مسمارٌ في نعشِ العلاقة بينه وبين النعمان

نحن لا نحتاج ل شرح قصيدة النابغة الذبياني في زوجة النعمان إنَّ قصيدة النابغة في المتجردة هي حقًّا قمة البلاغة وغاية الوصف الفصيح، ولذلك أثارت حسد اليشكري – وهو شاعر أيضًا – المتهم بعلاقته الآثمة مع المتجردة فوجدها فرصة للنيل من النابغة والوشاية به ومحاولة الوقيعة بينه وبين النعمان إبعاد الشائعات عنه.

فقال اليشكري للنعمان في غياب النابغة: “لا يستطيع أن يقول هذا الشعر إلا من جربه… إنَّ هذا شعر لا يصدر عن خيال بل عن تجربة”.

وهكذا زرع المنخَّل اليشكري بذرة الشكَّ في رأس النعمان الذي صحا فجأة ليجد نفسه محاصراً بأفكار الخيانة التي تخنقه القصيدة بها، فجأة تغير وجهه، ولم يخف غضبه على النابغة، وكان حاجب النعمان عصام بن شهبر الجرمي قد أدرك بعد أن سمع المنخّل يوغر صدر النعمان على النابغة أن صديقه الحميم النابغة في خطر فذهب إليه وأبلغه بما حدث ونصحه بالفرار إلى مكان آمن، فالملك الآن في غضب شديد، وإلى أن يكتشف الحقيقة وبراءة النابغة من الخيانة فعليه أن يظل بعيداً.

وهكذا أنقذ حاجب الملك صاحب النابغة، أنقذ النابغة من القتل بينما لقي المنخّل اليشكري مقتله على يد الملك عمرو بن هند الذي تغزل اليشكري بابنته هند وقال فيها: “وأُحِبُّهـــــا وتُحِبُّنــــي ويُحــبُ ناقَتَهــا بَعيــري” وابتعد النابغة عن النعمان بن المنذر مضطراً وذهب إلى الغساسنة في بلاد الشام، ونزل بكنف عمرو بن الحادث الأصفر فمدحه ومدح أخاه النعمان ونال منهما الكثير من الجوائز والهدايا القيمة، ولكنه لم يستطع أن يتنكر للنعمان، بل استمر يمدحه بقصائد اعتبرت من أجود شعره وسميت بالاعتذاريات.

خصائص شعر النابغة

إنَّ النابغة من فحول الطبقة الأولى الجاهلية، وقيل إنّ شعره بلغ غاية الجمال في ذلك العصر، وهو من الرواة في أصحاب المعلقات، ويمتاز شعره برشاقة اللفظ، ووضوح المعنى، وحسن النظم، وقلة التكلف، وهو رائد المدح، وهجا، وتغزل، وتفلسف، ووصف، وشبب، وشبه، فكان من المتقنين.

قصته مع حسان بن ثابت والخنساء

قلنا إنَّ النابغة كان حكمًا في الشعر، وكانت تضرب له قبةّ بسوق عكاظ يجتمع إليه فيها الشعراء، فمرَّة دخل إليه حسان بن ثابت فأنشد شعره، ودخلت الخنساء فأنشدته قصيدتها التي منها:
قذى بعينكِ أم بالعينِ عُوَّارُ        أم ذرَّفت إذ خلت من أهلِها الدَّارُ … إلى أن وصلت لقولها:
وإنَّ صخرًا لتأتمُّ الهداةُ به        كأنَّه علمٌ في رأسِه نار

فقال لها النابغة: لولا أن أبا بصيرٍ – يقصد الأعشى – أنشدنى قبلك لقلت إنّك أشعر الناس، فسمع ذلك حسان بن ثابت رضي الله عنه فقال لهما: أنا والله أشعر منك ومنها
قال النابغة: حيث تقول ماذا؟
قال: حيث أقول: 

لَنا الجَفَناتُ الغُرُّ يَلمَعنَ بِالضُحى           وَأَسيافُنا يَقطُرنَ مِن نَجـدَةٍ دَما
وَلَدنا بَني العَنقاءِ وَابني مُحَـــرِّقٍ          فَأَكرِم بِنا خالاً وَأَكرِم بِنا اِبنَما

فقال له النابغة: إنَّك لشاعرٌ لولا أنّك قللت عدد جفناتك، وفخرت بمن ولدت، ولم تفخر بمن ولدك.

