حديث انت ومالك لابيك | معناه والهدف منه

انت ومالك لأبيك

تضايق ولد من أبيه لأخذه من ماله دون أن يرجع إليه فرفع أمره إلى رسول الله، وعندما سمع النبي شكواه أخبره بقوله الشريف ” انت ومالك لابيك ” ليعرف كل الأبناء من بعده أنهم ملك لآبائهم، فهل يعني هذا الحديث أن للأب التصرف في مال ولده كيفما يشاء أم أنه على نطاق التقييد ومن باب البر؟ هذا ما سنتعرف عليه في طيات سطورنا التالية.

انت ومالك لابيك | متن الحديث وصحته

حديث ” انت ومالك لابيك “ من الأحاديث التي يرددها كل أب بمجرد أن يتناقش معه ولده بشأن المال، حيث استدل به الكثير من الآباء على أن لهم حقًا في مال أولادهم دون أي سؤال، وهذه العبارة قالها النبي صلى الله عليه وسلم لأحد الأبناء، فعن جابر رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي مالاً وولداً، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: ” انت ومالك لابيك “.

وفي إطار عرض أنت ومالك لأبيك صحة الحديث من عدمها تجب الإشارة إلى أن هذا الحديث الشريف من الأحاديث الحسنة الصحيحة حيث ورد في كتب النسائي والترمذي وبن ماجة وأبي داوود، كما أخرجه الطبراني في الأوسط، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة، وذكره الحاكم وصححه، وكذلك رواه الإمام أحمد وابن حبان، وما يدل على صحة انت ومالك لابيك الالباني قال عنه أنه حديث صحيح وفصل ذلك بطرق متعددة.

أما بالنسبة لـ الامام الشافعي فهو يرى أن حديث ” انت ومالك لابيك ” لم يثبت عن النبي، وعلل ذلك بقوله أن الله تعالى قد جعل للوالد ميراثًا من ولده، وفي بعض الأوقات يكون أقل نصيبًا عن غيره من ورثة ولده الآخرين، وهذا يؤكد على أن مالك المال هو الابن دونه، ولهذا فهو يرى أن هذا الحديث ليس صحيحًا.

شرح حديث ( انت ومالك لابيك )

عند شرح حديث انت ومالك لابيك يجب أن نذكر أن كل فقهاء الدين أجمعوا على أن الحكم في هذا الحديث مقيد وليس مطلقًا، وأنه لا يجب الأخذ بظاهر الحديث البتة، حيث قال بن حبان: (ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم أن مال الابن يكون للأب …).

ويعني هذا الحديث أن الإنسان مطالب بالبر بأبيه وألا يعامله معاملة الغريب، وعليه أن يبذل ماله من أجله إذا كان في حاجة ماسة إلى هذا المال أو كان فقيرًا لا يملك شيئًا، وهذا لا يعني أن من حق الأب أن يأخذ من نقود ولده من غير إذن، أو يسرف ويبذر كيفما شاء دون قيد.

كما ذهب عدد من علماء الدين في إطار شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم ” انت ومالك لابيك ”  إلى أن اللام في كلمة لأبيك تعني الإباحة لا التملك حيث يُسمح للأب أن يأخذ من مال ولده عند الضرورة وذلك بما يكفي حاجته، ولا تعني أن الوالد له الحق في امتلاك أموال ابنه فهو له ذمة مالية منفصلة وزكاة مال وغيرها من الأحكام التي تتعلق بالنقود.

وقد اعتمد العلماء في تفسيرهم لهذا الحديث على حديث السيدة عائشة رضي الله عنها حيث قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أولادكم هبة الله لكم “يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور” فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها)، وهذا يدل على أن الحاجة هي الشيء الرئيسي الذي يعتمد عليه الأب عند أخذ أموال والده وليس شيئًا آخرًا، أما حكم أخذ الأب جميع مال ولده تبعًا لحديث انت ومالك لابيك ابن باز يرى أنه يباح للوالد الحصول على مال ولده إن لم يترتب على ذلك أي ضرر على الولد تبعًا للقاعدة الشرعية “لا ضرر ولا ضرار”.

