متى كانت غزوة خيبر | وأحداثها والدروس المستفادة منها؟

غزوة-خيبر

فلنعد إلى ماضينا العريق إلى حكاية من حكايات الانتصار والتمكين، نطوي السنين، لنعود إلى عصر العزة والمجد والشموخ، نعود إلى الجيل الذي نشأ على تربية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تحت رايات الحرب وظلال السيوف، نعود لنتذكر غزوة خيبر ونسرد حكاية خيانة وخداع وكراهية وعداء وتآمر على رسولنا الكريم ولكنها انتهت بتحقيق نصر عظيم للإسلام والمسلمين.

متى كانت غزوة خيبر ؟

تعتبر غزوة خيبر واحدة من الغزوات التي قادها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويعود التاريخ الذي كان شاهدا على حدوث تلك الغزوة إلى العام السابع من الهجرة، وقعت هذه الغزوة العظيمة في شهر محرم أحد شهور السنة بالهجري الذي اعتمده المسلمون في كافة الدول الإسلامية.

وخيبر هي إحدى الأماكن التي تقع في الجهة الشمالية من المدينة المنورة، فهي ذات مساحة كبيرة وحصون منيعة ودروع قوية، يسكنها اليهود وكانت تعد آخر قلعة لهم في شبه الجزيرة العربية، فجعلوا منها المركز الأساسي لإعداد الدسائس والمؤامرات على المسلمين، ولكن الله سبحانه وتعالى أبطل كيدهم، وقام رسولنا الكريم بغزوها وفتحها والقضاء على ما بها من يهود وبذلك تحقق وعد المولى جل علاه لرسوله وللمؤمنين، وذلك في قوله تعالى “وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه”.

أسباب غزوة خيبر

بعد انقضاء غزوة الخندق أو كما يطلق عليها غزوة الأحزاب، وبعد أن تمكن المسلمون بقيادة المصطفى صلى الله عليه وسلم من مواجهة قريش والتخلص منهم وإبرام صلح الحديبية معهم، أراد رسولنا الكريم القضاء أيضا على الأطراف الأخرى التي كانت تواجه المسلمين في غزوة الأحزاب، وهذه الأطراف متمثلة في قبائل نجد التي كانت تناصر قريشاً، وأهل خيبر من اليهود الذين كانوا العقل المدبر لشن الحرب على المدينة في غزوة الأحزاب، وتكمن أسباب غزوة خيبر في النقاط التالية:

1- إن سبب غزوة خيبر الأساسي والأول يتمثل في رغبة المسلمين في تحقيق المعاني السامية التي نزل من أجلها الإسلام وهي نشر الأمن والأمان والهدوء والسلام في المدينة المنورة وجميع بقاع الأرض، وإيقاف نزيف الدماء الذي دام لفترات ليست قصيرة من الزمان، والتفرغ للقيام بنشر تعاليم الدين الإسلامي وإعلاء كلمة المولى عز وجل.

2- التخلص من الخطر الذي كان يشكله يهود خيبر، فهم من قاموا بتحريض الأحزاب الأخرى على خيانة عهودهم مع المسلمين والغدر بهم والهجوم على المدينة المنورة، فأبرموا اتفاقا مع قبيلة غطان للمشاركة في الحرب بجيش مكون من ستة آلاف مقاتل مقابل أن يمنحوها تمر خيبر لمدة سنة.

تجهيزات الرسول لغزوة خيبر

بعد التطرق للحديث عن سبب غزوة خيبر ، كان لا بد من توضيح تجهيزات الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الغزوة، وذلك قبل الدخول في تفاصيلها وأحداثها؛ حيث وقعت غزوة خيبر تحديداً في شهر محرم من العام السابع لهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأتت بعد أن أبرم رسولنا الكريم صلح الحديبية مع قبيلة قريش وآمن بطشهم وخيانتهم من خلال هذا الصلح.