وفي رواية أخرى: فقال له: إنك قلت- “الجفنات”، فقللت العدد، ولو قلت “الجفان” لكان أكثر، وقلت- “يلمعن في الضحى” ولو قلت- “يَبرُقن بالدجى” لكان أبلغ في المديح، لأن الضيف بالليل أكثر طروقًا، وقلت- “يقطرن من نجدة دمًا” فدللت على قلة القتل، ولو قلت “يجرين” لكان أكثر لانصباب الدم. وفخرت بمن ولدت ولم تفخر بمن ولدك. فقام حسان منكسرًا منقطعًا” هكذا جاء الخبر في رواية الأصفهاني بكتابه المشهور الأغاني.

النابغة-الذبياني


النابغة-الذبياني

معلّقة النابغة

إنَّ المعلقات هي قصائد طوال كتبت في العصر الجاهلي من الشعراء الأنبغ والأعلى جودة في ذلك العصر، وقد اختلف في عددها فقيل هي سبع مرًّة قيل عشر! وإن كانت سبع معلقاتٍ أو عشر معلقات فمعلقة النابغة واحدة منهن باتفاق جميع الشعراء والنقاد المحدثين والأقدمين وتجدها في ديوان النابغة الذبياني مطلعها:

يَـا دَارَ مَيَّـةَ بالعَليْـاءِ ، فالسَّنَـدِ
أَقْوَتْ ، وطَالَ عَلَيهَا سَالِـفُ الأَبَـدِ

وقَفـتُ فِيـهَا أُصَيلانـاً أُسائِلُهـا
عَيَّتْ جَوَاباً ، ومَا بالرَّبـعِ مِنْ أَحَـدِ

إلاَّ الأَوَارِيَّ لأْيـاً مَـا أُبَـيِّـنُـهَا
والنُّؤي كَالحَوْضِ بالمَظلومـةِ الجَلَـدِ

رَدَّتْ عَليَـهِ أقَـاصِيـهِ ، ولـبّـدَهُ
ضَرْبُ الوَلِيدَةِ بالمِسحَـاةِ فِي الثَّـأَدِ

خَلَّتْ سَبِيـلَ أَتِـيٍّ كَـانَ يَحْبِسُـهُ
ورفَّعَتْهُ إلـى السَّجْفَيـنِ ، فالنَّضَـدِ

أمْسَتْ خَلاءً ، وأَمسَى أَهلُهَا احْتَمَلُوا
أَخْنَى عَليهَا الَّذِي أَخْنَـى عَلَى لُبَـدِ

فَعَدِّ عَمَّا تَرَى ، إِذْ لاَ ارتِجَـاعَ لَـهُ
وانْـمِ القُتُـودَ عَلَى عَيْرانَـةٍ أُجُـدِ

مَقذوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحـضِ ، بَازِلُهَـا
لَهُ صَريفٌ ، صَريفُ القَعْـوِ بالمَسَـدِ

• وتجد في هذه المعلقة هذه المعانى الفاتنة والألفاظ السهلة وقد عني الأقدمون بها كثيرًا لذا تجد في كثير من كتبهم وفي أكثر من موقع محاولات شتّى لـ شرح معلقة النابغة الذبياني pdf وهي كذلك موجودة على جميع مواقع الانترنت الأدبية.

حقائق عن النابغة الذبياني

• النابغة الذبياني متزوجٌ وله ابنتان وهما أمامة، وثمامة.

يعتبر النابغة شاعرًا فحلًا، من شعراء المعلقات الكبار، له حسن ديباجة، وبساطة في اللفظ، ولا يظهر في شعره التكلف.

لم يذكر المؤرخون في كتبهم أي أخبار عن موته أو سببه ولا نعلم كيف مات.

أكثر الملوك الذين جالسهم هو النعمان بن المنذر، إلا أن الحاقدين والحاسدين استطاعوا الإيقاع به عند الملك حيث إنهم اتهموه بوجود علاقة حب بينه وبين زوجة النعمان.

كانت تضرب للنابغة قبة من جلد أحمر بسوق عكاظ فتقصده الشعراء فتعرض عليه أشعارها. وكان الأعشى وحسان والخنساء ممن يعرض شعره على النابغة. وكان أبو عمرو بن العلاء يفضله على سائر الشعراء. وهو أحد الأشراف في الجاهلية.

يوصف النابغة الذبياني بنظمه للاعتذاريات، ويُذكر أنّه كان كثير المدح للنعمان بن المنذر، ملك الغساسنة، وكثيراً ما اعتذر إليه عمّا نُسب إليه من تُهم آلِ عوف بن قُريع، هذا وقد كانت أشعاره الاعتذاريّة تلك من أجمل ما نظم.

شعر النابغة الذبياني في المدح

إنّ أهم قصائده في المدح هي التي مدح بها النعمان بن منذر قائلًا:
أَهاجَكَ مِن سُعداكَ مَغنى المَعاهِدِ  بِرَوضَةِ نُعمِيٍّ فَذاتِ الأَساوِدِ
تَعاوَرَها الأَرواحُ يَنسِفنَ تُربَها          وَكُلُّ مُلِثٍّ ذي أَهاضيبَ راعِدِ
بِها كُلُّ ذَيّالٍ وَخَنساءَ تَرعَوي          إِلى كُلِّ رَجّافٍ مِنَ الرَملِ فارِدِ
عَهِدتُ بِها سُعدى وَسُعدى غَريرَةٌ عَروبٌ تَهادى في جَوارٍ خَرائِدِ
لَعَمري لَنِعمَ الحَيِّ صَبَّحَ سِربَنا     وَأَبياتَنا يَوماً بِذاتِ المَراوِدِ
يَقودُهُمُ النُعمانُ مِنهُ بِمُحصَفٍ      وَكَيدٍ يَغُمُّ الخارِجِيَّ مُناجِدِ
وَشيمَةِ لا وانٍ وَلا واهِنِ القُوى      وَجَدٍّ إِذا خابَ المُفيدونَ صاعِدِ

شعر النابغة الذبياني في الغزل

وإنَّ أروع شعره في الغزل بعد قصيدته في المتجردة التي ذكرتها سابقًا هذه القصيدة الدالية التي تشع رقة ودلالًا:

أَمِن آلِ مَيَّةَ رائِحٌ أَو مُغتَدِ        عَجلانَ ذا زادٍ وَغَيرَ مُزَوَّدِ
أَفِدَ التَرَجُّلُ غَيرَ أَنَّ رِكابَنا         لَمّا تَزُل بِرِحالِنا وَكَأَن قَدِ
زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحلَتَنا غَداً      وَبِذاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسوَدُ
لا مَرحَباً بِغَدٍ وَلا أَهلاً بِهِ       إِن كانَ تَفريقُ الأَحِبَّةِ في غَدِ
حانَ الرَحيلُ وَلَم تُوَدِّع مَهدَداً   وَالصُبحُ وَالإِمساءُ مِنها مَوعِدي
في إِثرِ غانِيَةٍ رَمَتكَ بِسَهمِها   فَأَصابَ قَلبَكَ غَيرَ أَن لَم تُقصِدِ
غَنيَت بِذَلِكَ إِذ هُمُ لَكَ جيرَةٌ     مِنها بِعَطفِ رِسالَةٍ وَتَوَدُّدِ

أين يمكنني إيجاد كتاب عن النابغة الذبياني حياته وشعره pdf ؟

يوجد كتاب تحت عنوان النابغة الذبياني شاعر المدح والاعتذار.

هل نستطيع قراءة اعتذاريات النابغة الذبياني pdf على الانترنت؟

أجل بإمكانك الذهاب إلى موقع الديوان أو موقع أدب لتصفح جميع أشعار النابغة بما في ذلك الاعتذاريات المشهورة

بما تتصف الصورة الشعرية عند النابغة؟

تتصف بالأسلوب القصصيّ المشوّق