عدي بن ربيعة | أول من هلهل الشعر العربي

الشعر هو اللسان الفصيح الذي يُلجِم بلا سوط ويكذب بلا ذنب ويُحارب بلا سيف ويفتعل الشر من غير قوة ويدل على الخير من غير نية، فاستخدمه عدي بن ربيعة الشاعر المهلهل وفارس بني تغلب ليعبر عن آلامه بعد فقدان أخيه الحبيب وصديقه الوحيد وصاحب الكلمة في قبيلته بكلمات مؤثرة ومعانِِ عميقة تعاطف بها جميع من حوله معه..

عدي بن ربيعة الزير سالم :

يعد عدي بن ربيعة من اشهر شعراء العصر الجاهلي الذي هلهل الشعر فرقق كلماته وحروفه، وكان من أفصح الناس لسانًا يهوى مجالس اللهو والشعر والتغزل بالنساء حتى أطلق عليه أخوه (كليب بن ربيعة) “زير النساء” أي يحب مجالسهن، فعاش صباه يتنقل بين مجالس الخمر ويقول الشعر ولكن الحرب أظهرت شجاعته وبسالته في مواجهة من قتلوا أخاه بدمِِ باردِِ، وهذه بعض المعلومات عن عدي بن الحارث الفارس الشجاع:

اسمه ونسبه

هو الشاعر المهلهل عدي بن ربيعة بن مرة بن الحارث حفيد هبيرة من صلب زهير بن جشم من قبيلة تغلب بن وائل بن قاسط ويمتد نسبه إليه بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.

حياته

عانى الزير سالم في فترة شبابه وصباه من زوجة أخيه الجليلة التي كانت ترميه في المهالك والأهوال وتريد قتله، وذلك بسبب خوفها الشديد على الحكم والسلطة من يد عدي بن الحارث الذي يعتبر الوريث الشرعي بعد موت زوجها وأخيه كليب.

ألقابه

– عُرف عدي في صباه بولعه الشديد بالخمر واللهو مع النساء وقول الشعر مما دفع أخيه الملك كليب بن ربيعة بتلقيبه بـ “زير النساء” مما يدل على أنه يحب مجالستهن.

– أُطلق على الشاعر عدي بن الحارث الكثير من الألقاب ومن ضمنها المهلهل نظرًا لأنه من أوائل من نسجوا الشعر العربي في التاريخ، وكان لبلاغة لسانه وفصاحته دورٌ كبيرٌ في تأكيد ذلك اللقب عليه.

– عادة يُلقب الرجل بأكبر أولاده سواءً كانوا كانوا ذكورًا أو إناثًا، فكان من أشهر ألقاب الشاعر الفارس عدي “أبو ليلى” تيمنًا بابنته الكبيرة التي تزوجت من كلثوم بن مالك التغلبي وأنجبت منه عمرو بن كلثوم بن مالك.

شعره

اشتهر الشاعر المهلهل بالبلاغة والفصاحة والعمق في اختيار الأفكار الشعرية وظهر ذلك جليًا في أبيات شعره وقصائده البناءة، وكان له الكثير من الصفات الأدبية والسمات المميزة مقارنة بغيره من الشعراء في ذلك الوقت، والجدير بالذكر أنّه خال الشاعر الجاهلي امرؤ القيس الذي اتخذ نهجه حتَّى أفاقَ من ذلك بموت أبيه.

شجاعته

الكثير من القصص والحكايات شهدت على شجاعة فارس من أبرز فرسان العرب في الجاهلية، الذي رحب بسعة صدر بكل ألم في سبيل الدفاع عن قبيلته وأهله والأخذ بثأره، فكتب التاريخ عن شجاعته واعتبره واحد من أفضل أبطال التاريخ العربي.

ديانة الزير سالم

لا تجتمع القبائل العربية تحت دين واحد كما هو معروف اليوم، فقديمًا كان لكل قبيلة طريقٌ غير الأخرى وداخل القبيلة الواحدة تجد أكثر من مذهب، أما عن قبيلة تغلب الذي كان يتولى أمرهم كليب بن ربيعة فكان يعتنق المسيحية هو وأخوه عدي بن ربيعة وبعض المعاصرين لهما.

ديوان-عدي-بن-ربيعة

لماذا سمي الزير سالم بهذا الاسم ؟

عشقت نفس عدي بن ربيعة كل لهو ولعب فانتقل بين الأرجاء يقول الشعر ويجالس النساء، وعلى الرغم من فصاحة لسانه وبلاغته التي فاق بها كل شعراء عصره إلا أنه لم يكف عن ملاحقة اللهو واللعب في كل مكان، لذلك أطلق عليه أخاه كليب لقب “زير النساء”.

