كعب بن زهير | شاعر البردة

أسعد برجل كان لسانه شاهدًا له لا عليه، رجل لحق نفسه قبل أن يلحقه الموت، وتاب إلى ربه وأناب، وعمل من أجل يوم المآب، إنه كعب بن زهير الذي عدل عن هجاء النبي صلى الله عليه وسلم لينجو بنفسه من نار لا تبقي ولا تذر.

كعب بن زهير | من هو؟

في إطار الحديث عن كعب بن زهير  يجب أن نعرف أنه لم يكن بالشاعر الصغير الذي يردد الأشعار التي تعجب الناس فقط، ولكنه كان قامة كبيرة في عالم الشعر الجاهلي والإسلامي، فهو شاعر محنك كان يملك من القدرة الشعرية والبلاغة اللغوية ما أهله ليكون في مقدمة شعراء العصر الجاهلي.

لم تكن موهبته وليدة الصدفة بل اكتسبها من خلال نشأته وسط عائلة شاعرية لها باع طويل في مجال الشعر، فهو ابن الشاعر الجاهلي ((زهير بن أبي سلمى)) الذي بلغ من الفصاحة الشعرية ما لم يصل إليها سواه في عصره، وقد كان عمر بن الخطاب يقول فيه إنه ما من شاعر أفضل منه، ويمكن الاطلاع على أجمل قصائده من خلال ديوان كعب بن زهير حياته وشعره pdf.

نسبه:

ينتمي إلى قبيلة مزينة واسمه هو كعب بن زُهير بن ربيعة بن رياح بن قرط بن الحارث بن مازن بن حلاوة بن ثعلبة بن ثور بن هدمة المُزني، أما أمه فتُدعى كبشةُ بنت عمار بن عديّ بن سحيم بن غطفان.

و قبيلته تعد من أشهر القبائل في هذا الوقت، وكانت تدخل ضمن قبائل وجماعات الخطط والآدر المعروفين باسم (أهل الراية)، وهذه القبائل ضمت جماعات من الأنصار وخزاعة وقريش وغفار ومزينة وغيرهم، وقد جمعهم عمرو بن العاص تحت راية واحدة حيث إن كل قبيلة لم تكن أعدادها تكفي لتنفرد عن الأخرى في الخطط.

وقد قال فيها القلقشندي: (يكون وقوفكم تحتها، فكانت لهم كالنسب الجامع، وكان ديوانهم عليها، فعُرفوا بأهل الراية، وانفردوا بخطةٍ وحدهم، وخطتهم من أعظم الخطط وأوسعها).

أما قبيلة مزينة فانفردت بالعز والجاه أكثر من غيرها، فقد كان لها رفعة أصيلة، كما أن كعب بن زهير عبر عن مكانة قبيلته واعتزازه بها في الأبيات التالية:

ألا أبلغا هذا المعرضَ أنّه.

أيقظان قالَ القولَ إذ قالَ أم حلَمْ.

أعَيّرتني عِزاً عَزيزاً ومعشراً.

كِراماً بنو لي المجدَ في باذخٍ أشَمْ.

ويذكر أن كعبا كان يعتبر من اشهر شعراء العصر الجاهلي وكذلك العصر الإسلامي.

نشأة كعب بن زهير الشعرية:

لم تصدر المصادر الموثوق بها أي خبر عن العام الذي ولد فيه هذا الشاعر الكبير، ولكن كل ما يُعرف حول ميلاده أنه ولد في العصر الجاهلي وعاش فترة في العصر الإسلامي.

وقد نشأ نشأة أهلته ليكون شاعرًا مخضرمًا، إلا أنه في بداية الأمر لم يكن أبوه راضيًا عن قوله للشعر وذلك خشية أن يقول شعرًا ركيكًا يندم عليه بعد ذلك، إلا أنه لم يسمع كلامه وظل يردد الشعر حتى غضب منه والده بشدة لدرجة أنه سجنه منفردًا حتى لا يقول الشعر على مسامع الناس.

ولكن بمجرد أن خرج من محبسه ردد الشعر وسط الناس حتى يأس منه والده وأعطاه دابة يرعاها في الصحراء وذلك حتى يتأكد أنه سيذهب بعيدًا.

وفي يوم من الأيام سمع زهير ابنه وهو يقول أرجوزة فنادى عليه واختبره في الشعر ، وقد تمكن كعب من نيل إعجاب والده، الأمر الذي اضطر معه زهير بالسماح له بقول الشعر.

وقد اهتم به والده اهتماماً بالغًا من الناحية الشعرية فعمل على تهذيب لسانه، وأخبره بما يحتاجه ليكون شاعرًا كبيرًا حتى تفوق وأبدع أيما إبداع في الشعر، وصار ممن يشار إليهم بالبنان في الشعر، وهذه هي أهم معلومات عن كعب بن زهير .

هجاء زهير للنبي

كان كعب بن زهير من الشعراء الذين هجوا النبي صلى الله عليه وسلم، كما أنه أيضًا كان من ضمن ممن استحل النبي دمهم، فأرسل إليه أخوه بجير وكان قد أسلم واتبع النبي يحذره مما يفعل، ودعاه إلى الإيمان بالرسول وأن يأتي إليه ويتوب بين يديه وذلك لأن الرسول الكريم لا يقتل من يأتيه تائبًا، وكان كلام جبير لأخيه عبارة عن أبيات شعرية وهي:

من مبلغُ كعباً فهل لك في التي.

تلوم عليها باطلاً وهي أحْزَمُ.

