ماهو التحرش الجنسي؟ | جريمة يلزمها ردع قاسٍ

لمسات متعمدة ونظرات قاتلة وكلام مسموم يخرج من شخص غير مسئول إلى إنسان آخر قاصدًا به انتهاك كيانه هذا ما يدعونه الناس بالتحرش، فهو ذاك الفعل القبيح الذي لا ينبثق إلا من ذوي الأهواء الخبيثة، والنفوس الدنيئة التي توجه همتها إلى التوسخ بأوحال الشهوات بطريقة بهيمية بلا عقل أو رقيب، فـ ماهو التحرش هذا وما أنواعه؟ وهل يتوقف عند حد كونه جريمة أخلاقية أم يلزمه ردع من القانون؟ هذا ما سنوضحه في طيات هذه السطور.

ماهو التحرش الجنسي ؟

تعرضت المرأة إلى الظلم على مر تاريخها، تارة لكونها ناقصة لا تصلح لأي شيء، وتارة أخرى لكونها إذا تمكنت من شيء أفسدته وكأنها لم تخلق كإنسانة لها كافة الحقوق وعليها كل الواجبات، أهذا من قبيل أن المرأة إنسان ضعيف أم أن أشباه الرجال تخشى من قوتها؟! فيبدءون بنهب حقوقها ثم إن هم فشلوا راحوا يتحرشون بجسدها، فـ ماهو التحرش الذي ظهر في الآونة الأخيرة كالنار في الهشيم وأصبح خطرًا يهدد كل النساء ويلقي بهن في الجحيم؟

يمكن الإجابة عن ماهو التحرش ؟ في أنه عبارة عن تلك الكلمات القبيحة التي تدل على إيحاءات جنسية يتم توجيهها لشخص ما، أو الأفعال ذات الطابع الجنسي التي تنتهك الأجساد أو النظرات غير البريئة التي تنتهك الخصوصية، وهذه الأفعال أو بعضها لم يقم بها الإنسان إلا ليتلذذ بانتهاكه لكيان وجسد المرأة تاركًا فيها أثرًا سلبيًا مدمرًا لحياتها، وهذا هو مفهوم التحرش الجنسي.

وتتم تسمية من يقوم بهذه الجريمة “المتحرش” أما الإنسانة التي تم التربص بها تعرف باسم “الضحية أو المُتحرش بها”، وإحقاقًا للحق فإننا قد نجد تحرشًا بالرجال سواء من قبل رجل أو امرأة، وهذا يعرف باسم “الـتحرش الجنسي العكسي”، وقد ظهر مؤخرًا في بعض البلدان، ومع كونه يحدث قليلًا إلا أنه يظل جريمة يجب مواجهتها.

أشكال التحرش الجنسي

في إطار الحديث عن ماهو التحرش يجب أن نذكر أنه لا يقتصر عند حد شكل معين بل يأخذ عدة أشكال والتي تتنوع على حسب البلدان والقانون المتبع فيها، وفيما يلي أبرز انواع التحرش المنتشر:

1) الاعتداء باللمس: في هذا الشكل يقوم المتحرش باستخدام يده ليلامس أجزاء من جسد المرأة أو يقوم بالاحتكاك به.

2) الحديث بالإيحاءات والكلام الجنسي: يشير إلى قيام الرجل بالتلفظ بكلمات جنسية أمام المرأة، أو يقوم بأي فعل فيه إيحاء جنسي صريح.

3) الاعتداء بالعين: يتم فيه تحديق المتحرش لضحيته بشكل لا يليق والنظر إلى أجزاء من جسدها بوقاحة.

4) الاعتداء بالتتبع: يتحرش الذكر بالأنثى عن طريق ملاحقتها والسير خلفها ثم يتفوه بكلمات حقيرة تخدش حيائها، وتعد ملاحقة الفتاة من أبرز علامات تحرش الرجل بالمرأة .

5) المعاكسة الهاتفية: نوع مشهور من انواع التحرش وفيها يقوم المتحرش بالاتصال بالأنثى التي يعرفها أو أي أنثى ثم يسمعها كلمات بذيئة، ويحاول أن يحادثها بأسلوب رقيق علها تستجيب، ويبدأ معها الحوار بـ اجمل ما قيل في الحب ثم يتطرق إلى التلميحات الجنسية.

6) التـحرش الجماعي: ظهر هذا الشكل في الآونة الأخيرة وخاصة في المناسبات العامة التي يحدث فيها تجمعات، حيث يقوم مجموعة من الذكور بمتابعة فئة من الإناث ثم مضايقتهن بأساليب بذيئة.

صور التحرش الجنسي

ما أسباب الـتحرش؟

في أثناء حديثنا عن ماهو التحرش يجب أن نذكر أنه يعد جريمة تتنافى مع كل الأديان والأعراف ولكن يبقى السؤال ما اسباب التحرش التي تؤدي لانتشار هذه الجريمة على الرغم من أن الجميع يبغضها ويستنكرها؟ وتكمن الإجابة في أن كلا من الكبت الجنسي و الفراغ العاطفي وانعدام الأخلاق والتقليد الأعمى بالإضافة إلى عدم وجود رادع قانوني قوي قد تسبب في انتشار جريمة التحرش وجعلها ظاهرة منتشرة في بلداننا.

