معلقة عمرو بن كلثوم : الفخرُ الذي يشبهُ الثورة

معلقة-عمرو-بن-كلثوم

العربيّ معروفٌ منذ قديم الزّمانِ بكبريائِه الشَّدِيد وعزّتِهِ وفخرِهِ بآبائِه وأجدادِه، قد تقامُ حروبٌ للدّفاع عن هذه العزّة، فالعربيّ هو الشَّريف العزِيز! انظُر إلى معلقة عمرو بن كلثوم واقرأها بتمعّنٍ شديدٍ ستعرِفُ كيف أنّ دماءَ العربيّ تتكوّن من كُرَى الدَّمِ النبّيلة الكريمةٍ، وهذه قصَّة قصيدَة تحكِي قصَّة الشاعر عمرو بن كلثوم سيّد قومِهِ الذي قتلَ ملك الحيرة لأنّ الملك أرادَ من أمِّ الشَّاعِر ليلى بنت المهلهل أن تناوِل طبقًا ما على مأدبةٍ لأمِّه الملِكة.

شاعِرٌ مخلوقٌ من الكبرياء

هو عمرو بن كلثوم بن عمرو بن مالك، ينتهى نسبته لوائل، وهو من قبيلة تغلب، ولد في سنة 39 ق.ه، يعدُّ من اشهر شعراء العصر الجاهلي فهو من شعراء الطبقة الأولى، موطنهُ الأصل في شمال الجزيرة العربية حيث بلاد ربيعة، حيث العزة والكبرياء، ساد قومه وهو لا يزال فتى يافعًا، وعمَّر طويلًا كسيّد قبائل تَغْلُبَ، أمّه هي ليلى بنت المهلهل بن ربيعة، وأبوه كلثوم بن عمرو، وقيل إنّ أمّه رأت في منامها أنّها ستلد مولودًا عظيمًا له شأنٌ كبيرٌ وسيسود قومه صغيرًا وقد حدث.

شبَّ عمرو بن كلثوم يسبَحُ في بحورٍ من الجاه والكرامة والإباء والحسب والسلطان، فكبر شجاعًا فصيحًا، سيدًا لقومه وهو لا يزال في الخامسة عشر من عمره، وحدَّثَ بالشعر وكان من كبار الفصحاء في زمانه، ولو لم يكن عند له من الشعر إلا معلقة عمرو بن كلثوم لكفاه.

الشرر الذي تقدَّحتْ منه نيران المعلقة

يقال إنَّ عدد أبيات المعلقة الخالدة التي سطرها شاعر تغلب وسيدها عمرو بن كلثوم يزيد عن ألف بيتٍ، وإنَّ ما وصل إلينا من أبياتٍ لها تعدّ قليلة مقارنةً بما قدَّره عمرو لها، فتبدأ المعلَّقة بوصف الخمرِ ولذَّتها للشاربِين كعادة شعراء العرب قبل الإسلام، ثم تذهب بنا إلى واقعة الملك عمرو بن هند، ثم يبدأ عمرو بن كلثوم بالإنشاد الذي يمطرُ عزَّةً وكرامةً وفخرًا وإباءً.

عمرو بن هند يزدري عمرو بن كلثوم أمام الملأ

في يومٍ مزاجيٍّ جدًّا لملك الحيرة عمرو بن هند، جالسًا كانَ بين حاشيتِه وقد أخذته الجلالةَ ذاتَ هفوةٍ وسأل الجمع سؤالًا صادِمًا: أتعلمون أحدًا من العرب تأْنَف أمُّه أن تخدم أمي؟ ! هكذا دون التفكُّر قليلًا في هذا السؤال الذي سوف يعجِّلُ قريبًا بنهايتِهِ! ظلَّ الملأ يتشاورون فيما بينهم حول أهميّة هذا السؤال من حيث أهو سؤال جادٌ أم سؤال نابعٌ من إنسانٍ مخمورٍ! فاتفقوا أن يأخذوا هذا السؤال على محمل الجديّة وقالوا في نفسٍ واحدٍ: ومن غيرهُ عمرو بن كلثوم؟.