حديث الرسول عن الزير سالم :

توفي الزير سالم الشاعر والبطل الجاهلي قبل مبعث الرسول -عليه الصلاة والسلام- بأعوام كثيرة، فلم يجتمع مع النبي في أي موقف أو حادثة ولكن الاعتقاد السائد حول ذكر عدي بن ربيعة في أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- ناتج عن الحديث الذي أخرجه أحمد في المسند والحاكم في المستدرك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر قبيلة بني تغلب بأنهم شر القبائل التي عرفتها العرب قديمًا.

“فعن عمرو بن عبسة –رضي الله عنه- قال: أن النبي –عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- قال: شر قبيلتين في العرب هما نجران وبنو تغلب” وأكمل حديثه عن خير القبائل وخير الناس في هذا الزمان والمكان، أما عن ذكر الزير سالم فلم يرد في أي حديث من أحاديث الرسول بينما ذُكرت قصته في كتب التاريخ وتناولها أهل العلم والمعرفة بالإضافة إلى حرب البسوس التي أشعلتها ناقة وأطفأها طول الزمان.

صفات عدي بن ربيعة :

– كتب التاريخ عن ديوان عدي بن ربيعة بحروف من ذهب وتناول أهل العلم شخصيته بكلمات الشجاعة والفضل، فجسد شخصيته العديد من أبطال السينما والتليفزيون في الوطن العربي نظرًا لما يحمله من صفات وسمات جعلته واحدًا من أهم الشعراء العرب وأول من نسج الشعر العربي، فكان شاعرًا شغوفًا تحركه العاطفة فكتب في موت أخيه وثأره من أجله العديد من الأبيات الشعرية التي تحمل ألفاظًا قوية وعمقًا لا متناهيًا.

– عُرف عدي بن ربيعة في الكتب التاريخية بشجاعته وغضبه وعزمه على الثأر لأخيه كليب، لذلك خاض حرب البسوس بقوة وإرادة من حديد وغضب، فنال من أعدائه وأطفأ ناره بعد سفك دماء جساس بن مرة خلال هذه الملحمة التي استمرت أربعين عامًا حتى صارت قبيلة بكر في بحر من الدماء.

متى توفي الزير سالم ؟

تولى عدي بن ربيعة رئاسة حرب البسوس فكان نعم الفارس والبطل المغوار الذي استطاع بشجاعته وبسالته التغلب على بنى بكر بن وائل وأخذ بثأر أخيه كليب ملك القبيلة، وبعد أن ضعف جسده وفقد قوته اتجه إلى اليمن يقضي ما تبقى من عمره منعكفًا في بئر سبع، يشرب المدام ويقيم في الخيام ويرقد على فراشه مرتديًا لباس الحرب والصدام إلى أن انتهى به الحال وحيدًا ولم يلبث طويلًا حتى انتقل إلى مثواه الأخير عام 94 قبل الهجرة الشريفة.

ويقال في قصة موته أيضًا أنه أحس بالعجز والوحدة في أيامه الأخيرة ولم يجد أحدًا بجانبه، فطلب من الملك الهجرس أن يخرج بعض الوقت للتنزه في البلاد، فما كان من الملك إلا أن أمده بهودجٍ وبعض لوازم السفر وحارسين لمساعدته خلال رحلته، فأخذ الزير سالم يجول بين مشارق الأرض ومغاربها حتى وصل به التجوال إلى صعيد مصر.

تكملة قصة وفاة الزير سالم:

امتلأ قلب الحارسين بالضيق من عدي بن ربيعة ، فقررا قتله ودفنه هناك ثم العودة إلى بلاده وإخبار أهله أن الشاعر المهلهل قد أدركته المنية في بلاد الصعيد، ولكن عدي بن الحارث اكتشف ما ينويان فعله فعهد إليهما أن يقوما بإبلاغ أهله بهذا البيت “مَن مبلغ الأقوام أنَّ مهلهلًا لله درُّكما ودرُّ أبيكما”، وبعدها عاد العبدان حاملين وصيته إلى حيث يسكن أهل الزير سالم.

ما إن قصَّا الغلامان على ملك بني تغلب قصة موت عمه استقبلها بدموع وألم ثم طلب منهما وصيته، فبدآ بترديد بيت الشعر عليه إلى أن صاحت اليمامة بنت أخو الزير سالم قائلةً: ويحكم أن عمي المهلهل لا يقول تلك الكلمات الناقصة لا بد إنه قُتل غدرًا، فأمر الملك بإلقاء القبض عليهما وتعذيبهما حتى أقرا بفعلتهما، وفي الختام نوصيك بأن تزيد متعتك بقراءة أشعار زهير بن أبي سلمى شاعر الحوليات.