا من المسلمين.

متى كانت أول صلاة خوف في الإسلام ؟

شرع المولى تعالى لرسوله الكريم وللمسلمين صلاة الخوف في غـزوة ذات الرقاع، وأجمع الصحابة كافة على القيام بها، وأدها علي بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري، واتفق جمهور العلماء بالإجماع على أن حكم هذه الصلاة مستمر بعد النبي عليه الصلاة والسلام.

مواضيع ذات صلة

الطلاقالطلاق | إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان

الجساسةالجساسة | كل ما تحتاج إلى معرفته عن الظهور المزعوم