غضب الملك

سأل الملِكُ بنبرةٍ غاضِبةٍ: ولمَ ذلك؟، فهو لم يكن يتوقع أن يجيبوه بأيّ إجابةٍ إنّه فقط يسأل ويريدُ إجابةً مصدَّق عليها مسبقًا! يريدُ أن يسمعَ “لا أحد” ولكنّ الملأ جاوبَهُ وزادوا في توضيح الإجابة لمَّا سألهم عن السبب، فقالوا: لأنَّ أباها مهلهل بن ربيعة، وعَمَّها كليب وائل أعز العرب، وبعلها كلثوم بن مالك أفرس العرب، وابنها عمرو وهو سيد قومه وفخر عشيرته، فازدَاد عمرو بن هند غضبًا كأنّهم يقولون أنّ هؤلاء التغلبيين أكثر منه حسبًا ونسبًا! فجال في باله فورًا خطَّةٌ كي يثبتَ خطأ هذا الاعتقاد ولو بخدعةٍ بسيطةٍ.

خطّة ماكِرة من قلبٍ يغرف في التكبُّر والغيظِ

فقرَّرَ الملِك عمرو بن هند أن يعجِّلَ بنهايته بقرارٍ جاهليٍّ أصيلٍ وأرسلَ في طلبِ عمرو بن كلثوم أن يزورَه ويضيِّفَه في ساعة صفاءٍ وأن يجلبَ أمَّه ليلى بنت المهلهل بن ربيعة معه أيضًا، فأقبل عمرو بن هند من جزيرة العرب إلى مُلْكِ الحيرةِ في بهوٍ كبيرٍ من قبيلة تغلب، فقابلهَ عمرو بن هند بأفخم مقابلةٍ ومعه الأعيان والكبار والوزراء فضيَّف ملك الحيرة عمرو بن هند في رواقه، وضيّفت هند ليلى التي عمها كليب بن ربيعة في قبّة جانب الرواق.

إذن كلُّ شيءٍ معدٌّ للخديعَةِ، فقد أمرَ ملك الحيرة أمَّه هند أنَّ تنحِّي كلَّ الخدم في لحظةٍ مناسبةٍ، ثمَّ تقرّب ليلى بنت المهلهل منها وتسأله فقط بكلِّ هدوءٍ أن تناولَها طبقًا تشاور عليه حتَّى تخدمها وتأتي به.

السبب الرئيس لكتابة معلقة عمرو بن كلثوم

حدثَ كلُّ شيءٍ كما هو مخطط، واجتمع الثنائِي هند أمّ الملك وهند أم شاعر المعلّقة صاحب الفخر الناريّ عمرو بن كلثوم، وحدثَ أن قالتْ هندُ: ليلى! ناوليني يا ليلى ذلك الطبق، فقالت ليلى: لتقمْ صاحبةُ الحاجة إلى حاجتها، فأعادت عليها وألَحَّت، فصاحت ليلى: واذُلاَّه، يا لَتَغْلِب، فسمعها عمرو بن هند! وفهم كلَّ شيءٍ، فهم الأمر برمته.

إنّه عربي والعرب معروف عنهم الفراسة والذكاء والدهاء ولولا هذه الصفات لما بقوا أحياء في الصحراء المميتة هذه، فنظرَ إلى عمرو بن هند نظرةً الأسد الضارِي، والذئب الجائع، والغول ذي الأنياب الزرقاء، وأخذ سيفًا من سيوف الملك الموضوعة على الحائط ثم أطاح برأس عمرو بن هند فهوت إلى الأرض.