إلى الله لا العُزةَ ولا اللات وحدهُ.

فتنجو إذا كان النجاءُ وتسلمُ.

وعندما قرأ كعب بن زهير هذه الأبيات خاف على نفسه خوفًا شديدًا وأدرك أنه ميت لا محالة، ولكنه أراد أن يهرب من النبي، فذهب إلى بعض القبائل يستغيث بها، ولكنه لم يجد قبيلة تعينه على ذلك، فأدرك أنه لا يوجد مهرب له، فضاقت عليه نفسه ولكنه سرعان ما رجع إلى الحق وسكنت ايات السكينه قلبه وكتب قصيدة يمدح فيها النبي صلى الله عليه وسلم وكانت باسم قصيدة بانت سعاد بالإضافة إلى أنها احتوت على بعض الأبيات الأخرى.

إسلام كعب بن زهير

عند قراءة كتاب لسان العرب كعب بن زهير سيتبين أنه قد أسلم بعد أن ضاقت عليه الأرض وعرف أنه لا ملجأ ولا مفر من القتل إلا أن يتوب إلى ربه ويؤمن بنبيه، فقام بتنظيم قصيدة يمدح فيها النبي وبين فيها الخوف الشديد الذي ينتابه بسبب بحث أعدائه عنه والرغبة في قتله.

ثم ذهب إلى المدينة المنورة ونزل ببيت رجل كانت هناك علاقة تربطهما معًا، وعندما حل الصباح أخذه الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما رآه كعب بن زهير وضع يده في يد النبي وأخبره أنه جاء إليه تائبًا، وقبل أن يرد النبي عليه جاءه رجل من الأنصار فقفز عليه وأراد أن يقتله فمنعه النبي وقال إنه جاء نادمًا.

ويذكر أنه غضب من هذا الأمر بشدة ونظم قصيدة في مدح النبي إلا أنه هجا فيه الأنصار بسبب ما حدث معه وامتدح المهاجرين، وقد أعجب النبي بالأبيات التي امتدحه فيها وأعطاه بردته الشريفة فأصبحت بردة كعب بن زهير وورثها من بعده أبناؤه، وهكذا أسلم هذا الشاعر وتحول من هجاء النبي إلى مدحه.

الخصائص الشعرية في قصائد كعب

لقد أخذ كعب من أبيه قوته الشعرية وفصاحة لسانه كما أنه صار على نهجه في تحكيك الشعر حيث إنه من مؤسسي مدرسة الشعر الحولي، وقد اهتم كعب ببناء القصيدة بصورة كبيرة، فكان يبنيها بناء على التعلق بالمكان، وذلك لأن المكان كان له بمثابة صورة جمالية تثير مشاعره، ومن أبرز خصائص شعره:

1ـ  اللغة الشعرية: اعتمد كعب بن زهير في شعره على لغة بدوية قاسية، حيث استمد هذه اللغة من البيئة التي ترعرع فيها.

2ـ الصورة الفنية: الصورة الفنية هي الوسيلة التي من خلالها ينقل الشاعر أحاسيسه ومشاعره للمتلقي، وكان كعب ينقل هذه الصورة الفنية تبعًا لتأثره بالبيئة الاجتماعية التي نشأ فيها.

3ـ تأثره بالقرآن الكريم: تأثر كعب بإسلامه بشكل كبير، حيث تحولت ألفاظه من الألفاظ البدوية إلى الاقتباس من ألفاظ القرآن الكريم، بالإضافة إلى أن شعره غلب عليه الحكمة التي لم تكن في أشعاره في الجاهلية، وهو في ذلك يشبه الخنساء التي تأثرت هي الأخرى بالقرآن الكريم بمجرد إسلامها.

وفاة كعب بن زهير

لقد نجا كعب بن زهير من القتل بسبب إسلامه وتوبته بين يد النبي الكريم، إلا أن الموت لا مفر منه مهما طال الأمد وحتما سينتقل الإنسان إلى الرفيق الأعلى، وقد توفي في عام 42 هـ، وبعض الآراء تذكر أنه توفي في عام 24 هـ، وبين هذا وذاك تبقى الحقيقة الوحيدة أنه مات وانتقل إلى الدار الآخرة.

ما هي قصة كعب بن زهير مع الرسول باختصار؟

كان كعب بن زهير من الشعراء الذين هجوا النبي، وبعد فتح مكة استحل النبي دمه، وعندما أخبره أخوه بذلك عرف أنه لا مفر من القتل إلا بالرجوع إلى الرسول، وبالفعل قام بذلك وأسلم بين يد النبي.

ما هي مناسبة قصيدة بانت سعاد ؟

مناسبة هذه القصيدة هي أن كعب بن زهير وجد نفسه أنه سيقٌتل بسبب هجائه للنبي فاضطر إلى مدحه من خلال تنظيم هذه القصيدة

لماذا سمي كعب بشاعر البردة؟

لأن النبي أعطى له بردته عندما أٌعجب بأبيات قصيدته التي امتدحه فيها.

ما هو البيت الذي أعجب النبي في قصيدة كعب بن زهير في مدح الرسول pdf ؟

أٌعجب الرسول بمدح كعب بن زهير حين قال (إن الرسول لنورٌ يستضاء به .... مهندٌ من سيوف الله مسلولُ)).

 

مواضيع ذات صلة

احمد بن حنبلاحمد بن حنبل | مثال للزهد والورع

تأبط شراتأبط شرا | لقب الشاعر الصعلوك الذي أخذ بثأره