خديجة بنت خويلد | أم المؤمنين وسيدة قريش

بكلمات من نور وحروف من ذهب نتناول اليوم مقالًا عن واحدة من أشرف نساء الأمة الإسلامية وحبيبة خير خلق الله وأول من آمن به ونصره ( خديجة بنت خويلد )، فأي الكلمات تفي حق هذه المرأة العظيمة ومكانتها التي لم يصل إليها أحد قط.

كانت نعم الزوجة والصديقة فقال عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله -عز وجل- ولدها إذ حرمني أولاد النساء”، وتعد أول من أسلم من النساء والرجال بينما كان سيدنا علي بن ابي طالب -رضي الله عنه- أول من أسلم من الصبيان.

معلومات عن السيدة خديجة رضي الله عنها :

نسب السيدة خديجة

هي خديجة بنت خويلد من قبيلة بن أسد القرشية، وأمها هي فاطمة بنت زائدة العامرية، كانت كنيتها بعد الإسلام أم القاسم نسبةً إلى أبنها الكبير أما عن كنيتها قبل الإسلام فكانت تلقب بالطاهرة وسيدة نساء قريش، وهي أول زوجات المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وأم أولاده جميعًا ماعدا ابنه إبراهيم من مارية القبطية.

مولد خديجة بنت خويلد

ولدت السيدة خديجة بنت خويلد في مكة المكرمة عام 68 قبل هجرة الرسول، وتربت السيدة خديجة –رضي الله عنها- في بيت عز وجاه فكانت من أكابر مكة وأشرفهم وبلغ ثراء آبائها وأجدادها بلوغًا كبيرًا في بطون العرب، وكانت تكبر زوجها سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- بخمسة عشر عامًا.

سيرة السيدة خديجة

عُرفت السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- بالثراء والعفة فكانت تلقب بالطاهرة في الجاهلية وتملك من القوة والجاه ما يجعلها طمعًا للكثير من الرجال ممن حولها، ولكنها استطاعت أن تبصر وتدقق قبل أن تقبل على اختيار رجال ليباشروا بضاعتها وقوافلها إلى بلاد الشام، لذلك كانت تحرص على اختيار الرجال ذوي الأمانة والإخلاص والمعروفين بنزاهتهم وعفة أنفسهم.

وعلى الرغم من كونها امرأة تبيع وتشتري وتتعامل مع الجميع، لم تكن أبدًا ضعيفة ولا مهانة بل عُرفت بالهمة والنشاط والعفة التي دعت من حولها إلى إطلاق لقب (الطاهرة) عليها، فتمكنت من مباشرة تجارتها لتصبح واحدة من أقوى وأطهر النساء في مكة، فكانت مثلًا لغيرها من النساء كـ الخنساء ملهمة الشعراء وأم الشهداء.

لقب خديجة رضي الله عنها

تعددت الألقاب الخاصة بالسيدة خديجة بنت خويلد في الجاهلية وبعد ظهور فجر الإسلام وذلك بسبب أنها كانت تتمتع بمكانة وجاه في قريش، ومن ألقابها في الجاهلية (الطاهرة) و(سيدة قريش) و(أم هند) وبعد أن تزوجت من النبي -عليه الصلاة والسلام- لُقبت بـ (أم المؤمنين) وبعد أن أنجبت الأولاد الذكور أصبحت كنيتها أيضًا (أم القاسم).

صفات السيدة خديجة

1- تمتلك السيدة خديجة بنت خويلد جرأة وقدرة على التعامل مع الجميع رجال ونساء، فاستطاعت تعلم أساليب التجارة والبيع والشراء من والدها الذي كان تجارًا من أثرياء مكة، حيث كان المجتمع الذي تعيش فيه يمتاز بالسيطرة الذكورية البحتة ولكنها تمكنت من التعايش والعمل.

2- تتمتع أم المؤمنين خديجة بسرعة البديهة وقوة الملاحظة والقوة والتعامل بأمانة في أمور التجارة، وهذا ما ظهر في السلع ذات الجودة التي تقوم بالتجارة فيها إلى جانب العدل في أسعارها.