سبب حديث انت ومالك لأبيك

سبب حديث انت ومالك لأبيك

قصة حديث (أنت ومالك لأبيك)

عندما نتأمل حديث انت ومالك لابيك من الممكن أن نقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أباح حصول الآباء على أموال أبنائهم بشكل مطلق دون حسيب ولكن يتضح خطأ ذلك إذا عرفنا قصة انت ومالك لابيك كاملة.

فقصة أنت ومالك لأبيك الشعراوي كما يقصها هي أن رجلًا تحدث مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأن أبيه حيث قال له إن والدي يأخذ من مالي، فاستفسر منه النبي عن هذا الأمر، فأخبره بأنه يعطي النقود لوالده وعندما يرغب في الحصول عليها مرة ثانية يعطيها له ناقصة.

فما كان من النبي إلا أنه أمر باستدعاء والده ليعرف صحة الخبر من عدمه، وعند سؤال الوالد عما يقوله ولده تأثر وبكى، فقال يا رسول الله: (إنَّه كان ضعيفًا وأنا قوي، وكان فقيرًا وأنا غني، فكنت لا أمنعه شيئًا من مالي، واليوم أنا ضعيفٌ وهو قوي، وأنا فقيرٌ وهو غني، ويبخل عليَّ بماله، فبكى رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وقال: ((ما من حجرٍ ولا مدرٍ يسمع هذا إلا بكى))، ثم قال للولد: ((أنت ومالُك لأبيك، انت ومالك لابيك )).

شروط إباحة أخذ المال في حديث ( انت ومالك لابيك )

للإنسان الحق في مال ولده، وله أن يأخذ منه ما يشاء، ولكن بشروط عددّها بعض العلماء وهي:

1) لا يحق للوالد أن يحصل على مال ابنه إذا ترتب عليه أذى من جراء ذلك، مثل أن يأخذ ماله كله فلا يترك له ما يسد جوعه، أو يأخذ غطاء يحميه من البرد.

2) ألا يكون هذا المال ممن تعلق به الابن كأن يكون لدى الولد سيارة أو دابة تحمله إلى مقر عمله وهو لا يملك غيرها وليس معه من المال ما يكفي لشراء أخرى.

3) لا يحق للأب أن يأخذ من مال أحد أولاده ويعطيه للآخر لأن ذلك قد يؤدي إلى التنافر والشقاق بين الإخوة، ولكن من الممكن أن يفعل ذلك إذا كان أحد الأبناء غنيًا والآخر في احتياج شديد للمال.

4) أن تكون له حاجة ملحة إلى المال لكي يأخذ من أموال ولده أما بغرض التبذير أو الإسراف فلا يجوز له.

ما هي الحكمة من حديث (أنت ومالك لأبيك)؟

الحكمة من هذا الحديث هو أن الأب له الحق في مال ولده إذا كان في حاجة إليه، وهذا الحديث يوجه الأبناء إلى البر بآبائهم والرفق بهم وإعطائهم ما يحتاجون إليه إن لم يكن في ذلك ضرر.

هل هناك رواية أخرى تؤكد على ما جاء في حديث ( انت ومالك لابيك )؟

نعم يوجد، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال أتى أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أبي يريد أن يجتاح مالي قال: (أنت ومالك لوالدك إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أموال أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئا).

هل يحق للوالد أخذ مال ولده وإعطائه إلى ابن آخر؟

لا يحق له ذلك حتى لا يحدث شقاق بينهما، ولكن يُباح ذلك في حال كان الابن الثاني فقيرًا.

هل يجوز للوالد الغني أخذ مال ولده دون إذن؟

لا يحق له ذلك، فالأب يُسمح له بأخذ أموال ابنه إن كان في حاجة إليها أما غير ذلك فلا.

مواضيع ذات صلة

كم عدد الرسل والأنبياءهل تود معرفة كم عدد الرسل والأنبياء ؟

غزوة السويقغزوة السويق | تاريخ مشرق من البطولة والشهامة