ثم توجه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة الأجلاء إلى المدينة المنورة بعد هذا الصلح وفي مقدمتهم ابو بكر الصديق ،فمكث في المدينة طوال شهر ذي الحجة وأيام قليلة من شهر محرم، ثم أمر بإعداد الجيش وتجهيزه للخروج وفتح خيبر بعون الله سبحانه وتعالى، وكان عدد الجيش قد بلغ ألفا وأربعمائة مقاتل، ومن بينهم مائتا فارس من فرسان المسلمين والله تعالى أعلى وأعلم.

أحداث غزوة خيبر مختصرة جدا

كانت خيبر تقع على بعد 80 ميلا من المدينة المنورة، وكانت تعد قلعة منيعة ومحمية بالعديد من الحصون والمزارع، وكان يسكنها اليهود الذين يتأهبون لمحاربة المسلمين، وقاموا بوضع خطة لاغتيال المصطفى صلى الله عليه وسلم.

لكن أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالتجهز والاستعداد الكامل  لغزو خيبر وفتحها بإذن المولى تعالى، ولما تجهز الجيش وأقبل النبي صلى الله عليه وسلم للخروج أوقفه الجماعة الذين تخلفوا عن معركة الحديبية يرغبون المشاركة في هذه الغزوة طمعا في الغنائم، ولكن رسول الله لم يأذن لهم بذلك وأمر أن يخرج مناديا يخبر الناس (أن لا يخرج معنا إلا راغب في الجهاد).

وكانت خيبر  تحتوي على العديد من القلاع التي يصعب اختراقها في الحروب فهي كالسد المنيع، ومنها حصن ناعم وحصن الصعب بن معاذ، وحصن النزار، وحصن قلعة الزبير، وحصن الوطيح، وحصن أبي، وحصن القموص، وحصن السلالم.

وبعد أن وصل المسلمون إلى مدينة خيبر تداولوا على فتح هذه الحصون والقلاع واحدة تلو الأخرى بعزيمة شديدة وتفاؤل كبير وحسن الظن بالله في تحقيق النصر.

فقد واجه المسلمون في بداية الأمر بعض الصعوبات، فاليهود يقاومون بكل حزم، لدرجة استغراق فتح حصن ناعم لوحده عشرة أيام، وكان القائد الذي قام بفتحه هو علي بن ابي طالب رضي الله عنه.

ولقد أتى الدور على حصن القموص لكي يقوم المسلمون بفتحه أيضا، ومن ثم توالت فتوحات حصون وقلاع خبير، حيث إنه كلما فُتحت قلعة فرّ اليهود إلى قلعة أخرى يختبأون بداخلها.

بعد فرار اليهود من قلعة إلى أخرى ووصولهم إلى حصونهم الأخيرة الوطيح والسلالم، ما كان من المسلمين إلا أن يحاصروهم حصارا قويا، حتى رفعوا يهود خيبر راية الاستسلام وخضعوا لسيطرة المسلمين.

نتائج غزوة خيبر

أدرت غزوة خيبر العظيمة بالعديد من النتائج الإيجابية على المسلمين والدولة الإسلامية بأكملها، ومن أبرز نتائج غزوة خيبر ما يلي:

1- زيادة سطوة ونفوذ جيش المسلمين حيث ظهر بثوب البطل فقد قضى على جيش اليهود الذي عرف عنه قوته الكبيرة من العدد والعدة، ذلك الأمر الذي بث الخوف والذعر في قلوب القبائل العربية الأخرى المعادية للإسلام، ودفعهم إلى عقد صلح مع المسلمين بعد انتهاء تلك الغزوة.

2- أسدلت تلك الغزوة كلمة النهاية لعهد اليهود في خيبر وكسرت كبريائهم وأضعفت قوتهم ونفوذهم في المدينة المنورة خاصة والجزيرة العربية عامة.

3-  عادت هذه الغزوة بفتوحات ومغانم عديدة على المسلمين، حيث قد تحصلوا على أراضي من أهل فدك، الذين طلبوا من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الصلح فوافق نبينا الكريم مقابل أخذ جزء من أراضيهم، كما قام أهل وادي القرى الذين هم من اليهود أيضا بعرض الصلح على سيدنا محمد مقابل دخولهم الإسلام.

4- وأقبلت قبائل اليهود على المصطفى صلى الله عليه وسلم تطلب مصالحته ومن أمثالها يهود تيماء، الذين لم يظهروا أي مقاومة ضد المسلمين، ورفعوا راية الاستسلام مثل ما فعل باقي اليهود المجاورين مع المسلمين.

5ـ ويعد زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة صفية من أبرز نتائج هذه الغزوة، فقد وقعت في السبي، ولكن الرسول أكرمها وأعتقها من السبي وتزوجها، وذلك بناء على أن رجلًا جاء إليه وقال له إنها سيدة بني قريظة لا تصلح إلا لك.

والدليل على ذلك من الصحيحين: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر ودخلها عنوة وجمع السبي، فجاءه دحية: فقال يا رسول الله أعطني جارية من السبي. فقال: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أعطيت دحية صفية بنت حيي سيد قريظة والنضير ما تصلح إلا لك، قال: ادعوه بها، قال: فجاء بها فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: خذ جارية من السبي غيرها. قال: وأعتقها وتزوجها”.

نتائج غزوة خيبر

نتائج غزوة خيبر

العبر والدروس المستفادة من غزوة خيبر

عند الغوص في بحر غزوة خيبر نجد أنها أمدتنا بلآلئ من العبر والدروس التي يمكن الاستعانة بها والاستفادة منها في سائر العصور والأزمان، ومن أهم العبر و الدروس المستفادة من غزوة خيبر ما يلي:

– النصر يكون من عند المولى سبحانه وتعالى وحده، حتى لو توافرت كل أسباب النصر، فاليهود في هذه الغزوة كانوا الأكثر عددا وعدة، ولكن كان الانتصار حليف المسلمين في النهاية.

– ضرورة صدق النية والإخلاص للجهاد في سبيل الله تعالى، والصبر على الشدائد مهما كانت، وكلها خصال توفرت في جيش المسلمين في تلك الغزوة مما ساعدهم على تحقيق نصرا عظيما.

– تحريم أكل لحوم الحمير، ومن العبر التي منحها رسول الله لأصحابه خلال هذه المعركة أن لحم الحمير يُمنع أكلها بأي حال من الأحوال ومهما كانت الظروف، وقد ورد ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل”.

– وتحريم وطء الأسرى من النساء غير الحوامل قبل أن يتم استبراء رحمهم، فقد جاء عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال “من يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأت سبيا من السبي حتى يستبرئها” والاستبراء المقصود به هنا طهارة المرأة من الحيض لمرة واحدة فقط، فليس لها عدة لأن العدة لا تجوز على الزوج الكافر سواء كان متوفي أو حي.

– مشاركة المرأة في حرب خيبر، فكانت النساء تشارك في مداواة الجرحى، وإعانة جند المسلمين بما في استطاعتهم.

– الشورى في غزوة خيبر، فدائما ما كان نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه في أمور الحرب ويأخذ بآرائهم  إن كانت صحيحة وتعود بالنفع على المسلمين.

– الحرص على الدعوة إلى التفاؤل دائما.

– تحريم ربا الفضل، فـتعرف معنا على ما هو الربا المحرم؟، ولماذا تم تحريمه في الإسلام؟

هل غزوة خيبر ذكرت في القرآن الكريم؟

نعم ذكرت غزوة خيبر في القرآن الكريم، وجاءت في سورة الفتح.

كم كان عدد المسلمين المشاركين في غزوة خيبر ؟

نال 1600 مقاتل من المسلمين شرف المشاركة في غزوة خيبر.

كم كان عدد اليهود في غزوة خيبر ؟

كان عدد اليهود المشاركين في غزوة خيبر حوالي 10 آلاف مقاتل.

غزوة خيبر في اي عام وقعت؟

يعود فتح خيبر إلى عام 7 هجريا في شهر محرم.

مواضيع ذات صلة

مشكاة-المصابيحكتاب مشكاة المصابيح | جامع متون الأحاديث

دعاء القنوت في صلاة الوتردعاء القنوت في صلاة الوتر مكتوب