3- كانت امرأة يرغب فيها الرجال كونها ناجحة وثرية ولديها من النفوذ والجمال والقوة ما يجعلها فرصة رائعة لكل رجل، ولكنها صعبة الإرضاء لا تريد أن تعاني فرفضت الزواج مرة أخرى وتفرغت للتجارة ورعاية أولادها من الزيجتين السابقتين بعد موت الزوجين.

4- كانت صبورة وحسنت التصرف وإدارة الأمور فوقفت بجانب النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما جاءها يرتجف من غار حراء ويقول “زملوني زملوني” بعد أن أوحى الله -عز وجل- إليه بالقرآن الكريم، فاحتضنت حبيبها وأبو أولادها وصدقته وآمنت بقوله وضحت بكل مالها من أجل رسالته، ولجأت إلى ابن عمها  ورقة بن نوفل الذي بشر المختار بالنبوة.

5- نسبها الشريف، حيث إنها كانت من أشرف سيدات مكة المكرمة وعظيمة الأصل ولها مكانة رفيعة أيام الجاهلية واستمر الحال حتى بعد بعثة الرسول.

6- تتمتع بصفة الحياء والخجل، وهذا ما منعها من الاعتراف للمختار بإعجابها الشديد له، فرفضت التلميح بشأن ذلك وأرسلت خادمتها لترغيبه فيها بطريقة غير مباشرة ولائقة بمكانتها.

خديجة-بنت-خويلد

مواقف السيدة خديجة مع الرسول -عليه الصلاة والسلام-:

تحملت السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- الكثير من المتاعب مع زوجها، وساندته بنفسها ومالها وكانت تخدمه وتسعى لرضاه وتوفير له الراحة والسعادة في البيت، فلم تكن كأي سيدة كانت نعم الزوجة والأم الصالحة، عاونت المصطفى على ما أصابه من هم ومشقة وبشرته بقولها” «والله لا يُخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتُكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق» فتمعن معي بقلبك بعض مواقفها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- كالأتي:

– عند نزول الوحي

كان الرسول يتعبد في غار حراء شهر من كل عام قبل نزول الوحي عليه، وفي مرة من مرات نزل سيدنا جبريل -عليه السلام- عليه برسالة من الله، فأخاف النبي ووصول إلى السيدة خديجة بنت خويلد يرتجف ويردد بعض الكلمات من خوفه، فجلس بجوارها يتغمد منها الأمان وقص عليها ما حدث ومدى صعوبة الموقف، ولكنها كانت نعم الزوجة التي طمأنت زوجها وبشرته بالخير.

– حصار قريش لبني هاشم

سيطرت قريش على الوضع في مكة وقررت وضع حصار على بني هاشم دام لمدة ثلاث سنوات، بسبب بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- وإيمان الكثير من الناس به ومنهم صهيب الرومي صاحب التجارة الرابحة مع الله، وأمرت الباقية بعدم الجلوس معهم أو الزواج من بناتهم أو البيع والشراء لهم في الأسواق، وكان شرطهم الوحيد لفك الحصار تسليم الرسول لقتله! ولكن السيدة خديجة وأصحابه لم يرضوا بمثل هذا وقرروا الصبر على الأذى والظلم حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.

– دعوة النبي -صلّ الله عليه وسلم- وإسلامها

بدأت قصة خديجة رضي الله عنها مع رسالة الرسول -عليه الصلاة والسلام- عندما أتاها يرتجف من شدة الخوف فاحتضنته وشعر حينها بالأمان والحنان وبشرته بالخير، وآمنت به عندما كذبه الناس ولم تتركه يواجه ذلك وحده بل بالعكس استمرت في مساندته حتى توفاها الله في العام العاشر من البعثة عن عمر 65 سنة وحزن عليها الرسول صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا وسميَ هذا العام بعام الحزن.