شرح معلقة عمرو بن كلثوم

من ثمَّ صارت معلقة عمرو بن كلثوم على كلِّ لسانٍ في الجزيرة العربية لذكر هذه الواقعة بها ورددها صبيان بني تغلب وشيوخها على مر العصور فصارت نشيدهم الأبديّ إلى أن ضاقت بهم بقية القبائل!، وهي تعدُّ من القصائد الجوهريّة الفريدة التي كتبت من أجل الفخر، فالفخر هو الغرض الأهم في أغراض معلقة عمرو بن كلثوم وإنَّنا نقدِّمُ للقارئِ شرحًا وافيًا لأهمَّ ما جاء في معلقة عمرو بن كلثوم من أبياتٍ شديدةِ الشاعريّة والفخر والإباء وسنوردها على أكثر من قسمٍ

1- القسم الأوَّلُ من معلقة عمرو بن كلثوم : وصف الخمر

أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا             وَلاَ تُبْقِي خُمُـوْرَ الأَنْدَرِيْنَـا
مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فِيْهَـا            إِذَا مَا المَاءَ خَالَطَهَا سَخِيْنَـا
تَجُوْرُ بِذِي اللَّبَانَةِ عَنْ هَـوَاهُ             إِذَا مَا ذَاقَهَـا حَتَّـى يَلِيْنَـا
تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيْحَ إِذَا أُمِرَّتْ           عَلَيْـهِ لِمَـالِهِ فِيْهَـا مُهِيْنَـا

إنَّ بحر معلقة عمرو بن كلثوم هو بحر الوافر وهو يليق بهذه النبرة الحماسيّة، ففي البيتِ الأوَّلِ من معلقة عمرو بن كلثوم يخاطِبُ الشَّاعِر امرأةً كأنَّه في خمَّارَةٍ فيقولُ لها ألَّا هبُّي أي استيقِظي من النَّومِ، بصحنِكِ الآن أيّتها الناعسة، أي اسقيني الخمرةَ من قدحَكِ اللَّذيذِ في هذا الصباح الجميل فهيا قومي من النوم، ولا تدخرِي أيَّ كأسٍ من خمورِ قُرَى الأندرين، والأندرين هنا قرى بالشام.

في البيت الثَّانِي يكمِلُ الشَّاعِر ويصفُ الخمرةَ فيقولُ إنَّها مشعشِعة أي ممزوجة بالماءِ، كأنَّ الحصَّ (نباتٌ له نوّار أحمر يشابه الزعفران) عندما يخالطها الماء يصبح سخينًا، فيقصد في هذا البيت أنَّنا إذا مزجناها بالماءِ ستبدو من شدّة حمرتها كأنّها ألقي فيها نورٌ يضيء من نبات الحصِّ.

وفي البيت الثالث من معلقة عمرو بن كلثوم يمدح الخمر مدحًا شديدًا فيقولُ إنَّها تستَمِيلُ صاحِب الحاجَة دائمًا بعيدًا عن حاجتِهِ حتَّى يرقّ قلبه لها، وينسى همومه تمامًا ويذوب في هواها ثم يتبع ذاك في البيت الرابع ويقول: إنَّك ترى البخيل الحريص على مالهِ ينفق كل ما يملك على شرائه، ويهين أموالَه من أجلها إذا أديرت عليه أو شمّها أو رآها.

2- القسم الثاني من معلقة عمرو بن كلثوم : ذكر القافلة المهاجرة

قِفِـي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِيْنـَا                    نُخَبِّـرْكِ اليَقِيْـنَ وَتُخْبِرِيْنَـا
قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صَرْماً              لِوَشْكِ البَيْنِ أَمْ خُنْتِ الأَمِيْنَـا
بِيَـوْمِ كَرِيْهَةٍ ضَرْباً وَطَعْنـاً                        أَقَـرَّ بِـهِ مَوَالِيْـكِ العُيُوْنَـا
وَأنَّ غَـداً وَأنَّ اليَـوْمَ رَهْـنٌ                    وَبَعْـدَ غَـدٍ بِمَا لاَ تَعْلَمِيْنَـا

الظعين أصلها الظعينة وقد رَخَّمَها الشاعرُ للتدليل، والظعينة هي المرأة التي في الهودَج، وقد سُمِّيت بذلك الاسم لأنّها ظعنت مع زوجِها، يقول في البيت الأوَّل: أوقفي مطيَّتِك يا حبيبتي المهاجِرة بعيدًا عني كي نخبرَك بالذي قاسيناه من بعدَكِ، وأيضًا لتخبرينَا بما لاقيتِ من بعدنا، وفي البيت الثاني يقول: قفِي أريد أن أسألَك لماذَا قطعتِ الودَّ بيننا وذهبتِ بعيدًا، ألأجلِ الفراقِ السّريع أم خيانةً لي حيث خيانتك لي مؤمّنة منِّي لحبي الشديد لك.

وفي البيت الثالث يقول: الكريهة من أسماء الحروبِ، فسميت بذلك لأنّها مكروهة لما فيها من أذى وخرابٍ للقرى والمدن، من ثمّ يتبعها بخطابٍ حدث في ذلك اليوم فيقول: أخبّرك بيومٍ الحربِ كثرت فيه الطعون والجروح والضربات القاتلة، وقد أقرّ بنو أعمامك عيونهم واطمأنت في هذا اليوم، ويقصد أنّهم ظفروا بمآربهم من هذه الحرب، وفي البيت الرابع يقرّرُ حكمةً كونيّةً فيقولُ إنَّ الأيَّام هذه مرهونةٌ بما هو مجهولٌ في غدٍ حيث لا تعرفين شيئًا من غيوبِهِ ولا تحيطين به علمًا.

معلقة-عمرو-بن-كلثوم

معلقة-عمرو-بن-كلثوم

3- القسم الثالث من معلقة عمرو بن كلثوم : تهديد ووعيد إلى عمرو بن هند

أَبَا هِنْـدٍ فَلاَ تَعْجَـلْ عَلَيْنَـا            وَأَنْظِـرْنَا نُخَبِّـرْكَ اليَقِيْنَــا
بِأَنَّا نُـوْرِدُ الـرَّايَاتِ بِيْضـاً               وَنُصْـدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رُوِيْنَـا
وَأَيَّـامٍ لَنَـا غُـرٍّ طِــوَالٍ                 عَصَيْنَـا المَلِكَ فِيهَا أَنْ نَدِيْنَـا

يقول في البيتِ الأوَّل: يا أبَا هندٍ (يقصد ملك الحيرة عمرو بن هند) لا تكُنْ عجولًا في معرفة نسبِي وحسبِي وشرفِي وكبريائِي! فقد انتَظرنِي سأخبرك اليقين في هذا الأمرِ من هذا الشرف والكبرياء العظيم.

ويقول في البيت الثاني: أخبر يا بن هند باليقينِ الأبديّ من أخبارِنا وأمورنا أنَّنا نذهبُ بأعلامِنا البيضاء للحروبِ ونعود من هذه الحروب بهذه الأعلام وهي محمرّة من كثرة الدماءِ التي شربتها من أجسادِ الأعداء.

وفي البيت الثالث يقول: سأخبرك أيضًا بالأحداثِ التي نحن مشهورون بها وإذا جهلتها فإنّي أذكّرك بها، فقد عصينَا كلَّ تهديدات الملوك أن ندينَ لهم لأنّنا أحرار ومشهورون بغرة الفخرِ والإباء.

4- القسم الرابع من معلقة عمرو بن كلثوم : ذكر سبب المعلقة

بِاَيِّ مَشِيْئَـةٍ عَمْـرُو بْنَ هِنْـدٍ               نَكُـوْنُ لِقَيْلِكُـمْ فِيْهَا قَطِيْنَـا
بِأَيِّ مَشِيْئَـةٍ عَمْـرَو بْنَ هِنْـدٍ               تُطِيْـعُ بِنَا الوُشَـاةَ وَتَزْدَرِيْنَـا
تَهَـدَّدُنَـا وَتُوْعِـدُنَا رُوَيْـداً                       مَتَـى كُـنَّا لأُمِّـكَ مَقْتَوِيْنَـا
فَإِنَّ قَنَاتَنَـا يَا عَمْـرُو أَعْيَـتْ                 عَلى الأَعْـدَاءِ قَبَلَكَ أَنْ تَلِيْنَـا

يبدأ هذا القسم من معلقة عمرو بن كلثوم بكلمة (القَيْلُ) وهو المَلِكُ غير المُعَظَّمِ، والقطين هو الخادم، فيريد من هذا البيت أن يقول: بأيِّ منطقٍ وأيِّ مشيئةٍ يا بن هند تتوقّع منّ تغلبٍ العظيمةٍ أن تكونَ لملكمِ هذا ومُلْكِمُ خُدَّامًا! بأيّ مشيئةٍ تصدِّقُ علينا هذه الإشاعات التي تفيد بأنّنا ضعفاء وتنكر فضلنا وشرفنا بهذه المعاملة! لماذا تهدّدننا وتوعدنا يا عمرو؟ متى كانت تغلب لأمّك خدّامًا تحت إمرتها؟، إنّ عزّنا منيعٌ يا عمرو، إنّه منيعٌ على الأعداءِ من قبل أن تولدَ، ومن قبل أن يولد قومُك، فمن أنت كي تتجرأ علينا؟.

5- القسم الخامس من معلقة عمرو بن كلثوم: الفخر بالآباء والأجداد

وَرِثْنَـا مَجْدَ عَلْقَمَةَ بِنْ سَيْـفٍ          أَبَـاحَ لَنَا حُصُوْنَ المَجْدِ دِيْنَـا
وَرَثْـتُ مُهَلْهِـلاً وَالخَيْرَ مِنْـهُ             زُهَيْـراً نِعْمَ ذُخْـرُ الذَّاخِرِيْنَـا
وَعَتَّـاباً وَكُلْثُـوْماً جَمِيْعــاً                 بِهِـمْ نِلْنَـا تُرَاثَ الأَكْرَمِيْنَـا

إنّنا ورثنا مجد علقمة الرجل الشريف النبيل وهو من أسلافنا العظماء، وإنّه بقوّته العظيمة لم تفلح أيّ حصونٍ أمامَه فقد دخلها قهرًا حتّى المنيع منها لم تصمد أمامه، وغلّب كلَّ أصحابه في المجد وقد أورثنا هذا المجد.

إنّنا ورثنا المهلهلَ – عدي بن ربيعة  – ومجده بل ومجد من هو خير منه إنّه زهير فيا له من مجدٍ ويا لها من وراثةٍ شريفةٍ، وكذلك (عتَّابًا) (وكلثومًا) هؤلاء العظماء ورثنا بهم شرف الأقدمين ونبل الأنساب الكريمة.

6- القسم السادِس من معلقة عمرو بن كلثوم : الفخر بالقبيلة أجمعها

وَقَـدْ عَلِمَ القَبَـائِلُ مِنْ مَعَـدٍّ                 إِذَا قُبَـبٌ بِأَبطَحِـهَا بُنِيْنَــا
بِأَنَّـا المُطْعِمُـوْنَ إِذَا قَدَرْنَــا                  وَأَنَّـا المُهْلِكُـوْنَ إِذَا ابْتُلِيْنَــا
وَأَنَّـا المَانِعُـوْنَ لِمَـا أَرَدْنَـا                     وَأَنَّـا النَّـازِلُوْنَ بِحَيْثُ شِيْنَـا
وَأَنَّـا التَـارِكُوْنَ إِذَا سَخِطْنَـا                   وَأَنَّـا الآخِـذُوْنَ إِذَا رَضِيْنَـا
وَأَنَّـا العَاصِمُـوْنَ إِذَا أُطِعْنَـا                    وَأَنَّـا العَازِمُـوْنَ إِذَا عُصِيْنَـا
وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْـواً               وَيَشْـرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِيْنَـا

يقول الشاعر في البيت الأوَّل: إنّ جميع قبائل العرب عرفت وتأكدت أنَّا إذا بنيت قبّة بمكانٍ عالٍ فسوف ترى مجدَنا في كلِّ مكانٍ وكلِّ شيءٍ، سترى أنَّنا نطعِمُ الضيوفَ ونقري الطعامَ ونحن قادرون على ذلك، وأيضًا نحن المهلكون إذا تورّط أعداؤنا معنَا، وأنَّا نمنعُ النَّاس دون إبداء أيّ أسبابٍ وبالإرادة فقط، وننزلِ في أيِّ مكانٍ حيث نشاء، وأنَّا نعصمُ النَّاسَ إذا أطاعونا، وننقضُّ عليهم إذا عصونا.

واعلم يا عمرو بن هندٍ، أنَّنا شرفاء فإذا نزلنا غديرًا أو بئرًا نشرب أوَّلًا حيث الماء لا يزال صافيًا وعذبًا، أمَّا غيرنا فيشرَبُ بعدَنا ما تركناه في هذا الماءِ، يشربُ الكدر والطِّين.

لاَ أَبْلِـغْ بَنِي الطَّمَّـاحِ عَنَّـا                 وَدُعْمِيَّـا فَكَيْفَ وَجَدْتُمُوْنَـا
إِذَا مَا المَلْكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفـاً        أَبَيْنَـا أَنْ نُقِـرَّ الـذُّلَّ فِيْنَـا
مَـلأْنَا البَـرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّـا              وَظَهرَ البَحْـرِ نَمْلَـؤُهُ سَفِيْنَـا
إِذَا بَلَـغَ الفِطَـامَ لَنَا صَبِـيٌّ                 تخِـرُّ لَهُ الجَبَـابِرُ سَاجِديْنَـا

يقول: سل بني الطمَّاح هؤلاء كيف رأونا! هل رأونا شجعانًا أم جبناء؟ إنّنا لا نرضَخُ لأيّ ملكٍ مذلٍّ للنَّاس حتى ولو أكره النَّاس على ذلك، نحن لا ننقاد لأيّ أحدٍ لأنّنا أحرار، نزلنا بكلِّ مكانٍ في الأرضِ، حتَّى ضاق البرُّ من بيوتِنا، والبحرُ من سفننا، وإذَا فُطِمَ صَبيٌّ لنا في يومٍ من الأيَّامِ فإنّ الجبابِرة الأشدّاء يخرّون له سجُّدًا خاضعين فما بالك بأكابرنا وشرفائِنا؟

وإلى هنا انتهى الشرح المختصر للمعلقة وإذا أردت التزوّد فبإمكانك الاطلاع بشكلٍ أكادِيميٍّ أكثرَ على شرح معلقة عمرو بن كلثوم pdf بواسطة موقع تحميل مخصص لها .

ما علاقة عمرو بن كلثوم بشاعر العربية الأوّل امرئ القيس؟

يعدُّ امرؤ القيس ابن عمّة أمِّه ليلى، فعمتها فاطمة أخت أبيها المهلهل وأمّ امرئ القيس الكندي.

ما تصنيف مطلع معلقة عمرو بن كلثوم؟

مطلع خمري، أي يصف الخمر ولذتها وإعجاب الشاربين بها حد الهيام.

كيف أقرأ معلقة عمرو بن كلثوم كاملة؟

بإمكانك كتابة معلقة عمرو بن كلثوم الديوان على مواقع البحث وسيظهر لك رابط موقع الديوان يورد فيه معلقة عمرو بن كلثوم كاملة pdf وكذلك سجد تحليل معلقة عمرو بن كلثوم pdf .

ما عمر عمرو بن كلثوم حين مات؟

عمره مائة وخمسون عامًا (150).

مواضيع ذات صلة

السماح بالرحيلكتاب السماح بالرحيل | طريقك نحو الراحة والسعادة

رحلتي من الشك إلى الإيمانملخص كتاب رحلتي من الشك إلى الإيمان