فالكبت الجنسي الذي يتعرض له الشباب نتيجة ارتفاع مستوى المعيشة وعدم القدرة على الزواج، والتربية الخاطئة في بعض الأحيان قد أدت إلى رغبتهم في تفريغ طاقتهم فمن هو أضعف منهم، ولم يجدوا أمامهم سوى النساء، أما انعدام الأخلاق فهي السبب الرئيسي لانتشار هذه الجريمة إذا لم يكن أخلاق الإنسان رادعًا له عن ارتكاب هذا الفعل القبيح فلن يقبل أي نصيحة تُوجه له.

وبعض المتخصصين يروون أن غياب القانون هو من أدى إلى انتشار التـحرش حيث إنه لا تتوفر عقوبات رادعة عمن يقوم بهذا الفعل الشنيع فمن أمن العقاب أساء الأدب.

بالإضافة إلى ما تقدم ذكره من أسباب فإن المجتمع يعد شريكًا في هذه الجريمة خاصة في البلدان المتخلفة التي تنظر إلى أن سبب التحرش هو المرأة ويلقون باللوم على الضحية بدلًا من مساعدتها، وهذا ما يجعل المتحرش يتجرأ على الأنثى ولا يخشى أحدًا لأنه يعلم أن التبريرات السخيفة من المجتمع ستجعل منه الضحية.

كيفية مواجهة التحرش

لا يجب أن نعرض ماهو التحرش ولا نتطرق إلى كيفية مواجهته بالطريقة المثلى وذلك حتى تتخلص مجتمعاتنا من هذا الفعل القبيح، وفيما يلي طريقة مواجهته والحد منه:

أولًا: قانونيًا

يجب سن القوانين الرادعة والقاسية حتى يخشى كل من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجريمة المنكرة، ويتيقن بأن العقوبة القاسية في انتظاره إن هو تجرأ وارتكب هذا الفعل، ويجب أن تكون القوانين المتعلقة بالتحرش واضحة وخالية من أي عوار قانوني حتى لا يستغلها المجرم وأصحاب الذمم الفاسدة من المحامين.

ثانيًا: اجتماعيًا

من الناحية الاجتماعية يجب أن ينتبه المجتمع بفئاته إلى هذه الجريمة، ويعرف كل إنسان فيه أنه من الواجب عليه مقاومتها والتصدي لها لأنه حتمًا إذا تعاطف مع المجرم سيأتي اليوم الذي سيحدث له فيه مثل هذه الجريمة أو لأحد من أهله، وحينها لن يجد من يدافع عنه أو يقف بجواره، حيث يجب التصدي للمجرم وزجره بكل الطرق فهو لا يستحق الكلم الطيب أو المعاملة الحسنة.

كما يجب أن تربي الأسر فتياتها على القوة، وعدم السماح لأحد بالتجاوز معها مهما حدث، وأن تلجأ إلى أقسام الشرطة إن لزم الأمر، ومن الضروري أن يخبر الآباء فتياتهم أنهم بجوارهم، وأنهم لن يسمحوا بالتـحرش بهم حتى تقوى الفتاة، وتتأكد بأن حقها لن يضيع وبذلك تصبح واثقة بنفسها وقادرة على مواجهة كل من يتعرض لها بسوء دون خوفٍ من أحد.

ما هو الـتحرش بالأطفال؟

في سياق الحديث عن ماهو التحرش تجب الإشارة إلى مفهوم التحرش بالأطفال تلك الجريمة التي ظهرت في الآونة الأخيرة ويتساءل الكثير عن ما هو التحرش للاطفال الذي بات المسؤولون يتحدثون عنه؟

يعد التحرش بالأطفال جريمة بشعة يقوم فيها منعدم الدين والأخلاق باستدراج طفل لم يتجاوز 13 عامًا والاعتداء عليه بشكل لا يليق وملامسة أجزاء من جسده.

التحرش في الرؤية الإسلامية

في إطار الكلام عن ماهو التحرش فإننا نُفاجأ كل يوم بتقرير يشير إلى إحصائيات مخيفة بشأن التحرش الجنسي الذي تتعرض له النساء يوميًا، وما يفجعنا أكثر هو كون الدول الإسلامية في مقدمة أكثر البلدان التي تتعرض فيها المرأة إلى التـحرش، وكأن هذه الدول لم تأخذ من الإسلام إلا اسمه ولا من القرآن إلا رسمه.

ألا تعرف هذه الدول أن التحرش جريمة أخلاقية ودينية حرمها الله عز وجل؟! ألا يعلم من يقوم بهذا الفعل الشنيع أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حارب اليهود وطردهم من أجل أن امرأة تعرضت للتحرش من قِبل فرد منهم.

لقد حرص الإسلام على كرامة الإنسان -ذكر وأنثى دون تفريق- وحفظ له جسده بل توعد من ينتهك هذا الجسد بالعقاب الشديد، ولقد رأى علماء الدين بأن التحرش جريمة بكل حذافيرها ويجب التصدي لها بأشد العقاب من قبل ولي الأمر واستندوا في ذلك على قول الرسول يوم النحر: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قالوا: يوم حرام، قال: فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قالوا: بلد حرام، قال: فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قالوا: شهر حرام، قال: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا).